معركة الطاقة المتجددة.. لماذا انسحبت منها أميركا لصالح الصين؟ (تقرير)
محمد عبد السند

- تتخلف أميركا عن الصين في سعة الطاقة المتجددة
- تطوّر الصين 500 غيغاواط من طاقة الشمس والرياح
- دونالد ترمب يدعم صناعة الوقود الأحفوري بشكل مطلق
- يرى ترمب أن دعم الطاقة المتجددة في أميركا مشكلة أمن قومي
- توقعات بارتفاع تكاليف الطاقة في أميركا بشكل أكبر خلال المدة المقبلة
تتخلف الولايات المتحدة الأميركية عن الصين في سباق تقنيات الطاقة المتجددة والمعادن النادرة؛ ما يتجلى عمليًا عند مقارنة سعة الطاقة النظيفة المطورة في أكبر اقتصادين عالميين.
فالصين تبني حاليًا 500 غيغاواط من سعة طاقة الشمس والرياح على مستوى المرافق، التي ستُضاف إلى السعة المركبة الحالية البالغ قوامها 1400 غيغاواط؛ ما يزيد 5 مرات على نظيرتها في الولايات المتحدة، وفق أرقام حديثة أصدرتها منصة غلوبال إنرجي مونيتور، وطالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويرى مقال للكاتب ستيفن ليزاك أن أميركا انسحبت طواعيةً من معركة الطاقة المتجددة العالمية، مُفسحةً المجال أمام الصين لحسم تلك المعركة لصالحها.
واختار ترمب لبلاده هذا المسار من منطلق تأييده المطلق لصناعة الوقود الأحفوري، على الرغم من التحديات البيئية التي يواجهها باستمرار في الداخل جراء تحدّيه العلني لأهداف المناخ.
عودة إلى الوقود الأحفوري
منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، بدأ ترمب يُظهر تأييده مجددًا لمصادر الوقود التقليدي -الفحم والنفط والغاز الطبيعي-، ولا عَجَب في ذلك، وفق ما يراه الكاتب ستيفن ليزاك في مقال نشره موقع "ذا كونفرزيشن".
وقال: "لطالما كان ترمب البوق المؤيد لصناعة الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة"، موضحًا أنه عيّن -منذ إعادة انتخابه- مسؤولين نافذين بصناعة الوقود الأحفوري في مناصب سياسية عليا.
وترى إدارة ترمب أن الأمن القومي للولايات المتحدة يتطلب تقليص دعم الطاقة المتجددة مع اتخاذ إجراءات لإنعاش صناعة الفحم المحتضرة.
وأوضح ليزاك أنه منذ عام 2019، زاد إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز والفحم سنويًا، وبمعدلات تزيد على ما يرغب الأميركيون في استعماله، مع بيع أو تصدير الفائض للخارج.
وتبرز الولايات المتحدة حاليًا واحدة من أكثر البلدان المصدّرة للوقود الأحفوري في العالم، وفق تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

أزمة مناخ
أضاف كاتب المقال: "باختصار لا تعاني أميركا مشكلة أمن طاقة، ومع ذلك فإن لديها مشكلة تكلفة طاقة تقترن بأزمة تغير مناخ متنامية"، مشيرًا إلى أن "تلك القضايا ستتفاقم جراء التأييد الشديد للوقود الأحفوري من قِبل ترمب".
وتابع: "على مدى الشهور الـ6 الماضية، أسدلت إدارة ترمب الستار على نصف عقد من سياسات الصناعة الخضراء؛ إذ استعادت مليارات الدولارات الأميركية من الإعفاءات الضريبية والمنح التي كانت تُعزز الابتكار الأميركي في مجال الطاقة".
في المقابل، انطلقت الصين كالسهم في مجال الطاقة المتجددة؛ مُضاعفةً جهودها في مجال طاقة الشمس والرياح وبطاريات الجيل التالي، من منطلق حرصها على إنهاء -أو حتى تقليص- اعتمادها على وارداتها الغربية من الوقود الأحفوري.
وتابع: "في عام 2024 ركّبت الصين طاقة شمس ورياح تفوق نظيراتها في بقية دول العالم مجتمعةً، ومن حُسْنْ الطالع بالنسبة للصين أن الولايات المتحدة قد توقفت عن التنافس على صدارة الطاقة المتجددة في العالم".
وواصل ستيفن ليزاك حديثه بقوله، إن هناك بطارية واحدة من أصل 5 بطاريات ليثيوم أيون -وهي مكون رئيس في منتجات الطاقة النظيفة- صُنعت في الصين، مضيفًا: "كما أن هناك الكثير من من أحدث البطاريات المتطورة تقنيًا تُصنع وتحصل على براءات اختراع في الصين".
أميركا والصين.. مساران متعاكسان
بينما كان دونالد ترمب يكرر مقولته الشهيرة "الحفر يا عزيزي الحفر"، تبني الصين المصانع وتحتكر سوق المعادن الحيوية مثل الليثيوم والنيكل، وتحرص على الحصول على شركاء التصدير، وفق الكاتب.
و"الحفر يا عزيزي الحفر" (Drill, baby, drill) هي عبارة استعملها الرئيس دونالد ترمب في خطاب تنصيبه، وتعبّر عن تأييده لاستخراج النفط والغاز.
في الوقت ذاته، من المتوقع أن يرتفع إنفاق الطاقة من قِبل الأُسَر الأميركية بواقع 170 دولارًا أميركيًا سنويًا خلال المدة من عام 2025 إلى عام 2035، بموجب مشروع القانون الكبير والجميل (One Big Beautiful Bill Act).
ويتضمن مشروع القانون الكبير والجميل تغييراتٍ جذريةً في الضرائب والإنفاق والضمان الاجتماعي، ومن شأن هذا القانون أن يرفع تكاليف الطاقة بشكل رئيس، لأنه يُنهي الدعم المخصص لمصادر الطاقة المتجددة الرخيصة والوفيرة، مثل طاقة الشمس والرياح.
تكاليف الطاقة في أميركا قد ترتفع
يرى كاتب المقال أن تكاليف الطاقة المُستعمَلة من قِبل الأسر من الممكن أن ترتفع بدرجة أكبر في الوقت الذي يهدد فيه ترمب بجعل مشروعات تطوير الطاقة النظيفة أكثر صعوبة، عبر وضع العراقيل البيروقراطية.
وأصدرت إدارة ترمب -مؤخرًا- أمرًا تنفيذيًا يستلزم من وزير الداخلية الموافقة حتى على الأنشطة الاعتيادية لمشروعات طاقة الشمس والرياح المرتبطة بالأراضي الفيدرالية، وفق تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال ليزاك: "في الوقت ذاته يتفاقم تأثير ظاهرة تغير المناخ في المجتمعات الأميركية عامًا تلو الأخر، وهو ما يتضح في معاناة أعداد كبيرة من المواطنين آثار الفيضانات التي ضربت مؤخرًا ولاية تكساس وحرائق الغابات التي اندلعت في كاليفورنيا وهاواي".
وفي ضوء ارتفاع تكاليف تلك الكوارث الطبيعية، التي لامست 183 مليار دولار أميركي في العام الماضي، فإن إصرار ترمب على منخ أولوية إلى صناعة النفط والغاز سوف يصبح بمثابة قرض دواء مرير يتعين على البلاد أن تبتلعه، وفق كاتب المقال.
موضوعات متعلقة..
- قدرة الطاقة المتجددة في الصين تشهد نموًا مذهلًا منذ 2013
- الطاقة المتجددة في الصين تستقبل استثمارات جديدة تتجاوز 10 مليارات دولار
- قدرة تخزين الطاقة المتجددة في الصين تقفز 40%
اقرأ أيضًا..
- سعة الطاقة المتجددة غير المركبة في الهند تتجاوز 50 غيغاواط
- مستقبل الطاقة المتجددة في بريطانيا يكتنفه الغموض (تقرير)
- أهم 4 مشروعات طاقة شمسية في قطر
المصدر:
1.معركة الطاقة المتجددة بين أميركا والصين، من مقال منشور في موقع "ذا كونفيرزيشن"