تعزيز مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا يتطلب مشاركة أكبر للقطاع الخاص (دراسة)
داليا الهمشري

تمثّل مشروعات الطاقة المتجددة في أفريقيا فرصًا واعدة لتنويع مصادر توليد الكهرباء وضمان أمن الطاقة في القارة التي تحظى بموارد طبيعية هائلة.
وفي هذا الإطار، أجرى الرئيس التنفيذي لشركة نقل الكهرباء الأوغندية جوشوا كاراماجي دراسة -حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- كشف خلالها أبرز الفرص والتوصيات التي تدعم تطور الدول الأفريقية في قطاع الطاقة.
وأوضحت الدراسة أنه على الرغم من أن منطقة شرق أفريقيا تتمتع بإمكانات هائلة من النفط والغاز ومن الموارد المتجددة من طاقتي الشمس والرياح والطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية، فإنها ما تزال تواجه أزمة نقص الكهرباء، باستثناء مصر وليبيا.
وتُعدّ قارة أفريقيا من بين أقل معدلات استهلاك الكهرباء للفرد على مستوى العالم، بمتوسط 750 كيلوواط/ساعة للفرد في عام 2023، مُقارنةً بمتوسط عالمي يزيد على 4 أضعاف (3150 كيلوواط/ساعة للفرد في عام 2023).
مزيج الطاقة الحالي
يتنوع مزيج توليد الطاقة وأنماط الاستهلاك في البلدان الأفريقية، ويتأثر بعوامل مختلفة، بما في ذلك توافر الموارد، والتنمية الاقتصادية، والسياسات الإقليمية.
ويشمل مزيج توليد الطاقة الحالي -وفقًا للدراسة- ما يلي:
1- الوقود الأحفوري: الذي يعتمد عليه العديد من الدول الأفريقية بشكل كبير، وخاصةً الغاز الطبيعي والفحم، كما تمتلك دول مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا محطات طاقة كبيرة تعمل بالفحم، بينما يؤدّي الغاز الطبيعي دورًا متزايدًا، لا سيما في شمال أفريقيا وغربها.
2- الطاقة المتجددة: هناك تحول متزايد نحو مصادر الطاقة المتجددة، مدفوعًا بالحاجة إلى التنمية المستدامة وتوفير الطاقة.
وتتصدر الطاقة الشمسية المشروعات -خصوصًا- بفضل وفرة أشعة الشمس، إذ تستثمر دول مثل كينيا وجنوب أفريقيا بكثافة في مشروعات الطاقة الشمسية، كما تشهد طاقة الرياح نموًا ملحوظًا، لا سيما في دول مثل المغرب.
3- الطاقة الكهرومائية: ما تزال تمثّل مصدرًا رئيسًا للكهرباء، لا سيما في إثيوبيا وزامبيا وأوغندا، إلّا أن الاعتماد على هذا النوع من الطاقة ما يزال عرضة لتقلبات المناخ.
4- الطاقة النووية: على الرغم من محدودية استعمالها، فإن بعض الدول -مثل جنوب أفريقيا- تعتمد على الطاقة النووية بمثابة جزء من مزيج الطاقة لديها.

وقد يشهد المستقبل اهتمامًا أكبر بالطاقة النووية في إطار إستراتيجيات تحقيق الحياد الكربوني، وتتطلع دول في منطقة شرق أفريقيا -مثل أوغندا وكينيا- لإضافة التقنية النووية إلى مزيج الطاقة بحلول عام 2040.
الاتجاهات المستقبلية
لخّصت الدراسة مشهد الطاقة الحالي في قارة أفريقيا في الاتجاهات التالية:
- الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة: هناك زيادة ملحوظة في الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة، التي غالبًا ما تدعمها التمويلات والشراكات الدولية.
- أطر السياسات: يعمل العديد من البلدان على وضع إستراتيجيات وطنية للطاقة لتعزيز أمن الطاقة، وتشجيع مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين الوصول إليها.
- تغير المناخ: تتزايد آثار تغير المناخ وضوحًا، مما يؤثّر بأنماط إنتاج الطاقة واستهلاكها، وخاصة في المناطق المعتمدة على الطاقة الكهرومائية.
- النمو الاقتصادي: ما تزال الحاجة إلى طاقة موثوقة لدعم النمو الاقتصادي محور تركيز بالغ الأهمية، إذ يتطلع العديد من البلدان إلى تنويع مصادره للطاقة.
وأوضح جوشوا كاراماجي أن قطاع الطاقة في أفريقيا يشهد -حاليًا- تطورًا ملحوظًا، مع التركيز الكبير على الاستدامة والمرونة في مواجهة تغير المناخ والطلب المتزايد.
فرص تنويع مصادر الكهرباء
لفتت الدراسة إلى أن دول شمال أفريقيا تدرك بشكل متزايد ضرورة تنويع مصادر توليد الكهرباء، لا سيما من خلال تسخير مصادر الطاقة المتجددة.
ويعود هذا التحول إلى مجموعة من العوامل، منها: نضوب الوقود الأحفوري، ومخاوف أمن الطاقة، والالتزامات بخفض الانبعاثات الكربونية، وفيما يلي بعض الفرص الرئيسة:
1- التوسع في الطاقة الشمسية:
تمثّل الطاقة الشمسية فرصة مهمة لتنويع مصادر الطاقة في شمال أفريقيا، حيث تستفيد المنطقة من الإشعاع الشمسي العالي؛ ما يجعلها مثالية لمشروعات الطاقة الشمسية واسعة النطاق.
وأطلقت دول -مثل المغرب والجزائر- مبادرات كبيرة في مجال الطاقة الشمسية، مثل مجمع نور للطاقة الشمسية في المغرب.
ويمكن أن يؤدي توسيع القدرة الشمسية من خلال تقنيات الطاقة الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة (CSP) إلى تعزيز توليد الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
2- تطوير مشروعات طاقة الرياح:
تتمتع دول شمال أفريقيا -مثل مصر وتونس- برياح ساحلية قوية مناسبة لمشروعات طاقة الرياح، ويمكن للاستثمار في مزارع الرياح البرية والبحرية أن يزيد بشكل كبير من إسهام الطاقة المتجددة.
على سبيل المثال، استثمرت مصر في مزرعة رياح جبل الزيت، التي زادت إنتاجها من الطاقة المتجددة بشكل كبير.
3- استغلال الطاقة الكهرومائية:
تستعمل دول -مثل الجزائر والمغرب- الطاقة الكهرومائية، ويمكن أن يؤدي تحسين كفاءة المحطات الحالية والنظر في مشروعات الطاقة الكهرومائية صغيرة الحجم إلى تنويع مزيج الطاقة.
ورغم أن دول شمال أفريقيا لا تمتلك أنظمة نهرية واسعة النطاق مقارنةً بالمناطق الأخرى، فما يزال من الممكن تطوير مشروعات الطاقة الكهرومائية الصغيرة الحجم والمتوسطة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي دمج الطاقة الكهرومائية مع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى إلى توفير إمدادات طاقة أكثر استقرارًا.
4- الطاقة الحرارية الأرضية:
تُوفر الطاقة الحرارية الأرضية فرصًا غير مستكشفة بعد، خاصة في المناطق ذات النشاط البركاني، إذ تمتلك دول -مثل الجزائر- موارد طاقة حرارية أرضية كامنة، يُمكنها، في حال استغلالها، أن تُوفر مصدر طاقة موثوقًا به ومستدامًا.
ويمكن للاستثمارات في تقنيات الطاقة الحرارية الأرضية واستكشافها أن تُعزز تنويع مصادر الطاقة.
5- حلول الطاقة الحيوية:
طاقة الكتلة الحيوية: يمكن أن يساعد استعمال النفايات الزراعية والبلدية في إنتاج الطاقة، ويمكن أن تشمل المشروعات محطات الهضم اللاهوائي ومحطات توليد الطاقة من الكتلة الحيوية.
محاصيل الطاقة: يمكن أن توفر زراعة محاصيل الطاقة المخصصة مواد خامًا للكتلة الحيوية، لا سيما في المناطق الريفية؛ ما يُوفر موارد طاقة محلية.
6- أنظمة تخزين الطاقة:
الاستثمار في حلول تخزين الطاقة (مثل البطاريات والطاقة الكهرومائية المُضخَّة): يُعدّ أمرًا بالغ الأهمية للتغلب على عدم موثوقية الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما يساعد في ضمان إمدادات كهرباء مستقرة وموثوقة.
الأنظمة الهجينة: يُمكن أن يُحسّن الجمع بين توليد الطاقة المتجددة والتخزين إنتاج الطاقة، ويعزز موثوقية الشبكة.
7- الربط الإقليمي:
تعزيز الربط الكهربائي مع الدول المجاورة يمكن أن يسهم بتعزيز التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، وتُعدّ مشروعات مثل الربط بين المغرب والبرتغال نماذج يُحتذى بها.
كما يمكن لمشروعات الطاقة الشمسية واسعة النطاق في أفريقيا أن تسهم في تصدير الطاقة إلى أوروبا، مما يعود بالنفع على المنطقتين ويعزز الاستثمار.
8- الدعم السياسي والتنظيمي:
حوافز الطاقة المتجددة: يُمكن لتطبيق سياسات مُيسّرة مثل تعرفات التغذية، والحوافز الضريبية، أن يُشجّع الاستثمار.
الشراكات بين القطاعين العام والخاص: يُمكن لإشراك مستثمرين من القطاع الخاص أن يُسرّع تطوير المشروعات ويُقلّل المخاطر المالية.
9 - بناء القدرات والتعليم:
برامج التدريب: يُمكن أن يسهم تطوير الخبرات المحلية في تقنيات الطاقة المتجددة من خلال برامج التعليم والتدريب في ضمان الاستدامة ونجاح المشروعات.
حملات التوعية: يُمكن لتثقيف المجتمعات حول فوائد الطاقة المتجددة أن يُحفّز الدعم الشعبي، ويزيد من التوسع في المشروعات.
توصيات للحكومات والقطاع الخاص
قدّمت الدراسة توصيات للحكومات والقطاع الخاص لتشجيع استمرار التعاون والاستثمار بمشروعات الطاقة المستدامة في أفريقيا وهي:
- ينبغي للحكومات الحفاظ على علاقات دبلوماسية قوية مع الدول المانحة.
- ينبغي للحكومات ضمان أن تُشجع القوانين والسياسات في بلدانها هذا الاستثمار المطلوب من خلال الإعفاءات الضريبية وغيرها من الحوافز لجذب المستثمرين للمشاركة في تطوير البنية التحتية.
- يمكن للقطاع الخاص المساعدة في تطوير ابتكارات في مجال البنية التحتية تساعد الحكومات في تحقيق أهدافها التنموية بشكل أسرع أو بتكلفة أقل.
- لا بدّ للقطاع الخاص من بناء شراكات مع الحكومات المحلية والمجتمعات المحلية وأصحاب المصلحة الآخرين لتطوير مشروعات تلبي الاحتياجات المحلية، وتحظى بدعم واسع.
موضوعات متعلقة..
- أمن الطاقة في أفريقيا.. البحث عن مزيج متوازن من المصادر المتجددة والتقليدية (تقرير)
- الطاقة المتجددة في أفريقيا تستفيد من موارد النفط والغاز الوفيرة
- استثمارات الطاقة المتجددة في أفريقيا ترتفع إلى مستوى قياسي (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- الغاز القطري يصل سوريا قريبًا.. القصة كاملة
- وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعات الطلب على النفط.. وتحذر من التوترات التجارية
- حصري - سوريا تعلن موقفها من استيراد النفط السعودي وتفعيل خط الأنابيب العراقي
- 3 دول عربية تتجه لخفض أسعار الوقود.. ومصر في طريقها إلى الرفع