إنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا يوفّر ميزة مزدوجة.. المغرب ومصر ضمن القائمة
دينا قدري

تمثّل الآفاق الواعدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في أفريقيا إحدى نقاط جذب الاهتمام بالقارة السمراء، إذ يمكنها توفير ما يكفي من الوقود لتلبية الطلب المحلي، فضلًا عن توفير إمدادات للتصدير إلى أوروبا بصفة خاصة.
ووفق التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، سلّط الباحث والأستاذ في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، عبدالصمد فايق، الضوء على الهيدروجين بوصفه "نقطة تحول"، لأنه يستعمل الكهرباء المتجددة لفصل الماء إلى هيدروجين وأكسجين من خلال التحليل الكهربائي.
فعلى عكس إنتاج الهيدروجين التقليدي الذي يعتمد على الوقود الأحفوري، والذي ينتج ما يُسمى الهيدروجين الرمادي أو الأسود، يقلّل الهيدروجين الأخضر من انبعاثات الكربون ويستفيد من الموارد المتجددة.
وصرّح فايق -في مقابلة نشرتها منصة موروكو وورلد نيوز (Morocco World News)- بأن موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح عالية الجودة في أفريقيا توفّر ميزة تنافسية؛ إذ يُمكن خفض تكلفة الإنتاج بشكل كبير عند دمج كلا المصدرين، ما قد يجعل القارة موردًا واعدًا للأسواق المحلية والصادرات العالمية.
وأوضح فايق أن العديد من الدراسات تشير إلى أنه بحلول عام 2050، يُمكن لأفريقيا إنتاج ما يصل إلى 40 ميغا طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا، "ملبيةً بذلك الاحتياجات المحلية وأسواق التصدير العالمية".
مزايا الهيدروجين الأخضر في أفريقيا
أكد الأستاذ في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، عبدالصمد فايق، أن الهيدروجين الأخضر يوفّر لأفريقيا ميزة مزدوجة.
- أولًا، يمكنه تقليل الانبعاثات الصناعية في القطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها تاريخيًا، مثل النقل الثقيل والإنتاج الكيميائي.
- ثانيًا، يمهّد الطريق لمزيد من الاستقلال في مجال الطاقة من خلال تعزيز الوصول إليها.
وضرب فايق مثالًا على كيفية استعمال الهيدروجين الأخضر لتحقيق الاستقرار في الشبكات التي تدمج مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة، ما يحسّن من موثوقية الطاقة وسعة التخزين.
ويُمكن لهذا النهج المتكامل الذي يربط بين توليد الكهرباء والنقل والصناعة، أن يخلق أنظمة بيئية محلية للطاقة تدفع عجلة التنمية الاقتصادية.
وفي حديثه عن الآثار الاقتصادية للتحول إلى الهيدروجين الأخضر، قال فايق إنه قد يُقلّل من اعتماد القارة على الوقود الأحفوري المستورد، ويُساعد في التخفيف من تقلبات أسواق الطاقة العالمية.
وأشار إلى أن تجربة المغرب مع تقلبات أسعار الغاز الطبيعي خلال الأزمات الجيوسياسية، تُعدّ مثالًا على المخاطر المرتبطة بالاعتماد على الوقود الأحفوري.
وعلى سبيل المثال، كان للحرب بين روسيا وأوكرانيا، التي بدأت في أوائل عام 2022، تأثير كبير في أسواق الطاقة العالمية، وأدت إلى انقطاعات حادة في إمدادات الغاز الطبيعي. كما ارتفعت أسعار الغاز والكهرباء في أوروبا بعد بدء الحرب.

وأضاف فايق أن الاستثمار في الهيدروجين الأخضر يُمكّن الدول الأفريقية من خلق فرص عمل، وتعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي، وبناء قاعدة صناعية جديدة تتمحور حول التكنولوجيا النظيفة، وفق التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وشدّد فايق على أن المغرب ليس وحيدًا في سعيه نحو الهيدروجين الأخضر؛ فهناك العديد من الدول في جميع أنحاء القارة تُطلق مشروعات تعكس طموح أفريقيا المتزايد في هذا القطاع.
فعلى سبيل المثال، تُمضي موريتانيا قدمًا في مشروع "أمان" لإنتاج 1.7 مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا. كما تخطط مصر لإنتاج 260 ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا لتصديرها إلى ألمانيا.
بينما تتطلّع كل من ناميبيا وجنوب أفريقيا إلى تحقيق هدف إنتاج نحو 300 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا بحلول عام 2030.
الهيدروجين الأخضر في المغرب
تحدّث الباحث عبدالصمد فايق عن سعي المغرب حاليًا إلى مبادرتَيْن رئيستَيْن في قطاع الهيدروجين الأخضر.
- المبادرة الأولى هي إستراتيجية حكومية تهدف إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته للتصدير بصورة أساسية إلى الأسواق الأوروبية.
وتدعم هذه المبادرة قائمة طويلة تضم نحو 40 مشروعًا من 30 تحالفًا.
وفي 6 مارس/آذار 2025، اختار المغرب 5 مستثمرين للمرحلة الأولى، بـ6 مشروعات في مناطقه الجنوبية، بقيمة إجمالية تبلغ 319 مليار درهم مغربي (32.7 مليار دولار).
- المبادرة الثانية يقودها المكتب الشريف للفوسفاط (OCP)، الذي يستهدف إنتاج مليون طن من الأمونيا الخضراء بحلول عام 2027، مع خطط لزيادة الإنتاج إلى 3 ملايين طن بحلول عام 2032.
وتتمثّل إستراتيجية المكتب الشريف للفوسفاط في شقَيْن: إزالة الكربون من إنتاج الأسمدة، وترسيخ مكانة المغرب بوصفه مصدرًا رئيسًا للأمونيا الخضراء.
وسيكون المكتب الشريف للفوسفاط المستورد الرئيس للأمونيا الخضراء المنتجة، مع خطط لتصدير أي كميات زائدة إلى الأسواق العالمية، ما يضمن مكانة المغرب الإستراتيجية بوصفه لاعبًا رئيسًا في تجارة الأمونيا الخضراء العالمية.
ويمتد نهج المغرب ليشمل البنية التحتية الحيوية اللازمة لمثل هذه المشروعات الطموحة.
وتستثمر المملكة في مرافق المواني، حيث يُعدّ الجرف الأصفر والمحمدية بالفعل مركزَيْن رئيسَيْن للتجارة الدولية، وستعزّز المحطات القادمة في طرفاية والداخلة قدرات التصدير بشكل أكبر.
بالإضافة إلى ذلك، يُدمج المغرب الطاقة المتجددة في شبكته من خلال مشروعات واسعة النطاق، مثل محطة الطاقة الشمسية في ورزازات، التي تُنتج أكثر من 580 ميغاواط من الكهرباء.
وتضمن محطات تحلية مياه البحر عدم تأثير ندرة المياه في إنتاج الهيدروجين، إذ يُعدّ الماء المادة الخام الأساسية للتحليل الكهربائي.
ومن خلال ربط إنتاج الهيدروجين الأخضر بتحلية مياه البحر، سيساعد هذا النهج في التخفيف من ندرة المياه، وتحسين إمدادات المياه وفاعليتها من حيث التكلفة للاستعمالات المنزلية والزراعية والصناعية.
موضوعات متعلقة..
- زخم مشروعات الهيدروجين الأخضر في أفريقيا يتجمد خلال 2024.. ماذا حدث؟
- الهيدروجين الأخضر في أفريقيا ينتعش بـ41 مشروعًا.. 4 دول عربية بالقائمة
- الهيدروجين الأخضر في أفريقيا.. ترشيح 3 دول عربية لأفضلية التصدير (خاص)
اقرأ أيضًا..
- تباين توقعات الطلب على النفط في 2025 بين المؤسسات الكبرى (تقرير)
- ارتفاع إنتاج أرامكو السعودية من الغاز قرب 11 مليار قدم مكعبة يوميًا
- فصل الهيدروجين عن مزيج الغاز الطبيعي.. أكبر مشروع تجريبي في العالم
- صادرات كوريا الجنوبية من السيارات الهجينة تصعد 62%.. وتراجع الكهربائية
المصادر: