4 خبراء: برنامج شهادات الطاقة المتجددة خطوة مصرية على طريق التحول الأخضر
داليا الهمشري

تستعد وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر لإطلاق أول برنامج لإصدار شهادات الطاقة المتجددة وإدراجها في بورصة المناخ المحلية قبل نهاية عام 2025، في خطوة نوعية تعزّز من موقع القاهرة بصفتها مركزًا إقليميًا للطاقة الخضراء والتمويل المناخي.
وتستهدف المبادرة الجديدة، التي يقودها مرفق تنظيم الكهرباء وحماية المستهلك، بالتعاون مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، إيجاد سوق شفافة لتوثيق الكهرباء النظيفة المولّدة من الشمس وبوساطة الرياح، وهو ما يُسهم في تمويل مشروعات جديدة وخفض الانبعاثات الكربونية.
وتُعد شهادات الطاقة المتجددة أداة مالية تُثبت أن وحدة كهرباء (1 ميغاواط/ساعة) أُنتجت من مصدر نظيف، وتسمح للشركات بشراء هذه الشهادات لمعادلة بصمتها الكربونية والامتثال لمعايير الاستدامة الدولية.
ورُفع البرنامج الجديد إلى هيئة الطاقة للحصول على الموافقة النهائية، في حين جرت مباحثات مع إدارة البورصة المصرية، لإدراج هذه الشهادات ضمن بورصة المناخ التي أُعيد إطلاقها في مايو/أيار الماضي لتشمل أدوات استثمارية متنوعة.
جذب الاستثمارات
أكد خبير الطاقة عميد كلية هندسة الطاقة والبيئة بالجامعة البريطانية في مصر، الدكتور عطية عطية -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة (مقرّها واشنطن)- أن إصدار مصر شهادات الطاقة المتجددة وإدراجها في بورصة المناخ يمثّل أداة استثمارية وتنموية كبرى.
وأوضح أن هذه الخطوة ستُسهم في تحقيق مكاسب عدة، أبرزها جذب الاستثمارات عبر توفير سوق شفافة قابلة للتداول، تمنح ثقة أكبر للمستثمرين والبنوك الدولية، وزيادة التمويل من خلال حصيلة بيع الشهادات التي يمكن توجيهها إلى مشروعات جديدة في طاقتَي الشمس والرياح والشبكات الذكية.
كما ستُسهم هذه الشهادات في تقليل المخاطر المالية على المشروعات عبر إتاحة إيرادات إضافية بجانب بيع الكهرباء الفعلي، بالإضافة إلى دعم أهداف مصر المناخية بتوثيق إنتاج الكهرباء الخضراء بصورة معترف بها دوليًا، وهو ما يعزّز موقفها أمام الاتحاد الأوروبي ويجذب الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وأكد عطية أن الشهادات ليست مجرد ورق للتداول، بل أداة إستراتيجية تساعد مصر على تسريع تحولها الطاقي، وجذب الصناعات الخضراء، وتعزيز صورتها الدولية بصفتها دولة ملتزمة بتحقيق الحياد الكربوني.
شهادات الطاقة المتجددة
أشار الخبير الدولي، استشاري الاستدامة والمناخ بالأمم المتحدة، السفير الدكتور مصطفى الشربيني، إلى أن إعلان وزارة الكهرباء إطلاق شهادات الطاقة المتجددة وإدراجها في بورصة المناخ المصرية قبل نهاية 2025 يمثّل تحولًا نوعيًا في سوق الطاقة والتمويل المناخي بالمنطقة.
ولفت الشربيني -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة- أن هذه الخطوة تعكس استمرار دور مصر الذي بدأ مع قمة المناخ كوب 27 في شرم الشيخ بصفتها مركزًا إقليميًا لتمويل المناخ في أفريقيا والشرق الأوسط.
وأوضح أن شهادات الطاقة المتجددة (RECs) تُستعمل عالميًا لدعم التزامات الشركات بالحياد الكربوني، مشددًا على أنها لم تعد مجرد وثائق، وإنما أداة مالية قابلة للتداول.
وأشار الشربيني إلى أن الخطوة المصرية تمثّل أهمية كبرى على 3 مستويات:
- محليًا: إيجاد سوق منظمة لتمويل مشروعات الشمس والرياح والهيدروجين الأخضر.
- إقليميًا: ترسيخ موقع القاهرة بصفتها محورًا لتداول الشهادات في أفريقيا مع تنامي أسواق الكربون بالقارة.
- دوليًا: تعزيز الاعتراف العالمي حال ربط النظام المصري بآليات مثل I-REC، وهي آلية دولية تمنح شهادات تُثبت أن الكهرباء مُولدة من مصادر متجددة ومعترف بها عالميًا.
وتختلف هذه الشهادات عن شهادات الكربون الطوعية لكنها تكملها، إذ تثبت الأولى مصدر الكهرباء، في حين توثّق الأخرى خفض الانبعاثات؛ وهو ما يتيح لبورصة المناخ المصرية دمج الأدوات الخضراء في سوق شاملة تعكس التوجه العالمي.
وأكد الشربيني أن هذه الشهادات ستمنح مصر فرصًا لجذب استثمارات في سوق الطاقة المتجددة تتجاوز 100 مليار جنيه خلال العامَيْن المقبلَيْن، مع تعزيز تنافسية الشركات المحلية ودعم قدرتها على التصدير.
وشدد على أن شهادات الطاقة المتجددة تمثّل جسرًا بين الطاقة والتمويل، وبين السوق المحلية والأسواق الدولية.
خفض فاتورة الوقود الأحفوري
أكد خبير الطاقة المتجددة المهندس أحمد الشناوي -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- أن التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة يمثّل ضرورة إستراتيجية لخفض فاتورة الوقود الأحفوري.
وأوضح أن مصر تحتاج إلى استثمارات ضخمة لإنشاء المزيد من المحطات الشمسية والرياح؛ ما يشكّل عبئًا على الموازنة العامة، ومن هنا جاء التوجه إلى إصدار شهادات الطاقة المتجددة بالتعاون بين جهاز تنظيم الكهرباء وهيئة الطاقة المتجددة، تمهيدًا لإدراجها في بورصة المناخ المصرية (EGCX) قبل نهاية العام الجاري (2025).
وأضاف أن هذه الشهادات ستكون أداة مالية قابلة للتداول تثبت أن الكهرباء المنتَجة مصدرها متجدد، ويمكن للشركات استغلالها لتعويض بصمتها الكربونية.
وتأمل وزارة الكهرباء أن توفر عوائدها حزمة تمويلية كبيرة لدعم مشروعات الطاقة النظيفة، وهو ما يعزز التحول إلى الاقتصاد الأخضر ويكرّس التزام مصر بخفض الانبعاثات.
تحقيق الأهداف المناخية
قال نائب مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة، أحمد بدر، إن شهادات الطاقة المتجددة تُعدّ من الأدوات المالية القابلة للتداول على مستوى العالم، إذ تمثّل إثباتًا على أن كمية محددة من الكهرباء -تعادل عادةً 1 ميغاواط/ساعة- جرى إنتاجها من مصادر متجددة، مثل الطاقة الشمسية أو الرياح أو الكهرومائية.
وأوضح أن أهمية هذه الشهادات تكمن في كونها تُوثّق الفوائد البيئية المرتبطة بإنتاج الكهرباء من مصادر نظيفة. كما تمنح الشركات والمؤسسات أداة عملية لدعم مبادرات الاستدامة، وخفض انبعاثات الكربون، والامتثال لمتطلبات الأهداف التنظيمية.
وأضاف أن مصر خطت خطوة مهمة في هذا الاتجاه من خلال تغيير اسم بورصة "ائتمانات الكربون" إلى "بورصة المناخ"، وهو ما يفتح المجال أمام خطوات أكبر وأكثر شمولًا لاستقطاب المستثمرين.
وأكد بدر -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن العوائد المرتبطة بهذه الشهادات ستؤدي دورًا محوريًا في تمويل مشروعات الطاقة النظيفة وتعزيز استثمارات قطاع الكهرباء.
وشدد على أن تحرك مصر نحو إصدار هذه الشهادات وتوظيف حصيلة بيعها في تمويل وتطوير مزيد من المشروعات بمجال الكهرباء والطاقة المتجددة، يمثّل خطوة بالغة الأهمية، ويعكس التزام القاهرة بالسير على الطريق الصحيح نحو الريادة في هذا المجال، الأمر الذي يمنح الشركات العالمية الثقة بضخ استثماراتها داخل السوق المصرية وهي مطمئنة إلى جدوى هذه الخطوات.
وقال بدر إن شهادات الطاقة المتجددة سيكون لها إسهام بارز في تحقيق الأهداف المناخية التي حددتها مصر، سواء ما يتعلق بزيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني، أو الوصول إلى الحياد الكربوني المستهدف في عام 2050.
موضوعات متعلقة..
- مصر تصدر قرارًا بتنظيم إصدار شهادات الكربون الطوعية
- أسعار شهادات الطاقة المتجددة قد تنخفض 76% بحلول 2050
- قطاع الطاقة المتجددة في مصر يشهد تغييرات جذرية لدفع النمو (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- ليبيا تقترب من تطوير مربع نفط وغاز ضخم.. صفقة مع 4 شركات دولية
- حصري- شحنة وقود مشبوهة في لبنان.. وتلاعب لإخفاء مصدرها الأصلي
- خاص - صادرات النفط العراقي في يوليو ترتفع 83 ألف برميل يوميًا
- حقل رحمات للغاز في مصر.. 1.3 تريليون قدم مكعبة بأعماق البحر المتوسط