رئيسيةتقارير منوعةمنوعات

صناعة الصلب الأخضر في أوروبا تمرض.. دولة عربية تهدد القارة العجوز

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • تسهم صناعة الصلب الأخضر بجهود الحياد الكربوني في أوروبا
  • صناعة الصلب الأخضر في أوروبا تواجه تحديات ارتفاع أسعار الكهرباء
  • أوروبا تمثّل نحو 7% من إنتاج الصلب العالمي
  • يُصنع قرابة 40% من الصلب في الاتحاد الأوروبي في أفران كهربائية
  • المغرب لاعب واعد في صناعة الصلب الأخضر العالمية

تمرّ صناعة الصلب الأخضر في أوروبا بانتكاسة في الوقت الراهن، نتيجة تخلّي العديد من المصنّعين عن خطط تشغيل خطوط إنتاجهم بمصادر الطاقة المتجددة، مثل الهيدروجين الأخضر، بسبب ارتفاع التكلفة.

وتتضافر الجهود الأوروبية لإحراز تقدُّم ملموس في إنتاج الصلب منخفض الكربون، اتّساقًا مع توجُّه دولي لخفض الانبعاثات وتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي (2050).

غير أن تحديات تواجه عملية التحول إلى إنتاج الصلب الأخضر في أوروبا، ما تزال حجر عثرة أمام تحقيق هذا الطموح، بما في ذلك أسعار الكهرباء المرتفعة، وعدم توافر البنية التحتية لإنتاج الهيدروجين النظيف، والخدمات اللوجستية ذات الصلة.

وأمام تلك التحديات يبرز المغرب الذي تتوافر لديه مصادر طاقة متجددة مثل طاقة الشمس، لاعبًا واعدًا، قد ينتزع الحصة السوقية للقارة العجوز من إنتاج هذا المعدن الإستراتيجي بتقنيات نظيفة.

ويشير الصلب الأخضر عادةً إلى الفولاذ المنتَج باستعمال الكهرباء النظيفة، وهو مصطلح مجازي يقابله اصطلاحيًا (الصلب الرمادي) المنتَج باستعمال كهرباء مولدة بالوقود الأحفوري، مثل الفحم والغاز الطبيعي.

مساعٍ مهددة

عانت المساعي الرامية لإزالة الانبعاثات من صناعة الصلب الأوروبية ضربةً جديدةً خلال الأسبوع الماضي، بعدما رفضت أرسيلور ميتال (ArcelorMittal) -وهي أكبر شركة حديد صلب في العالم- دعمًا عامًا تزيد قيمته على مليار يورو (1.17 مليار دولار)، لتحويل مصانعها في ألمانيا للعمل بالهيدروجين الأخضر.

وألقت أرسيلور ميتال باللائمة على التكلفة الباهظة للكهرباء، في الوقت الذي أعلنت فيه شركة إنتاج الصلب السويدية إس إس إيه بي (SSAB) تأجيل تشغيل مصنع إنتاج الصلب منخفض الانبعاثات التابع لها في شمال السويد، مبررةً ذلك بمشكلات تتعلق بمصداقية وموثوقية شبكة الكهرباء.

وتُعدّ تكاليف الكهرباء من بين التحديات التي يواجهها مصنّعو الصلب المتحولون إلى صناعة الصلب الأخضر، بهدف خفض انبعاثاتهم الكثيفة.

وتشمل قائمة التحديات كذلك الحاجة إلى رؤوس أموال بقيمة مليارات الدولارات، ونقص البنية التحتية للهيدروجين، والطلب الضعيف على المنتجات المنخفضة الكربون الأكثر تكلفة.

وقال رئيس اتحاد صناعة الصلب الأوروبية يوروفر (Eurofer) أكسيل إيغرت: إن "حالة الشركات في قطاع الصلب الأخضر في أوروبا ليست على ما يُرام".

وأضاف إيغرت أنه على الرغم من أن بعضهم "يأمل ويراهن" على مستقبل مشرق لصناعة الصلب الأخضر، يقول آخرون: "ليس لدينا وقت لهذا".

ويقرّ بعض المسؤولين التنفيذيين سرًا بأنه يتعين عليهم مواصلة تنفيذ المشروعات بصرف النظر عن التكلفة، وذلك من منطلق التزاماتهم السابقة.

وقالت مديرة التحول في شركة تيسن كروب (Thyssenkrupp) الألمانية ماري جاروني، إن شركتها ملتزمة بخطط صناعة الصلب الأخضر في أوروبا، على الرغم من الأزمة التي تمرّ بها الصناعة، والتي تجعل من الصعب حتى اتخاذ قرارات استثمارية مهمة، وفق تصريحات أدلت بها إلى فايننشال تايمز خلال فاعلية نُظِّمت هذا الأسبوع.

أحد عمال صناعة الصلب في أوروبا
أحد عمال صناعة الصلب في أوروبا - الصورة من europeanceo

صناعة ملوثة للبيئة

تكتسب صناعة الصلب أهميةً بالغةً بالنسبة لأوروبا التي تستأثر بنحو 7% من الإنتاج العالمي، بإيرادات تلامس 191 مليار يورو (224 مليار دولارًا أميركيًا)، وحجم عمالة يزيد على 300 ألف وظيفة مباشرة.

غير أن صناعة الصلب تُعدّ كذلك واحدة من أكثر الصناعات المصدرة للانبعاثات الكربونية في القارة العجوز؛ إذ تُطلِق مصانع إنتاج الصلب في الاتحاد الأوروبي 200 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وفق أرقام طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويزيد الرقم على إجمالي الانبعاثات السنوية الصادرة عن هولندا، كما أنه يعادل نحو 5% من إجمالي الانبعاثات المنطلقة من بلدان الاتحاد الأوروبي الـ28.

وبموجب نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي الصادر قبل 20 عامًا، يتعين على شركات إنتاج الصلب شراء تراخيص لتغطية انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون؛ ما يرفع الأسعار، ويثبط نظريًا إنتاج الصلب الأخضر.

غير أن المسؤولين التنفيذيين في الشركات قالوا، إنهم تعرضوا لضغوط شديدة بسبب الواردات الأقل تكلفة والأكثر انبعاثات للكربون، لا سيما من الصين.

ووفق بيانات صادرة عن المفوضية الأوروبية –الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي-، زاد فائض إنتاج الصلب في العام الماضي -الذي نتج عن الزيادة الإنتاج الصيني وتراجع الطلب- على 4 أضعاف الإنتاج السنوي للاتحاد الأوروبي من الصلب.

وتتضمن عملية إزالة الكربون من قطاع إنتاج الصلب إمّا تحويل المنشأة لتعمل بالهيدروجين أو كهربة العملية لإزالة الحاجة إلى استعمال الفحم.

أحد أفران القوس الكهربائي في مصنع لإنتاج الصلب
أحد أفران القوس الكهربائي في مصنع لإنتاج الصلب - الصورة من Global Efficiency Intelligence‏

أفران الكهرباء

يُصنع قرابة 40% من الصلب في الاتحاد الأوروبي في أفران عاملة بالكهرباء، ولكن أقل من 1% منه يُنتج باستعمال أفران تعمل بالهيدروجين الأخضر، ومعظمها في المرحلة التجريبية.

ويرغب الاتحاد الأوروبي من صناعة الصلب أن تخفض انبعاثاتها بنسبة 30% على الأقل بحلول عام 2030، قياسًا بعام 2018.

ويؤدي خفض استعمال الكهرباء دورًا مهمًا لتحقيق الهدف المنشود؛ إذ تمثّل الكهرباء نحو 17% من تكلفة الإنتاج الصلب في أوروبا، بحسب أرقام المفوضية الأوروبية.

غير أنه من سوء الطالع بالنسبة للقارة أن أسعار الكهرباء في الاتحاد الأوروبي تزيد بمعدل الضعف على نظيراتها في الولايات المتحدة؛ ما يضغط على هوامش الأرباح بالنسبة لمشغّلي الأفران الكهربائية.

ومن بين المشروعات الصناعية النظيفة العالمية المُعلَنة والبالغة قيمتها 1.6 تريليون دولار، مثل مصانع الصلب الأخضر والأمونيا، يوجد 10% منها فقط في الاتحاد الأوروبي، وفقًا لتقرير صادر هذا الشهر عن منظمة ميشن إمبوسيبل بارتنرشيب (Mission Possible Partnership) غير الهادفة للربح.

المغرب جاهز

حذَّر خبراء في الصناعة من أن التحديات التي تواجه إنتاج الصلب الأخضر في أوروبا، من الممكن أن تُفسح المجال أمام ظهور لاعبين آخرين، أمثال المغرب، في السوق الأوروبية.

وفي هذا الصدد قال رئيس لجنة تحولات الطاقة -وهي تحالف عالمي للشركات والمستثمرين والمنظمات الأهلية والخبراء- لورد أدير تيرنر، إن التحديات من الممكن أن تتسبب بفقدان أوروبا سعتها في إنتاج أنواع رئيسة من الصلب، لصالح دول مثل المغرب، الذي لديه القدرة على توليد كميات وفيرة من الطاقة الشمسية.

ووافق المغرب على تنفيذ مشروعات هيدروجين أخضر بقيمة 32.5 مليار دولار، تركّز على إنتاج الصلب الأخضر والأمونيا والوقود الاصطناعي، وفق بيان سابق صادر عن الحكومة المغربية في 6 مارس/آذار الماضي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1.تحديات صناعة الصلب الأخضر في أوروبا من فايينشال تايمز

2.مشروعات هيدروجين أخضر في المغرب من موقع أفريكا إنرجي بورتال

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق