زيادة قدرات محطات توليد الكهرباء تفرض إستراتيجيات شراء عاجلة (تقرير)
نوار صبح

- • مستقبل الكهرباء المولّدة بالغاز كان في حالة تقلّب على مدار معظم العقد الماضي
- • توربينات الغاز كانت قد توقفت عن العمل في عامي 2022 و2023
- • توليد الكهرباء بالغاز عالميًا بلغ 1615 تيراواط/ساعة في عام 2024
- • توليد الكهرباء بالغاز قد يرتفع بنسبة 7% سنويًا حتى عام 2027
فرض سعي محطات توليد الكهرباء لتأمين قدرة إنتاجية جديدة إستراتيجيات شراء عاجلة، وإعادة النظر في خطط توليد الكهرباء طويلة الأجل.
في هذا الإطار، يشهد قطاع توليد الكهرباء بالغاز، خصوصًا في الولايات المتحدة، انتعاشًا ملحوظًا، مدفوعًا بالطلب المتزايد على الكهرباء، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وعلى مدار معظم العقد الماضي، كان مستقبل الكهرباء المولدة بالغاز في حالة تقلّب، مستندًا إلى افتراض أن صعود مصادر الطاقة المتجددة والضغط المتزايد لإزالة الكربون سيؤديان تدريجيًا إلى التخلص من توليد الكهرباء المعتمد على الوقود الأحفوري، ومع نهاية عام 2023، بدأ انعكاس غير مسبوق بالظهور.
وصرّح رئيس شركة سيمنس إنرجي في أميركا الشمالية (Siemens Energy North America)، ريتشارد فوربيرغ، خلال كلمة ألقاها في مؤتمر باورجين الدولي في فبراير/شباط الماضي، بأن "توربينات الغاز قد توقفت عن العمل في عامي 2022 و2023".
الموافقة على توربينات الغاز
قال بعض العملاء: "إننا لن نتمكن أبدًا من الحصول على موافقة جهة تنظيمية على توربينات الغاز".
وأضافوا: "نحن نعزّز قدرتنا الإنتاجية، ونسعى لإنتاج المزيد من توربينات الغاز، ولا نستطيع إنتاج ما يكفي من توربينات الغاز لدعم هذا السوق".
من ناحيته، أعرب الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك فيرنوفا (GE Vernova)، سكوت سترازيك، عن دهشته المماثلة خلال فعالية لمستثمري الشركة في ديسمبر/كانون الأول 2024.

وقال: "لقد عملت في قطاع الغاز لمدة 12 عامًا، ولا أستطيع أن أتذكر وقتًا كان فيه قطاع الغاز أكثر ازدهارًا مما هو عليه الآن".
وأبلغ بعض الخبراء مجلة باور ماغازين، أن التحول الحاد في فرص توليد الكهرباء بالغاز لم يكن مفاجئًا تمامًا.
دور الكهرباء المولدة بالغاز في تحول الطاقة
لطالما عُرفت الكهرباء المولدة بالغاز بصفتها موردًا مؤقتًا، وشكّلت دعمًا أساسيًا لتحول الطاقة المتمحور حول إزالة الكربون.
واكتسبت زخمًا لسنوات بصفتها المورد الأكثر جدوى ونضجًا وسرعةً في النشر والتوزيع، لتحل محل التوليد القديم بالفحم والنفط، مع تسهيل دمج مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة لتحديثات القطاع.
وقد عزّزت صدمات العرض العالمية في الفترة 2022-2023، التي تفاقمت بسبب الطلب الصناعي المتزايد، الحاجة الملحة إلى تأمين الإمدادات وتوسيع البنية التحتية.
في الوقت نفسه، واجه قطاع الكهرباء مخاوف متزايدة بشأن الموثوقية، لا سيما خلال الظواهر الجوية القاسية، التي تفاقمت بسبب التأخيرات المستمرة في تطوير الموارد الجديدة، ويُعزى ذلك جزئيًا إلى الغموض التنظيمي، وبطء التراخيص، واختناقات النقل.
تجدر الإشارة إلى أن نطاق وسرعة انعكاس فرص الكهرباء المولدة بالغاز قد دُفعا مؤخرًا بسبب الارتفاع السريع في الطلب على الكهرباء، ما أجبر قطاع الطاقة على إعادة النظر في مزيج توليد الكهرباء على المدى الطويل. ونتيجة لتزايد الطلب بصورة ملحوظة، مدفوعًا بمراكز البيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي وغيرها من الأحمال الصناعية الضخمة، ازدادت توقعات الطلب غموضًا.
وقد رفعت شركة بي جيه إم إنتركونكشن (PJM Interconnection)، أكبر مشغل للشبكات في الولايات المتحدة، مؤخرًا، توقعاتها للأحمال على المدى الطويل.
وتتوقع الشركة زيادةً هائلةً قدرها 70 غيغاواط في ذروة الطلب الصيفي على مدار الأعوام الـ15 المقبلة، ليصل إجمالي ذروة الطلب الصيفي إلى 220 غيغاواط بحلول عام 2040.
ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي ذروة الطلب في الشتاء إلى 210 غيغاواط خلال المدة نفسها.

وتشير توقعات الأحمال طويلة المدى لمجلس موثوقية الكهرباء في تكساس (ERCOT)، وهي توقعات ساعية للسنوات الـ10 المقبلة، إلى ارتفاع حاد في ذروة الصيف خلال السنوات الـ7 المقبلة.
وصرّح نائب الرئيس الأول للخدمات الحكومية وخدمات الأعضاء لدى شركة بي جيه إم إنتركونكشن PJM، عاصم حق، مؤخرًا، للجنة فرعية بمجلس النواب الأميركي بأن "النظام يُستنزف، ولا تُواكبه الإضافات الجديدة".
وفي مجلس موثوقية الكهرباء في تكساس إركوت، تُشير توقعات الأحمال طويلة الأجل إلى ارتفاع مماثل في ذروة الصيف قدره 67 غيغاواط بحلول عام 2032، مدفوعًا بزيادة في الأحمال قدرها 148 غيغاواط بحلول عام 2030 من التعدين الرقمي، ومراكز البيانات، وإنتاج الهيدروجين، والاحتياجات الصناعية.
ونظرًا إلى هذه العوامل، حظيت الكهرباء المولدة بالغاز مؤخرًا بدعم سياسي مهم، وإلحاح القطاع الخاص، وزيادة الاستثمار في البنية التحتية.
ويكمن جوهر هذا التحول في الأولويات المتطورة لدى كبار مستهلكي الكهرباء، خصوصًا الشركات العملاقة. قبل 4 سنوات تقريبًا، كان المستهلكون يقولون إنه إذا كنا نبني مركز بيانات فلا بد أن يكون متجددًا.
وقبل عامَيْن تقريبًا، قالوا إننا نفضّل الطاقة المتجددة، واليوم، يهتمون بالكهرباء، هذا ما قاله المؤسس المشارك رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك (BlackRock)، لاري فينك، خلال مؤتمر سيرا ويك CERAWeek الذي نظمته وكالة إس آند بي غلوبال S&P Global بمدينة هيوستن في مارس/آذار الماضي.
الكهرباء المولدة بالغاز في مشهد الطاقة العالمي المتقلّب
في تقريرها الصادر في يناير/كانون الثاني الماضي بعنوان "الكهرباء 2025"، أشارت وكالة الطاقة الدولية "آي إي إيه" (IEA) إلى أن توليد الكهرباء بالغاز عالميًا بلغ 1615 تيراواط/ساعة في عام 2024، بزيادة قدرها 2.6% عن عام 2023. وأشارت الوكالة إلى أن ذلك يُمثل "مستوى عالميًا جديدًا".
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ظلت أكبر سوق للكهرباء المولدة بالغاز في العالم، نمت الكهرباء المولدة بالغاز لتصبح موردًا رئيسًا مُوازنًا للطاقة المتجددة في العديد من المناطق، بما في ذلك الصين والهند وجنوب شرقي آسيا.
وفي الصين تشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن توليد الكهرباء بالغاز قد يرتفع بنسبة 7% سنويًا حتى عام 2027، ويُعزى ذلك إلى حد كبير إلى تحديات تكامل الطاقة المتجددة، ومتطلبات المرونة، والطلب الصناعي.
من ناحيتها، تتطلّع المملكة العربية السعودية، وهي سوق ناشئة بارزة، إلى توسيع نطاق توليد الكهرباء بالغاز بشكل أكبر -بنسبة 10% سنويًا حتى عام 2027- لتعزيز انتقالها من النفط إلى الغاز وتحسين كفاءة النظام. وفي الوقت الحالي، لا تزال أوروبا "المنطقة الرئيسة الوحيدة التي انخفض فيها إنتاج الغاز".
وانخفض توليد الكهرباء بالغاز في المنطقة بنسبة 6% في عام 2024، ومن المتوقع أن تنخفض بنسبة 6% أخرى سنويًا حتى عام 2027، حيث يحل اعتماد مصادر الطاقة المتجددة وسياسات الكربون محل الوقود الأحفوري.

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية، بالنظر إلى الوضع ككل، أن يرتفع توليد الكهرباء بالغاز بمعدل سنوي متوسط يبلغ نحو 1% في عامي 2026 و2027.
ويكمن أحد أوجه الغموض الرئيسة في تحديات العرض وضغوط السوق العالمية المتعلقة بأسواق الغاز العالمية.
على سبيل المثال، يؤكد تقرير سوق الغاز، الصادر عن وكالة الطاقة الدولية للربع الأول من عام 2025، أن السوق لا تزال شديدة الحساسية لتأخيرات المشروعات والمخاطر الجيوسياسية وقيود البنية التحتية.
وعلى الرغم من التوقعات بأن تمثّل أميركا الشمالية 80% من إمدادات الغاز المسال الجديدة في عام 2025، فإن الانتكاسات في المشروعات الكبرى، مثل مشروع غولدن باس للغاز المسال، ومشروع إنرجيا كوستا أزول، قد دفعت الإنتاج المتوقع إلى أواخر عام 2025 أو ما بعده.
على صعيد آخر، أدى توقف نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا إلى توقع انخفاض واردات الغاز عبر خطوط الأنابيب الأوروبية بمقدار 15 مليار متر مكعب بحلول عام 2025، ما قد يزيد الطلب على الغاز المسال ويزيد من شحّ المعروض العالمي.
في الوقت نفسه، أدت اختناقات الشحن في قناتي بنما والسويس، بسبب الجفاف والتهديدات الأمنية في البحر الأحمر، إلى إطالة أوقات عبور الغاز المسال وارتفاع تكاليف الشحن، ما زاد من تقلبات أسواق الغاز.
موضوعات متعلقة..
- تشغيل محطات توليد الكهرباء بالفحم في الهند "بأقصى طاقتها"
- من يملك محطات توليد الكهرباء بالغاز في أميركا؟
- التكسير المائي يحمي أميركا من انبعاثات محطات توليد الكهرباء بالفحم (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- قطاع الطاقة في الجزائر يترقّب 6 مشروعات ضخمة خلال سنوات
- أرامكو السعودية توقّع صفقة لتحويل مصفاة ينبع إلى مجمع بتروكيماويات متكامل
- شركة بتروكيماويات سعودية تربح 19 مليون دولار في 3 أشهر
المصادر: