تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

تشغيل ثاني محطة طاقة تناضحية في العالم.. تولّد الكهرباء النظيفة ليل نهار

محمد عبد السند

دخلت ثاني محطة طاقة تناضحية في العالم حيز التشغيل، معلنةً خطوة جديدة في جهود توليد الكهرباء النظيفة، وفق متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وتوجد المحطة في مدينة فوكوكا جنوب اليابان، وتُعدّ كذلك المحطة الأولى من نوعها في آسيا، وتستغِلّ الفرق في تركيز الملوحة بين المياه العذبة وبين المياه المالحة في توليد الكهرباء.

وعلى الرغم من كونها ما تزال تقنية ناشئة، وتُستعمَل فقط على نطاق ضيق، فإنها تتفوق على نظيراتها من مصادر الطاقة المتجددة الأخرى مثل الشمس والرياح، من حيث كونها متاحة على مدار الساعة دون احتساب لظروف الطقس أو الوقت.

وتعتمد التقنية على خلط المياه العذبة والمالحة، بحيث يستمر تدفُّق الطاقة ليلًا ونهارًا؛ ما يوفّر مصدرًا مستقرًا وموثوقًا للكهرباء.

ثورة في الكهرباء النظيفة

يمثّل تشغيل ثاني محطة طاقة تناضحية في العالم بداية لثورة وشيكة في توليد الكهرباء النظيفة على مدار الساعة، وفق ما أورده موقع "إنترستينغ إنجنيرينغ".

وقالت وكالة المياه في منطقة فوكوكا الواقعة شمال جزيرة كيوشو اليابانية، إن محطة الطاقة التناضحية قد بدأت عملياتها في 5 أغسطس/آب الجاري، ومن المتوقع أن تُنتِج 880 كيلوواط/ساعة من الكهرباء سنويًا؛ ما سيكفي لسدّ احتياجات الطاقة لمحطة تحلية تخدم المدينة والمناطق المجاورة.

وقالت الوكالة، إن الطاقة التناضحية هي مصدر الطاقة المتجددة من الجيل التالي الذي لا يتأثر بظروف الطقس أو الوقت من اليوم، كما لا يصدر عنه أيّ انبعاثات كربونية؛ ما يجعلها خطوةً واعدة نحو توليد الكهرباء النظيفة بشكل متواصل.

وقال الأستاذ في معهد طوكيو للعلوم أكيهيكو تانيوكا: "أشعر بسعادة غامرة من نجاحنا في تطوير ثاني محطة طاقة تناضحية في العالم، وأتمنى ألّا يتوقف نشر تلك التقنية في اليابان وأن يمتد إلى بقية دول العالم"، وفق تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتوقّع الأستاذ في جامعة سيدني للتكنولوجيا، علي الطائي، أن تُنتِج محطة الطاقة التناضحية في فوكوكا طاقة كهربائية تلبي احتياجات نحو 220 أسرة يابانية.

وتُعدّ محطة الطاقة التناضحية في اليابان الثانية من نوعها، بعد نظيرتها الموجودة في مدينة مارياجر الدنماركية، التي دخلت حيز التشغيل في عام 2023.

آلية عمل المحطة

تستغِل محطة الطاقة التناضحية في اليابان مبدأ التناضح ذاته، الذي يتمثل في أن الماء ينتقل من محلول أقل تركيزًا إلى محلول أكثر تركيزًا عبر غشاء شبه منفذ (يسمح بمرور بعض المواد دون الأخرى).

وتولد الكهرباء في فوكوكا من تدرُّج الملوحة بين تيارين مائيين موضوعين على جانبي غشاء شبه منفذ.

ويتيح الغشاء شبه المنفذ مرور المياه، لكنه يعوق مرور الشوائب، وعند مرور المياه بشكل طبيعي إلى الجانب المالح، ينشأ الضغط الذي يُستعمَل لتدوير توربين يعمل بعد ذلك على تدوير المولد لإنتاج الكهرباء.

وتؤكد وكالة المياه في فوكوكا أن المحطة التناضحية لا تتأثر قط بالطبيعة المتقطعة لطاقة الشمس والرياح، ولا ينطلق عنها أيّ انبعاثات كربونية عند توليد الكهرباء، وفق ما أوردته وكالة أنباء كيودو نيوز اليابانية.

سياق عالمي وعراقيل

دخلت محطة الطاقة التناضحية في فوكوكا حيز التشغيل بعد عروض تجريبية في النرويج وكوريا الجنوبية، إضافةً إلى بناء نماذج أولية في سيدني وإسبانيا وقطر، وفق صحيفة غارديان.

وعلى الرغم من بساطة الفكرة القائمة عليها الطاقة التناضحية، فإن الطريق أمام نشرها على نطاق واسع ليس مفروشًا بالورود.

وقالت الأستاذة في جامعة ملبورن الأسترالية ساندرا كينتيش: "في الوقت الذي تتحرر فيه الكهرباء عندما تمتزج المياه المالحة بالمياه العذبة، فإن الكثير منها يُهدَر عند ضخّ نوعَي المياه كليهما في المحطة، كما يحدث هدر في الكهرباء نتيجة الاحتكاك عبر الغشاء؛ ما يعني أن صافي الكهرباء المولدة ضئيل".

وأضافت: "محطة الطاقة التناضحية في اليابان تستعمِل مياه البحر المركّزة، وهي المحلول الملحي المتبقي بعد إزالة المياه العذبة في محطة تحلية المياه؛ ما يزيد من الفرق في تركيزات الأملاح ومن ثم الكهرباء المولدة".

محطة طاقة تناضحية
محطة طاقة تناضحية - الصورة من Getty Image

نشأة الفكرة

بدأ تطوير فكرة الطاقة التناضحية -أو ما يُطلَق عليها أحيانًا "الطاقة الزرقاء"- قبل عقود، وفق تفاصيل اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

ففي عام 1954، وضع المهندس البريطاني آر. إي. باتل إطارًا نظريًا لإمكان توليد الكهرباء من مزج المياه العذبة بالمياه المالحة.

وفي سبعينيات القرن الماضي، طوّر البروفيسور سيدني لويب -الذي شارك في تطوير تقنية تحلية المياه بالتناضح العكسي- إطارًا لتقنية التناضح المتأخر الضغط بي آر أو (PRO)، بعدما لاحظ الاختلاط الطبيعي لنهر الأردن والبحر الميت.

ولعل أحد التحديات الرئيسة التي تعرقل نشر تقنية الطاقة التناضحية هو تكلفة وكفاءة الغشاء، نظرًا لأن السطح الكبير والضغوطات المرتفعة مطلوبة، والكهرباء المفقودة نتيجة الضغوطات والاحتكاك تعمل على تآكل صافي المكاسب المتحققة في هذا الخصوص.

ويوضح الفيديو التالي آلية عمل الطاقة التناضحية:

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:
1.تشغيل ثاني أكبر محطة للطاقة التناضحية في العالم، من موقع "إنترستينغ إنجنيرينغ"

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق