تخفيضات أوبك+ الطوعية.. 9 خبراء يكشفون مفاجآت ودروس مستفادة
دينا قدري

- قرار الدول الـ8 في تحالف أوبك+ فاجأ الجميع في سوق النفط لعدّة أسباب
- تحالف أوبك+ يؤكد دائمًا أنه يتخذ نهجًا احترازيًا واستباقيًا ووقائيًا في دعم استقرار سوق النفط
- الخبراء يجمعون على نجاح أوبك+ في إدارة تخلّصه الناجح من تخفيضات الإنتاج
- الخبراء يؤكدون الثقة في حكمة تحالف أوبك+ الذي يتحرك بناءً على الواقع وليس السرديات
تمكنت مجموعة الدول الـ8 الأعضاء في تحالف أوبك+ من التخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج الطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا، قبل الموعد المحدد بحلول سبتمبر/أيلول 2026.
ووفق قاعدة بيانات أوبك لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بدأت الدول الـ8 زيادة الإنتاج في أبريل/نيسان 2025 بمقدار 138 ألف برميل يوميًا، تلتها زيادات أخرى قدرها 411 ألف برميل يوميًا في مايو/أيار ويونيو/حزيران ويوليو/تموز.
واستمرارًا لسياسة تسريع التخلص التدريجي من التخفيضات، قررت المجموعة زيادة الإنتاج في أغسطس/آب الجاري بمقدار 548 ألف برميل يوميًا، وسبتمبر/أيلول المقبل 547 ألف برميل يوميًا، أي ما يعادل 4 زيادات شهرية كانت معلنة سابقًا في الخطة المقررة.
وركّزت الرسالة الأساسية التي بعثت بها الدول الـ8 على أن "تحالف أوبك+ يتخذ نهجًا احترازيًا واستباقيًا ووقائيًا في دعم استقرار سوق النفط".
وشددت المجموعة على أن التخلص من تخفيضات الإنتاج الطوعية الإضافية قد يجري إيقافه أو عكس اتجاهه (عودة التخفيضات مرة أخرى)، رهنًا بتطورات ظروف السوق، وستُمكّن هذه المرونة المجموعة من مواصلة دعم استقرار سوق النفط.
وفي هذا السياق، استعرضت منصة الطاقة آراء عدد من الخبراء حول سياسة أوبك+ في التخلص من تخفيضات الإنتاج الطوعية، والدروس المستفادة منها، مع توقعاتهم بشأن التخفيضات المتبقية.
مفاجآت في قرار التخلص من تخفيضات أوبك+
شهد قرار الدول الـ8 الأعضاء في تحالف أوبك+ بإنهاء تخفيضاتها الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا، عدّة مفاجآت، من حيث السرعة الهائلة التي نُفِّذت بها عملية إعادة البراميل، وتعقيدها الإستراتيجي، فضلًا عن توقيتها الناجح ومدّة ضبط النفس، بحسب ما أكده الخبراء في تصريحاتهم إلى منصة الطاقة.
وأوضح المستشار والخبير بمجال الطاقة في سلطنة عمان، المدير العام للتسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية -سابقًا- علي بن عبدالله الريامي، أن توقيت بداية إرجاع هذه البراميل المُخفّضة وحجم الكميات على أساس شهري يمثّلان مفاجأة في هذا القرار.
وقال الريامي، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة، إن مجموعة الدول الـ8 استغلت التوقيت المناسب، حيث كانت مخزونات النفط في أقل مستوى، وهناك طلب كبير على النفط في فصل الصيف والإجازات.
وأضاف أن المجموعة رفعت الكميات بمستويات متزايدة بداية من شهر أبريل/نيسان حتى شهر سبتمبر/أيلول، لتُنهى هذه التخفيضات بشكل سلس ومتّزن دون تأثير كبير في أسواق النفط.
ومن جانبه، ذكر محلل السلع في بنك يو بي إس السويسري جيوفاني ستانوفو، أنه لم يتوقع أحد أن تُلغي المجموعة تخفيضات الإنتاج البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا، خوفًا من انهيار أسعار النفط.
وقال جيوفاني في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة: "نعم، الأسعار أقل قليلًا مقارنةً ببداية العام، ومن المرجح أن يكون ذلك متأثرًا أيضًا بإعلان الرئيس ترمب في يوم التحرير (فرض الرسوم الجمركية)، ولكنها ما تزال في نطاق 60-70 دولارًا للبرميل".
وأرجع جيوفاني جزءًا من السبب إلى أن الزيادة الفعلية في الحجم كانت أقل من زيادة الحصص، كما أن مشتريات النفط الإستراتيجية الكبيرة من الصين ساعدت في استيعاب تلك البراميل.
وأشار كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري إلى أن تسريع الجدول الزمني لإكمال التخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج يعكس تحولًا كبيرًا في الإستراتيجية، مدفوعًا بتغير ظروف السوق، والضغوط التنافسية، والسعي لاستعادة حصة سوقية أسرع من المتوقع.
إلى جانب ذلك، أظهر قرار مجموعة الدول الـ8 النقص الواضح في الوعي بسوق النفط بشأن الفجوة الهائلة بين البراميل المادية والبراميل الورقية، كما أوضح رئيس تحرير منصة "بتروليوم إيكونوميست" بول هيكن.
وقال هيكن، في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة: "لذلك، عندما أعلن أوبك+ عودة النفط الخام إلى السوق، كان الكثير منه متداولًا بالفعل نظرًا لتجاوز بعض الدول لحصصها المقررة، ما يُبرز أن السبب الرئيس لهذه الخطوة هو عدم الامتثال ومحاولة تعزيز التماسك وإيصال إشارات صحيحة إلى السوق".
وقد فاجأ توقيت بدء تخفيف القيود معظم المحللين؛ إذ كان هناك إجماع آنذاك على تمديد التخفيضات باستمرار، نظرًا لحالة عدم اليقين الكبيرة بشأن تأثير رسوم ترمب الجمركية في الاقتصاد العالمي، وفق ما صرّح به الشريك، مدير المحفظة الأول في شركة ناين بوينت بارتنرز (Ninepoint Partners)، إريك نوتال.
ويرى نوتال أن التوقيت كان ناجحًا للغاية، نظرًا للشكوك السياسية (إيران، وروسيا، وفنزويلا)، واحتياجات استهلاك الطاقة الموسمية التي خفّفت من تأثير ارتفاع الصادرات مقابل ارتفاع الإنتاج، بالإضافة إلى عمليات الشراء الكبيرة من الاحتياطي الإستراتيجي الصيني، التي خفّفت مجتمعةً من تأثير ارتفاع صادرات أوبك+ في مخزونات النفط بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وقال نوتال: "أعتقد أنه ينبغي الإشادة بحكمة القيادة العليا لأوبك في كل هذا".
وأضاف محلل أسواق النفط بالشرق الأوسط في منصة آرغوس ميديا المتخصصة في الطاقة نادر إیتیّم أن المفاجأة تتمثل في عدم ملاحظة أيّ تأثير يُذكر في الأسعار عند إعادة البراميل، حتى مع زيادة الكميات؛ فقد تفاجأ الكثيرون في البداية، ولكن مع استمرار التخلص التدريجي من تخفيضات الإنتاج، بدأ الناس يتوقعون ذلك.
بينما كانت المفاجأة الأكبر من وجهة نظر الخبيرة الإستراتيجية في قطاع النفط والغاز، كريستين غيريرو، هي المدّة التي أظهرت فيها أوبك ضبط النفس من خلال الحفاظ على تخفيضاتها الطوعية في ظل ديناميكيات العرض من خارج المنظمة.
وأوضحت غيريرو -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن أسعار النفط انخفضت مرارًا وتكرارًا إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل لأكثر من عامين، ومع ذلك استمر إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك، ذات الدورة القصيرة، في النمو.
دروس مستفادة من قرار التخلص من تخفيضات أوبك+
في هذا الإطار، هناك عدّة دروس مستفادة من قرار مجموعة الدول الـ8 الأعضاء في تحالف أوبك+، نظرًا لأنه يعتمد على دراسة واعية وكاملة لأساسيات السوق، بالإضافة إلى المرونة التي تعاملت بها المجموعة وفقًا للتطورات في مختلف القطاعات.
وتعتقد مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة فاندانا هاري، أن الدرس المُستفاد من تحول أوبك+ في العام الجاري (2025) هو أن قراراتهم تستند إلى عدّة عوامل خارجية وداخلية، تتمثل في أساسيات السوق وديناميكيات المجموعة، وجميعها بحاجة إلى موازنة دقيقة.
ويرى محلل أسواق النفط بالشرق الأوسط في منصة آرغوس ميديا المتخصصة في الطاقة نادر إیتیّم أن الدروس المستفادة من قرار الدول الـ8، هي "عدم توقُّع النتيجة الأوضح دائمًا، لأن السوق ستفاجئك، وعندما يتعلق الأمر بمجموعة أوبك+، فليثق الجميع بها"، بحسب تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة.
وقد ثبتت صحة توقعات أوبك+ حتى الآن في تسريع التخلص من تخفيضات الإنتاج، دون انخفاض كبير في أسعار النفط؛ إذ توقّع التحالف بدقّة أن تبقى الأساسيات قوية، بحسب رئيس شركة رابيدان إنرجي الأميركية بوب مكنالي.
وفي تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة، أشار مكنالي إلى أن الدرس المستفاد بالنسبة لطلاب الجامعات، هو أهمية أن يتصرف مديرو الإمدادات بناءً على فهمهم الخاص لأساسيات السوق والأساسيات الجيوسياسية.
ومن جانبه، يرى كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة أومود شوكري أن الدرس الرئيس -وخاصةً لطلاب الجامعات- هو أهمية القدرة على التكيف في الأنظمة المعقّدة.
فقد اضطر تحالف أوبك+ إلى مراجعة خططه طويلة المدى، والتنسيق بين مختلف الدول الأعضاء، والاستجابة للتحولات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية، بحسب ما صرّح به شوكري إلى منصة الطاقة المتخصصة.
وقال: "هذا يؤكد الحاجة إلى المرونة والتفكير الإستراتيجي والقدرة على التكيف مع البيانات أو التحديات الجديدة، وهي مهارات لا تقل أهمية في الدراسة والتخطيط المهني عن أهميتها في إدارة أسواق الطاقة العالمية".
وشاركه الرأي رئيس تحرير منصة "بتروليوم إيكونوميست" بول هيكن، الذي أكد أن الدروس الرئيسة المستفادة من التخلص من تخفيضات الإنتاج، تتمثل في أن أوبك+ بصفته مجموعة يواصل تطوره وتكيّفه، لا سيما مع شرائح التخفيضات الطوعية.
وشدد هيكن، في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة، على أن التوقيت هو الأساس، إذ جرى التخلص من التخفيضات الطوعية عند ارتفاع الطلب موسميًا.
وبينما يكون سعر النفط الفوري مهمًا لأوبك، فمن الحماقة الخلط بين تحديد حدّ أدنى للسعر أو هدف لمهمة أوبك في استقرار السوق، بحسب ما صرّح به هيكن، الذي أضاف أن هناك فرقًا كبيرًا بين أخبار السوق التي تُحرّك السرديات والواقع الملموس الذي يُحرّك أوبك.
موضوعات متعلقة..
- أنس الحجي: قرارات أوبك+ فُسرت بشكل خاطئ.. وهكذا زادت مخزونات الصين
- التخلص من تخفيضات أوبك+ الطوعية وتوقعات أسعار النفط.. 6 خبراء يتحدثون
- 8 خبراء يحلّلون تمديد تخفيضات أوبك+ الطوعية.. هل القرار صائب؟ (خاص)
اقرأ أيضًا..
- موعد استئناف صادرات نفط كردستان العراق.. 80 ألف برميل يوميًا تدفق إلى تركيا
- أرباح شركات النفط الكبرى في الربع الثاني من 2025 (إنفوغرافيك)
- أكبر صفقات الغاز المسال في يوليو 2025 تتصدرها الإمارات وقطر (تقرير)
- أكبر صفقات الكهرباء في يوليو 2025 تتصدرها السعودية وتركيا