
تقترب صفقة توربينات رياح بحرية أوروبية صينية من الانهيار، بعد توجيه انتقادات وإثارة شكوك حول الاتفاق المُبرَم في العام الماضي (2024).
وتابعت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الاتفاق بين شركة لوكسكارا الألمانية (Luxcara) وشركة "مينغ يانغ سمارت إنرجي غروب ليمتد" الصينية (Ming Yang Smart Energy Group Ltd) لشراء توربينات رياح بحرية للمرة الأولى في ألمانيا.
واتُهمت الصفقة بتوجيه ضربة لقطاع التصنيع الأوروبي، كما تحركت الحكومة في بريطانيا وألمانيا ضد استعمال التوربينات الصينية، بزعم قدرتها على التجسس واستغلالها لأغراض الابتزاز ونقل بيانات مهمة والتحكم بها عن بُعد.
ورغم ذلك، لم تؤكد الشركة الألمانية -أو تنفِ- حدوث تدخُّل حكومي في قرار الانسحاب المتوقع، لكنها أكدت أنه قرار اقتصادي بالمقام الأول يستهدف تحقيق وفورات.
صفقة توربينات رياح في ألمانيا
في بيان صحفي حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة، ألمحت شركة لوكسكارا إلى إمكان إبرام صفقة توربينات رياح من "سيمنس غاميسا" (Siemens Gamesa) لتطوير مشروع الرياح البحرية "ووتركانت" (Waterkant) المثير للجدل بسعة 300 ميغاواط.
وقد يمثّل ذلك تراجعًا عن صفقة توربينات رياح أبرمتها لوكسكارا مع "مينغ يانغ" الصينية في مطلع يوليو/تموز (2024) لبناء مشروع "ووتركانت" القادر على توليد كهرباء تكفي 400 ألف منزل تقريبًا، بدءًا من نهاية عام 2028.
وفي ذلك الوقت، وقّع الجانبان اتفاقية لحجز السعة بعد طرح عطاء دولي وإجراء تدقيق مكثف لتوريد 16 توربين رياح بسعة 18.5 غيغاواط للواحد، الذي وصفته بأنه أقوى توربين رياح بحرية في العالم.
جاء ذلك بعدما أبرمت لوكسكارا اليوم الإثنين (25 أغسطس/آب 2025) اتفاقًا جديدًا لحجز السعة مع شركة "سيمنس" من أجل تزويدها بـ97 توربين رياح بسعة 15.5 ميغاواط للواحد لبناء مزرعة رياح بحرية أخرى مجاورة في بحر الشمال الألماني، هي "ووتركيكي" (Waterekke)، بسعة إجمالية 1.5 غيغاواط.

وبحسب الشركة التي تتخذ من هامبورغ مقرًا لها، جاء الاتفاق الأحدث بعد إقامة عطاء شاركت فيه أسماء دولية لبناء أكبر مزارعها للرياح البحرية في بحر الشمال الألماني.
ومن المتوقع ربط "ووتركيكي" بالشبكة عام 2029، لتزويد ما يصل إلى مليوني منزل ألماني بالكهرباء النظيفة.
ويمكن للمزرعتين بسعة إجمالية 1.8 غيغاواط تلبية احتياجات أكثر من 2.4 مليون منزل، بما يعزز أهداف ألمانيا بزيادة قدرات طاقة الرياح البحرية إلى 30 غيغاواط بحلول 2030، وهذا يرفع حصة الطاقة المتجددة بحلول ذلك الموعد إلى 80%.
و"اتفاقيات حجز السعة" هي عقد بين بائع سلعة ما ومشتريها، تتضمن تصريحًا كتابيًا بالنية لحجز جزء من سعة الإنتاج لمدة محددة، بما يقدّم ضمانات للبائع بشأن الطلب والإيرادات، ويقلّل تحديات الإمداد، ويمنح حق الوصول لسعة الإنتاج للمشتري.
أسباب الانسحاب المتوقع
بررت شركة لوكسكارا دراسة التخلي عن صفقة توربينات رياح "مينغ يانغ" والتحول إلى "سيمنس غاميسا" لضمان تحقيق الكفاءة الاقتصادية من خلال توحيد عمليات الشراء ومنح العقود وحملات التركيب والتنسيق في مزرعتي الرياح البحرية في ألمانيا.
ويقول البيان: "بالنظر لوصول مشروع ووتركيكي لمرحلة متقدمة وإمكان تحقيق التكامل التشغيلي بين المشروعين، تدرس لوكسكارا حاليًا استعمال توربينات سيمنس غاميسا في مشروع ووتركانت الأصغر حجمًا أيضًا، ولذلك حجزت 19 توربينًا من النوع نفسه".

بهذا المعنى، يقول مدير المشروعات في لوكسكارا هولغر ماتيسن، إن تركيب توربينات سيمنس غاميسا في مشروع "ووتركانت" سيمكّن الشركة من التنسيق بين أعمال التطوير والبناء والتنفيذ في المشروع عن كثب.
كما أكد أهمية الاستثمار في المشروعات السليمة من الناحية المالية، وتنفيذها بموثوقية، مع تقليل المخاطر في التعاون مع الشركاء.
وأبلغت الشركة الجهات المعنية وشركاء المشروع بالتغيير المحتمل في مورد توربينات الرياح.
ورغم أن الشركة لم تُشر إلى تدخُّل جهات سياسية أو تنظيمية في قرارها المفاجئ، فإنه يتوافق بشكل كبير مع انتقادات من داخل الصناعة وأخرى سياسية ومن خارج الحدود أيضًا.
ورصدت منصة الطاقة المتخصصة انتقاد هيئة صناعة طاقة الرياح الأوروبية "ويند يوروب" (Wind Europe) لصفقة توربينات الرياح بين لوكسكارا ومينغ يانغ بالعام الماضي، بوصفها ضربة للقطاع الأوروبي القادر على تزويد المشروع بالتوربينات المطلوبة.
كما كانت الهيئة أول من يُشير إلى مخاطر الصفقة مع الشركة الصينية على صعيد أمن الطاقة الإقليمي، مؤكدةً أنها "كانت تستلزم تدقيقًا" من جانب الحكومة في برلين؛ إذ من الممكن استغلال أجهزة الاستشعار داخل التوربينات لنقل بيانات مهمة، أو التحكم في أداء التوربين بوساطة طرف خارجي.
كما تداول أعضاء مجلس العموم البريطاني اسم الشركة الصينية بعد اقتراحها بتوريد توربينات رياح لمزرعة "غرين فولت" (Green Volt) قبالة سواحل إسكتلندا.
وبالفعل، تقرَّر فتح تحقيق لتقييم حجم تأثير تقنيات الطاقة المتجددة الصينية في الأمن القومي، خاصة مع تزايد دور الطاقة النظيفة في الاقتصاد والبيئة والسياسات.
وفي مارس/آذار الماضي (2025)، طلب وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إعداد تقرير حول قدرة توربينات الرياح صينية الصُنع على التجسس وتهديد مشروعات بحر الشمال.
موضوعات متعلقة..
- صفقة توربينات رياح تقترب من مليار دولار
- شركة توربينات رياح متعثرة تفوز بصفقة قيمتها 1.4 مليار دولار
- أكبر مزرعة رياح في نيو ساوث ويلز الأسترالية تتلقى صفقة توربينات ضخمة
اقرأ أيضًا..
- الغاز الطبيعي بريء من رفع أسعار الكهرباء البريطانية (تحليل)
- الغاز الطبيعي بريء من رفع أسعار الكهرباء البريطانية (تحليل)
- مشروع لنقل وتخزين ثاني أكسيد الكربون يبدأ الحقن والتشغيل.. الأول عالميًا
المصدر: