بأمر الحكومة.. مشروع رياح مثير للجدل مهدد بالإلغاء
أسماء السعداوي

تعرَّض مشروع رياح مثير الجدل في مقاطعة كوينزلاند الأسترالية لصدمة مفاجئة من الحكومة بسبب اعتراضات بيئية، وشكاوى من السكان المحليين، وشكوك بشأن عملية الترخيص.
وتعتزم حكومة المقاطعة إلغاء قانون صُمِّم خصوصًا لتطوير المشروع -وهو "فوريست ويند" (Forest Wind) في منطقة غابات مملوكة الدولة- بسبب تأثيراته المحتملة في التنوع الحيوي عبر قتل الطيور وإزالة الأشجار.
المشروع بقدرة 1.2 غيغاواط، ويضم 226 توربين رياح يصل طول الواحد منها إلى 265 مترًا لتوليد الكهرباء التي تكفي نحو نصف مليون من منزل، بحسب التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتلك ليست المرة الأولى التي تناهض فيها الحكومة الحالية مشروعات الرياح، فقد ألغت مشروعًا آخر في مايو/أيار (2025)، لكنها سمحت بتوسعة منجم فحم لشركة هندية مع تأجيل دفع إتاوات 7 سنوات.
وفي أغسطس/آب (2025)، ألغت خطة تستهدف زيادة حصة الطاقة المتجددة بمزيج الكهرباء إلى 50% من الاستهلاك بحلول 2030 و80% في 2035.
إلغاء مشروع رياح في أستراليا
ألغت حكومة مقاطعة كوينزلاند اليوم الإثنين (الأول من سبتمبر/أيلول 2025) قانونًا صُمِّم خصوصًا لتطوير مشروع رياح "فوريست ويند" الصادر في عام 2020.
وبموجب القرار الصادر خلال مدة حكومة حزب العمال السابقة، يُسمح ببناء مزارع الرياح على أراضي الغابات المملوكة للدولة.
واليوم، أعلن نائب رئيس وزراء الحكومة جارود بليجي عزم الحكومة إلغاء القانون؛ استجابة لـ"مخاوف وقلق" السكان المحليين الذين اشتكوا أيضًا من عدم إشراكهم في مشاورات ما قبل البناء.
وفي بيان صحفي، قال بليجي، إن الحكومة الحالية تُنهي سنوات من شكوك المجتمع المحلي تجاه القانون الذي صمّمته حكومة حزب العمال لتجاهُل هذا المجتمع في مسعاها الطائش نحو مصادر الطاقة المتجددة في أستراليا.
بدورهم، أعرب السكان ومعارضون لمشروع الرياح عن ارتياحهم للتطورات التي تحمل تأثيرًا إيجابيًا في الحياة البرية والطيور، فضلًا عن إنهاء خطر إزالة أشجار الغابات المحلية لتركيب التوربينات العملاقة.
يُشار هنا إلى أن حكومة المقاطعة الجديدة طرحت في فبراير/شباط الماضي (2025) قوانين جديدة تُلزم بإجراء مشاورات مع السكان قبل تطوير مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الكبرى.
مشروع رياح فوريست ويند
وصف مدير مشروع رياح فوريست ويند جيمس بيناي قرار إلغاء القانون بالصدمة والمفاجأة، كما نفى وجود معارضة شعبية واسعة النطاق من الأساس، وخاصةً بعد إبرام اتفاقيات مع العشرات من المزارعين ومُلّاك الأراضي.
وعلاوة على إجراء مشاورات حول حيازة الأراضي والإجراءات الحكومية، قال، إن جماعات بيئية دافعت بقوة عن المشروع بسبب عدم تأثيره في البيئة.
ومن جانبها، قالت الشركة المطورة للمشروع -التي تحمل الاسم نفسه-، إن المزرعة كانت تستهدف تغذية مزيج الكهرباء المحلي بالرياح التي تلبي الطلب في أوقات الذروة المسائية، كما أنها تتصل مباشرة بشبكة شركة نقل الكهرباء "باور لينك" (Powerlink) وتوجد في موقع مميز لتقديم إمدادات موثوقة وميسورة التكلفة.
وخرج أحد مطوري المشروع من تحالف التطوير في أغسطس/آب (2024) بعد أن باع حصّته إلى مشترٍ لم يُعلَن اسمه، وهو ما أثار مخاوف واسعة.
ورغم الموافقة على تطويره سابقًا، لم يتخطَّ المشروع حاجز الموافقات البيئية الفيدرالية بعد، وهو ما رأته الحكومة الحالية للمقاطعة الحالية أحد أسباب الفشل في استيفاء الحدّ الأدنى من متطلبات المشروعات.
وحتى تاريخه، ما زالت الموافقة على تطوير المشروع قائمة، لكن إلغاء القانون الصادر في 2020 يغلق الباب في وجه حيازة الأراضي الحكومية، وهو ما تخطط الشركة المطورة لإعادة تقديم طلب بشأنه، ولكن "في التوقيت السليم".

ردود أفعال متباينة
أثار قرب إلغاء مشروع رياح فوريست ويند حالة من الجدل في الأوساط المحلية ما بين مؤيد لأسباب بيئية ومعارض لاعتبارات اقتصادية من بين أخرى.
إذ يقول الوزير وعضو مجلس النواب بالمقاطعة توني بيريت، إن إلغاء القانون يبيّن جدّية الحكومة بشأن التشاور مع السكان قبل إقامة مشروعات الطاقة المتجددة، مؤكدًا أن الغابات مهمة للسكان لأسباب اقتصادية ومرتبطة بتوفير فرص عمل، وأيضًا لشخصية الناخبين أنفسهم.
أمّا مدير مجلس المحافظة على الطبيعة في كوينزلاند ديف كوبمان، فقد انتقد القرار قائلًا، إن منطقة الغابات مثالية لإقامة مشروع الرياح بسبب تأثيرها المحدود في البيئة وحياة السكان.
كما أضاف أن التنوع البيئي تضرَّر بشدّة داخل غابات أشجار الصنوبر، ولذلك يجب النظر للناحية العملية لبناء مشروعات طاقة متجددة قادرة على خفض الانبعاثات وتقليل فواتير المواطنين.
في سياق متصل، يطرح التطور عددًا من الأسئلة حول موقف الحكومة من الطاقة المتجددة، وخاصةً أنها ألغت مشروع رياح "مون لايت رينج" (Moonlight Range) في مايو/أيار (2025).
كما أن إلغاء القانون ووقف تطوير مزرعتي الرياح يبعث برسالة عدم يقين إلى كل مستثمري القطاع الذين قد يرون أن مشروعاتهم على المحكّ.
يأتي ذلك في الوقت الذي تُتهم فيه الحكومة بمناصرة الفحم الملوث؛ إذ في أغسطس/آب الماضي (2025) سمحت لشركة برافوس الهندية (Bravus) أداني سابقًا (Adani) بتوسعة منجم فحم بوسط المقاطعة في مقابل تأجيل فرض إتاوات لمدة سبع سنوات.
وبحسب المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة، تمتلك كوينزلاند أحد أكبر احتياطيات الفحم في العالم، وهي أكبر ولايات أستراليا إنتاجًا للفحم.
وخلال 12 شهرًا انتهت في مايو/أيار 2025، أنتجت الولاية 224 مليون طن فحم من 59 منجمًا نشطًا، وهو ما حقّق إيرادات بقيمة 46 مليار دولار أسترالي (30 مليار دولار أميركي)، ووفَّر فرصة عمل لنحو 27 ألف شخص.
موضوعات متعلقة..
- مشروع رياح ضخم يتلقى "الضربة القاضية".. خسائر بالمليارات
- ترمب يوقف مشروع رياح ضخمًا في أميركا.. ومنتقدون: يهدد استقرار الطاقة
- مشروع رياح عملاق جديد يحصل على الضوء الأخضر في أستراليا
اقرأ أيضًا..
- قطر للطاقة تقتنص رخصة تنقيب عن النفط والغاز قبالة سواحل الكونغو
- خبير أوابك: التخزين الجوفي للغاز فرصة إستراتيجية للدول العربية.. وهذه تكلفته بالأرقام (حوار)
- إنتاج الغاز في الشرق الأوسط يترقب انتعاشة.. 5 دول عربية قد تغير المشهد
- أنس الحجي: النفط الروسي يؤثر في التوازنات الجيوسياسية.. وهذه إستراتيجية الصين
المصادر:
- وقف مشروع رياح في أستراليا، من منصة "رينيو إيكونومي"
- حكومة كوينزلاند تتخلى عن مزرعة رياح، من موقع إي بي سي