التقاريرأنسيات الطاقةتقارير الغازسلايدر الرئيسيةغاز

ما هو غاز النفط المسال.. وحجم انتشاره عالميًا؟ خبير يجيب

أحمد بدر

أثار تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية جدلًا واسعًا في الأوساط المختصة بشأن غاز النفط المسال بصفته مصدرًا رئيسًا للطاقة المنزلية، وذلك بعد طرحه خريطة طريق لحلول الطهي النظيف في أفريقيا.

ورغم توافق الوكالة مع أوبك حول أهمية الاعتماد على هذا الغاز، فإن النقاشات بين الطرفَيْن كشفت تناقضات أعمق تتعلّق بتوجهات السياسات العالمية تجاه الطاقة في أفريقيا.

وفي هذا السياق، يرى الباحث في وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن) الدكتور رجب عزالدين، أن هذا الجدل ليس معزولًا بل يُمثّل فرعًا من نقاش أوسع حول رؤى مستقبل الطاقة عالميًا، خاصة بين المؤسسات الدولية الكبرى كأوبك ووكالة الطاقة الدولية.

ولفت إلى أن وحدة أبحاث الطاقة تقدّم -في هذا الإطار- منصة تحليلية لفهم أساسات غاز النفط المسال، وخريطة الطلب العالمي عليه، وأبرز الانتقادات الموجهة إلى السياسات الدولية بشأن استعماله في أفريقيا.

جاء ذلك خلال مشاركة عزالدين في حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، الدكتور أنس الحجي، عبر مساحات منصة "إكس" بعنوان: "النفط بين ترمب والهند.. وغاز النفط المسال بين أوبك ووكالة الطاقة الدولية".

ما هو غاز النفط المسال؟

يوضح الباحث في وحدة أبحاث الطاقة أن غاز النفط المسال يتكوّن من مزيج من الغازات القابلة للاشتعال، أبرزها البروبان والبيوتان، ويُستخرج عبر تكرير النفط الخام أو معالجة سوائل الغاز الطبيعي.

وأوضح أنه على الرغم من الاعتقاد السائد أن هذا الغاز يأتي فقط من النفط، فإن الإحصاءات تشير إلى أن 57% من إنتاجه العالمي تأتي من سوائل الغاز الطبيعي، مقابل 43% فقط من عمليات تكرير النفط.

غاز النفط المسال

ولفت الدكتور رجب عزالدين إلى أن الاسم ذاته يعكس طبيعته المركبة: فهو فيزيائيًا غاز، لكن يُحوّل إلى حالة سائلة بالضغط والتبريد لسهولة النقل والتخزين، لذا سُمي "النفط المسال".

وأضاف: "من أشهر استعمالاته الطهي والتدفئة، ويُعرف شعبيًا باسم (غاز البوتاغاز)، خاصة في المناطق الريفية والفقيرة التي تعتمد عليه كونه مصدرًا رئيسًا للطاقة".

في المقابل، وفق عزالدين، تعتمد عليه الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين بصفته مادة خامًا في الصناعات البتروكيماوية، لإنتاج الإيثيلين والبروبيلين.

وإلى جانب ذلك، يُستعمل في قطاعات أخرى مثل النقل والزراعة والصناعة، ويتمتع بانبعاثات كربونية أقل من وقود الديزل وزيت الوقود.

وتابع: "تشير بيانات وحدة أبحاث الطاقة إلى أن استعمالات الطهي والتدفئة تمثّل 47% من إجمالي الطلب العالمي على غاز النفط المسال، تليها البتروكيماويات بنسبة 30%".

أما الاستعمالات الصناعية فتشكّل 9%، والنقل والطاقة بنسبة 6% لكل منهما، ما يعكس تعدّد الأدوار التي يؤديها هذا الغاز في الاقتصاد العالمي.

خريطة الطلب العالمي على غاز النفط المسال في 2024

أوضح رجب عزالدين أن الطلب العالمي على غاز النفط المسال خلال عام 2024 بلغ نحو 10.5 مليون برميل يوميًا، وهو ما يعادل تقريبًا 10% من إجمالي الطلب على النفط عالميًا.

وتتصدّر الصين قائمة أكبر المستهلكين بنحو 2.4 مليون برميل يوميًا، بما يعادل 22% من الطلب العالمي، وتليها الولايات المتحدة بنحو 1.7 مليون برميل يوميًا أو ما يعادل 17% عالميًا، ثم الهند بـ870 ألف برميل يوميًا أو ما يعادل 8%، مع اختلاف طبيعة الاستعمال بين هذه الدول.

كما تستغل الصين والولايات المتحدة معظم الكميات في قطاع البتروكيماويات، في حين تميل الهند إلى استعماله في الطهي والتدفئة نظرًا إلى طبيعة الاحتياجات الاجتماعية.

موقد يعتمد على حلول الطهي النظيف في أفريقيا
موقد للطهي - الصورة من إيه إي سي إف

على الجانب الآخر، بلغ استهلاك أوروبا وأوراسيا من غاز النفط المسال قرابة 1.1 مليون برميل يوميًا، و800 ألف برميل يوميًا على التوالي خلال العام الماضي.

بينما بلغ الطلب في الشرق الأوسط - وفق عزالدين- قرابة 670 ألف برميل يوميًا، أي ما يمثّل نحو 6.5% من الاستهلاك العالمي، وتعود هذه النسبة إلى الاستعمال المنزلي والصناعي المحدود.

أما في أفريقيا فقد بلغ طلبها على غاز النفط المسال قرابة 630 ألف برميل يوميًا، وهو ما يمثّل 6% من إجمالي الطلب العالمي، وهي النسبة التي تُثير كثيرًا من النقاشات.

اللافت أن نصف الكمية المستهلكة في أفريقيا مستوردة، ما يسلّط الضوء على هشاشة الاعتماد القاري على الغاز رغم التوصيات بتوسيع استعماله.

وأضاف: "يطرح هذا الواقع تساؤلات حول واقعية السياسات المقترحة، خاصة أن الدول الأفريقية تعاني أزمات مديونية وفقرًا حادًا، ما يجعل استيراد الطاقة تحديًا معقدًا".

الطهي النظيف في أفريقيا

لفت الدكتور رجب عزالدين، إلى أنه -في قلب الجدل- تنتقد أوبك وأوساط بحثية بارزة -منها وحدة أبحاث الطاقة- طرح وكالة الطاقة الدولية التي تدعو إلى توسيع استعمال غاز النفط المسال في القارة الأفريقية.

وأوضح أنه على الرغم من أن هذا الطرح الذي يبدو منطقيًا على السطح، فإن الوكالة تُعارض في الوقت ذاته استخراج الدول الأفريقية لمواردها الخاصة من الغاز.

وكالة الطاقة الدولية

وتابع الباحث في وحدة أبحاث الطاقة: "تُوصي الوكالة باستعمال الغاز المستورد لتأمين حلول الطهي النظيف، دون أن توفّر بدائل تمويلية أو لوجستية للدول التي تعاني نقص البنى التحتية".

وأشار إلى أن هذا التوجه يُعدّ تناقضًا جوهريًا، إذ تروّج الوكالة للتوسع في استهلاك غاز النفط المسال دون تشجيع الاستثمار في إنتاجه محليًا، ما قد يخلق فجوة طاقية أعمق في القارة.

بالإضافة إلى ذلك، وفق عزالدين، يتجاهل هذا التوجه الخصوصية الاقتصادية والاجتماعية للدول الأفريقية، التي تعاني أصلًا تحديات تتعلّق بالفقر، وسوء التغذية، وانعدام الأمن الطاقي.

ويرى أن التعامل مع هذا الملف يجب أن يكون بسياسات واقعية تُراعي القدرات المحلية وتُشجّع على تطوير البنية التحتية لا الاستيراد وحده، مؤكدًا أن أزمة "الطهي النظيف" ليست تقنية فقط، بل سياسية واقتصادية بالدرجة الأولى، ويجب قراءتها في هذا السياق.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق