مصافي التكرير المعيارية تورّط دولة آسيوية.. ما علاقة صفقة الـ15 مليار دولار؟
أسماء السعداوي

أثارت خطة دولة آسيوية لضخ استثمارات بالمليارات في مصافي التكرير المعيارية حالة من الجدل؛ لكونها حلًا سريعًا لن يعالج جذور أزمة مستمرة منذ سنين طويلة.
وتسعى إندونيسيا -وهي إحدى أكبر الدول المستوردة للبنزين في العالم- إلى تقليل واردات الوقود الباهظة بزيادة إنتاج الوقود محليًا من خلال بناء المصافي المعيارية، إذ تواجه مساعي توسعة المصافي الأكبر حجمًا تأخيرات وتحديات.
وستكون تلك المصافي مخصصة لتكرير النفط الأميركي والإندونيسي بعد إبرام صفقة مع إدارة رئيس الولايات المتحدة دونالد ترمب، لشراء منتجات أميركية، من بينها نفط وغاز مسال بقيمة 15 مليار دولار، مقابل خفض الرسوم الجمركية، وفق التفاصيل التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وبالفعل، حصلت إندونيسيا على رسوم جمركية هي الأدنى بين دول جنوب شرق آسيا (آسيان)؛ إذ انخفضت من 32% إلى 19%، ورغم ذلك فإن خطة مصافي التكرير المعيارية قد تؤدي إلى ضخ استثمارات عديمة الجدوى، وفق ما يراه بعض المحللين.
مصافي التكرير المعيارية في إندونيسيا
تمتلك المصافي المعيارية الصغيرة سعة تكرير أقل من نظيرتها التقليدية الأكبر حجمًا، وعادة ما تتراوح بين 50 و150 ألف برميل يوميًا فقط.
ويسهل تركيب تلك المصافي سريعًا؛ لكونها مُسبقة الصنع. كما أنها أرخص في التكلفة، بحسب التفاصيل لدى منصة الطاقة المتخصصة.
وتنفيذًا لخطة بناء شبكة تضم 17 مصفاة معيارية صغيرة، أعلن صندوق الثروة السيادي المحلي "دانانتارا" (Danantara) أنه من المقرر توقيع صفقة بقيمة 8 مليارات دولار مع شركة الهندسة الأميركية "كي بي آر" (KBR)، لتتولى أعمال الهندسة والمشتريات والإنشاءات.

بدوره، أرجع الرئيس التنفيذي للصندوق، روسان روسلاني، قرار الاستثمار بتلك المصافي إلى قدرتها على تكرير النفط الأميركي المقرر استيراده.
وأُجريت دراسات مبدئية لتركيب المصافي المعيارية وصهاريج تخزين النفط في مناطق ناتونا وسورابايا وشمال هالماهيرا وفاكفاك، لكن اختيار الموقع النهائي سيعتمد على إجراء مزيد من الدراسات.
يُشار هنا إلى أن الولايات المتحدة تصدّرت في العام الماضي (2024) قائمة أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم بأكثر من 20 مليون برميل يوميًا تليها المملكة العربية السعودية ثم روسيا.
ورغم أن إندونيسيا من الدول المنتجة للنفط، فإنها لا تمتلك قدرات التكرير الكافية لتلبية الطلب المحلي؛ ما يجعلها شديدة الاعتماد على الواردات، خاصة من سنغافورة.
وحدث خلاف بين الجارتَيْن مؤخرًا؛ ما حدا بإندونيسيا إلى إعلان خطة لتخفيض الواردات من سنغافورة بنسبة 60% بسبب ارتفاع الأسعار، في مقابل التحول إلى الشراء من الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط.
هل مصافي التكرير المعيارية مجدية؟
اتفق اثنان من خبراء الطاقة العالميين على أن عيوب خطة نشر مصافي التكرير المعيارية في إندونيسيا أكثر من منافعها.
ويقول النائب الأول لرئيس شركة الأبحاث "ريستاد إنرجي" (Rystad Energy) بانكاج سريفاستافا، إن تلك المصافي الصغيرة لن تساعد إندونيسيا في زيادة قدرات إنتاج البتروكيماويات، لكنها في الوقت نفسه قد تكون حلًا سريعًا لتخفيف حدة الاعتماد على واردات المنتجات النفطية المكررة، بسبب بساطة تركيبها وانخفاض تكلفتها، ولأنها تستغرق وقتًا أقل في البناء من المصافي الأكبر حجمًا والأكثر تعقيدًا.
من جانبه، يقول المدير في شركة "سوري كلين إنرجي" (Surrey Clean Energy)، آدي إمسيروفيتش، إن تلك المصافي تقلل من وفورات الحجم بسبب طاقتها الإنتاجية الصغيرة التي تتراوح عادة بين 50 و150 ألف برميل يوميًا.
أما كبيرة المحللين في شركة "سابارتا كوموديتس" (Sparta Commodities) جون غوه، فتقول إن المصافي المعيارية ستحتاج إلى استعمال ناقلات نفط أصغر حجمًا للاستيراد؛ وهو ما سيرفع التكاليف بشدة.
كما أن استيراد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي عن طريق المراجحة لتشغيل المصافي لن يكون مجديًا من الناحية الاقتصادية.
أزمة مصافي تكرير النفط في إندونيسيا
تتبنّى إندونيسيا خطة طموحة لزيادة قدرات مصافي تكرير النفط، لكن الطريق إلى تنفيذها ليس مفروشًا بالورود، وذلك منذ وقت طويل.
ولم ينجح البلد الآسيوي في بناء مصفاة تكرير كبرى وحيدة منذ أكثر من 30 عامًا، في الوقت الذي تستهلك فيه واردات النفط والغاز الكثير، وبلغت قيمتها في العام الماضي (2024) 36 مليارًا و280 مليون دولار أميركي.
وفشلت شركة برتامينا الحكومية (Pertamina) في الإبقاء على شركات الطاقة العالمية الكبرى لمواصلة الاستثمار بالقطاع المتعثر، لتضطر إلى مواصلة خطة البناء والتوسع منفردة.
وتأجّلت خطط بناء مصفاة تكرير بقدرة 300 ألف برميل يوميًا ومجمع كيماويات مع شركة روسنفط الروسية (Rosneft)؛ بسبب العقوبات على موسكو عقب غزوها أوكرانيا.
وأكملت برتامينا في عام 2022 أعمال تطوير المرحلة الأولى من مصفاة بالونغان (Balongan) لزيادة السعة إلى 25 ألف برميل يوميًا.
لكن ذلك التطوير لم يكتمل بعد أعمال تطوير مصفاة "باليكبابان" (Balikpapan) بإجمالي استثمارات 7 مليارات و400 مليون دولار.
وتستهدف برتامينا تطوير 6 مصافي تكرير وبناء مجمع عملاق للتكرير والبتروكيماويات، لمضاعفة إنتاج المنتجات النفطية إلى 1.5 مليون برميل يوميًا.
يُذكر أن سعة التكرير الإجمالية لدى برتامينا تصل إلى مليون برميل يوميًا تقريبًا من خلال 6 مصافٍ تلبي نحو 60% من الطلب المحلي على الوقود.
موضوعات متعلقة..
- مصافي التكرير الأميركية تتعافى من خسائر الربع الأول 2025
- تشغيل مصافي التكرير الهندية قد ينخفض في الربع الثالث من 2025
- إنتاج مصافي التكرير العربية يشهد زيادة في 5 دول (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- صمود تاريخي لشبكة الكهرباء في مصر.. ماذا حدث في صيف 2025؟ (مقال)
- رسوم شهرية على السيارات الكهربائية.. شركة عالمية توضح السبب
- انخفاض إيرادات سلطنة عمان من النفط والغاز في 6 أشهر (إنفوغرافيك)
- أمين عام أوابك: الطاقة النووية العربية واعدة.. ويتحدث عن 3 دول
المصدر: