سوق النيكل تبحث عن طوق نجاة.. ما تأثير تخمة المعروض وصناعة البطاريات؟
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

تمرّ سوق النيكل -حاليًا- بمنعطف صعب يعكس تحولات عميقة في تركيبة العرض والطلب، مع تراجع التوقعات، لا سيما للاستعمال في البطاريات، مقارنة بما كانت عليه سابقًا.
وبحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، عانت السوق على مدار السنوات الـ3 الماضية من فائض في المعروض ناتج عن تعزيز إنتاج النيكل بإندونيسيا، وسط توقعات باستمرار هذا الوضع حتى عام 2030.
فقد ارتفع المعروض العالمي من النيكل المستخرج من المناجم بنحو 10%، ليقفز من 3.6 مليون طن في 2023 إلى 3.9 مليون طن خلال 2024، وكان لإندونيسيا وحدها الفضل الأكبر في هذا النمو، بنسبة 25%، وتمكنت من تعويض الانخفاضات في مناطق أخرى.
وأدى ذلك إلى هبوط الأسعار بنسبة 30% في النصف الثاني من 2024، مقارنة بمتوسط الأسعار في 2023، رغم صعودها بنسبة 20% تقريبًا في النصف الأول من العام، بسبب التوقعات بانخفاض المعروض العالمي وتقلُّص الفائض.
تأثير صناعة البطاريات في الطلب
تؤدي آسيا، وتحديدًا الصين وإندونيسيا، دورًا محوريًا في تحريك سوق النيكل عالميًا، سواء من حيث العرض أو الطلب.
فمنذ عام 2019، نما المعروض من النيكل في هذين البلدين بمعدل يتراوح بين 15% و20% سنويًا، في حين انكمش المعروض من بقية أنحاء العالم بمعدل 5% سنويًا، وفق التقرير الصادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي.
أمّا على مستوى الطلب، فقد ارتفع في الصين وإندونيسيا بمعدل 11% سنويًا، بينما تراجع في بقية دول العالم خلال معظم السنوات، باستثناء 2021 و2024.
وتعدّ الصين أكبر مستهلك للنيكل، وتمثّل نحو 60% من الإنتاج الطلب العالمي بين عامي 2020 و2024، وخاصة لإنتاج الفولاذ المقاوم للصدأ.
ومن المتوقع أن يرتفع استهلاكها من النيكل المرتبط بصناعة البطاريات، من 200 ألف طن إلى 1.3 مليون طن بحلول 2040، بحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية.
ومع ذلك، يكمن الخطر الحقيقي في التحول نحو بطاريات فوسفات الحديد والليثيوم (LFP)، التي تفوقت في الأداء والتكلفة وطول العمر على البطاريات المعتمدة على النيكل.
ففي الصين، أصبح هذا النوع يسيطر على إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، في حين بدأت الأسواق الأوروبية والأميركية تشهد تراجعًا ملحوظًا في الطلب على بطاريات النيكل.
وفي عام 2020، كانت 55% من تركيبات كاثود البطاريات تعتمد على النيكل، لكن التوقعات تشير إلى انعكاس هذا الاتجاه بحلول 2030، لتتجاوز الحصص السوقية للتركيبات غير المعتمدة على النيكل نسبة 55%، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وأظهر تقرير وود ماكنزي أن سوق النيكل تواجه اليوم فائضًا متفاوتًا بين فئاته المختلفة، إذ تشهد الفئة الأولى وكبريتات النيكل تخمة في المعروض، بينما بدأت فئة الدرجة الثاني تستعيد توازنها.
من جهة أخرى، توقّع التقرير ارتفاع إنتاج الفولاذ المقاوم للصدأ عالميًا بنسبة 4-5% سنويًا حتى 2027، ليصل إلى 71 مليون طن، بقيادة الصين والهند وإندونيسيا.
سياسات جديدة تربك سوق النيكل
في الوقت نفسه، شهدت أسعار النيكل في عام 2025 موجة ارتفاع مؤقتة عقب إعلان إندونيسيا تسعيرة مرجعية جديدة للخام، وتلويح الفلبين بحظر تصدير الخام ووقف منح تصاريح تعدين جديدة.
غير أن هذه المكاسب تأثرت مع دخول تعرفات تجارية أميركية جديدة حيز التنفيذ، لتغرق سوق النيكل في حالة من الارتباك.
فقد تسببت في تأثير مزدوج؛ إذ أدى إعلانها أولًا إلى إضعاف الدولار الأميركي، ما رفع أسعار المعادن الأساسية، لكن تطبيقها لاحقًا أدى إلى تراجع حادّ في كلتيهما.
وتكمن المفارقة في أن الولايات المتحدة تعتمد بنسبة 52% على واردات كندا من نيكل الفئة الأولى، ما يجعل التأثيرات المحتملة على المستهلكين الأميركيين كبيرة، بينما قد تستفيد منها صناعة الفولاذ المحلية حال فرض رسوم على واردات آسيا.

ورغم التحديات، ما تزال الصورة طويلة الأمد واعدة، إذ سيواصل الطلب على النيكل الارتفاع، ليبلغ أكثر من 5.5 مليون طن بحلول 2040، مدفوعًا بانتشار تقنيات الطاقة المتجددة، وفقًا لسيناريوهات وكالة الطاقة الدولية.
وبينما يتراجع دور النيكل في بعض أنواع البطاريات، فإن المواد الكيميائية الغنية بالنيكل ستظل مطلوبة في الأسواق الأوروبية والأميركية، حيث يفضّل المستهلكون السيارات طويلة المدى.
موضوعات متعلقة..
- صناعة النيكل في إندونيسيا تحت ضغط الموازنة بين زيادة الإنتاج والانبعاثات (تقرير)
- إمدادات المعادن الحيوية تتجه نحو المركزية.. وتحذير من هيمنة الصين وقيود التصدير
اقرأ أيضًا..
- طاقة الرياح البحرية العائمة تواجه شكوكًا.. استطلاع رأي يُظهر تراجع التفاؤل
- قيمة صادرات النفط العربية تهبط 9.2 مليار دولار في الربع الأول من 2025
- إنتاج البحرين من الغاز يهبط 707 ملايين متر مكعب في 3 أشهر
المصدر..