مراكز البيانات المعتمدة على الطاقة الشمسية.. فرص وتحديات (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- مراكز البيانات كثيفة الاستهلاك للكهرباء وتحتاج إليها على مدار الساعة
- التوليد المتقطع للطاقة الشمسية يقلق مشغلي مراكز البيانات عالميًا
- عدد مراكز البيانات المعتمدة على الطاقة الشمسية غير معروف عالميًا
- لا توجد مراكز بيانات تعتمد على الطاقة الشمسية وحدها وإنما على مزيج مختلط
- شبكات الكهرباء لا تستطيع فصل الكهرباء المتجددة عن الأحفورية في الإمدادات
يحمل خيار تشغيل مراكز البيانات بالطاقة الشمسية فرصًا متعددة لملاكها ومساهميها، لكنه ينطوى في الوقت نفسه على مخاطر وتحديات فنية جمة، وسط منافسة محتدمة مع مصادر طاقة أخرى.
وبحسب تحليل حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- فإن الطاقة الشمسية تقدم مزايا اقتصادية كبيرة في تشغيل هذه المراكز، بالنظر إلى تكلفتها المنخفضة مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة الأخرى.
كما تضمن الطاقة الشمسية تشغيل مراكز البيانات دون التسبب في انبعاثات كربونية ملوثة للبيئة، ما يجعلها مصدرًا رخيصًا ومستدامًا، فضلًا عن سهولة تركيبها ونشرها على نطاق واسع مقارنة بأنواع الطاقة المتجددة الأخرى، ومنها الطاقة الحرارية الأرضية.
ورغم ذلك، فما تزال الطاقة الشمسية الأقل شيوعًا في مجال مراكز البيانات التي صارت تميل إلى الطاقة النووية أو الغاز لتلبية احتياجاتها الكثيفة من الكهرباء.
وتحتاج هذه المراكز إلى إمدادات ثابتة ومستمرة من الكهرباء لتلبية احتياجاتها على مدار الساعة، خلافًا للطلب على الكهرباء في المنازل والعديد من القطاعات الأخرى، الذي يشهد تقلبات حسب الليل والنهار وفصول العام.
فرص الطاقة الشمسية في قطاع مراكز البيانات
رغم أن تاريخ اكتشاف التوليد من الطاقة الشمسية بالصورة المألوفة يرجع إلى القرن الـ19، فإن التحسينات الأخيرة خلال العقود الماضية أسهمت في زيادة معدل التوليد، ما جعلها أكثر كفاءة بكثير من ذي قبل.
وانخفضت أسعار الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية بصورة مطردة، ما عزز فاعليتها من حيث التكلفة، ودفع بعض مشغلي مراكز البيانات إلى اعتمادها في عمليات التشغيل المستقبلي.
وعلى الرغم من عدم وضوح النسبة المئوية لمراكز البيانات التي تستعمل الطاقة الشمسية -حاليًا- حول العالم، فإن بعض مشغلي مراكز البيانات الكبار استثمروا في هذه التقنية منذ سنوات، بحسب تحليل نشرته منصة داتا سنتر نولدج (Data Center Knowledge) ومقرّها مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا.
وقد فعّل بعضهم هذا من خلال الشراكة مع شركات المرافق، كما حدث في اتفاق شركة دومينيون بولاية فرجينيا، على إضافة الطاقة الشمسية إلى الشبكات التي تدعم المراكز الخاصة بها.

وفي حالات أخرى، أنشأت الشركات التي تدير مراكز البيانات مزارع شمسية خاصة بها، بالنظر إلى تكلفتها الرخيصة نسبيًا من بين جميع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى، فضلًا عن إسهاماتها في خفض البصمة الكربونية لهذه المراكز.
وبصورة عامة، ما يزال استعمال مراكز البيانات للطاقة الشمسية محدودًا، كما لا يوجد مركز يعمل بالطاقة الشمسية وحده، ومن الصعب تصور ذلك في المستقبل المنظور.
تحديات تشغيل مراكز البيانات بالطاقة الشمسية
تواجه مراكز البيانات المعتمدة على الطاقة الشمسية تحديات فنية، قد يبدو من المستحيل التغلب عليها نهائيًا، إلا بتكلفة باهظة، من أبرزها سعة التوليد المحدودة في مقابل الاستهلاك الكبير للمراكز.
ويتمثّل هذا التحدي في أن إنتاج الألواح الشمسية الفردية صغير نسبيًا، ولا يمكن الوصول إلى قدرة توليد أكبر إلا بزيادة مساحة الأراضي والبنية التحتية المتصلة.
وبحسب تقديرات التحليل، فإن إنشاء مركز بيانات كبير بقدرة 100 ميغاواط، سيحتاج إلى 1446 فدانًا من الألواح الشمسية، إذا كان سيعمل بالطاقة الشمسية وحدها.
ورغم أن إنشاء مراكز بيانات أصغر حجمًا، قد يتطلب مساحات أقل من الأراضي، فإن كلتا الحالتين تشكل ضغطًا على مساحات الأراضي المتاحة، وربما يؤدي الحصول عليها إلى إزالة مساحات شاسعة من الأراضي البرية لإعادة استعمالها في أغراض التوليد، ما قد يثير مخاوف من أن الطاقة الشمسية قد تلحق ضررًا بالبيئة أكثر من نفعها.

أما التحدي الثاني للطاقة الشمسية في قطاع مراكز البيانات، فيتمثّل في التوليد المتقطع حسب ظروف الطقس، إذ لا يكون التوليد متاحًا إلا عندما يكون الجو مشمسًا، والأمر نفسه في حال الغيوم.
ورغم أن تشغيل منشأة باستعمال الطاقة الشمسية وحدها -ممكن نظريًا- عبر تركيب بطاريات تخزين تُستعمل في حال غياب الشمس أو أي ظروف متصلة، فإن تكلفة البطاريات تجعل هذا الخيار غير عملي.
ويمكن للطاقة الشمسية أن تكون أكثر جدوى في مناطق مثل جنوب غرب الولايات المتحدة، حيث تصل أشعة الشمس في بعض المناطق إلى 90% من اليوم العادي، لكنها تظل أقل جدوى في المناخات التي تسود فيها سماء غائمة معظم أيام السنة.
ورغم ذلك، فإن مشغلي مراكز البيانات لا يختارون مواقعها على حسب سطوع الشمس، بل يعتمدون على عوامل أخرى متصلة بمدى تحمل تكاليف الأرض وتوافر البنية التحتية للشبكة، ما يفسر بناء الكثيرين منشآت في مناطق ليست مرشحة لتوليد الطاقة الشمسية.
أما التحدي الثالث فيتمثّل في اختلاط مصادر الكهرباء المتجددة بالأحفورية في الشبكات، ما يجعل من الصعب فصل أحدهما عن الآخر في تزويد العملاء أو ضمان ذلك لأي مستهلك.
وعادة ما يتعاون مشغلو مراكز البيانات مع شركات المرافق لإضافة الطاقة الشمسية إلى الشبكة، إذ لا يعتمدون عليها في تغذية منشآتهم مباشرة، بل أقصى ما يمكنهم فعله هو زيادة حصة الطاقة الشمسية في مزيج استهلاك الكهرباء.
ويلجأ مشغلو المراكز إلى هذا الحل؛ لأن الاعتماد على الطاقة الشمسية مباشرة يستلزم بناء محطة كهرباء أو شبكة خاصة، وهو أمر مكلف وصعب من الناحية الفنية بالنسبة إلى معظمهم؛ لأنهم لا يعملون في مجال توليد الكهرباء.
ورغم كل هذه التحديات، فمن الممكن أن يؤدي استمرار انخفاض تكلفة البنية التحتية للطاقة الشمسية، وزيادة الضغوط البيئية، إلى زيادة جاذبية الطاقة الشمسية لمراكز البيانات بدلًا من الوقود الأحفوري على المديَيْن المتوسط والطويل.
موضوعات متعلقة..
- طاقة الشمس والرياح يمكن أن تشغل ثُلث مراكز البيانات في آسيان (تقرير)
- استهلاك الكهرباء في مراكز البيانات.. كم تبلغ حصة الشرق الأوسط وأفريقيا؟
- سيناريوهات تشغيل مراكز البيانات الأميركية.. الغاز الطبيعي أم الطاقة النووية؟
اقرأ أيضًا..
- إنتاج الغاز في الشرق الأوسط ينتعش بحلول 2050.. وهذه توقعات 5 دول
- أكبر 5 صفقات نفطية في مايو 2025 تتصدرها سلطنة عمان
- لماذا فشلت الطاقة الشمسية على الأسطح في مصر؟.. 4 خبراء يتحدثون لـ"الطاقة"
المصدر:
تحليل تحديات تشغيل مراكز البيانات بالطاقة الشمسية من شركة أبحاث أميركية.