تحول الطاقة في أميركا يتلقّى طعنة من ترمب.. ما علاقة الفحم؟
سامر أبووردة

في خطوة مثيرة للجدل تهدّد مستقبل تحول الطاقة في أميركا، أطلق الرئيس دونالد ترمب سلسلة من الأوامر التنفيذية تهدف إلى إحياء صناعة الفحم المتراجعة في الولايات المتحدة، متحديًا بذلك توجهات الطاقة النظيفة التي تزداد انتشارًا على مستوى الولايات.
ويأتي هذا التوجه الجديد ليرسم مشهدًا معقّدًا أمام تحول الطاقة في أميركا، لا سيما في ظل الأزمات العالمية المتفاقمة في قطاع الطاقة والضغوط البيئية المتزايدة.
ووفقًا لمتابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن تحول الطاقة في أميركا، الذي كان يسير بخطى متسارعة خلال السنوات الماضية، يبدو الآن مهددًا بانتكاسة كبيرة بعد قرارات ترمب الأخيرة التي تُعيد الفحم إلى صدارة المشهد.
ففي الوقت الذي تبنّت فيه إدارة الرئيس السابق جو بايدن خططًا واضحة لتقليص الاعتماد على الفحم لصالح الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي، جاء ترمب ليقلب هذه السياسات رأسًا على عقب تحت شعار "إحياء صناعة الفحم".
ولا يخفى أن تحول الطاقة في أميركا ارتبط ارتباطًا وثيقًا بإستراتيجيات المناخ العالمية والالتزام باتفاقيات تخفيض الانبعاثات، غير أن خطط ترمب الجديدة قد تدفع الولايات المتحدة إلى الاصطدام مجددًا مع المجتمع الدولي، وسط تحذيرات من تأثير هذه العودة إلى الفحم في أمن الطاقة العالمي.
عودة الفحم إلى واجهة السياسة الأميركية
وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء 8 أبريل/نيسان 2025، أربعة أوامر تنفيذية مثيرة للجدل تهدف إلى دعم صناعة الفحم المتعثرة في البلاد.
وشملت هذه الأوامر توجيهات واضحة للوكالات الفيدرالية لرفع القيود عن تعدين الفحم، وإعطاء الأولوية لتأجير الأراضي الفيدرالية لهذا الغرض، بالإضافة إلى تعزيز استعمال الفحم في تشغيل مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي المتنامية في الولايات المتحدة.
وقال ترمب، خلال حفل التوقيع في البيت الأبيض: "نعيد إحياء صناعة كانت مهجورة، ونلغي اللوائح غير الضرورية التي استهدفت الفحم النظيف والجميل".
وأكد أن الفحم ضروري للأمن القومي والاقتصادي للولايات المتحدة، واصفاً إياه بأنه "أكثر مصادر الطاقة موثوقيةً واستدامةً وقوةً".

تحديات تحول الطاقة في أميركا
على الرغم من جهود ترمب الحثيثة، فإن تحول الطاقة في أميركا يواجه مقاومة كبيرة من قوى السوق، إذ تشير بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى أن الفحم شكّل 15% فقط من إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد عام 2024، في حين يواصل الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة التوسع على حساب الفحم.
وبلغ إنتاج الفحم الأميركي أدنى مستوياته في 60 عامًا خلال عام 2024، وسط استمرار إغلاق المناجم ومحطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم، بالإضافة إلى ضعف الطلب المحلي وتراجع فرص التصدير بسبب الرسوم الجمركية والتوترات التجارية.
ورغم أوامر ترمب، تخطط شركات المرافق الأميركية لإغلاق نحو 61 غيغاواط من محطات الكهرباء العاملة بالفحم بين عامي 2025 و2030، وهو ما يعادل أكثر من ثلث طاقة الفحم المتاحة حاليًا، بحسب تحليل أجرته شركة بلاتس.

تمويل فيدرالي لدعم الفحم
ضمن إستراتيجياته الجديدة، أعلن ترمب أن وزارة الطاقة الأميركية ستوفّر 200 مليار دولار من التمويل منخفض التكلفة لمشروعات البنية التحتية للطاقة، بما في ذلك مشروعات الفحم.
وتهدف هذه الخطوة إلى تحديث محطات الكهرباء الحالية أو إعادة تشغيلها وزيادة كفاءتها، بما يتناسب مع سياسات دعم الفحم في المرحلة المقبلة.
غير أن الخبراء يرون أن هذه التدابير لن تغيّر من واقع السوق كثيرًا، ولا سيما أن تشغيل محطات الفحم بات أكثر تكلفة مقارنة بالغاز والطاقة المتجددة، فضلًا عن التحديات البيئية والقانونية المرتبطة بانبعاثات الكربون والملوثات الأخرى.

مستقبل تحول الطاقة في أميركا
يعتمد تحول الطاقة في أميركا في جوهره على التخلص التدريجي من مصادر الطاقة عالية التلوث مثل الفحم، إلا أن ترمب يرى أن الفحم ما يزال يمثّل خيارًا إستراتيجيًا لا يمكن التخلي عنه بسهولة، لا سيما في ظل ارتفاع الطلب على الطاقة الناتج عن مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي والتوسع الصناعي الأميركي.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن تدخل ترمب لإنقاذ صناعة الفحم قد يُعرقل بصفة مؤقتة تحول الطاقة في الولايات المتحدة، لكنه لن يوقف المسار العام للتحول نحو الطاقة النظيفة على المدى البعيد، فالضغوط البيئية، إلى جانب التطورات التقنيّة، تدفع الشركات الأميركية بقوة نحو مصادر الطاقة البديلة، حتى في ظل السياسات الحكومية الداعمة للفحم.
وفي ظل تحذيرات الهيئات التنظيمية من مخاطر على موثوقية الشبكة الكهربائية الأميركية، يبقى السؤال المطروح: هل تنجح سياسات ترمب في فرض الفحم بوصفه خيارًا إستراتيجيًا أم أن تحول الطاقة في أميركا سيواصل مسيرته رغم كل التحديات السياسية والاقتصادية الراهنة؟
موضوعات متعلقة..
- تحول الطاقة في أميركا وأكبر 3 اقتصادات أوروبية.. حلم بعيد المنال (تقرير)
- تأجيل إغلاق ثاني أكبر محطة كهرباء تعمل بالفحم في أميركا.. انتكاسة لتحول الطاقة
اقرأ أيضًا..
- محطة الضبعة.. ماذا تعرف عن المشروع الأهم في البرنامج النووي المصري؟ (تقرير)
- مصافي النفط في أفريقيا.. 7 مشروعات تقود ثورة التكرير بالقارة خلال 2025
- مرحلة جديدة من مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية تشهد تنافس 47 شركة
- شركة بتروكيماويات سعودية تربح 19 مليون دولار في 3 أشهر
المصادر: