قطاع الطاقة في الجزائر يترقّب 6 مشروعات ضخمة خلال سنوات
سامر أبووردة

يشهد قطاع الطاقة في الجزائر تحولات جذرية، ضمن رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز مكانة البلاد العالمية، وتنويع مصادرها، وتلبية الطلب المتزايد محليًا ودوليًا.
وتعمل الدولة العربية، الغنية بالموارد الطبيعية، على تنفيذ خطة طموحة في قطاع الطاقة، تتضمّن مجموعة من المشروعات الضخمة التي تشكّل ركيزة أساسية لمستقبل هذا القطاع الحيوي خلال السنوات المقبلة.
ووفقًا لمتابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يترقّب قطاع الطاقة في الجزائر تنفيذ 6 مشروعات إستراتيجية كبرى خلال السنوات المقبلة، تتوزّع بين مشروعات الربط الكهربائي الإقليمي، وزيادة إنتاج الغاز، وتطوير الطاقات المتجددة، والهيدروجين الأخضر، بالإضافة إلى تصدير الطاقة النظيفة إلى أوروبا.
ويأتي التوجه الإستراتيجي في ظل تحديات اقتصادية وجيوسياسية معقدة، تتطلّب من البلاد الاستفادة القصوى من مواردها الطبيعية، ولا سيما النفط والغاز والطاقة المتجددة، لتحقيق التنمية المستدامة وضمان أمنها الطاقوي.
وأعلنت الجزائر المشروعات على هامش مشاركة وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة محمد عرقاب، في افتتاح أعمال مؤتمر ومعرض البحر الأبيض المتوسط للطاقة "ميد إنرجي" المنعقد في مدينة رافينا الإيطالية، إذ قدّم ملامح الخطة الوطنية في مجال الطاقة، التي تعتمد على 3 محاور رئيسة هي: تعزيز الإنتاج الوطني، وضمان أمن التزود بالطاقة، وخفض البصمة الكربونية.
ويعكس التوجه مدى إدراك الدولة العربية الواقعة في شمال أفريقيا لأهمية دورها الإستراتيجي في أسواق الطاقة العالمية، لا سيما في ظل العلاقات المتنامية مع الشركاء الأوروبيين والعرب، ما يجعل قطاع الطاقة أمام مرحلة جديدة من التطوير والاستثمارات الكبرى.
إستراتيجية قطاع الطاقة في الجزائر
يشكّل قطاع الطاقة في الجزائر أحد الأعمدة الاقتصادية الأكثر أهمية، إذ تعتمد الدولة بصورة كبيرة على صادرات النفط والغاز في تمويل موازنتها العامة.
وتسعى البلاد إلى تعزيز مكانتها بصفتها محورًا رئيسًا في سوق الطاقة العالمية، لا سيما في ظل الطلب الأوروبي المتزايد على مصادر طاقة آمنة ومستدامة، بعيدًا عن مصادر التوترات الجيوسياسية.
وتبرز إستراتيجية قطاع الطاقة في الجزائر بوصفها خريطة طريق واضحة، تجمع بين تأمين احتياجات السوق المحلية، وتعزيز الصادرات، مع العمل على مشروعات متطورة تعزّز الشراكات مع الدول الأوروبية والعربية، وتكرّس مكانة البلاد بصفتها مزود طاقة موثوقًا في المستقبل.

ربط الشبكة الكهربائية بدول الجوار
يُعد مشروع ربط الشبكة الكهربائية الوطنية بدول الجوار من أبرز المشروعات الإقليمية التي تستهدفها البلاد لتعزيز أمن الطاقة وتكامل الشبكات في المنطقة.
ويشمل المشروع ربط الجزائر بكل من ليبيا، ومصر، وموريتانيا، بالإضافة إلى دول الساحل الإفريقي، بما يُتيح تبادل الكهرباء وتصدير الفائض من الإنتاج.
وتجري حاليًا دراسات فنية واقتصادية مكثفة لاختيار المسارات الأنسب لإنشاء خطوط الربط الكهربائي العابرة للحدود، مع توقيع اتفاقيات تعاون مع دول الجوار، رغم التحديات المتعلقة بالبنى التحتية والتوافق التقني بين الشبكات، فضلًا عن الأوضاع الأمنية في بعض المناطق الحدودية.
زيادة إنتاج الغاز إلى 200 مليار متر مكعب سنويًا
تسعى الجزائر إلى رفع إنتاجها السنوي من الغاز الطبيعي إلى مستوى 200 مليار متر مكعب خلال السنوات الخمس المقبلة، ضمن خطة استثمارية طموحة يقودها مجمع سوناطراك الوطني، لمواكبة الطلب العالمي المتزايد على الغاز، لا سيما من الأسواق الأوروبية.
ويرتكز المشروع على تكثيف أنشطة الاستكشاف في الصحراء، وتطوير الحقول المكتشفة، وتحديث البنية التحتية لنقل الغاز، مع التوسع في اتفاقيات الشراكة مع المستثمرين الدوليين، بهدف ضمان استدامة الصادرات وتحقيق الأمن الطاقوي الداخلي.
إدماج 30% من الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة
تولي الجزائر أهمية كبرى لإدماج الطاقة المتجددة في مزيجها الطاقوي، وتطمح إلى أن تمثّل 30% من إجمالي الطاقة المستهلكة محليًا بحلول عام 2035.
ويشمل المشروع إنتاج 15 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية، أُطلقت المرحلة الأولى منه عام 2024 بقدرة 3 آلاف و200 ميغاواط، موزعة على 20 موقعًا في 13 ولاية جزائرية.
ويهدف المشروع إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وخفض الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى خلق بيئة استثمارية جاذبة في قطاع الطاقة النظيفة، مع توفير فرص عمل جديدة للشباب الجزائري.
ممر الهيدروجين
في إطار جهودها للتحول الطاقوي، تعمل الجزائر على تطوير مشروع "ممر الهيدروجين الجنوبي" (SouthH2 Corridor)، الذي يستهدف نقل الهيدروجين الأخضر المنتج محليًا إلى أوروبا، ولا سيما ألمانيا عبر إيطاليا والنمسا.
ويطمح المشروع إلى تصدير نحو 4 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا، مستفيدًا من إمكانات البلاد الطبيعية واللوجستية، مع التزام صارم بالمعايير البيئية الدولية.
وتشمل مراحل المشروع إعداد الدراسات التقنية والاقتصادية، وإنشاء البنى التحتية اللازمة للإنتاج والنقل.
خط كهربائي بحري يربط الجزائر بإيطاليا
تخطّط البلاد لإنشاء خط كهربائي بحري يمتد تحت مياه البحر الأبيض المتوسط، ليربطها مباشرة بإيطاليا، ضمن خطة تصدير الكهرباء الخضراء المنتجة من الطاقات المتجددة.
وفي هذا الإطار، وُقّعت مذكرة تفاهم بين الجزائر وشركة إيني الإيطالية، لبدء إعداد دراسات الجدوى الفنية والبيئية، مع توقع أن يمتد الخط الكهربائي على مئات الكيلومترات، ما يعزّز صادرات الطاقة ويكرّس التزام الدولة العربية الأفريقية بالتحول نحو الطاقة النظيفة.
أنبوب الغاز الجزائري النيجيري
يُعد مشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري من أضخم المشروعات الطاقوية الأفريقية، إذ يربط حقول الغاز في نيجيريا بالشبكة الجزائرية مرورًا بالنيجر، بهدف تصدير الغاز إلى أوروبا عبر الجزائر.
وسيتيح المشروع نقل ما بين 20 و30 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا عبر خط أنابيب يمتد لأكثر من 4 آلاف كيلومتر، يربط بين نيجيريا والنيجر والجزائر.
ويمتد الأنبوب من مدينة واري في جنوب نيجيريا عبر النيجر إلى مركز توزيع الغاز بمنطقة حاسي الرمل، وتصل ميزانيته إلى أكثر من 13 مليار دولار.
ورغم التحديات الكبيرة التي يواجهها المشروع، ولا سيما انسحاب ممولين صينيين كانوا يتكفّلون بنسبة 85% من تمويله، فإن الجزائر ما تزال ملتزمة بالمضي قدمًا في إنجازه، لما يمثّله من أهمية اقتصادية وجيوسياسية كبرى على مستوى القارة الأفريقية.
واحتضنت الجزائر، في فبراير/شباط الماضي، أعمال الاجتماع الوزاري الرابع للّجنة التوجيهية لمشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، لتقييم التقدم المُحرَز في تنفيذ خريطة طريق المشروع المعتمدة خلال الاجتماعات السابقة.

وركّزت المناقشات على عدّة نقاط أساسية، أبرزها تحديث دراسة الجدوى، إذ صُودق على تعيين مكتب الدراسات "بنسبن" (PENSPEN) لتنفيذ هذه المهمة.
كما وُقّعت اتفاقيات تمويل وتنسيق مهمة تضمنت تقاسم الدول الثلاث تكاليف تحديث دراسة الجدوى بالتساوي، مع ضمان تنفيذ المدفوعات بشفافية، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية عدم الإفصاح لضمان سرّية البيانات والمعلومات المتعلقة بالمشروع.
موضوعات متعلقة..
- الجزائر تريد الربط الكهربائي مع مصر وليبيا
- 5 مقومات تمنح الجزائر الأولوية في تصدير الهيدروجين إلى أوروبا (مقال)
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية توقّع صفقة لتحويل مصفاة ينبع إلى مجمع بتروكيماويات متكامل
- شركة بتروكيماويات سعودية تربح 19 مليون دولار في 3 أشهر
- شركة عالمية: 3 دول عربية تقدم دورًا بارزًا في إمداد أوروبا بالوقود
- منصة حفر عملاقة تصل إلى ليبيا
المصادر: