سياسة الهيدروجين في ألمانيا تتخلى عن "المثالية المناخية".. ماذا حدث؟
أسماء السعداوي
يقترب قطاع الهيدروجين في ألمانيا من أن يشهد مرحلة جديدة على طريقة إسهامه في تحقيق أهداف الطاقة والمناخ لدى الدولة صاحبة أكبر اقتصاد أوروبي.
فقد اتفق أعضاء الائتلاف الحاكم الجديد على الملامح المحدثة لإستراتيجية الهيدروجين التي تجمع بين سمات العملية والطموح وتوسع البنى الأساسية من بين أخرى، بحسب آخر تحديثات قطاع الهيدروجين العالمي لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وأبرز ما يميّز الخطة الجديدة، أنه من المقرر استعمال أنواع إنتاج الهيدروجين كافّة وليس الأخضر فحسب، وذلك باستعمال الغاز الطبيعي والطاقة النووية من أجل تلبية الطلب.
ويمثّل ذلك اختلافًا جوهريًا عن سياسات الحكومة السابقة التي ضاعفت هدف إنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول 2030 إلى 10 غيغاواط (من 5 غيغاواط سابقًا) لإنتاج نحو مليون طن سنويًا، وهو ما يلبي ما يصل إلى 35% من الطلب المتوقع.
خطة الهيدروجين في ألمانيا 2025
تستهدف خطة الهيدروجين في ألمانيا التي أعلنها الائتلاف الفائز بالانتخابات بقيادة المستشار فريدريش ميرتس مؤخرًا ما يلي:
- تسريع اقتصاد الهيدروجين.
- اتباع نهج أكثر عملية.
- استعمال كل أنواع الهيدروجين.
- التوسع المستمر لنطاق الشراكات ومرافق الاستيراد العابرة للحدود.
- توسع شبكة نقل الهيدروجين في ألمانيا، لربطها بمراكز الطلب الصناعي جنوبًا وشرقًا.
- تقليل الإفراط في التنظيم داخل القطاع.
- المواءمة -سريعًا- مع إستراتيجية الهيدروجين الأوروبية.
- الحد من البيروقراطية.
- تقليل التعقيدات التنظيمية المتهمة بعرقلة المشروعات سابقًا.
- وضع إطار عمل قانوني أكثر اتساقًا وبرامج محسّنة لمنح شهادات الهيدروجين.
- دعم محطات شحن المركبات التجارية بوقود الهيدروجين.
ووعد الائتلاف -الذي من المقرر أن يتولى الحكومة في شهر مايو/أيار المقبل- بتسريع تنفيذ إستراتيجية الهيدروجين التي أصدرها الاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز (2020) على المستوى التشريعي المحلي.
وبحسب المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة، تتوقع المفوضية الأوروبية أن يلبي الهيدروجين الأخضر نحو 10% من احتياجات الطاقة في دول الاتحاد الـ27، تحقيقًا لهدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وبحلول نهاية العقد الحالي في 2030، تنص الإستراتيجية الأوروبية على إنتاج 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر واستيراد 10 ملايين أخرى.
تحديات الهيدروجين الأخضر في ألمانيا
في تحول كبير عن الحكومة السابقة، تنص الخطة الجديدة لقطاع الهيدروجين في ألمانيا على استعمال كل أنواع الهيدروجين، ما دامت تلبّي أهداف المناخ بتقليل الانبعاثات.
وكانت الإدارة السابقة صارمة في تأكيد الهيدروجين الأخضر، لكنه خيار باهظ الثمن، كما تعالت المطالبات داخل الصناعة بنشر الهيدروجين الأزرق والتركوازي لتلبية الطلب خلال المراحل المبكرة للصناعة.
ويوضح الإنفوغرافيك أدناه -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أنواع الهيدروجين حسب طرق الإنتاج:
ويرى مراقبون تلك التغييرات بوصفها تحولًا "متعمدًا" من المثالية المناخية إلى واقعية الطاقة، بما يتضمّن أيضًا التركيز على الشمول التكنولوجي والتعاون الدولي وتبسيط الإجراءات التنظيمية.
ورغم كونه وقودًا نظيفًا يُسهم في هدف الحد من الكربون، فإن نشر الهيدروجين الأخضر يواجه تحديات سياسية بسبب الافتقار إلى سياسات واضحة وآليات تنظيمية متماسكة، واقتصاديًا تواجهه مشكلة ارتفاع تكاليف الإنتاج ومرافق البنية الأساسية مقارنة بالهيدروجين الرمادي أو الأزرق، وهو ما يتطلّب تقديم دعم حكومي سخي.
وعلاوة على تأثيرات طاقة الرياح والطاقة الشمسية في الحياة البرية ومعارضة السكان والتنوع البيولوجي، تُتهم مشروعات الهيدروجين الأخضر باستهلاك المياه اللازمة لعملية التحليل الكهربائي.
ورصدت منصة الطاقة المتخصصة في مارس/آذار 2025، أحدث مشروعات الهيدروجين الأخضر في ألمانيا عندما تلقت شركة التقنية العالمية "أندريتز" (ANDRITZ) طلبًا لتصميم وبناء محطة بقدرة 100 ميغاواط في مدينة روستوك.
ومن المتوقع أن تكون المحطة أحد أوائل المشروعات التي تغذّي شبكة الهيدروجين في ألمانيا وشبكة العمود الفقري الأوروبية.
وفي أبريل/نيسان 2025، أعلن مشغل شبكة الغاز الألمانية (Ontras) بدء تشغيل خط أنابيب لنقل الهيدروجين بطول 25 كيلومترًا وسعة نقل تصل إلى 2700 طن سنويًا من الهيدروجين.
ويربط الخط محطة تحليل كهربائي قيد الإنشاء (وسيبدأ تشغيله بنهاية هذا العام) بمصفاة تابعة لشركة توتال إنرجي الفرنسية في لوينا الألمانية.
تحديات وفرص الهيدروجين في ألمانيا
قدّم تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية، توصيات مهمة لتقليل العقبات أمام مشروعات الهيدروجين في ألمانيا.
وعلى نحو خاص، أشار التقرير الصادر بتاريخ 7 أبريل/نيسان 2025، إلى أن قطاعي النقل والصناعة والمباني هما العقبة الأكبر بمسار تحول الطاقة.
ولتحقيق تقدم صناعة الهيدروجين الألمانية وتعزيزها، رصدت الوكالة تأخيرات في اتخاذ قرارات الاستثمار النهائية نتيجة الآتي:
- المخاوف من شح الإمدادات.
- ارتفاع التكاليف.
- قلة التزام المشترين.
ورغم ذلك، أكدت الوكالة وجود فرصة اقتصادية ضخمة للاستفادة من الريادة التقنية والصناعية، والقدرة على التغلب على التحديات المرتبطة بالتكاليف والقبول المجتمعي، ووجود قدرات تنافسية صناعية.
وفي ضوء ذلك، طالبت الوكالة الحكومة بالتركيز على خلق الطلب من خلال تبني سياسات تحفيزية مثل شراء القطاع الحكومي للإمدادات ودعم العقود مقابل الفروقات.
موضوعات متعلقة..
- نقص إمدادات الهيدروجين في ألمانيا يوقف 23 محطة عن العمل
- فضيحة الهيدروجين في ألمانيا.. تحقيق يكشف تطورات صادمة
- بعد صفقة مصر.. الهيدروجين في ألمانيا يتلقى دعمًا بـ5 مليارات دولار
اقرأ أيضًا..
- انخفاض إيرادات النفط والغاز الروسية.. أعباء اقتصادية وسياسية تواجهها موسكو (مقال)
- خطة لإنقاذ شبكة الكهرباء بعد حرائق لوس أنجلوس.. واعتراف خطير للشركة
- احتجاز الكربون وتخزينه.. لماذا تغيّر الشركات الداعمة له موقفها؟ (تقرير)
- كيف يضر ترمب صناعة الغاز المسال الأميركية؟ الحجي يحدد "المستفيد الأكبر"
المصادر:
- سياسة الهيدروجين في ألمانيا من منصة "فيول سيل وركس".
- تقرير تحول الطاقة في ألمانيا من منصة الطاقة المتخصصة.
