الخلايا الشمسية والطاقة الحرارية الجوفية طوق نجاه للفلسطينيين
تقنية فلسطينية ثورية
داليا الهمشري

تمثّل الخلايا الشمسية طوق النجاة للشعب الفلسطيني في ظل ما يعانيه من قلة الموارد وعدم الاستقرار السياسي والحرمان من الكهرباء، لا سيما أن فلسطين تتمتع بـ300 يوم من الإشعاع الشمسي سنويًا.
وفي هذا الإطار، نجح المهندس الفلسطيني فراس بشارات في تنفيذ مشروع فريد من نوعه يعتمد على الإنارة الطبيعية واستعمال الخلايا الشمسية واستغلال الطاقة الحرارية الجوفية في مدرسة واد المغير بمدينة الخليل.
ويُعدّ هذا التصميم -الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- الأول من نوعه الذي يُطبَّق بمدرسة في فلسطين والشرق الأوسط بأكمله.
وتبلغ مساحة المدرسة نحو 2300 متر مربع، وتشمل 14 غرفة صفية، وتتّسع لأكثر من 550 طالبًا، كما يوجد في المدرسة 4 غرف تخصصية (مختبر علوم، ومختبر حاسوب، ومكتبة، وغرفة فنون وحرف)، بالإضافة إلى 3 غرف أخرى و3 مخازن و19 وحدة صحية.
وبلغت قيمة المشروع شبه النهائية نحو مليون و250 ألف يورو (مليون و355 ألف دولارًا أميركيًا)، بتمويل من الحكومة البلجيكية.
الإنارة الطبيعية
أوضح المهندس فراس بشارات -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أنه اعتمد في تصميمه على أن تدخل الإنارة الطبيعية إلى المدرسة من خلال فراغات الغرف الصفية، بحيث لا تقل نسبة الفتحات عن 20% من مساحة الغرفة.
وأشار إلى أنه قد استعمل نوافذ ألومنيوم في جميع الغرف الصفية والإدارية وغيرها حتى تسمح بدخول الإنارة الطبيعية، على أن تكون دائمًا على يسار الطالب حتى لا تُحدث ظلًّا خلال الكتابة، بالإضافة إلى جزء ثابت للإنارة في أعلى الباب، وفتحة زجاجية طولية في الباب نفسه للإنارة ومراقبة العملية التعليمية.

ويُعتَمَد على الإنارة الطبيعية في الممرات ومطالع الدرج بشكل يحول دون اللجوء إلى استعمال وحدات الإنارة، إلّا في حالات الظلام الناتجة عن الأحوال الجوية.
كما أنيرت الساحات الداخلية المغلقة من خلال فتحات في السقف بشكل يكفي للاستغناء عن وحدات الإنارة، إلّا في حالات الظلام الناتجة عن الأحوال الجوية أيضًا.
ترشيد استهلاك الطاقة
اعتمد تصميم المهندس الفلسطيني على ترشيد استهلاك الطاقة من خلال استعمال لوحة تحكّم بإنارة المدرسة في غرفة السكرتارية.
ويستطيع المسؤول التحكم في إنارة المدرسة من خلال إغلاق المفتاح الذي يتحكم في القاطع الرئيس لجسر الإنارة في اللوحة الفرعية لكل طابق عند انتهاء الدوام، وفي الأيام التي تكون فيها الانارة الطبيعية كافية.
ولفت المهندس فراس بشارات إلى أنه اعتمد -كذلك- على الخلايا الشمسية في تصميمه، في ظل توجهات وزارة التربية والتعليم الفلسطينية التي تدعو إلى استغلال المساحات الواسعة على أسطح المدارس لإنشاء محطات شمسية، حتى تصبح المدارس منتجة للكهرباء.
وأشار -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى أنه استعمل الأنظمة نفسها التي اتّبعتها وزارة التربية والتعليم في تركيب المنظومات الشمسية، وهي:
1- نظام عدّاد منفصل يحسب إنتاج النظام، وعدّاد آخر من شبكة الكهرباء لحساب الاستهلاك من الشبكة، بحيث يجري الاحتساب بشكل منفصل، وبتعرفة مختلفة تحددها سلطة الطاقة الفلسطينية.
2- نظام عدّاد صافي القياس، بحيث يُحتسَب صافي القياس في نهاية العام.
3- نظام خلايا شمسية مع نظام بطاريات لأحمال الطوارئ، واعتُمِد هذا النظام في مدينة غزة بسبب ظروفها الخاصة، وكثرة انقطاع التيار الكهربائي من الشبكة.
استعمال الطاقة الحرارية الأرضية
قال بشارات، إنه عمل على استغلال الحرارة الجوفية في باطن الأرض "الجيوثيرمال" لتدفئة المدرسة خلال فصل الشتاء وتبريدها في فصل الصيف، من خلال عمل خنادق وقنوات داخل الأرض تنقل حرارتها الثابتة صيفًا وشتاءً إلى الغرف المدرسية.
كما بُنيَت مداخن على سطح المدرسة بنهاياتها ألواح زجاج شمسية تهدف لتسخين الهواء وشفطه، لعمل حركة وتدوير وتهوية بالغرف الصفية.
وأضاف أن تطبيق هذه الأنظمة الحديثة والصديقة للبيئة في المدارس يهدف إلى حصول الطلبة على جو مناسب، وبيئة جاذبة وصحية للطلبة خلال العام الدراسي، من خلال التدفئة خلال فصل الشتاء، وبرودة صفوف المدرسة خلال فصل الصيف.
آلية عمل نظام "الجيوثيرمال"
تعتمد آلية عمل نظام "الجيوثيرمال" لتكييف الغرف الصفية من باطن الأرض على أن درجة حرارة الأرض تكون ثابتة على مسافة 5 أمتار بنحو 17 درجة مئوية.
ومن ثم، فإن فكرة النظام تقوم على نقل طاقة الحرارة من باطن الأرض من خلال الخنادق الخراسانية المبنية على عمق 5 أمتار، وبدرجة حرارة الأرض الثابتة، ونقلها من خلال هذه الممرات والإنفاق عبر الجدران الخراسانية للغرف الصفية، بحيث تكون مناسبة صيفًا وشتاءً.
وأُنشئت مداخل الخنادق خارج المبنى بطول 80 مترًا وبعمق 5 أمتار، وتمتد عبر أنفاق وممرات في الأرض وصولًا إلى المدرسة.
ووُزِّعَت مخارج عبر نظام التهوية بالمدرسة، وكذلك وُصِّلَت مخارج الهواء على السطح عبر مداخن بارتفاعات مختلفة تصل إلى 5 أمتار، ويعتمد النظام على الهواء فقط دون أيّ وسائل ميكانيكية أو كهربائية مثل المضخات أو المراوح أو ما شابه ذلك .
وتؤدي حركة الهواء عند المداخل أو عند المداخن على سطح المدرسة إلى حدوث فرق في الضغط الجوي داخل الأنفاق التي يوجد لكل منها فتحة في كل غرفة صفية.
ونتيجة لفرق درجة حرارة الهواء بين خارج المبنى وداخل الغرف الصفية، ودرجة حرارة الهواء الصاعد من باطن الأرض عبر هذه القنوات، فإن الهواء البارد القادم من الأنفاق يدخل إلى الغرف الصفية من الفتحة المخصصة لذلك.
وبذلك يطرد التيار البارد الهواء الساخن الأخفّ وزنًا الذي يرتفع للأعلى ويخرج عبر المداخن للسطح في فصل الصيف، ويحدث العكس خلال فصل الشتاء.
كما توجد فتحة في كل غرفة صفية لإدخال الهواء الذي يحمل درجة حرارة الأرض الثابتة في فصل الصيف والشتاء، وفتحة أخرى ليخرج عبر عملية تدوير وتبديل الهواء.
فحص فاعلية النظام
أوضح المهندس فراس بشارات -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أنه عزلَ المبنى من الداخل لمنع التبادل الحراري بين الخارج وداخل المبنى لضمان عدم تشكُّل كتل حرارية داخل المبنى باستعمال مادة عازلة "راندوبان" للجدران.
كما ركّبَ نوافذ من الألومنيوم المعزول وزجاج مكون من طبقتين لعدم نقل الحرارة.

كما نُفِّذَت غرفة صفية واحدة في المدرسة لا تخضع للنظام؛ لعمل دراسات وإحصائيات، وفحص مدى فاعلية النظام.
ولفت بشارات إلى أنه بعد دراسة مدى فاعلية النظام سيُدرَس إمكان تعميمها في بناء مدارس أخرى.
وأكد أن النظام يضمن أن تكون المدرسة صديقة للبيئة، مع إقامة نظام تدفئة غير مكلف وفاعل في الوقت نفسه، وتوفير مناخ جاذب للطلاب.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة الشمسية في فلسطين تشهد تطورًا مهمًا
- رغم الحصار.. فلسطين تتوسع في الطاقة الشمسية بمشروع جديد
- مشاريع الطاقة الشمسية الفلسطينية تنتج 50 ميغاواط كهرباء
اقرأ أيضًا..
- توقف تصدير أول شحنة غاز مسال موريتانية.. السفينة في البحر منذ شهر
- تباين توقعات الطلب على النفط في 2025 بين المؤسسات الكبرى (تقرير)
- مفاجآت بالجملة في واردات 7 دول عربية من النفط والغاز والفحم الروسي
- أبرز حقول النفط في اليمن.. 5 مواقع رئيسة واحتياطيات بـ3 مليارات برميل