أنس الحجي: سياسات ترمب تجاه كندا متناقضة.. وهذا أثرها في أسواق النفط
أحمد بدر

بعد توليه رئاسة أميركا بأيام، هدد الرئيس دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على واردات بلاده من كندا، وخاصة على الألومنيوم والفولاذ، كما هدد بفرض ضرائب بقيمة 10% على النفط المستورد منها.
يقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن مسألة فرض الرسوم على النفط تمثل أهمية كبيرة؛ لأن ثلثي واردات أميركا من النفط الخام تأتي من كندا.
ولكن، وفق الحجي، يرى البعض أن الواردات قليلة؛ لأن أميركا تشتري 4 ملايين برميل يوميًا من النفط الكندي، في حين تستهلك نحو 21 مليون برميل يوميًا، وهذا كلام غير صحيح؛ لأن الملايين الـ4 من النفط المتوسط والثقيل الحامض، أما الاستهلاك الأميركي فيشمل كل الأنواع؛ فلا توجد مقارنة.
وأوضح أن الـ4 ملايين برميل من النفط الكندي، يجب مقارنتها باستهلاك أميركا من النفط المتوسط والثقيل، الذي يبلغ 6 ملايين برميل يوميًا، ومن ثم فإن هذه النسبة كبيرة جدًا، وفرض ضرائب عليها سيؤدي إلى مشكلات اقتصادية كثيرة، وزيادة معدلات التضخم.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، الذي يقدمه الحجي -أسبوعيًا- عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، والتي جاءت هذا الثلاثاء تحت عنوان "النفط بين ترمب وكردستان والعراق وألمانيا".
تناقض سياسات ترمب
قال أنس الحجي إن الأزمة الحقيقية تكمن في تناقض سياسات ترمب؛ إذ إنه في الوقت الذي يهدد بفرض عقوبات على النفط الكندي، يريد أن يعيد بناء خط الأنابيب السابق الذي أغلقه بايدن؛ فإذا كان لا يريد النفط من كندا ويفرض عليه ضرائب، فلماذا يريد استكمال الأنبوب؟
وأوضح أن أنبوب النفط بين أميركا وكندا، يمكن أن يضخ نحو 800 ألف برميل يوميًا، ولكن حتى إذا استُكمِل؛ فمن الواضح تمامًا من خطة ترمب أن الأمر شخصي أكثر منه يهم أميركا في المستقبل.
وبرر مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة رؤيته لـ"شخصنة الأمر"، بأن النفط الكندي يصل إلى أميركا على كل الحالات؛ إذ يُحمل على متن القطارات ويأتي إلى الولايات المتحدة؛ فإذا مد الأنبوب فهذا يعني أنه لن يُحمل في القطار؛ فلماذا أغلق بايدن الأنبوب؟
وأضاف: "هم يقولون إن السبب هو تغير المناخ؛ إذ حصل شيء غريب قبل أن يغلق بايدن الأنبوب؛ حيث أقام مئات الشباب والبنات معسكرًا في مكان وصلة الأنبوب بين كندا وأميركا، وجلسوا هناك في حدود 3 أشهر، ولكن الغريب أن هؤلاء تركوا أعمالهم وجلسوا بالصحراء لأشهر متواصلة".
والقضية -بالطبع- أنه اتضح في وقت لاحق أنهم كانوا يحصلون على رواتب خلال معسكرهم؛ ما يعني أن هناك من له مصلحة في حدوث هذا الأمر؛ إذ إن أكبر ممول للحزب الديمقراطي وحملات وأوباما الانتخابية، وهو أيضًا أحد أشهر المستثمرين في العالم، هو الذي يملك خط القطار.
وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، يملك هذا المستثمر شركة القطارات التي تنقل النفط من كندا إلى أميركا، وهو الذي قال لباراك أوباما، ثم قال لجو بايدن ألا يبنوا هذا الأنبوب؛ لأن الأرباح التي يحققها هائلة جدًا من نقل النفط على خط السكة الحديدية".
ومن ثم؛ فإن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يُصفي في الوقت الحالي حساباته مع الجميع، والآن يريد أن يصفي حساباته مع هذا المستثمر، ويفلس له شركته، من خلال بناء الأنبوب، الذي سيمر فيه النفط؛ ومن ثم لا تحصّل القطارات إيرادات نقل النفط.

الضرائب على النفط الكندي
قال أنس الحجي إن نهاية الأزمة الحالية -غالبًا- ستكون عدم فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضرائب على واردات بلاده من النفط الكندي؛ لأن آثار هذه الرسوم الجمركية ستكون سيئة جدًا على مستويات كثيرة.
فمن ناحية الأنبوب، هناك إشكالية مع الشركات التي ستنشئ مشروعات؛ إذ إن أغلب مشروع الشركات الكبيرة طويلة المدى، تمتد بين 20 و30 عامًا، في حين أن الدورة السياسية في أميركا قصيرة جدًا، عامين للكونغرس و4 أعوام للرئاسة، و6 أعوام لمجلس الشيوخ.
وأضاف: "إذا كان كل رئيس جديد سيأتي بعد 4 سنوات يريد التغيير، وتضع الشركات مليارين أو 3 مليارات أو 20 مليار دولار استثمارات ثم تتوقف مع تغير الرئيس؛ فإن هذه الشركات ستعزف عن الاستثمار، وهذا ما حدث خلال السنوات الأخيرة".
وأوضح أنس الحجي أنه في هذه الحالة، لن يكون من مصلحة الشركات الآن أن تستثمر في أنبوب النفط وتنهيه لبدء الضخ فيه؛ لأنه قد يأتي بايدن آخر ثم يوقفه، أو أن يسمح الرئيس ترمب بإكماله ثم تقيم جمعيات حماية البيئة دعاوى قضائية.
وفي هذه الحالة، ستُعلَّق الاستثمارات التي ضُخت بالأنبوب في المحاكم لعدة سنوات، ثم تنتهي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تمامًا في عام 2028، وهي نهاية مدته الرئاسية، في حين أن المحاكم لم تزَل تنظر الموضوع.
لذلك، ترى الشركات أنه لا داعي للتعلق بهذا الموضوع لمدة طويلة دون أي مقابل؛ لذلك من غير المتوقع استكمال الأنبوب على كل الحالات، ولكن المضحك في الأمر أنه لا يوجد نفط إضافي لضخه في الأنبوب؛ إذ إن النفط المنقول في القطارات هو الوحيد الذي يمكن أن يتحول، ولكن لا توجد كميات إضافية.
وتابع: "كندا بنت أنبوبًا جديدًا تم الضخ فيه من العام الماضي إلى الغرب، وهذه أول مرة تصدر فيها كندا النفط بنفسها، رغم أنها أحد أكبر المنتجين في العالم؛ إذ كان كل ضخها إلى الولايات المتحدة، وطبعًا هناك تخوف شديد في كندا مما يفعله ترمب؛ لذلك انهارت أسهم شركات النفط الكندية".
موضوعات متعلقة..
- 8 أسباب قد تُحبط خطة ترمب للاستحواذ على المعادن في أوكرانيا
- هل يستطيع ترمب زيادة المخزون الإستراتيجي.. وكيف خدع دول الخليج؟ (تقرير)
- ما علاقة ترمب برفض المصافي الأميركية للنفط المكسيكي؟ أنس الحجي يجيب
اقرأ أيضًا..
- انخفاض جودة النفط المكسيكي يهدد المصافي الأميركية.. ارتفاع نسبة الماء والملح
- صادرات الجزائر من الغاز المسال تسجل انخفاضًا تاريخيًا بسبب دولتين
- نتائج أعمال أدنوك للتوزيع في 2024 تصعد بالأرباح إلى 725 مليون دولار
المصدر..