استعمال الهيدروجين في الشحن البحري ليس حلًا سحريًا للانبعاثات (دراسة)
قد يشكل مخاطر كبيرة
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- قطاع الشحن العالمي يعتمد على الوقود الأحفوري بنسبة 99%
- انبعاثات الكربون في الشحن البحري تصل إلى 700 مليون طن سنويًا
- الغاز الطبيعي المسال يشكل 6% فقط من إجمالي الطلب على الوقود البحري
- تحول القطاع إلى الأنظمة المكهربة ما زال محدودًا ويقتصر على الرحلات القصيرة
- حرق الهيدروجين ليس نظيفًا تمامًا ويصدر انبعاثات أخرى غير ثاني أكسيد الكربون
- إنتاج الهيدروجين عبر حرق الوقود الأحفوري ضار للبيئة وتسربه للغلاف الجوي خطير
كثر الحديث عن ضرورة استعمال الهيدروجين في الشحن البحري، بديلًا للوقود الأحفوري المستعمل تاريخيًا في تشغيل السفن والناقلات بنسبة 99% حتى الآن.
وبحسب دراسة حديثة، حصلت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، يبلغ استهلاك قطاع الشحن البحري من الوقود الأحفوري قرابة 325 مليون طن متري سنويًا، ما يمثّل 5% من إجمالي الطلب على النفط عالميًا.
ويشكّل زيت الوقود الثقيل، المتبقي من عمليات التكرير بعد مراحل التقطير والتكسير، قرابة 51% من الطلب على وقود السفن عالميًا، أو ما يعادل 109 ملايين طن متري سنويًا.
بينما يستحوذ زيت الوقود الخفيف، وهو أحد منتجات التقطير، على قرابة 30% من الطلب، في حين يشكّل الديزل والديزل الأحمر قرابة 12% و16% من الطلب على التوالي.
بدائل الوقود الأحفوري في الشحن البحري
تشتهر أنواع الوقود الأحفوري المستعملة في قطاع الشحن البحري بكثافة عالية من الطاقة، ومستويات أعلى من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن احتراقه.
وتبلغ انبعاثات الشحن البحري عالميًا قرابة 700 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، بالإضافة إلى انبعاثات أخرى من أكاسيد النيتروجين، وأكاسيد الكبريت والجسيمات الدقيقة، بحسب الدراسة المعدة من معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.
ويوضح الجدول التالي -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- خريطة القطاعات المسببة لانبعاثات الاحتباس الحراري في عام 2023:
وتقترح مبادرات تحول الطاقة، التوسع في استعمال الهيدروجين بالشحن البحري أو استعمال بدائله، مثل الأمونيا والإيثانول، أو التوجه نحو الكهربة.
كما زاد الاهتمام بتحول القطاع إلى الغاز الطبيعي المسال بصورة انتقالية بالنظر إلى أن انبعاثاته أقل بكثير من أنواع الوقود المشتقة من النفط الخام.
ويواجه كل خيار من هذه الخيارات فرصًا وتحديات، فعلى سبيل المثال كان استعمال البطاريات في البيئات البحرية محدودًا تاريخيًا؛ بسبب انخفاض كثافة الطاقة والعمر القصير للبطاريات.
ورغم ذلك، فقد أدّت تطورات انخفاض تكاليف البطاريات وتحسّن أدائها إلى اتساع نطاق استعمالها في القطاع البحري، لكنه لا يزال مقتصرًا على الرحلات البحرية قصيرة المدى دون الطويلة، وسط شكوك حول جدواه الاقتصادية والتشغيلية.
تحديات الغاز المسال في الشحن البحري
كثيرًا ما يُروّج للغاز المسال بوصفه بديلًا منخفض الكربون، يمكن الاعتماد عليه لمدة انتقالية بدلًا من أنواع الوقود المشتقة من النفط في قطاع الشحن البحري.
ورغم تصاعد هذا الاتجاه بين شركات الشحن خلال السنوات الأخيرة، فإن استعمال وقود الغاز الطبيعي المسال في القطاع لا يمثّل أكثر من 6% من إجمالي الطلب على الوقود البحري، مع الوضع في الحسبان انبعاثاته الكبيرة على طول سلسلة القيمة، التي قد تتجاهلها بعض الحسابات.
كما أن مخاطر تسرب غاز الميثان في أثناء دورة حياة الغاز المسال أعلى، وهو أحد أكبر الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وقد يكون تأثيره أقوى من ثاني أكسيد الكربون بنحو 80 مرة خلال 20 عامًا.
وانتهت إحدى دراسات البنك الدولي إلى أن تبني الغاز المسال على نطاق واسع، من غير المرجح أن يؤدي إلى تخفيضات كبيرة في ثاني أكسيد الكربون، بل قد يُسهم في زيادة صافية بالانبعاثات.
تحديات استعمال الهيدروجين في قطاع الشحن البحري
نتيجة لضعف فرص البدائل، تنصح عديد من الدراسات بالتوسع في استعمال الهيدروجين في الشحن البحري أو مشتقاته مثل الأمونيا والميثانول.
ورغم مزايا الهيدروجين البيئية، فإنه يواجه تحديات جمة، قد تصعب اعتماده بديلًا للوقود الأحفوري في قطاع الشحن البحري عالميًا، بحسب دراسة معهد اقتصادات الطاقة.
وعادة ما يُروج للهيدروجين بوصفه وقودًا نظيفًا، استنادًا إلى فرضية بسيطة مفادها أن احتراقه، لا ينتج سوى بخار الماء والطاقة، ما يعني أنه خالٍ من الكربون تمامًا.
ورغم صحة هذا الافتراض وعناصره، فإنه يغفل وجود الهواء في أثناء عمليات الاحتراق، والغلاف الجوي، كما هو معلوم، مكوّن من 78% نيتروجين، و21% أكسجين.
وفي حال احتراق الهيدروجين النموذجي، يتفاعل غاز الهيدروجين مع الهواء لإنتاج الماء والنيتروجين، ولكن قد تحدث تفاعلات وسيطة مختلفة وتفاعلات لاحقة.
ويمكن لهذه التفاعلات خاصة في وسط حراري عالٍ، أن تنتج عنها انبعاثات أكسيد النيتروز (N2O)، وهو أحد الغازات القوية المسببة للاحتباس الحراري، بالإضافة إلى أكاسيد النيتروجين الأخرى ذات المخاطر الصحية والبيئية.
وهناك مخاطر أخرى من تسرب الهيدروجين إلى الغلاف الجوي، وهي مسألة ما زالت غير محسوبة ومهمشة لدى المتحمسين لمبادرات استعمال الهيدروجين في الشحن البحري وغيره.
وتقدّر إحدى الدراسات الحديثة، أن أثر تسرب الهيدروجين في الاحتباس الحراري قد يكون أخطر من ثاني أكسيد الكربون 11 مرة على مدار 100 عام، و33 مرة على مدار 20 سنة، بحسب التطورات البحثية التي تتابعها وحدة أبحاث الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه استعمال الهيدروجين في الشحن البحري تحديات بيئة واقتصادية أخرى، على حسب طريقة إنتاج الهيدروجين نفسها، وما إذا كانت ستعتمد على حرق الوقود الأحفوري أو الاستخلاص من الماء.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -الذّي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- أنواع الهيدروجين حسب طريقة إنتاجه:
ويواجه استخلاص الهيدروجين عبر حرق الوقود الأحفوري انتقادات بيئية بسبب الانبعاثات الناتجة في أثناء حرقه، كما تحوم الشكوك حول جدوى إنتاجه باستعمال تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، أما استخلاصه من الماء فما يزال مكلفًا للغاية.
وتواجه مشتقات الهيدروجين -مثل الأمونيا والميثانول- الانتقادات نفسها من حيث الجدوى البيئية والاقتصادية، ما يشير إلى أن استعمال الهيدروجين في الشحن البحري ليس حلًا سحريًا لخفض الانبعاثات وينطوي على مخاطر جمة، بحسب الدراسة.
موضوعات متعلقة..
- استعمال الهيدروجين في الشحن البحري.. مشروعان جديدان لخفض الانبعاثات
- ارتفاع تكاليف إنتاج الهيدروجين ونقله يعرقل انتشاره في قطاع النقل (تقرير)
- السفن العاملة بالوقود المزدوج تؤدي دورًا مهمًا في خفض انبعاثات الشحن البحري (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- هل تناور إسرائيل بوقف إمدادات الغاز لمصر؟.. 3 خبراء يتحدثون
- قيمة صادرات النفط العربية تنخفض 23 مليار دولار في 3 أشهر
- وكالة الطاقة الدولية ترفع توقعات الطلب على النفط في 2025
- إيران توقع صفقة نفطية ضخمة بـ17 مليار دولار خلال أيام
المصادر:
تحليل تحديات استعمال الهيدروجين في الشحن البحري من معهد اقتصادات الطاقة..