تقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

الطاقة الشمسية في الصين.. تفوق عالمي يصل حدود الفضاء و"السور العظيم" (تقرير)

أسماء السعداوي

حقّق قطاع الطاقة الشمسية في الصين إنجازات بارزة جعلت من البلد الأسيوي عملاقًا عالميًا لإنتاج وتصدير الألواح الشمسية، وفي صدارة قدرات توليد الكهرباء منها.

وتشير أحدث البيانات إلى أن سعة توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية قفزت إلى 1 تيراواط، وهو إنجاز تاريخي يسرّع وتيرة تحول الطاقة في الصين (أكبر مصدر لانبعاثات الكربون عالميًا).

والطاقة الشمسية عماد رئيس في خطة الحكومة لتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2060، ولذلك تستهدف زيادة القدرات الشمسية المركبة بحلول عام 2030 إلى 2.46 تيراواط، وبنهاية يوليو/تموز من عام 2024 قطعت نصف الطريق إلى هذا الرقم.

وفي التقرير التالي تستعرض منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) عددًا من أحدث -وأبرز- مشروعات الطاقة الشمسية في الصين المُعلَنة خلال المدة الماضية.

قطاع الطاقة الشمسية في الصين

من أبرز إنجازات قطاع الطاقة الشمسية في الصين مؤخرًا هو بدء تشغيل أكبر محطة طاقة شمسية في العالم بقدرة 5 غيغاواط في مطلع يونيو/حزيران (2024)، بما يوطّد مكانتها في ساحة المنافسة مع الدول الأخرى.

تمتد المحطة على مساحة 299 ألف هكتار وسط صحراء مقاطعة شينجيانغ، شمال غرب الصين، بحجم إنتاج سنوي قدره 5 تيراواط/ساعة، وهي كافية لتلبية الاحتياجات الكاملة لدول كاملة مثل لوكسمبرغ أو بابوا غينيا الجديدة.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تصدُّر الصين توقعات إضافات الطاقة الشمسية حتى 2029:

أكبر الدول في إضافات سعة الطاقة الشمسية

وقبل بدء الإنتاج من المشروع العملاق، كانت الصين تحتضن أيضًا أكبر محطتين للطاقة الشمسية في العالم، وهما "نينغشيا تينغلي" (Ningxia Tenggeli) و""غولمود وتوميرين" (Golmud Wutumeiren)، بقدرة 3 غيغاواط تقريبًا لكل منهما.

وفي يوليو/تموز (2024)، أعلنت شركة الكهرباء الحكومية "الخوانق الثلاثة للطاقة المتجددة" بدء إنشاء ما ستكون أكبر مزرعة طاقة شمسية في العالم بقدرة 8 غيغاواط في منطقة منغوليا الداخلية، باستثمارات تقترب من 11 مليار دولار.

ومن المقرر أن تمتد المزرعة المقرر افتتاحها في عام 2027 على مساحة 22 ألف فدانًا، ما يجعلها أكبر من مساحة سنغافورة بـ100 كيلومتر مربع تقريبًا، كما أنها أكبر من من مدينة نيويورك بنحو 30 كيلومترًا مربعًا.

أول محطة طاقة شمسية في الفضاء

في يناير/كانون الثاني (2025)، كشفت الصين النقاب عن التحضير لبناء أول محطات طاقة شمسية في الفضاء من أجل تجاوز العقبات التي تواجه المحطات التقليدية على الأرض، مثل توافر الأراضي والطقس.

وبحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة، سيكون توليد الكهرباء من خلال ألواح شمسية عملاقة بعرض كيلومتر مثبتة على قمر اصطناعي فيما يُعرف بأقمار الطاقة الشمسية (SPS).

وبعد إرسالها للمدار على بعد 36 ألف كيلومتر عن الأرض بوساطة الصاروخ الثقيل "لونغ مارش-9"، ستجمع المركبة الطاقة الشمسية من الفضاء، ثم ترسلها إلى الأرض.

وتضاهي مساحة المحطة سد الخوانق الثلاثة (بطول 2.3 ألف متر)، وهو أكبر محطة طاقة كهرومائية في الصين على نهر يانغتسي.

يُشار هنا إلى أن الصين تصدرت أكبر دول العالم المنتجة للكهرباء من الطاقة الكهرومائية في عام 2024، بإجمالي 1.3 ألف تيراواط/ساعة، بفارق كبير عن البرازيل وكندا والولايات المتحدة.

يمتلك المشروع الفضائي المقرر بدء توليد الكهرباء منه في عام 2040 قدرات خارقة؛ إذ يعادل إنتاجه إجمالي الكهرباء المُنتجة من احتياطيات النفط على الأرض، لأن أشعة الشمس بالفضاء أكثر كثافة بنحو 10 مرات.

وعلى المدى البعيد، يحمل خبراء توقعات متفائلة تجاه دور محطة الطاقة الشمسية الفضائية في توفير إمدادات موثوقة ومستدامة تُسهم بمسيرة تحول الطاقة والحياد الكربوني.

إلّا أن ثمة تحديات تقنية تؤرق القائمين على المشروع، ومنها طريقة تجميع الألواح في الفضاء ونقل الكهرباء عبر الموجات الميكروية (microwaves) دون الإضرار بالبيئة أو صحة الإنسان، فضلًا عن التكاليف الباهظة.

الطاقة الشمسية في الصين

سور الصين الشمسي العظيم

بعد أن أبهرت العالم بأحد عجائب الدنيا السبع الجديدة، وهو سور الصين العظيم، تسعى الصين لبناء مشروع طاقة شمسية عملاق سيصل إلى مرحلة التشغيل الكامل بحلول نهاية العقد الجاري.

يستهدف المشروع تزويد العاصمة بكين والمنطقة المحيطة بالكهرباء النظيفة، عبر تحويل الرمال المميتة إلى بحر يضجّ بإمكانات الطاقة الشمسية والحياة.

وستصل القدرة المركبة إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2030، بما يجعله قادرًا على توليد 180 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء سنويًا، وهو رقم كبير بالمقارنة باستهلاك سكان بكين الذي بلغ 135.5 مليار كيلوواط/ساعة في عام 2023.

يمتد المشروع -الذي بدأت الإنشاءات فيه مطلع عام 2024 بإجمالي استثمارات تصل إلى 100 مليار دولار- على مساحة 400 كيلومتر تقريبًا، وبعرض 5 كيلومترات في قلب صحراء منطقة منغوليا الداخلية.

كما يضم نحو 200 ألف من الألواح الشمسية، وحتى نهاية أغسطس/آب (2024) وصل إجمالي القدرة الشمسية المركبة هناك إلى 5.4 غيغاواط، بحسب تحديثات قطاع الطاقة الشمسية لدى منصة الطاقة المتخصصة.

ومن خلال توليد الكهرباء النظيفة، يحول المشروع العملاق دون إطلاق ملايين طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى تقليل مخاطر تآكل التربة ومكافحة التصحر ومنع وصول الرواسب إلى النهر الأصفر بما يدعم قطاع الزراعة، فضلًا عن مكاسب مجتمعية مثل توفير فرص عمل يصل عددها إلى 50 ألفًا.

مزرعة شمسية وهيدروجينية

في آخر أيام عام 2024، بدأ تشغيل مزرعة تجمع بين إنتاج الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر وبطاريات تخزين الكهرباء في مقاطعة جيانغسو بشرق الصين.

وعلى مساحة 287 هكتارًا، يضم المشروع محطة برّية لزيادة ضخ الماء بقدرة 220 كيلوفولت، ومحطة لتخزين الكهرباء بقدرة 60 ميغاواط/120 ميغاواط/ساعة، ومحطة لإنتاج الهيدروجين بقدرة 1.5 ألف متر مكعب بالساعة، ومحطة لإعادة التزود بوقود الهيدروجين بقدرة 500 كيلوغرام في اليوم.

وبقدرة إجمالية مركبة 400 ميغاواط، يولّد المشروع 468 مليون كيلوواط/ساعة من الكهرباء سنويًا، وهو ما يعادل عدم إطلاق 151 ألف طن من الفحم سنويًا، بما يحول دون إطلاق 309 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، و562 طنًا من ثاني أكسيد الكبريت، و1.1 ألف طن من ثاني أكسيد النيتروجين.

الطاقة الشمسية في الصين بدلًا من الفحم

بدأت شركة "جيننينغ" المملوكة للدولة (Jinneng) في أبريل/نيسان (2025) بناء 3 مشروعات طاقة شمسية بقدرة إجمالية 5 غيغاواط بمناطق الهبوط الأرضي الناتجة عن تعدين الفحم بمقاطعة شانشي.

وبإجمالي استثمارات 16.5 مليار يوان صيني (3 مليارات دولار)، سيبدأ الإنتاج من تلك المشروعات في العام المقبل (2026) ليغذّي العاصمة بكين ومدينة تيانجين عبر خط نقل عالي الجهد بقدرة ألف كيلوفولت.

يأتي ذلك في إطار محاولات شركة جيننينغ لخفض انبعاثات مشروعاتها بعد أن حلّت في المركز الرابع عالميًا على قائمة الشركات الحكومية المسؤولة عن إطلاق أكبر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم خلال عام 2023.

وما زال الفحم مصدرًا رئيسًا في مزيج توليد الكهرباء في الصين بنسبة 60% تقريبًا، بقدرات بلغت 1.2 تيراواط بحلول نهاية 2024.

ويوضح الرسم البياني أدناه -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تصدُّر الصين قائمة أكثر الدول توليدًا للكهرباء بحرق الفحم في 2024:

أكثر الدول توليدًا للكهرباء بالفحم في عام 2024

الملح المنصهر لتخزين كهرباء الطاقة الشمسية

رصدت منصة الطاقة المتخصصة في أبريل/نيسان (2025) بدء تشغيل أكبر مشروعات تخزين الطاقة الشمسية المركزة (CSP) بالملح المنصهر في منطقة شينجيانغ.

ويمكن للتقنية تخزين الكهرباء المولدة لمدة 8 ساعات من خلال الملح الذي يمتص الحرارة، ويحتفظ بها، ثم يعيد إطلاقها لتشغيل توربين يعمل بالبخار في وقت الحاجة.

والمشروع المقام على مساحة 30 كيلومترًا مربعًا، وبقدرة إجمالية 1 غيغاواط، قادر على توليد 1.86 مليار كيلوواط/ساعة سنويًا من الكهرباء النظيفة، بما يحول دون إطلاق أكثر من 1.7 مليون طن سنويًا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وباستثمارات قدرها 6 مليارات يوان، يجمع المشروع بين ألواح طاقة شمسية بقدرة 900 ميغاواط، ونظام لتخزين الكهرباء بقدرة 100 ميغاواط.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. معلومات عن السور الشمسي العظيم في الصين، من موقع "scitechdaily"
  2. تشغيل أكبر مزرعة طاقة شمسية في العالم حتى تاريخه، من "بلكان غرين إنرجي نيوز"
  3. الطاقة الشمسية في الفضاء، من "إنرجي ديجيتال"
  4. أحدث تطورات محطة تخزين الطاقة الشمسية بالملح المنصهر
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق