التقاريرتقارير الغازسلايدر الرئيسيةغاز

خريطة منشآت التخزين الجوفي للغاز عالميًا.. الإمارات والسعودية ضمن القائمة

سامر أبووردة

أصبح تطوير منشآت التخزين الجوفي للغاز حول العالم جزءًا لا يتجزأ من سياسات أمن الطاقة، في ظلّ تنامي الطلب على الغاز الطبيعي وتزايد تقلبات السوق العالمية.

وبينما كانت هذه المنشآت تُستعمل تقليديًا لتأمين الإمدادات في مواسم الذروة، فقد تحولت اليوم إلى أداة إستراتيجية تُسهم في موازنة العرض والطلب، وتمنح الأسواق مرونة في التسعير والاستجابة للأزمات.

وتكشف دراسة صادرة عن منظمة "أوابك"، أعدّها خبير الغاز المهندس وائل حامد عبدالمعطي، وحصلت عليها منصة الطاقة (مقرّها واشنطن)، تفاوتات لافتة في توزيع منشآت التخزين الجوفي على مستوى العالم، سواء من ناحية عدد المنشآت أو سعاتها التشغيلية أو الأطر التنظيمية التي تحكم تشغيلها واستثمارها.

وبينما تتصدر الولايات المتحدة وأوروبا القائمة من ناحية الحجم والكفاءة، تُواصل دول أخرى مثل الصين وكندا محاولات اللحاق، في حين ما زالت أميركا اللاتينية والشرق الأوسط خارج السباق الفعلي حتى الآن.

منشآت التخزين الجوفي للغاز في أميركا

تمتلك الولايات المتحدة أكبر شبكة منشآت تخزين جوفي للغاز حول العالم، إذ تضم نحو 385 منشأة، مع سعة تخزين إجمالية تُقدَّر بنحو 4.7 تريليون قدم مكعبة، ما يعادل نحو 30% من سعة التخزين الجوفي للغاز عالميًا.

ويُلحَظ في النموذج الأميركي الاعتماد الكبير على الحقول المستنفدة بنسبة تتجاوز 81%، بالإضافة إلى استعمال كهوف الملح بكفاءة عالية في مناطق الساحل الجنوبي.

وتتوزع منشآت التخزين الجوفي للغاز في أميركا على 5 مناطق هي، منطقة الشرق (East Region)، ومنطقة الوسط الغربي (Midwest)، ومنطقة الجنوب المركزية (South Central Region)، ومنطقة (Mountain)، ومنطقة الهادي (Pacific Region)

ويُستعمل التخزين الجوفي في أميركا بوصفه أداة تجارية، وليس فقط للاستهلاك المحلي أو الطوارئ، إذ يتيح للمستثمرين التداول والمضاربة عبر أسواق العقود الفورية والآجلة.

خبير أوابك المهندس وائل حامد عبدالمعطي

منشآت التخزين الجوفي للغاز في روسيا

رغم اضطراب الإمدادات في المنطقة، تحتفظ أوروبا الشرقية -وتحديدًا روسيا وأوكرانيا- بموقع متقدم في ترتيب منشآت التخزين الجوفي حول العالم.

وتضم روسيا نحو 23 منشأة لتخزين الغاز الجوفي، بسعة تخزينية عاملة (قابلة للسحب) تُقدّر بنحو 2.65 تريليون قدم مكعبة، ما يعادل نحو 17.2% من إجمالي السعة التخزينية العالمية.

وتتولى شركة غازبروم تشغيل وإدارة جميع هذه المنشآت، التي تُعدّ أحد المكونات الرئيسة في منظومة الغاز الروسية.

وتسهم منشآت التخزين الجوفي في روسيا بتلبية ما بين 20% و40% من الطلب المحلي على الغاز خلال موسم التدفئة، كما تؤدي دورًا حيويًا في تعزيز استقرار شبكات التوزيع وضمان استمرار الإمدادات في حالات الطوارئ.

وتتمثل أحد الأدوار الإستراتيجية لهذه المنشآت في دعم صادرات غازبروم إلى الأسواق الأوروبية، ولا سيما خلال فصل الشتاء، الأمر الذي يفسر تمركُز الغالبية العظمى منها في الجزء الغربي من البلاد بالقرب من خطوط أنابيب التصدير.

غير أن هذا الدور شهدَ تراجعًا ملحوظًا عقب اندلاع الأزمة الروسية-الأوكرانية عام 2022، التي أدت إلى انخفاض حادّ في صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا بنسبة بلغت نحو 80% مقارنة بالمستويات السابقة للأزمة.

وتعتمد روسيا في المقام الأول على التخزين الجوفي في آبار الغاز المستنفدة، إذ تُشكّل نحو 14 منشأة من هذا النوع ما يقارب 75.8% من إجمالي السعة التخزينية القابلة للسحب في البلاد.

أحد منشآت التخزين الجوفي للغاز
إحدى منشآت التخزين الجوفي للغاز - الصورة من "utg.ua"

منشآت التخزين الجوفي للغاز في أوكرانيا

أمّا أوكرانيا، فتحتلّ المرتبة الثالثة عالميًا من ناحية السعة التخزينية لمنشآت الغاز الجوفي، إذ تمتلك 13 منشأة بسعة تشغيلية عاملة تُقدَّر بنحو 1.09 تريليون قدم مكعبة، أي ما يعادل نحو 7.1% من إجمالي السعة التخزينية العالمية.

وتتركز النسبة الأكبر من هذه السعة في منشآت تقع غرب البلاد، بالقرب من السوق الأوروبية، في حين توجد منشآت إضافية في المناطق الشرقية وشبه جزيرة القرم، إلّا أنها لا تخضع لسيطرة الحكومة الأوكرانية، بل تقع تحت إدارة الجانب الروسي.

وتعتمد كييف أساسًا على التخزين الجوفي في حقول الغاز المستنفدة، إذ يضم هذا النوع نحو 11 منشأة، تُمثّل ما يقرب من 94% من إجمالي السعة القابلة للسحب في البلاد.

منشآت التخزين الجوفي للغاز في كندا

تحتلّ كندا المرتبة الرابعة عالميًا من حيث سعة التخزين الجوفي للغاز، بإجمالي يصل إلى تريليون قدم مكعبة.

وتعدّ كندا أول دولة في العالم تبني منشأة لتخزين الغاز، وذلك في عام 1915، ما يعكس ريادتها في هذا المجال.

ويؤدي التخزين الجوفي للغاز دورًا محوريًا في منظومة الطاقة الكندية، إذ يسهم في تعزيز أمن الإمدادات وإدارة السوق من خلال عدّة مهام رئيسة.

وتشمل هذه المهام تحقيق التوازن بين العرض والطلب الموسمي، إذ يُخزَّن الغاز الفائض خلال أشهر الصيف ذات الطلب المنخفض، ليُسحب في فصل الشتاء عندما يرتفع الاستهلاك بشكل ملحوظ.

كما يدعم التخزين الجوفي أمن الطاقة الوطني، إذ تكفي البنية التحتية الحالية لتغطية مدة تتراوح بين 40 و70 يومًا من الطلب الشتوي، ما يتيح استجابة سريعة لانقطاعات الإمداد المؤقتة.

بالإضافة إلى ذلك، تتيح شبكات خطوط الأنابيب الضخمة التي تربط كندا بالولايات المتحدة تبادُل الغاز بين الجانبين، إذ يمكن للمنشآت الكندية تلبية الطلب المتزايد في بعض الولايات الأميركية، في حين تستفيد كندا من المخزونات الأميركية لدعم مناطق مثل أونتاريو، بما يعزز مرونة الإمدادات.

وتعتمد البلاد أساسًا على التخزين الجوفي في حقول الغاز المستنفدة، إذ يضم هذا النوع نحو 50 منشأة تمثّل ما يقارب 98% من إجمالي السعة القابلة للسحب في كندا.

منشآت التخزين الجوفي للغاز في الصين

شهدت الصين خلال السنوات الأخيرة تحولًا ملحوظًا في سوق التخزين الجوفي للغاز الطبيعي، لتصبح ضمن القوى الخمس الكبرى عالميًا في هذا المجال.

ومنذ عام 2017، تبنّت الحكومة الصينية سياسات داعمة للاستثمار في هذا القطاع الإستراتيجي، ما أسهم في تسريع وتيرة النمو وتوسيع البنية التحتية للتخزين.

ووفق دراسة أوابك للخبير المهندس وائل حامد، ارتفع عدد منشآت التخزين الجوفي في الصين من 14 منشأة في عام 2017 إلى 35 منشأة بنهاية 2023، بينما قفزت السعة التخزينية العاملة من 0.374 تريليون قدم مكعبة إلى 0.939 تريليون قدم مكعبة خلال المدة نفسها، محققةً معدل نمو تراكميًا بلغ نحو 150%.

وتتوزع منشآت التخزين الجوفي في الصين على 3 مناطق رئيسة، هي: شرق الصين، وشمال غرب البلاد، وجنوبها، بما يعكس إستراتيجية توزيع جغرافي تهدف إلى تعزيز أمن الإمدادات وتلبية احتياجات الاستهلاك الإقليمي.

ورغم هذا التقدم السريع، ما تزال مساهمة السعة التخزينية في الصين محدودة مقارنة بحجم الطلب، إذ لم تتجاوز 6% من إجمالي الاستهلاك الوطني في عام 2023، نتيجة استمرار وجود تحديات هيكلية وتشغيلية وتنظيمية تعرقل التوسع بالوتيرة المطلوبة

منشآت التخزين الجوفي للغاز في الشرق الأوسط

رغم الحاجة الملحّة إلى تعزيز الأمن الطاقي، ما زالت منطقة الشرق الأوسط تعاني ضعفًا في انتشار منشآت التخزين الجوفي قيد التشغيل، إذ يبلغ عددها 4 منشآت، بسعة تخزينية 0.235 تريليون قدم مكعبة.

وتوجد هذه المنشآت في إيران، والإمارات، كما انضمت إليهما السعودية، مؤخرًا، بعد تنفيذ أول مشروع في المملكة لتخزين الغاز في مكمن "الحوية-عنيزة"، وفق البيانات الواردة بالدراسة.

أمّا في أميركا اللاتينية، فيبلغ عدد منشآت التخزين الجوفي 3 منشآت، توجد جميعها في الأرجنتين، وهي منشآت صغيرة الحجم، إذ تُقدَّر السعة التخزينية لها بنحو 14 مليار قدم مكعبة، وتُستعمل لتغطية الطلب المحلي خلال أوقات الذروة.

أول مشروع لتخزين الغاز في السعودية
معامل حقل الحوية - الصورة من "أرامكو"

الخلاصة:

تعكس خريطة منشآت التخزين الجوفي للغاز حول العالم فجوة واضحة بين الدول المتقدمة والنامية، ليس فقط في عدد المنشآت وسعتها، بل في طريقة إدارتها وتكاملها ضمن سياسات الطاقة الوطنية.

ومع تزايد اعتماد العالم على الغاز بوصفه وقودًا انتقاليًا، يبدو أن توسيع القدرات التخزينية سيكون شرطًا أساسيًا لضمان الاستقرار، وجاذبًا جديدًا للاستثمار طويل الأجل في قطاع الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

 

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق