قطاع النفط والغاز في أفريقيا أساس للتنمية والطلب والوظائف (تقرير)
أسماء السعداوي

انتقد خبراء ومحللون دعوات التخلي عن موارد النفط والغاز في أفريقيا تحت شعار تحقيق تحول الطاقة أُسوة بدول العالم الأخرى الرامية لحماية الأرض من تبعات الانبعاثات الملوثة.
في المقابل، دعوا إلى بناء نموذج طاقي جديد يكون أكثر توازنًا ويتّسم بالعقلانية ليتمكن من تلبية الاحتياجات المتزايدة لسكان القارة السمراء ويوازن بين الطموحات المناخية والأولويات التنموية، بحسب تفاصيل اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
يأتي ذلك بالنظر لضرورة توفير موارد موثوقة وميسورة التكلفة، كما أن التخلص "المفاجئ" من مواد النفط والغاز في أفريقيا من شأنه أن يرفع أسعار الوقود ويعطّل مسيرة التنمية.
ولذلك، دعا الخبراء إلى إصلاحات هيكلية لإطلاق العنان لموارد الطاقة الأفريقية المتنوعة وتطوير مهارات العاملين بالقطاع ليواكبوا مسيرة الأتمتة والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وأيضًا أنظمة الطاقة النظيفة.
قطاع النفط والغاز في أفريقيا
خلال فعاليات منتدى النفط والغاز في أفريقيا، اتفق خبراء ورؤساء تنفيذيون على الأهمية الحاسمة لموارد الوقود الأحفوري في تحقيق مسيرة التنمية بوصفها مصدرًا موثوقًا للكهرباء بعيدًا عن تقلبات الطقس.
ورغم أن معظم بلدان العالم تسارع خطاها لتحقيق التحول الكامل إلى توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فإن المشهد مختلف تمامًا في أفريقيا، لأن الوقود الأحفوري -وخاصة الغاز الطبيعي- مازال عنصرًا أساسيًا على المدى القصير إلى المتوسط لتدعيم النمو الصناعي وتوفير فرص العمل.
على الناحية الأخرى، فإن مصادر الطاقة المتجددة ضرورية على المدى الطويل من أجل تحقيق الاستدامة البيئية من خلال خفض الانبعاثات.
وبحسب بيانات حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة، تأتي 75% من الكهرباء في أفريقيا من مصادر الوقود الأحفوري، إذ أسهم الغاز والفحم بأكثر من 67% في توليد الكهرباء خلال عام 2024.
ويوضح الإنفوغرافيك أدناه –أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- مصادر مزيج الكهرباء في أفريقيا خلال عامي 2023 و2024:
وإلى ذلك، توصَّل المشاركون بجلسة على هامش منتدى عقدته شركة توتال إنرجي في نيجيريا إلى توافق حول دور الغاز بوصفه مصدر طاقة انتقاليًا لحين تحقيق التوسع التدريجي لمصادر الطاقة المتجددة في أفريقيا كاملًا.
وأكدوا الحاجة إلى إجراء إصلاحات هيكلية لإطلاق العنان لإمكانات الطاقة الأفريقية بما يتطلبه ذلك من تحقيق الاستقرار على المستوى التنظيمي وإزالة العقبات لجذب الاستثمارات طويلة الأمد في تطوير مرافق البنية الأساسية.
تحول الطاقة في أفريقيا
حذَّر الخبراء من أن التحول المفاجئ بعيدًا عن مواد النفط والغاز في أفريفيا سيفاقم أزمة فقر الطاقة، ويتسبب في صدمات اقتصادية واضطرابًا في إمدادات الوقود وأسعاره.
وقال أحد المشاركين، إن أفريقيا لن تتحمل تبعات التخلي عن الوقود الأحفوري، ولذلك يجب أن ينصبّ التركيز على زيادة نطاق الوصول إلى مصادر الطاقة الموثوقة وميسورة التكاليف التي يوفرها كل من النفط والغاز الطبيعي، وإلّا سيُصبح التحول الاقتصادي بعيد المنال.
في ضوء ذلك، انطلقت دعوة لاتّباع نهج يناسب القارة ويكون أكثر توازنًا وواقعية بمسيرة تحقيق تحول الطاقة في أفريقيا.
ويجب أن يوازن ذلك النموذج الجديد المصمم خصوصًا لأفريقيا بين مستهدفات تحقيق الطموحات المناخية الرامية إلى خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وأولويات التنمية.
وبرّر المشاركون بالجلسة الأمر بأن احتياجات أفريقيا للطاقة مختلفة جذريًا عن نظيرتها في الدول المتقدمة، ولذلك فإن تطبيق نموذج عالمي موحّد لتحقيق تحول الطاقة عن النفط والغاز في أفريقيا سيفاقم أزمة الفقر ويعطّل مسيرة التنمية.
يُشار هنا إلى أن منتدى الدول المصدرة للغاز يتوقع تضاعُف إنتاج الغاز في أفريقيا بحلول عام 2050 إلى 502 مليار متر مكعب، وأن ترتفع حصة القارة في الإنتاج العالمي إلى 9% من 6% في 2023.

مستقبل قطاع الطاقة في أفريقيا
تفرض الطبيعة المعقّدة والمتقلبة لأسعار النفط والغاز عالميًا، الحاجة لتطوير قدرات العاملين بقطاع الطاقة في أفريقيا بحيث يجمعون بين المهارات الفنية لتشغيل حقول النفط والغاز والمعرفة الرقمية وخبرات أخرى مرتبطة بأنظمة الطاقة النظيفة.
يعبّر عن ذلك المدير بشركة إيمرسون في غرب أفريقيا (Emerson) تشوكوما أوسايغا، بقوله، إن العصر الحالي يتطلب الجمع بين مهارات الأتمتة والذكاء الاصطناعي وتلك الخاصة بحقول النفط على حدّ سواء.
وعلى نحو خاص، قال، إن الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي يغيّران بالفعل ملامح صناعة النفط والغاز، كما يُفسحان الطريق لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من نشر مصادر الطاقة المتجددة.
واستعدادًا لقيادة مستقبل القطاع، يجب أن يتعلّم العاملون بصناعة الطاقة الأفريقية ويطوروا مهاراتهم بحيث يجمعون بين تنوُّع الخبرات الفنية والرقمية مع التحلّي بتفكير إستراتيجي وسط مشهد الطاقة المتغير باستمرار.
بدوره، أكد "أوسايغا" دور التفكير المتكامل والترابط بين سياسات الطاقة وسلاسل التوريد والابتكار، مع تقديم التوجيه والدعم من قِبل شركات النفط والغاز في أفريقيا.
وسلَّط الحضور الضوء على شركة النفط الوطنية النيجيرية المحدودة (NNPC) بوصفها نموذجًا يُحتذى به في التكيف مع المتغيرات الجديدة باقتصاد الطاقة، بعد توظيفها أكثر من 1000 شاب من الخريجين الجدد والعمال المهرة وضخ استثمارات بمجال التحول الرقمي.
موضوعات متعلقة..
- 150 منطقة لاستكشاف النفط والغاز في أفريقيا بقيادة 3 دول عربية
- إيجبس 2025 يناقش تحديات تهدّد استثمارات النفط والغاز في أفريقيا
- استثمارات النفط والغاز في أفريقيا.. 3 دول عربية تترقب طفرة ضخمة
اقرأ أيضًا..
- أكثر الدول العربية استيرادًا للألواح الشمسية الصينية.. قفزة في العراق والجزائر
- 4 خبراء يرسمون خريطة توقعات سهم أرامكو.. متى يصل إلى 31 ريالًا؟
- أهم 5 مشروعات طاقة شمسية في مصر.. قدرات ضخمة تضعها بالصدارة (إنفوغرافيك)
- كيف يُنقذ غاز النفط المسال صحة واقتصاد أفريقيا جنوب الصحراء؟ خبير يفجر مفاجأة
المصدر: