صراع البحر الأحمر.. أنس الحجي يكشف كواليس حرب "السيطرة" بين أميركا والصين
أحمد بدر

في ظل احتدام الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، كان البحر الأحمر بؤرة مهمة للسيطرة -غير المباشرة- في هذا الصراع، فمنه تمرّ كل تجارة بكين، ومن خلاله يمكن اعتراضها.
ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن السيطرة على الممر التجاري الأهم في العالم كانت جزءًا من ردّ فعل الغرب على سيطرة الصين بكثير من الأمور.
وأوضح، أن البحرية الأميركية والبريطانية جاءت إلى المنطقة وسيطرت على البحر الأحمر، لكنها كانت تريد سببًا مباشرًا لوجودها المكثّف هناك، فاستغلت حرب غزة وضرب الحوثيين للسفن، لتأتي إلى المنطقة.
وأكد الحجي أن ضرب الحوثيين للسفن لا يعدّ مبررًا -على الإطلاق- ولا يسوّغ ردّة فعل شركات الشحن الأجنبية بالشكل الذي حصل، ولا يسوّغ بأيّ شكل من الأشكال الوجود العسكري المكثّف للولايات المتحدة وبريطانيا.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا) بعنوان "الصين تتحكم بأسواق الطاقة العالمية.. كيف ولماذا؟".
هجمات الحوثيين في البحر الأحمر
قال أنس الحجي، إن المعروف أن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر رُدَّ عليها من قبل أميركا وإسرائيل، إذ ضربت إسرائيل ميناء الحديدة بعد أميركا، لأنه لم يكن مدمرًا بالكامل، واستمرت الهجمات ضدّهم، وظلت الصواريخ تصل إلى إسرائيل على كل الحالات.
وأضاف: "السؤال الذي كررتُه مرات عدّة في هذه المساحات، وأكرره حتى الآن: لماذا يستطيع الروس إرسال خام الأورال إلى آسيا بحدود 1.7 مليون برميل يوميًا -وهي كمية ضخمة- عبر البحر الأحمر، دون أيّ مشكلة مع الحوثيين، ولكن لا يستطيع الروس إرسال شحنة غاز مسال واحدة إلّا حول أفريقيا، بإضافة 6 آلاف ميل بحري وبتكاليف عالية؟".
وأوضح أنس الحجي أن الغاز المسال الذي كان يمر بقناة السويس يمرّ عبر البحر الأحمر، في السفن نفسها، ولا مشكلة مع الحوثيين، فهم لن يضربوا السفن المحمّلة بالنفط.
الأمر نفسه بالنسبة لقطر، التي ترسل الغاز المسال إلى أوروبا حول أفريقيا، وليس عبر البحر الأحمر، لذلك، الواضح أن الأمر متعلق بموضوع السيطرة والتجارة الدولية، وهو أكبر من موضوع الحوثيين وغزة.
وتابع: "لو نظرنا إلى ما فعلته الصين سابقًا في أسواق النفط، نجد أنها كانت تشتري النفط بكميات كبيرة عندما تنخفض أسعاره، وتخزّنه، ثم تسحب من المخزون وتبيعه عندما ترتفع الأسعار، وحدث هذا السلوك عدّة مرّات".
والحقيقة، وفق الحجي، أنه في عام 2021، بعد انتهاء إغلاقات كورونا، كان من المفروض أن ترتفع أسعار النفط فوق 100 دولار بسبب الطلب الكبير عليه، نتيجة الانتعاش الاقتصادي الذي حصل بعدها، بينما لم تكن الشركات قادرة على ضخ كميات كافية.
ولكن الصين سحبت من المخزون بشكل كبير، ما منع أسعار النفط من الوصول إلى 100 دولار، وهذا السلوك دائمًا يحدث منها، إذ تشتري عندما تنخفض الأسعار، وتخزّن.
ومن ثم، بالنظر إلى السنوات الـ10 الأخيرة، يتضح أن الإعلام يركّز على دور أوبك وأوبك+ والسعودية في أسواق النفط، وكذلك دور النفط الصخري، ولكن يتجاهل تمامًا أن الصين من أكبر المؤثرين في الأسواق، لأنها في النهاية أكبر مستورد للنفط في العالم.
الصين تخزّن كل شيء
قال مستشار تحرير منصة الطاقة، إن المفاجأة الآن أن الصين بدأت تخزين كل شيء تقريبًا منذ نحو عامين، ثم أخبرت الحكومة الشركات بالتركيز على إنتاج المزيد من النفط والغاز والفحم محليًّا، بغضّ النظر عن التكلفة.
وأضاف: "هذا تغيّر جديد، لأن الصين كانت متماشية علنًا مع فكرة التغير المناخي وخفض الانبعاثات، وتحتاج إلى تخفيض الانبعاثات في المدن الكبيرة، لأن المدن الصينية من أكثر المدن تلوثًا في العالم، ومن ثم تحتاج إلى السيارات الكهربائية وغيرها".
لكن -وفق أنس الحجي- التلوث شيء، والتغير المناخي شيء آخر، لذلك كان هناك تخفيض لدور الفحم، واتجاه لاستعمال مزيد من الغاز واستيراده، فبُنِيَت أنابيب من روسيا للصين لتعزيز استعمال الغاز، إلى جانب بناء محطات غاز مسال للاستيراد.

إلّا أن ما حدث خلال السنوات الأخيرة، خاصة آخر عامين، كان عجيبًا، فأولًا كانت هناك زيادة في استعمال الفحم، وطلبت الحكومة من الشركات زيادة إنتاجه محليًا، بجانب الزيادة الكبيرة في توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وتابع: "بعضهم -مرة أخرى- يظن أن هذا جزء من سياسة التغير المناخي والوصول إلى الحياد الكربوني، وهذا الكلام غير صحيح، فمطالبة الشركات بزيادة إنتاج النفط والغاز من المياه الصينية، تتزامن مع انخفاض في نمو الاقتصاد الصيني".
وأردف: "إذا كان هناك انخفاض -أصلًا- في الطلب على النفط والغاز، وانخفاض في النمو الاقتصادي، لماذا هذا التوجه لزيادة الإنتاج المحلي بشكل كبير؟ خاصة أن مخزونات النفط والغاز والفحم الآن هي الأعلى في تاريخ الصين".
ولفت إلى أن الغريب في الأمر أن الصين كانت تعلم تمامًا بسياسات ترمب، وأنه سيعزز الحرب التجارية ضدّها، ويفرض رسومًا جمركية عالية على منتجاتها.
موضوعات متعلقة..
- قناة السويس تترقب انتعاشة بعودة الملاحة في البحر الأحمر.. والمصافي الأوروبية تتضرر
- ناقلة غاز مسال "حائرة" في البحر الأحمر.. هل تذهب لدولة عربية؟
- السعودية تكشف حقيقة استهداف ناقلة نفط في البحر الأحمر.. أين وصلت "أمجاد"؟
اقرأ أيضًا..
- لماذا لم تنخفض أسعار النفط مع زيادة إنتاج أوبك+؟ أنس الحجي يكشف 5 أسباب
- قدرة تصدير الغاز المسال الجديدة قد تلامس 290 مليار متر مكعب سنويًا
- تأجيل انطلاق أكبر مشروع هيدروجين عربي.. والشركة تعلن السبب
المصدر..