كيف تدرّ مشروعات الطاقة الشمسية أرصدة الكربون؟
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- مشروعات الطاقة الشمسية تسهم في خفض الانبعاثات وتحقيق الاستدامة
- بيع أرصدة الكربون من المشروعات يوفر مصدر دخل إضافيًا لتعزيز استثمارات الطاقة المتجددة
- ارتفاع أسعار الكربون واستقرارها ضروري لدعم الاستثمارات
- فاعلية أرصدة الكربون تعتمد على معايير صارمة لضمان كون التخفيضات حقيقية ودائمة
لم تعد مشروعات الطاقة الشمسية مصدرًا للطاقة فحسب، بل باتت حلًا يقودنا نحو عالم خالٍ من الانبعاثات، وأداة لتحقيق مكاسب مالية.
وتتداخل هذه المشروعات مع الأهداف البيئية لتفتح بابًا جديدًا في عالم أرصدة الكربون، الذي أصبح أداة محورية في المعركة ضد تغيُّر المناخ، ويحمل في طيّاته إمكانات اقتصادية ضخمة للمستثمرين.
ومن خلال خفض الانبعاثات عبر استبدال مشروعات الطاقة الشمسية بالطاقة التقليدية، يمكنها أن تدرّ أرصدة يمكن بيعها في أسواق الكربون العالمية، ثم تُترجم إلى ربح مادي.
ووفقًا لتقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، سيتطلب تحقيق ذلك المرور بسلسلة من الخطوات الدقيقة، تبدأ بتسجيل المشروعات في برامج معتمدة عالميًا، مرورًا بمراقبة خفض الانبعاثات وتوثيقه، وانتهاءً بعملية التحقق والبيع في الأسواق.
ما هي أرصدة الكربون؟
برزت أرصدة الكربون عملة جديدة في اقتصاد المناخ، تقاس بوحدة تعادل إزالة طن متري واحد من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وتؤدي دورًا رئيسًا في أسواق الكربون الطوعية والإلزامية، ما يتيح للجهات تحقيق أهداف خفض الانبعاثات عبر شراء أرصدة من مشروعات معتمدة.
وترتكز فاعلية الأرصدة على معايير صارمة لضمان وجود أثر بيئي حقيقي ودائم للتخفيضات.
وبينما أتاحت آلية التنمية النظيفة في وثيقة كيوتو للدول المتقدمة شراء شهادات خفض الانبعاثات المعتمدة من مشروعات نفّذتها الدول النامية، ثارت تساؤلات حول مدى مصداقية هذه المشروعات وتأثيرها الفعلي في المناخ.
وبحسب التقرير الصادر عن شركة الاستشارات إنفو لينك، تسهم مشروعات الطاقة الشمسية في توفير أرصدة الكربون عبر تقليل الاعتماد على الكهرباء المنتجة من الوقود الأحفوري لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة.
وتعتمد آلية هذه الأرصدة على قياس الفرق بين الانبعاثات التي كان يمكن أن تنتجها محطات الوقود الأحفوري وإنتاج محطات الطاقة الشمسية الخالي من الانبعاثات.
فعلى سبيل المثال، تسهم المرحلة الأولى من مشروع "مسكيت سولار" بولاية أريزونا بقدرة 170 ميغاواط في تعويض 190 ألف طن من انبعاثات الكربون سنويًا، كما يمكن لأنظمة الطاقة الشمسية أن توفر قرابة 3 آلاف و600 كيلوغرام سنويًا من ثاني أكسيد الكربون عند استبدال المولدات العاملة بالديزل.
بالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن بيع أرصدة الكربون من مشروعات الطاقة الشمسية يوفر مصدر دخل إضافيًا يعزز جدواها المالية، لكن تقييمها يعتمد على معدل انبعاثات الشبكة والمزايا الإضافية للمشروع، وضمان استدامة خفض الانبعاثات والتحقق منها.

كيف تستفيد مشروعات الطاقة الشمسية من أرصدة الكربون؟
إلى جانب فوائد مشروعات الطاقة الشمسية البيئية، توفر هذه الأنظمة فرصة اقتصادية من خلال بيع أرصدة الكربون، لكن سيتطلب ذلك الالتزام بمعايير صارمة تضمن موثوقيتها وقبولها، أهمها:
- تسجيل المشروع: يجب تسجيل مشروع الطاقة الشمسية في برنامج معتمد لأرصدة الكربون، مثل معيار الكربون المعتمد المُدار بوساطة منظمة "فيرا"، مع تقديم وثائق توضح تصميم المشروع وخفض الانبعاثات المتوقع ومنهجيات البرنامج المحددة.
- مراقبة أرصدة الكربون وقياسها: من خلال قياس كمية الكهرباء المنتجة وتحديد الانبعاثات المتجنَّبة بناءً على عامل الانبعاثات الخاص بشبكة الكهرباء في المنطقة، ففي المناطق التي تعتمد على الفحم، يكون عامل الانبعاث أعلى، أي إن كل ميغاواط/ساعة من الكهرباء الناتجة عن الطاقة الشمسية سيسهم في تقليل كمية أكبر من انبعاثات الكربون، ومن ثم الحصول على عدد أكبر من أرصدة الكربون.
- التصديق من طرف ثالث: يجب التحقق من خفض الانبعاثات من قبل جهة خارجية لضمان دقة البيانات والامتثال للمعايير المطلوبة.
- تحديد المشترين في أسواق الكربون: عندما تصبح أرصدة الكربون أصولًا قابلة للتداول، يمكن البحث عن منصات تداول مثل، بورصة تداول الكربون، أو تسويقها للشركات التي تحتاج إلى تعويض انبعاثاتها بشراء أرصدة كربونية.
- بيع الأرصدة وتحقيق العائدات: يمكن التفاوض مع المشترين على الشروط وإتمام الصفقات وفقًا لأسعار السوق والطلب ونوع أرصدة الكربون، ويسهم ذلك في تحقيق عوائد مالية، لكنها تتباين حسب الموقع.
على سبيل المثال، إذا كان هناك نظام طاقة شمسية بقدرة 7 كيلوواط ينتج 8.5 ميغاواط/ساعة من الكهرباء سنويًا، فإن ذلك يعادل 8.5 من أرصدة الكربون، ولكن العائد المالي من هذه الأرصدة يختلف حسب الموقع:
- في ولاية أوهايو، يمكن أن يكون العائد 29.75 دولارًا فقط.
- في ولاية ماساتشوستس، قد يصل العائد إلى 3 آلاف و145 دولارًا من خلال شهادات الطاقة الشمسية المتجددة (SREC).

مستقبل مشروعات الطاقة الشمسية في أسواق الكربون
يُعدّ تسعير الكربون المرتفع والمستقر أحد العوامل الحاسمة في دفع عجلة الاستثمارات نحو مصادر الطاقة النظيفة، وخاصة مشروعات الطاقة الشمسية، حيث يمنح الشركات والمستثمرين حافزًا اقتصاديًا واضحًا للتحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
فعندما يكون سعر الكربون متوقعًا وثابتًا -مثل 50 دولارًا لكل طن من الانبعاثات- تصبح الطاقة الشمسية أكثر جدوى.
كما أن هذا الاستقرار المالي يقلل من مخاطر الاستثمار، ويمكّن من التخطيط طويل الأجل لتوسيع نطاق مشروعات الطاقة الشمسية.
في المقابل، فإن غياب هذه الآلية يجعل بيع أرصدة الكربون من هذه المشروعات أقل جاذبية، ويتسبب ذلك في بطء وتيرة التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
موضوعات متعلقة..
- معدل التقاط الطاقة الشمسية في أوروبا يؤجّج منافسة أسعار الكهرباء بين الدول (تقرير)
- ارتفاع أسعار ألواح الطاقة الشمسية عالميًا.. وتوقعات بإفلاس جديد
- أكبر 10 دول في قدرة الطاقة الشمسية العاملة عالميًا بنهاية 2024 (إنفوغرافيك)
اقرأ أيضًا..
- مصادر: الجزائر تهدّد فرنسا بعقود النفط والغاز.. وسيناريو المغرب قد يتكرر
- ارتفاع إنتاج أرامكو السعودية من الغاز قرب 11 مليار قدم مكعبة يوميًا
- أكبر الدول المصدرة للبنزين في العالم.. بلدان عربيان بقائمة الـ10
المصادر: