تقارير الغازتقارير الكهرباءرئيسيةغازكهرباء

الغاز الطبيعي بريء من رفع أسعار الكهرباء البريطانية (تحليل)

أسماء السعداوي

فنّد تحليل حديث المزاعم الحكومية بأن أسعار الغاز الطبيعي -وليس خطة التحول الأخضر- هي من يقف وراء الارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء البريطانية مؤخرًا.

وتنفيذًا لوعد بخفض أسعار الكهرباء، يناصر وزير أمن الطاقة والحياد الكربوني إد ميلباند الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة التي يراها أرخص وأكثر موثوقية، وقادرة على حماية البلاد من المخاطر الجيوسياسية مقارنةً بالغاز الأحفوري.

لكن حقيقة تراجُع إنتاج الرياح والشكوك المرتبطة بهيمنة الصين على عمليات التصنيع مع تزايد تكلفة دعم المشروعات تثير تساؤلات حقيقية حول جدوى الخطة الحالية التي تكبِّد المواطنين الكثير؛ إذ واصلت أسعار بيع الكهرباء ارتفاعها لتشكّل عبئًا اقتصاديًا ومجتمعيًا كبيرًا، على الرغم من أن ارتفاع أسعار الغاز كان أبطأ من الكهرباء، كما تتزايد واردات التيار.

بل على العكس، دعمت محطات الغاز الطبيعي شبكة الكهرباء ليزداد إنتاجها، ولو باستعمال محطات أقل كفاءة وأكثر استهلاكًا للوقود من أجل تلبية الطلب المحلي، بحسب أحدث تفاصيل قطاع الطاقة البريطاني لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي في بريطانيا

أوضحت مستشارة الطاقة المستقلة والكاتبة كاثرين بورتر -بالتفصيل- الأسباب التي تُثبت خطأ اتّهام الغاز الطبيعي بارتفاع أسعار الكهرباء في بريطانيا.

وأرجع كثيرون ارتفاع أسعار بيع الكهرباء بالجملة إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي الذي يشكّل حاليًا حصة لا يُستهان بها من مزيج توليد الكهرباء.

ويضمّ مزيج الكهرباء الحالي -أيضًا- الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والكتلة الحيوية، والطاقة الكهرومائية والنووية، وأخرى.

الغاز الطبيعي و أسعار الكهرباء في بريطانيا

وخلال أغسطس/آب الجاري (2025)، بلغ سعر الكهرباء 82 جنيهًا إسترلينيًا و21 بنسًا للميغاواط/ساعة (111 دولارًا و18 سنتًا)، بارتفاع كبير عن 27 جنيهًا و15 بنسًا على أساس سنوي.

  • (الجنيه الإسترليني = 1.35 دولارًا أميركيًا).

لكن أسعار الكهرباء تزيد بوتيرة أسرع من أسعار الغاز الطبيعي، بحسب الكاتبة التي لم تنكر حدوث ارتفاع، لكنّ نموه كان بطيئًا بالمقارنة بالكهرباء، وفق قولها.

بل إنّ السبب الرئيس لارتفاع أسعار الكهرباء كان الاعتماد المتزايد على حرق الغاز لتعويض تراجع إنتاج طاقة الرياح، حتى قبل احتساب مخصصات الكربون.

"بالطبع، هذا يقوّض الرواية الكاملة التي تقول، إن الغاز باهظ الثمن هو ما يرفع أسعار الكهرباء.. أسعار الغاز لا تزيد بسرعة أسعار الكهرباء.. في الواقع أجبرنا نقص إنتاج الرياح على استعمال محطات غاز أقدم وأقل كفاءة تستعمل المزيد من الوقود (الغاز)".

كما أكدت كاتبة المقال -الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- على دور مخصصات الكربون في رفع أسعار الكهرباء من محطات توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي؛ إذ إن تكلفتها تشكّل أكثر من 20% من أسعار بيع الكهرباء بالجملة.

  • مخصصات الكربون هي تصريح بإطلاق المصانع ومحطات الكهرباء وشركات الطيران وغيرها حدًا معينًا من الانبعاثات، وعندما تتجاوز ذلك الحدّ يتعين عليها شراء المزيد، وتُتَداوَل داخل سوق خاصة.

ووصفت الكاتبة كاثرين بورتر محطات توليد الكهرباء بالغاز بـ"تصاريح للتلوث"، قائلة، إنها مُلزَمة بشراء مخصصات الكربون وفق قواعد خفض الانبعاثات، وتؤول تكلفتها إلى فواتير المستهلكين.

كما أكدت أن الزيادة في أسعار بيع الكهرباء بالجملة مع استثناء مخصصات الكربون تظل أعلى من الزيادة في أسعار الكربون والغاز.

ومما يزيد ذلك العبء الثقيل الاتفاق رسميًا في مايو/أيار (2025) على ربط برنامج تجارة الكربون في بريطانيا بنظيره في الاتحاد الأوروبي رغم ارتفاع أسعار الأخير، وهو ما تسبَّب في زيادة بنسبة 30% في غضون أيام معدودة، كما من المتوقع حدوث زيادات أخرى.

وانتقدت كاثرين الخطوة الحكومية "الطوعية البحتة" و"الخيار المتعمد" لرفع أسعار الكهرباء البريطانية بدلًا من تقليص تكاليف انبعاثات الكربون لخفض أسعار الكهرباء، ومن ثم تخفيف العبء على كاهل المواطنين.

طاقة الرياح في بريطانيا

في مقالها بعنوان "إد ميليباند يقامر على التوربينات رغم تباطؤ إنتاج الرياح"، تقول الكاتبة كاثرين بوتر، إن حزب العمال الحاكم يبدد الأموال على طاقة الرياح رغم تنامي العقبات أمام نجاحها.

وعلى نحو خاص، أشارت إلى أن أحدث الجولات الحكومية لتقديم إعانات لمطوري مشروعات الطاقة المتجددة ستكلّف دافعي الضرائب أكثر من السابق.

ومما يفاقم الوضع على المواطنين ارتفاع أسعار الكهرباء بالجملة منذ عقد الجولة السابقة في العام الماضي (2024)، كما من المتوقع أن تزيد تلك الإعانات، وخاصة لقطاع الرياح البحرية.

مزرعة رياح
مزرعة رياح - الصورة من موقع شركة "آر دبليو إي" في المملكة المتحدة

ومنذ بداية العام وحتى متصف يوليو/تموز (2025)، انخفض توليد الكهرباء من طاقة الرياح بنسبة 6% على أساس سنوي، كما زادت واردات الكهرباء بنسبة 10%، وانخفض إنتاج الطاقة النووية بنسبة 4%

وفي ضوء ذلك، ومع ارتفاع الطلب بنسبة 1%، ارتفع توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي بنسبة 17%، كما زاد تشغيل المحطات الأقل كفاءة والأكثر استهلاكًا للوقود بنحو 44%.

وكان اللجوء لمحطات الغاز نتيجة انخفاض إنتاج الكهرباء في بريطانيا، سواء بسبب تباطؤ سرعة الرياح أو الأثار التابعة لانخفاض إنتاج الرياح تبعًا لتشغيل توربين بجوار آخر.

وفي ضوء تلك الحقائق، ترى الكاتبة أن إستراتيجية بناء المزيد من مزارع الرياح مع تزايد الدعم والاضطرار لحرق الغاز الطبيعي، هو "خطر حقيقي لتحقيق عوائد متناقصة".

أسعار الكهرباء البريطانية

لا تتوقع الكاتبة كاثرين بورتر حدوث تغيير في خطة توليد الكهرباء البريطانية الحالية وأسعارها، بسبب "الحكومة التي تقامر بأموال المواطنين" على حدّ وصفها.

وأشارت إلى "خيار ذكي" لتوليد الكهرباء، وهو الطاقة النووية، داعيةً إلى تقليص القواعد التنظيمية والبيئية المُعرقلة من أجل منح الأولوية لأمن الطاقة.

وشككت بورتر في فاعلية إستراتيجية الحكومة الحالية التي تعتمد تقديم دعم سخيّ لإقامة مزارع الرياح واستيراد الكهرباء من الخارج.

وتساءلت عن جدوى إبرام اتفاقيات تستمر على مدار 20 عامًا لشراء الكهرباء المولّدة من طاقة الرياح، وبأسعار مرتفعة على متوسط أسعار الجملة الحالية، سواء مع إضافة تكلفة الكربون أو لا، وهو ما يرفع فواتير المستهلكين.

على الناحية الأخرى، قالت، إن زيادة الاعتماد مؤخرًا على واردات الكهرباء من الدول المجاورة هي "إستراتيجية معيبة"؛ لأن تلك البلدان -ومنها فرنسا- ربما لا يكون لديها فائض الإنتاج لبيعه بأسعار جاذبة؛ ما يؤدي إلى تراجع حادّ للصادرات؛ وهو ما يعني ضمنًا أنها تعاني -أيضًا- من انخفاض طاقة الرياح.

وأوضحت أن زيادة الاعتماد على واردات الكهرباء ليس بنهج أفضل من استيراد الغاز في بريطانيا.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

  1. مقال الكاتبة كاثرين بورتر عن أسعار الغاز والكهرباء في بريطانيا، من صحيفة "ذا تيليغراف"
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق