رئيسيةالتغير المناخيتقارير التغير المناخي

تغير المناخ وحش روّضته أفريقيا قبل 10 آلاف عام.. هل يستفيد العالم؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • نجحت أفريقيا في التكيف مع تغير المناخ عبر أنظمة غذاء مرنة.
  • عانت دول أفريقية مظاهر تغير المناخ في شكل فيضانات وغيرها.
  • الأنظمة الرعوية تظهر في موقع أثرية عديدة في أفريقيا.
  • مرت القارة السمراء بالمدة الرطبة الأفريقية.

نجحت أفريقيا في الإفلات من الآثار التدميرية الناجمة عن تغير المناخ لمدة طويلة استمرت آلاف السنين؛ لتقدم دروسًا ملهمةً لبقية مناطق العالم في طرق التكيف مع البيئة دون المساس بها ودفعها إلى إظهار وجهها القبيح.

فوفقًا لمقال رأي طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، واجه العديد من البلدان الأفريقية التغيرات المناخية عبر تكييف أنظمتها الغذائية والمزج بين أنشطة الرعي والزراعة وصيد الأسماك والبحث عن الطعام على أساس بيئاتها المحددة.

وأثبتت تلك الإستراتيجية المتنوعة التي تختلف حسب المنطقة والزمان، أهميتها في مواجهة تغير المناخ عبر طرح نماذج لأنظمة الغذاء الحديثة التي تواجه تحدياتٍ مماثلة.

وتسلط الدراسة الضوء على أهمية تحقيق المرونة في بناء الأنظمة الغذائية التي طورتها المجتمعات القديمة في أفريقيا، والتي تعمل في تناغم مع الأنظمة الطبيعية؛ ما يرسخ معايير الاستدامة البيئية.

مظاهر تغير المناخ

لك أن تتخيل العيش بمكان يمكن أن تقضي فيه موجة جفاف أو إعصار أو انهيار أرضي على إمدادات الغذاء التي لا يمكنك أن تبقى حيًا دونها.

السيناريو حدث بالفعل في العديد من البلدان الأفريقية التي عانت ويلات تغير المناخ في شكل فيضانات وموجات حرارة شديدة بل حتى إخفاق في مواسم الحصاد، وفق مقال اشتركت في كتابته الباحثتان في جامعة كولومبيا ليان إن فيلبس وكريستينا غيلد دوغلاس، ونشره موقع "ذا كونفيرزيشن".

وقالت فيلبس ودوغلاس إن ما ينقص سياسات التطوير التي تستهدف مواجهة تهديدات تغير المناخ هو المصدر القوي للرؤى ممثلًا في تاريخ أفريقيا نفسها.

وأوضحتا أنه منذ نحو 14 ألفًا و700 عام إلى 5 آلاف و500 عام مضت، مرت أفريقيا بظروف طقس مطيرة فيما يُشار إليه بالمدة الرطبة الأفريقية، وهي مدة تحوّلت خلالها الصحراء الكبرى إلى منطقة خضراء وبيئة أكثر ملاءمة للحياة، واتسمت بهطول الأمطار.

ومع تراجع الظروف الرطبة قبل نحو 5500 عام، طرأت تغيرات اجتماعية وثقافية وبيئية كبرى على مختلف أنحاء القارة.

وأضافت الباحثتان: "نحن جزء من فريق من العلماء نشر مؤخرًا دراسة حول الكيفية التي تأقلمت بها المجتمعات الأفارقة مع تغير المناخ خلال الأعوام الـ10 آلاف الماضية.

وتُعد تلك هي الدراسة الأولى لاستكشاف آلاف السنوات من التغير الطارئ على سُبل عيش الناس في القارة السمراء عبر استعمال البيانات النظيرية (isotopic data).

أشخاص يمارسون الزراعة الرعوية في أفريقيا
أشخاص يمارسون الزراعة الرعوية في أفريقيا - الصورة من nashulai

رؤى أفريقية جديدة

تقدم الإستراتيجية المذكورة في أفريقيا رؤى جديدة بشأن كيف تتشكل أرزاق الناس وتطورها عبر المكان والزمان.

وقالت كاتبتا المقال: "كثيرًا ما افترضت النظريات السابقة أن المجتمعات والأنظمة الغذائية في أفريقيا قد تطورت بطريقة خطية؛ أي أنها تطورت من مجتمعات الصيد والجمع إلى أخرى معقدة اجتماعيًا وسياسيًا تمارس الزراعة".

وأضافتا: "وبدلًا من ذلك فإن ما نراه هو توليفة معقدة من الإستراتيجيات القابلة للتكيف التي ساعدت الناس على البقاء".

وعلى مدى الأعوام الـ10 آلاف الماضية، تكيفت المجتمعات الأفريقية عبر المزج بين الرعي والزراعة وصيد الأسماك والبحث عن الطعام.

مزجت تلك المجتمعات ممارساتٍ مختلفةً بناءً على ما يناسبها في أوقات مختلفة في بيئتها الخاصة. وكان هذا التنوع بين المجتمعات والمناطق هو كلمة السر لبقاء الإنسان.

دروس مستفادة

كانت لهذا التنوع دروس ملهِمة لأنظمة الغذاء السائدة في الوقت الراهن، وفق تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وقالت كاتبتا المقال: "بحثنا يُظهِر أنه من غير المرجح أن تنجح خطط التطوير الصارمة التي تتجه من أعلى إلى أسفل، بما في ذلك الخطط التي تمنح أولويةً لتكثيف النشاط الزراعي على حساب الاقتصادات المتنوعة".

ويروج العديد من السياسات الحديثة للإستراتيجيات الضيقة التي تركز فقط على المحاصيل النقدية، وهي المحاصيل الزراعية التي تُزرع بغرض بيعها في السوق أو تصديرها لتحقيق الربح.

وتابعت الباحثتان: "غير أن التاريخ يروي لنا قصة مختلفة؛ فالمرونة لا تعني اختيار الطريقة الأفضل والالتزام بها، بل تعني الحفاظ على المرونة والمزج بين الإستراتيجيات المختلفة بما يتسق مع الظروف المحلية".

شخص يرعى الحيوانات في أفريقيا
شخص يرعى الحيوانات في أفريقيا - الصورة من conservation

أدلة علمية من مصر والسودان

توصلت الدراسة البحثية التي شاركت فيها كاتبتا المقال إلى الإستراتيجيات التي تبناها الأفارقة لمواجهة آثار تغير المناخ طوال الأعوام الـ10 الماضية، عبر الأدلة التي خلفتها أنواع الطعام التي كان يأكلها الناس والبيئات التي عاشوا خلالها تلك المدة الطويلة.

وأوضحت الباحثتان: "فعلنا هذا عبر تحليل الآثار الكيميائية (النظائر) في الإنسان القديم وعظام الحيوانات المحلية من 187 موقعًا أثريًا منتشرة في أرجاء أفريقيا.

وتابعتا: "وقسمنا النتائج إلى مجموعات بخصائص متشابهة، أو ما يُعرف بالمناطق النظيرية (Isotopic regions). ثم وصفنا خصائص المعيشة والبيئة السائدة في تلك المناطق عبر استعمال المعلومات الأثرية والبيئية".

ويشير مصطلح (المناطق النظيرية) إلى مناطق جغرافية أو بيئية تتسم بوجود تركيزات مميزة من نظائر معينة للعناصر الكيميائية.

وأظهرت تلك التقنية مجموعةً واسعةً من أنظمة العيش في بلدان مثل مصر والسودان التي مزجت فيها مجتمعات بين زراعة المحاصيل؛ مثل القمح والشعير والبقوليات- وبين الصيد ومنتجات الألبان.

وبالنسبة لأنشطة الرعي، طور الرعاة إستراتيجياتٍ مرنةً جدًا ساعدتهم على التكيف مع السهول الحارة والأراضي المرتفعة الجافة، وغيرها.

وتظهر الأنظمة الرعوية (الزراعة التى تعتمد على حيوانات الرعي) في عدد أكبر من الموقع الأثرية مقارنةً بأي نظام غذائي آخر.

ولدى الأنظمة المذكورة أيضًا مجموعة واسعة من البصمات الكيميائية التي تُعد دليلاً على تكيفها مع البيئات المتغيرة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق