رئيسيةتقارير منوعةمنوعات

المعادن الأرضية النادرة.. كيف أصبحت لعبة "قط وفأر" بين أميركا والصين؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • نقص المعادن الأرضية النادرة يهدد شركات السيارات الكهربائية في أميركا
  • تُناور الصين بورقة المعادن الأرضية النادرة في حربها التجارية مع أميركا
  • فرض البيت الأبيض رسومًا جمركية بنسبة 145% على السلع الصينية
  • الصين تشدد قيود تصدير المعادن الأرضية النادرة
  • التوصل إلى اتفاقية أميركية صينية هو الحل الوحيد لمعضلة المعادن النادرة

أضحت المعادن الأرضية النادرة السلاح الأبرز في الحرب التجارية الدائرة حاليًا بين أميركا والصين، وهما القوّتان الاقتصاديتان الأكبر في العالم.

وتُناور الصين باستعمال ورقة العناصر الأرضية النادرة في مسعى لدرء مخاطر الحرب التجارية التي تخوضها مع الولايات المتحدة، والتي تتجلى في شكل التعرفات الجمركية التي تفرضها إدارة ترمب على بكين، أملًا في الحدّ من نفوذها الاقتصادي وتغلغلها في سلاسل الإمدادات العالمية.

وفي أبريل/نيسان الماضي، فرضَ البيت الأبيض رسومًا جمركية نسبتها 145% على السلع الصينية؛ ما قابلته بكين بفرض رسوم جمركية على الواردات الأميركية وتشديد القيود على تصدير المعادن الأرضية النادرة إلى أميركا.

وتهيمن الصين -وهي البلد الوحيد المالك للتقنيات اللازمة لمعالجة بعض المعادن النادرة- حاليًا على 92% من الإنتاج العالمي من تلك العناصر في مرحلة المعالجة.

وحسب منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تضم قائمة العناصر الأرضية النادرة الـ17 اللانثانوم، والسيريوم، والبراسيوديميوم، والنيوديميوم، والبروميثيوم، والسماريوم، واليوروبيوم، والغادولينيوم، والتيربيوم، والديسبروسيوم، والهولميوم، والإربيوم، والثوليوم، والإتيربيوم، واللوتيتيوم، والسكانديوم، والإيتريوم.

نقص المعادن الأرضية النادرة

يرى خبراء أن نقص المعادن الأرضية النادرة من الممكن أن يعيد إلى الأذهان سيناريو نقص الرقائق الإلكترونية الذي ساد خلال مرحلة تفشّي جائحة فيروس كورونا المستجد "عام 2020"، الذي تسبَّب حينها بارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعمَلة في عموم أميركا.

وتحتكر الصين سلاسل إمدادات المعادن الأرضية النادرة الـ17 التي تُعدّ مكوناتٍ ضروريةً في العديد من السلع والمنتجات المستعمَلة يوميًا، بدءًا من السيارات إلى محركات الطائرات ومرورًا بالأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية وأجهزة التلفاز ذات الشاشات المسطحة، بل حتى صبغة التباين المستعمَلة في أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، وبعض أدوية السرطان.

وما زاد الطين بلّة هو تعمُّد الصين مؤخرًا زيادة صعوبة الحصول على المعادن النادرة بعد أن زادت قيود تراخيص تصدير تلك العناصر في شهر أبريل/نيسان الماضي؛ ما يُبطئ تدفُّق الشحنات المتجهة من البلد الآسيوي إلى معظم دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة.

عامل في منجم معادن نادرة بمقاطعة جيانغشي الصينية
عامل في منجم معادن نادرة بمقاطعة جيانغشي الصينية - الصورة من Getty Images

اجتماع لندن

يجتمع وفود من أميركا والصين في العاصمة البريطانية لندن حاليًا لبحث سُبل التوصل إلى اتفاقية جديدة لتخفيف توترات الحرب التجارية بين البلدين، وستكون المعادن النادرة بالتأكيد قضية محورية على طاولة النقاش.

وقالت مديرة برنامج أمن المعادن الحيوية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (the Critical Minerals Security Program at the Center for Strategic and International Studies) غريسلين باسكاران، إن الشركات الأميركية لديها الآن إمدادات لا تكفي سوى لنحو شهرين أو 3.

وأضافت باسكاران: "بعد ذلك من الممكن أن تُصاب صناعة المعادن الأرضية النادرة بالشلل التامّ ما لم تتوصل واشنطن وبكين إلى اتفاقية في هذا الإطار"، وفق تصريحات أدلت بها إلى شبكة "سي إن إن".

وفي 6 يونيو/حزيران الجاري، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن نظيره الصيني شي جين بينغ وافق على بدء تصدير منتجات المعادن النادرة، غير أن باسكاران قالت، إنّ تعهُّد جين بينغ ربما لا يكون كافيًا لشركات التصنيع الأميركية إذا تعاملت أيّ اتفاقية مع مسألة رفع القيود مؤقتًا فقط.

وتابعت: "سيكون من الصعب جدًا التنبؤ بملامح الصناعة خلال الشهور الـ3، أو الـ6، أو حتى العام العام المقبل بأكمله".

وتعتقد باسكاران أنّ تدفُّق شحنات صادرات المعادن النادرة لن يكون سريعًا بشكلٍ كافٍ، مقارنةً بمستوياتها السابقة، مضيفةً أن الشركات الأميركية ربما تستهلك قريبًا مخزوناتها من العناصر النادرة.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ - الصورة من alarabiya

غلق شركات السيارات الكهربائية

بات واضحًا أن شركات السيارات تستعد لجولة إغلاق واسعة خلال الشهور المقبلة نتيجة نقص المعادن الأرضية النادرة، وفق "سي إن إن".

وقبل 4 أعوام، تسبَّب نقص الرقائق الإلكترونية في توقُّف إنتاج السيارات، وهو ما رفع أسعار السيارات إلى مستويات قياسية.

وحسب سي إن إن: "الناس يعتقدون أن السيارات الكهربائية فقط هي ما تأثرت سلبًا جراء نقص العناصر النادرة، لكن هذا غير صحيح؛ إذ تأثَّر كل شيء في السيارات تقريبًا بدءًا من المحركات وأجهزة الاستشعار في أحزمة الأمان، وبناءً عليه، فإنني أعتقد أنه سيكون هناك تعطُّل بالإنتاج في كل مكونات السيارات".

وتابعت: "الصين وضعتنا فعليًا في وضع حرج"، وفق تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

واستشهدت غريسلين باسكاران بشركة فورد الأميركية لتصنيع السيارات التي اضطرت إلى وقف إنتاج طراز "إكسبلورر" في مصنعها بمدينة شيكاغو بولاية إلينوي لمدة أسبوع، بسبب نقص المغناطيسات، وفق تقارير.

لا بديل عن اتفاقية

قال الأستاذ في كلية كولورادو للمناجم، نائب مدير مركز إبداع المواد الحيوية (مركز بحثي أسّسته وزارة الطاقة الأميركية) رودريك إيغرت، إنه نظرًا لكون العناصر الأرضية النادرة مهمة بالنسبة للصناعات الأميركية، فإن هناك جهودًا متواصلة لإيجاد بدائل، مثل أنواع أخرى من المغناطيسات والمحركات الكهربائية التي لا تستعمِل تلك المغناطيسات على الإطلاق.

غير أن إيغرت أكد أن تلك البدائل كلّها يشوبها عيوب، مردفًا: "تلك البدائل تأتي على حساب الأداء؛ إذ إن تصميمات المحركات التي لا تستعمِل المغناطيسات على الإطلاق، تكون أقل كفاءة".

وبناءً عليه يرى الأكاديمي الأميركي أن الأمل الوحيد في تفادي توقُّف إنتاج السيارات الكهربائية في أميركا هو أن تتوصل الصين وأميركا إلى اتفاقية تعيد التدفّق الطبيعي للمعادن النادرة.

وتابع: "من مصلحة الصين أن تظل مصدرًا مستقرًا وموثوقًا للمغناطيسات النادرة، ومنتجات المعادن النادرة الأخرى، ومن سوء الطالع أن ما يحدث هو أن المعادن النادرة قد صارت رقمًا مهمًا في التوترات الكبيرة المرتبطة بالمفاوضات التجارية بين الصين وأميركا".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

1.نقص المعادن الأرضية النادرة وتأثيرها في أميركا من تقرير نشرته "سي إن إن"

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق