
تسعى دولة أوروبية لاتخاذ خطوة إستراتيجية تعزّز أمنها الطاقي، من خلال الربط الكهربائي مع المغرب، بما يدعم حصولها على الطاقة من شمال أفريقيا، وذلك باستثمارات تبلغ 400 مليون يورو (461.6 مليون دولار).
وبحسب بيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فقد كشفت الدولة الأوروبية عن نيتها المُعلنة تعزيز قدراتها الكهربائية عبر مشروع طموح للربط، بعد أن تعثرت خططها السابقة داخل القارة.
ويُتوقع أن يفتح المشروع المحتمل آفاقًا جديدة للتعاون العابر للقارات، خاصة في ظل الطلب المتزايد على مصادر الطاقة المتجددة والبنية التحتية المستدامة.
ويُعد هذا التحرك إشارة واضحة إلى تنامي أهمية دول شمال أفريقيا في المعادلة الطاقية الأوروبية، بما تمتلكه من موقع إستراتيجي وإمكانات تصديرية واعدة.
الربط الكهربائي بين المغرب والبرتغال
أعلنت وزيرة الطاقة البرتغالية ماريا دا غراسا كارفاليو، -رسميًا- إطلاق مشروع الربط الكهربائي بين المغرب والبرتغال، في خطوة من شأنها تنويع مصادر الإمداد وتعزيز موقع البلاد كمحور طاقي في أوروبا.
وقالت الوزيرة إن الخطة تشمل أيضًا تعزيز قدرات تخزين الكهرباء عبر البطاريات، ورفع مستوى التحكم في تدفقات الشبكة، مع هدف رفع القدرة التخزينية من 13 ميغاواط حاليًا إلى 750 ميغاواط مستقبلًا.
ويمثّل هذا الخيار استجابة لواقع المفاوضات المتعثّرة مع فرنسا، التي كانت تشمل إنشاء 3 نقاط ربط بين شبكتي الكهرباء في باريس ولشبونة، لكنها لم تُنفّذ حتى الآن، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وكانت البرتغال قد بدأت دراسة الربط الكهربائي مع المغرب منذ أشهر، بوصفه خيارًا احتياطيًا، لكن التطورات المتسارعة دفعت الدولة إلى المضي قدمًا في تحويل الدراسة إلى خطوات عملية.
ويرى مراقبون أن الربط الكهربائي مع المغرب يُعزز الاستقلالية الطاقية لشبه الجزيرة الإيبيرية، ويمنحها قدرة أكبر على تصدير الكهرباء عبر القارة الأفريقية.
ويمتد المشروع المحتمل تحت مياه مضيق جبل طارق، ما يجعله منافسًا للمسارات الأوروبية التقليدية، ويمنح المغرب دفعة جديدة في ربطه الطاقي مع محيطه القاري.
مشروع إستراتيجي بموقع جيوسياسي حاسم
في مايو/أيار الماضي 2025، قالت وزيرة البيئة والطاقة البرتغالية، ماريا دا غراسا كارفالو، إن الربط الكهربائي مع المغرب "أصبح أولوية"، في ظل ضبابية الاتفاقات مع فرنسا، مؤكدة أن الرباط خيار موثوق وجيوسياسيًّا مناسب.
وأشارت إلى أن الربط مع المغرب يمكن أن يشكّل منصة مثالية لتبادل الكهرباء الخضراء، خاصة أن المغرب يملك فائضًا في إنتاج الطاقة المتجددة من الشمس والرياح.
وتُعدّ المملكة المغربية من الدول الرائدة في مشروعات الطاقات النظيفة؛ إذ تضع الرباط هدفًا بتغطية أكثر من 52% من احتياجاتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول 2030، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
كما يمتلك المغرب روابط كهربائية قائمة مع كل من إسبانيا والجزائر، ويُجري دراسات توسعية لتعزيز شبكة الربط مع بريطانيا ودول أخرى، وهو ما يعزّز جاذبيته بصفته مركزًا إقليميًا للطاقة.
ويمثّل المشروع المحتمل بين البرتغال والمغرب عنصرًا مهمًا في خريطة الربط الكهربائي الإقليمي بين أفريقيا وأوروبا، خاصة مع التوجه الأوروبي للتقليل من الاعتماد على الغاز الروسي.
رهان أوروبي على طاقة المغرب الخضراء
قالت وزيرة الطاقة البرتغالية إن الحكومة تتعامل مع مشروع الربط الكهربائي مع المغرب بوصفه جزءًا من خطتها لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2045، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار الطاقة وتغيرات السوق.
وأكدت أن مشروع الربط من شأنه دعم الصادرات البرتغالية من الكهرباء في الأوقات التي تسجل فيها إنتاجًا فائضًا، مقابل الاستفادة من الكهرباء المغربية منخفضة التكلفة في فترات الذروة.
وبحسب تصريحاتها، فإن التعاون مع المغرب "لا يتوقف فقط عند البنية التحتية"، بل يمتد إلى تطوير تقنيات تخزين الطاقة والتكامل مع الشبكات الأوروبية عبر إسبانيا.
كما أبدت الوزيرة اهتمامًا كبيرًا بنقل التجربة المغربية في تطوير الهيدروجين الأخضر، بوصفه من مصادر الطاقة المستقبلية التي ستُدرج ضمن إستراتيجية الربط الكهربائي الأوروبي.
ويعكس التوجه الجديد إلى الربط الكهربائي مع المغرب انتقالًا مهمًا في خريطة أولويات البرتغال الطاقية، ما قد يُمهّد لشراكات أوسع بين أوروبا وشمال أفريقيا في قطاع الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- المغرب والبرتغال يوقّعان اتفاقية لتطوير الهيدروجين الأخضر
- 4 دول عربية تعاني أزمة كهرباء.. ماذا عن المغرب والجزائر؟ (مقال)
- كيف أسهم المغرب في إنقاذ إسبانيا من انقطاع الكهرباء؟.. الكواليس كاملة
اقرأ أيضًا..
- مصافي نفط 3 دول عربية تستفيد من حزمة العقوبات الأوروبية الـ18
- واردات مصر من الغاز المسال قد تستمر حتى 2030.. كيف تتأثر الأسواق عالميًا؟
- جدل حول انخفاض تكلفة الطاقة المتجددة.. لماذا تطالب الحكومات بدعم مصادر رخيصة؟
المصدر..