مشروعات تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ تهدّد بزوال بحيرة إسكتلندية (تقرير)
محمد عبد السند

- تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ يهدّد النظام البيئي في بحيرة نيس
- تسابق شركات الطاقة الزمن من أجل سد الطلب المتنامي على الكهرباء
- محطة كهرباء فويرز بُنيت في عام 1974 وبعد غياب 40 عامًا
تُثير مشروعات تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ المتزايدة في بحيرة لوخ نيس الإسكتلندية، قلقًا متناميًا إزاء تناقص منسوب مياه البحيرة، والإخلال بنظامها البيئي الدقيق.
وتعتمد محطات الطاقة الكهرومائية على استعمال الكهرباء الزائدة خارج أوقات الذروة، لدفع المياه إلى أعلى التل حيث يوجد خزان احتجاز.
وفي الوقت الذي تسابق فيه شركات الطاقة الزمن من أجل سدّ الطلب المتنامي على الكهرباء، يحذّر منتقدو مشروعات تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ في لوخ نيس من التذبذبات الواضحة في عمق البحيرة.
ويؤدّي التذبذب المذكور، في النهاية، إلى إحداث فوضى في نظام البيئة الشاطئية، وتعطيل التيارات الطبيعية داخل البحيرة، وربما رفع درجة حرارتها.
ووفق تقرير صدر في العام قبل الماضي (2023) حول التأثيرات الاقتصادية لمحطات تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ، فإن الجيل المقبل من تلك المخططات قد يصل قيمته في الاقتصاد إلى 21 مليار جنيه إسترليني (27 مليار دولار أميركي).
سحب ملايين اللترات من المياه
أعادت محطة تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ فويرز (Foyers) شحن نفسها؛ إذ سحبت ملايين اللترات من المياه إلى خزان أعلى تل خلفها، لتكون جاهزة لإطلاق تلك المياه عبر توربيناتها، بهدف تعزيز إمدادات الكهرباء في المملكة المتحدة.
وأدّى هذا إلى تراجع منسوب المياه في لوخ نيس، وهي أكبر مسطح مائي عذب في المملكة المتحدة، بواقع 14 سنتيمترًا في غضون ساعات.
ويرى بريان شو -وهو خبير الأسماك في المياه العذبة الذي يدير مجلس مصايد سمك السلمون في منطقة نيس- أن تراجع منسوب البحيرة المذكور بمثابة تحذير من أشياء مقبلة.
وقال: "وردتني شكوى بشأن انخفاض منسوب مياه بحيرة لوخ نيس بواقع قدم الليلة الماضية"، مضيفًا: "تراجع منسوب البحيرة بواقع 6 بوصات خلال يوم، وهذا ما كان له أن يحدث بصورة طبيعية".
وبُنيت محطة الطاقة الكهرومائية فويرز في عام 1974، وبعد غياب 40 عامًا، فرضت عملية تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ نفسها مجددًا على الأجندة، وطرحت معها أسئلة جديدة بشأن من يملك تلك المياه.

ثورة الطاقة الخضراء
تسابق شركات الطاقة الزمن للتغلّب على أحد أكبر التحديات التي تواجه ثورة الطاقة الخضراء، والمتمثلة في تخزين الكهرباء الزائدة من مزارع الرياح الكبيرة التي تُبنى حاليًا حول المملكة المتحدة لإتاحة احتياطي طاقة يمكن الاستعانة به في مواكبة ذروة الطلب، والأيام التي تنعدم خلالها موارد الرياح.
ويأمل المطوّرون في بناء 11 مشروعًا لتخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ بسعة مجمعة قوامها 10 غيغاواط؛ ما يعادل 10 محطات طاقة نووية كبيرة، للمساعدة على تحقيق مستهدف حكومي يصل إلى 8 غيغاواط من الكهرباء المُخزَّنة خلال مدة طويلة بحلول عام 2030.
وتتركّز معظم المشروعات في المرتفعات الإسكتلندية، مع وجود مشروعَيْن في شمال إمارة ويلز، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وخُصصت بحيرة لوخ نيس لـ3 من تلك المشروعات، وهي الأكبر بين جميع المسطحات المائية في المملكة المتحدة؛ اثنان منها بحجم مماثل لحجم فويرز.
ومع ذلك، فإن المشروع الـ3 الواقع في منطقة غلين راتش على الجانب الشمالي من البحيرة، سيكون أحد أقوى المشروعات المخطط لها، التي تولّد ما يصل إلى 30 غيغاواط/ساعة من الكهرباء.
وسيتكلّف بناء المحطة قرابة 3 مليارات جنيه إسترليني (4 مليارات دولار أميركي)، غير أن داعميها يقولون إن المحطة البالغة سعتها 2 غيغاواط لديها ميزة كبيرة على منافساتها المحلية، وهي أنها ستستغل الجاذبية.
ويقع خزان غلين إيراتش (Glen Earrach) في بحيرة لوخ نام بريك ديرغا، أسفل جبل صخري يرتفع بنحو 500 متر فوق مستوى سطح البحر، وتحيط به أكوام من الثلج ومستنقعات الخث المتجمدة.
وقال شخص تمتلك أسرته العقار الذي سيُنفّذ فيه المشروع رودريك ماكليود: "إذا استعملنا كمية المياه نفسها، وحجم الأنفاق نفسه، وكذلك بالنسبة إلى الآلات من الحجم نفسه، فإنك تحصل على طاقة أكبر بواقع 3 مرات إلى جانب كهرباء مخزّنة بواقع 3 مرات، وبالتالي ستحصل على 3 أضعاف الفائدة التي يحصل عليها المستهلك".

جدل مثار
أثارت مقترحات غلين إيراتش المذكورة قلقًا محليًا؛ إذ تُعدُّ تلك الخطة الـ3 من نوعها المقترحة بالنسبة إلى بحيرة لوخ نيس، كما أنها المحطة الأكبر من نوعها في المملكة المتحدة.
وقدّمت أكثر من 12 وكالة وهيئة حفاظ على البيئة وشركات محلية اعتراضات أو حتى طرحت تساؤلات بشأن محطة غلين إيراتش مع وحدة موافقات الطاقة التابعة للحكومة الإسكتلندية، التي تُشرف على طلبات محطة الطاقة.
وإذا تخوّف المنتقدون من أنه إذا حصلت جميع المحطات الـ4 على الضوء الأخضر، فمن الممكن أن يؤثّر هذا بقوة في النظام البيئي الدقيق لبحيرة لوخ نيس، وأسماك السلمون المهاجرة فيها، وشركات الرحلات البحرية الترفيهية، والمواقع الأثرية، بما في ذلك جزيرة كرانوغ التي يُطلق عليها جزيرة ما قبل التاريخ.
ووفق تقديرات بريان شو، فإنه إذا أعادت جميع محطات الطاقة ملء خزاناتها في آنٍ واحد، فإن منسوب مياه بحيرة لوخ نيس من الممكن أن يتراجع بنحو 1.2 مترًا، أو بواقع 27 مترًا مكعبًا.
وإذا ما جرى تفريغ جميع تلك المياه فجأة، فإن هذا سيؤدي إلى اختلال نظام المياه الدقيق للبحيرة ودرجات حرارة المياه؛ ما يؤثر في صغار أسماك السلمون.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة الكهرومائية المخزنة بالضخ.. طريق يدعم توفير الكهرباء النظيفة
- تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ يشهد طفرة عالمية بقيادة الصين (تقرير)
- تخزين الطاقة الكهرومائية بالضخ في الهند يضيف 2500 ميغاواط جديدة
اقرأ أيضًا..
- قرار مفاجئ من دولة أفريقية يهدد أسعار الكوبالت عالميًا
- معدن نادر في المغرب يتهافت عليه العالم يشهد صفقة استحواذ
- أقدم بئر نفطية في سلطنة عمان.. قصة طريق طويل قاد إلى حفر "دوكة-1"
المصادر: