
- ترمب يفرض تعرفات جمركية على واردات بلاده من الهند
- لا تخطط الهند للتخلي عن مشترياتها من النفط الروسي
- تعتمد صناعة النفط الهندية على الخام المستورد من روسيا
- الهند ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم
- نفط الشرق الأوسط قد يوفر بديلًا أكثر تكلفة للهند
تواجه الهند مأزقًا ربما يكون الأصعب في تاريخها دبلوماسيتها الخارجية خلال عقود؛ إذ يتوجب عليها الاختيار بين علاقتها طويلة الأمد بالولايات المتحدة وبين النفط الروسي الذي تعتمد عليه اعتمادًا شبه كلّي في سدّ الطلب على الطاقة، في أعقاب التعرفات الجديدة التي فرضتها واشنطن على نيودلهي.
وفرض الرئيس دونالد ترمب مؤخرًا تعرفات جمركية إضافية نسبتها 25% على واردات بلاده من الهند، ليصل إجمالي التعرفات الأميركية المفروضة على البلد الآسيوي إلى 50%.
ولا تنوي الهند، حتى الآن، التخلّي عن مشترياتها من النفط الروسي المبيع إليها بأسعار مخفضة والبحث عن بدائل خام مرتفعة التكلفة من الشرق الأوسط؛ ما يضعها أمام تحدٍّ اقتصادي صعب نسبيًا.
ووفق أرقام طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تعتمد صناعة النفط الهندية على وارداتها من الخام الروسي لدعم اقتصادها وتلبية الطلب المحلي على الطاقة في بلد يبلغ تعداد سكانه أكثر من 1.4 مليار نسمة.
وتُصنَّف الهند ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم؛ إذ تعتمد على واردات الخام الأجنبية في سدّ 80% من احتياجاتها في ظل عدم كفاية الإنتاج المحلي.
دبلوماسية النفط
تواجه دبلوماسية النفط الهندية أصعب اختبار على الإطلاق خلال سنوات، في وقت تتطلع فيه الولايات المتحدة لفرض عقوبات على التجارة غير النفطية بدلًا من استهداف وارداتها من النفط الروسي مباشرةً.
إلّا أنه من غير المرجّح أن تتراجع نيودلهي عن موقفها بشأن مشترياتها من أكبر مورّد للنفط خارج البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، بحسب ما قاله محللون ومصافي تكرير ومصادر حكومية في 7 أغسطس/آب الجاري.
ودفعت تعرفات ترمب الجديدة على واردات بلاده من الهند -التي تأتي عقابًا لها على شرائها النفط الروسي- صانعي السياسات الهنود إلى تقييم التداعيات الاقتصادية المحتملة التي قد تنجم عن دفع تعرفات إضافية على مختلف السلع الأخرى، مع مواصلتها شراء الخام الروسي.
وقال كبير محللي أبحاث النفط في "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس" أبهيشيك رانجان: "سيخفض هذا توقعات النمو الاقتصادي للهند، وربما يُلحَظ التأثير في نمو الطلب، غير أنه بخصوص النفط الروسي، ما زلنا نعتقد أن الخام الروسي سيواصل التدفق إلى الهند، على الرغم من عدم إمكان تجاهل الزيادة في تدفقات الخام الآتية من الشرق الأوسط".

رد الهند
علّقت الهند على الإجراءات الأميركية الأخيرة، واصفةً إيّاه بأنه "غير عادل".
وقالت وزارة الخارجية الهندية: "أوضحنا موقفنا بصراحة بشأن تلك القضايا، بما في ذلك حقيقة مفادها أن وارداتنا ترتكز إلى عوامل السوق، وهي تتّسق تمامًا مع هدفنا المتمثل في تعزيز أمن الطاقة بالنسبة لمليار و400 مليون شخص في الهند"، في بيان طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافت الوزارة: "وبناءً عليه، كان من المؤسف أن تختار الولايات المتحدة فرض تعرفات إضافية على الهند بسبب أفعال تُقدم عليها دول أخرى عديدة كذلك لخدمة مصالحها الوطنية".
وأكملت: "الهند ستتخذ كل ما تراه ضروريًا لحماية مصالحها القومية".
مستوردو النفط الروسي
وفق بيانات منصة "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس"، كانت الهند أكبر مستورد للنفط الروسي، بحجم تدفقات وصل إلى 1.80 مليون برميل يوميًا في عام 2024.
وخلف الهند تأتي الصين في المرتبة الثانية بقائمة أكبر مستوردي النفط الروسي، بواقع 1.24 مليون برميل يوميًا، ثم تركيا في المرتبة الثالثة (0.3 مليون برميل يوميًا).
كما حافظت واردات الهند من الخام الروسي على مسار مماثل خلال النصف الأول من العام الجاري.
وفي شهر يوليو/تموز المنصرم، لامست واردات الهند من الخام الروسي 1.6 مليون برميل يوميًا، تلتها الصين بنحو مليون برميل يوميًا، ثم تركيا بحجم واردات بلغ قرابة 500 ألف برميل يوميًا.
خيار متاح
قال مصدر في قطاع التكرير الهندي: "الخيار المتاح حاليًا هو أن تدفع الهند رسومًا جمركية إضافية على العديد من المنتجات المتجهة إلى الولايات المتحدة، نظير استمرارها في شراء النفط الروسي، أحد أكبر البنود في فواتير واردات نيودلهي".
وأضاف: "في تقديري أن الهند لن تعدِل عن موقفها؛ لأن تدفقات النفط إليها لا تخضع للعقوبات، ما دامت تضع سقف السعر في الحسبان".
ويُتداوَل سعر الخام الروسي بالقرب من سقف السعر البالغ 60 دولارًا للبرميل لمعظم أوقات العام.
ومع ذلك تبطئ الهند حاليًا وتيرة صفقات الاستيراد من روسيا، بينما تسرّع جهودها لتنويع سلة وارداتها من النفط الخام.
وفي الوقت الذي منحت فيه نيودلهي مصافيها حرية التصرف في التخطيط لشراء النفط الخام مع وضع الجدوى التجارية في الحسبان، تتبنّى المصافي نهجًا حذرًا، وتسعى إلى تحقيق التوازن عبر تعزيز المشتريات من الولايات المتحدة ومورّدين آخرين من خارج أوبك.

الشرق الأوسط بديل مكلف
قال العضو المنتدب لشؤون النفط والغاز في مؤسسة سينرجي كوسنالتينغ (Synergy Consulting) راجات كابور: "إذا أجبرت الضغوط الأميركية الهند على تقليل أو -حتى في أسوأ السيناريوهات: وقف- الواردات الروسية، ستضطر المصافي الهندية إلى استيراد أنواع خام مرتفعة التكلفة من الشرق الأوسط".
وأضاف كابور: "سيؤدي هذا إلى تآكل إجمالي هوامش أرباح قطاع التكرير الهندي، لا سيما في حالة المصافي الحكومية، التي تعمل في ظل فروق أسعار طفيفة، ومرونة أسعار محدودة"، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومن الممكن أن يزيد هذا السيناريو مباشرةً الأعباء المالية الواقعة على كاهل الحكومة، لا سيما إذا كان يتعين عليها دعم مصافي القطاع العام لتغطية تكاليف الاسترداد، أو تمديد دعم الوقود لحماية المستهلكين من ارتفاع الأسعار.
موضوعات متعلقة..
- إيرادات صادرات النفط الروسي في 2024 تتجاوز 192 مليار دولار
- واردات الصين من النفط الروسي في 2024 تسجل مستويات قياسية.. والسعودية ثانية
- النفط الروسي يتدفق على كندا عبر هذه الثغرة.. القصة كاملة
اقرأ أيضًا..
- إزالة الكربون من ماء البحر.. مشروع بريطاني يقلل الانبعاثات 14 مليار طن سنويًا
- تنشيط أول مفاعل ملح منصهر يستعمل الثوريوم في العالم.. سباق "الأرنب والسلحفاة"
- الطلب على الغاز المسال.. 7 دول عربية ترسم مرحلة جديدة (مقال)
المصادر:
1.تعرفات ترمب وخيارات الهند، من منصة "إس أند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس"
2.واردات الهند من النفط، من "سي إن إن"