الطلب على الطاقة عالميًا يُراهن على الهند.. قفزة اقتصادية بثوب منخفض الكربون
توقعات بنمو اقتصادي هائل بأثر مختلف عن الصين
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- حجم اقتصاد الهند قد يتضاعف 3 مرات ليصل إلى نحو 9 تريليونات دولار.
- قفزة متوقعة بالطلب على الطاقة في الهند تعزز الاقتصاد العالمي.
- روسيا والشرق الأوسط وأستراليا وإندونيسيا وجنوب أفريقيا من أبرز المستفيدين من زيادة الطلب الهندي.
- الهند بحاجة إلى استثمار 600 مليار دولار في قطاع الكهرباء خلال العقد المقبل.
من المتوقع أن يتخذ الطلب على الطاقة عالميًا منحنيات جديدة يرسمها الاقتصاد الهندي، ولكن بنكهة مختلفة، بخلاف التجربة الصينية مطلع الألفية، القائمة على التقنيات النظيفة والتحول إلى طاقة منخفضة الكربون.
وتوقع تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أن يصل حجم اقتصاد الهند إلى نحو 9 تريليونات دولار بحلول عام 2033، أي ما يقرب من 3 أضعاف حجمه البالغ 3.2 تريليون دولار في 2023، وسيُترجم إلى قفزة في الطلب.
وعلى الرغم من التشابه بين تجربتي الهند والصين؛ فإن الفروقات الجوهرية واضحة؛ فالقطاع الصناعي الهندي أقل استهلاكًا للطاقة، والبلاد أكثر استعدادًا لتبني تقنيات منخفضة الكربون.
وسيفتح هذا المسار الباب أمام تسريع الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، ويعزز من احتمالات تحقيق الهند هدف الحياد الكربوني قبل الموعد المستهدف في عام 2070.
الطلب على الطاقة في الهند
بحسب سيناريو الحالة الأساسية لشركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي، من المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة في الهند بنحو الثلث خلال العقد المقبل، لكن إن تجاوز الاقتصاد الهندي التوقعات، فإن وتيرة نمو الطلب قد تكون أكبر بكثير؛ ما يثير شهية الأسواق العالمية، تمامًا كما حدث خلال الطفرة الصينية في العقد الأول من الألفية.
ووفقًا لسيناريو النمو المرتفع لدى شركة وود ماكنزي، سيتضاعف حجم الاقتصاد الهندي بحلول عام 2033، مع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 50% تقريبًا، مقارنة بتوقعاتها السابقة.
وسيدعم ذلك إستراتيجية "صُنع في الهند" التي أُطلقت عام 2014، وأعطت أولوية للاستثمار في التصنيع والبنية التحتية، وتحول سلاسل التوريد بعيدًا عن الصين.
وتتوقّع شركة الأبحاث تضاعف الطلب على الفحم ليبلغ 2.2 مليار طن، في حين سيصل الطلب على النفط إلى 8.2 مليون برميل يوميًا، ارتفاعًا من 5.6 مليونًا العام الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، سيقفز الطلب على الغاز في الهند إلى أكثر من 100 مليار متر مكعب بحلول عام 2033، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
أما الطلب على الكهرباء؛ فسيشهد طفرة ليلامس حاجز 4 آلاف تيراواط/ساعة، مدفوعًا بالتوسع في التوليد من مصادر الفحم (38%) وطاقة الرياح والطاقة الشمسية (45%).

لماذا يختلف النمو السريع للهند عن النمو الصيني؟
في سيناريو النمو المرتفع، من المتوقع أن تصل الهند بحلول عام 2033 إلى إنتاج 340 مليون طن من الصلب الخام و690 مليون طن من الأسمنت، أي ما يعادل نحو ثلث ما أنتجته الصين في عام 2011.
وفي خضم هذا النمو، تشهد البنية الصناعية للهند تحولًا نوعيًا نحو التصنيع عالي القيمة، مع التركيز على الطاقة المتجددة والبطاريات المتقدمة، مدعومًا بالإعانات الحكومية والتطورات التقنية.
كما تتميز الهند بانخفاض واضح في كثافة استهلاك الطاقة مقارنة بنظيرتها الصين خلال طفرتها الاقتصادية في أوائل الألفينات، من خلال التوسع المستمر في حصة الطاقة المتجددة واعتماد المركبات الكهربائية.
وعلى الرغم من أن ارتفاع الطلب على الطاقة في الهند سيزيد من التنافس على السلع؛ فإن تأثيره في أسعار النفط سيبقى ضمن حدود ضيقة.
فوفق التقديرات، ستؤدي الزيادة في الطلب الهندي إلى رفع سعر خام برنت بما لا يتجاوز 1 إلى 3 دولارات للبرميل، مدعومًا بقدرة فائضة لدى تحالف أوبك+ تكفي لاستيعاب هذه الطفرة دون إشعال الأسواق، على عكس ما حدث في الطفرة الصينية.
وعلى جانب الغاز؛ فرغم أن الهند تستعد لزيادة طلبها على الغاز المسال بمقدار 10 ملايين طن سنويًا؛ فإن ذلك سيتزامن مع وفرة في الإمدادات العالمية تزيد على 200 مليون طن -أي ما يعادل 50% من المعروض العالمي الحالي- ما يُبقي الأسعار تحت السيطرة، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويكشف الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- وقوع الهند بالمركز الرابع بين أكبر 10 دول مستوردة للغاز المسال في 2024:
وفي قطاع الفحم، تُظهر التوقعات أن إنتاج الهند من الفحم الحراري قد يصل إلى 1.8 مليار طن بحلول عام 2033، ضمن سيناريو النمو المرتفع بدافع تعزيز أمن الطاقة المحلي.
ورغم ذلك؛ فستظل البلاد بحاجة إلى استيراد نحو 200 مليون طن من الفحم المنقول بحرًا؛ ما قد يرفع سعر الفحم البحري من 107 إلى 110 دولارات للطن بحلول 2033.
وبحسب تقرير وود ماكنزي، ستشهد انبعاثات الكربون ارتفاعًا مؤقتًا نتيجة التوسع السريع في استهلاك الفحم، لكن سيناريو النمو المرتفع قد يسرع تطوير سلاسل التوريد منخفضة الكربون ويمهّد الطريق لتسريع وتيرة إزالة الكربون بعد عام 2030.
الفرص والتحديات
خلال الوقت الذي تتجه فيه الهند نحو تحقيق نمو اقتصادي مرتفع، تبرز فرص واعدة لمنتجي الطاقة والموارد الطبيعية حول العالم، ولا سيما في روسيا والشرق الأوسط وأستراليا وإندونيسيا وجنوب أفريقيا، وسط توقعات بارتفاع الطلب على الطاقة في الهند.
ووفقًا لتقديرات وود ماكنزي، سيكون على المستثمرين العالميين التحرك سريعًا واغتنام الفرصة مبكرًا قبل أن تكثف الشركات المحلية حضورها.
وفي الداخل، تبدو التحديات جسيمة؛ إذ تحتاج الهند إلى استثمارات بقيمة 600 مليار دولار في قطاع الكهرباء خلال العقد المقبل لتلبية الطلب المتزايد، وتعزيز القدرات الإنتاجية، وتطوير الشبكات، وسلاسل الإمداد.
وبتبنّي سياسات داعمة مثل تبسيط إجراءات الموافقات، وتقديم حوافز مجزية لمشروعات الطاقة المتجددة، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، يمكن للهند تقليل اعتمادها على واردات السلع بعد عام 2035، وسيسهم ذلك في تحسين ميزان المدفوعات، وخفض الدين العام، وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي.
الخلاصة:
من المتوقع أن يقود النمو الاقتصادي السريع في الهند زيادة كبيرة بالطلب على الطاقة عالميًا، لكن بخطى مختلفة عن الصين، بفضل تركيز الهند على الطاقة المتجددة وكفاءة استهلاك الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- ازدهار الطاقة المتجددة في الهند لم يسرّع إزالة الكربون من شبكة الكهرباء
- تلبية أهداف الطاقة المتجددة في الهند تتطلب 300 مليار دولار حتى 2032 (تقرير)
- الطاقة المتجددة في الهند تواجه اختبار الزمن.. 100 غيغاواط تفصلها عن هدف 2030
اقرأ أيضًا..
- إنتاج الجزائر من الغاز يقفز لأعلى مستوى منذ مارس 2023
- قطاع الكهرباء في سوريا.. أرقام ترصد الأزمة الخانقة
- صادرات الديزل من الشرق الأوسط إلى أوروبا تهوي لأقل مستوى في 3 سنوات
المصدر: