تكنو طاقةتقارير التكنو طاقةرئيسية

كرسي متحرك يعمل بالطاقة الشمسية.. ابتكار مصري لذوي الاحتياجات الخاصة

داليا الهمشري

تُمثّل الطاقة الشمسية إحدى أبرز ركائز التحول نحو مستقبل منخفض الانبعاثات، خاصة في البلدان التي تتمتع بإشعاع شمسي مرتفع على مدار العام، مثل مصر.

وفي ضوء التوسع الكبير الذي تشهده مشروعات الطاقة الشمسية محليًا، لم تعد هذه التقنية مقتصرة على توليد الكهرباء للمنازل أو المصانع فحسب، بل بدأت تدخل في تطبيقات إنسانية مبتكرة تُحدث فارقًا في حياة الأفراد.

وتُعدّ مصر من الدول الرائدة إقليميًا في هذا المجال، إذ تسعى إلى رفع مساهمة الطاقة المتجددة -وعلى رأسها الطاقة الشمسية- إلى 42% من مزيج الطاقة بحلول عام 2030، وسط جهود واضحة لتشجيع الابتكار المحلي القائم على الاستدامة.

وفي هذا السياق، برز مشروع طلابي لافت -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- يجمع بين الذكاء الصناعي والطاقة الشمسية، بهدف خدمة فئة مجتمعية مهمة، وتعزيز الاعتماد على التكنولوجيا النظيفة في أدوات الدعم اليومي.

كرسي متحرك يعمل بالطاقة الشمسية

حصلت "الطاقة" على تفاصيل تصنيع كرسي متحرك يعمل بالطاقة الشمسية، إذ نجح فريق طلاب من الفرقة الثانية بقسم تكنولوجيا الصناعات الخشبية في كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة بجامعة شرق بورسعيد التكنولوجية (السلام)، بإشراف وكيل الكلّية الدكتور صبري موسى عبدالعزيز والمعيد بالكلّية المهندس السيد معروف متولي، في تصميم وتصنيع كرسي ذكي متعدد الوظائف يعمل بالطاقة المتجددة، ويخدم فئة ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السنّ.

ويهدف المشروع إلى توفير وسيلة تنقُّل ذكية وآمنة توفّر الاستقلال والراحة للمستعمِل، مع مراعاة الجانب البيئي والجمالي في آنٍ واحد، عبر استعمال خامات طبيعية ونظام إلكتروني متكامل يعتمد على الطاقة الشمسية.

الطاقة الشمسية
وكيل كلية تكنولوجيا الصناعة والطاقة جامعة شرق بورسعيد التكنولوجية (السلام) الدكتور صبري موسى عبدالعزيز

يقول الدكتور صبري موسى عبدالعزيز، إن الفريق اعتمد في تصنيع الكرسي على خشب الزان الطبيعي، لما يتمتع به من قوة وصلابة وطابع جمالي دافئ، يُعزّز من الراحة النفسية للمستعمِل، وهو عنصر أساس في تصميم أدوات الدعم الموجهة لذوي الاحتياجات الخاصة.

ولم يكن الجانب الجمالي وحده محلّ الاهتمام، بل دمج الفريق آليات تقنية دقيقة تتيح تعديل وضعيات الجلوس والاستلقاء ورفع القدم، مع إمكان ضبط الارتفاع الكلّي للكرسي، باستعمال محركات كهربائية صغيرة تُدار عبر وحدة تحكم إلكترونية تعتمد على متحكم "أردوينو أونو" المفتوح المصدر.

الأمان الذاتي

قال عبدالعزيز -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة-، إن الفريق الطلابي قد عزّز الجانب الأمني في تصميمه عبر نظام استشعار متطور يشمل 3 حساسات ألترا سونيك موزّعة على الجوانب الأمامية والجانبية للكرسي.

كرسي متحرك يعمل بالطاقة الشمسية
فريق طلاب من الفرقة الثانية بقسم تكنولوجيا الصناعات الخشبية في كليّة تكنولوجيا الصناعة والطاقة بجامعة شرق بورسعيد التكنولوجية (السلام)

وترتبط هذه الحساسات بوحدة الإنذار التي تتفاعل تلقائيًا عند اقتراب جسم أو عائق من الكرسي، فتُوقف حركته فورًا، وتُطلق صفارات ومصابيح تحذيرية.

وقد خضعت هذه الدائرة الإلكترونية للتجريب العملي من قبل متخصصين في العلاج الطبيعي والهندسة الطبية، الذين أشادوا بقدرتها على الاستجابة السريعة، وتوفير حماية ذاتية عالية للمستعمِلين.

الاعتماد على الطاقة النظيفة

في سابقة تُعدّ الأولى من نوعها محليًا، زوّد الفريق الطلابي الكرسي بلوح طاقة شمسية صغير مثبت في الخلف، يشحن بطارية داخلية تغذّي النظام الإلكتروني بالكامل: من المحركات إلى الحساسات والإنذارات.

ويُتيح هذا النظام للمستعمِلين الاعتماد على الطاقة النظيفة بدلًا من الكهرباء التقليدية، ما يجعله خيارًا مستدامًا وعمليًا، خصوصًا في المناطق الريفية، أو ذات البنية التحتية الضعيفة.

الطاقة الشمسية

وأوضح عبدالعزيز أن المشروع يهدف في المقام الأول إلى خفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز الاتجاه نحو الحلول الخضراء في الأدوات الطبية والاجتماعية.

وأضاف أن هذا الابتكار يمثّل تكاملًا نادرًا بين الوظيفة الإنسانية والرؤية البيئية، إذ يسعى إلى تحسين جودة الحياة لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال وسيلة دعم ذكية وآمنة، وتعزيز الاستقلالية والراحة النفسية للمستعمِلين، وتشجيع استعمال الخامات المحلية مثل الخشب الطبيعي.

كما يهدف المشروع إلى توظيف الطاقة الشمسية في الأجهزة المساعدة اليومية، والربط بين التصميم الجمالي والابتكار التقني.

تقييم علمي

أكّد متخصصون في العلاج الطبيعي والهندسة الطبية أن الكرسي يتمتع بمواصفات مميزة من حيث الراحة، وسهولة التحكم، وسرعة الاستجابة للحركة، إضافة إلى توفُّر وسائل إنذار فعالة فيه تمنع وقوع الحوادث.

وأثنى الخبراء على توجُّه الفريق لدمج الذكاء الصناعي والطاقة المتجددة في تصميم مساعدات حركية، وهو ما عدُّوه نموذجًا مثاليًا لتطبيق مبادئ الرعاية المستقلة والابتكار البيئي.

كرسي متحرك يعمل بالطاقة الشمسية
كرسي متحرك يعمل بالطاقة الشمسية - من تصميم فريق طلاب مصري

وأشار عبدالعزيز -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن المشروع يعكس روح التحول الذي تشهده مؤسسات التعليم التكنولوجي في مصر نحو توظيف الطاقة المتجددة في حلول عملية ومباشرة، تخدم فئات مجتمعية حيوية، وتتماشى مع أهداف التنمية المستدامة التي تبنّتها الدولة.

وأوضح أن الكرسي المبتكر لا يمثّل -فقط- أداةً لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة، بل دليلًا حيًا على قدرة التكنولوجيا المحلية في معالجة التحديات الاجتماعية والبيئية معًا، ويُبرهن على أن الابتكار الحقيقي لا يكمن فقط في الأجهزة المعقّدة، بل في الحلول السهلة ذات التأثير العميق.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق