توربينات الرياح الصينية متهمة بالتجسس على دولة أوروبية
أسماء السعداوي

هل يمكن أن تشكّل توربينات الرياح خطرًا على الأمن القومي؟ وإلى أي مدى؟.. سؤال تعكف السلطات -على رأسها المخابرات البريطانية- على إيجاد إجابة شافية له.
وبعد عاصفة من الجدل داخل الحكومة والبرلمان، فُتح تحقيق لتقييم حجم تأثير التقنيات الصينية في قطاع الطاقة المتجددة الذي يشمل -أيضًا- ألواح الطاقة الشمسية وبطاريات تخزين الكهرباء، وفق آخر تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتهيمن واردات وشركات الطاقة الصينية على بريطانيا، ليس في قطاع الطاقة المتجددة فحسب، بل في الاتصالات، وفي أكبر حقل نفط بحري في بريطانيا، وأكبر مزرعة رياح في بريطانيا وأوروبا "غرين فولت" (Green Volt).
وسابقًا، أمرت الحكومة مستثمرًا صينيًا ببيع حصة الأغلبية الخاصة به في شركة لتصنيع الرقائق الإلكترونية، كما منعت استعمال هواتف شركة هواوي الصينية في شبكة الجيل الخامس.
الخوف من تزايد نفوذ الصين
انضمّت بريطانيا إلى قائمة الدول التي تخشى من تزايد نفوذ الصين على سلسلة توريد تقنيات الطاقة المتجددة العالمية، خاصة مع تزايد الواردات والاتجاه المتسارع داخل حكومة حزب العمال إلى توليد 100% من مصادر متجددة بحلول 2030.
وتتزايد الشكوك داخل الحكومة من إمكانية مشاركة "بيانات حساسة" مع الحكومة الصينية، وكذا سيطرة شركات صينية على أصول الطاقة الإستراتيجية في بريطانيا.

وأطلقت لندن تقييمًا لدور الصين المتزايد في منظومة الطاقة البريطانية، وستحدد الاستخبارات حجم التهديدات الأمنية المستقبلية المحتملة جراء استعمال الدولة الأوروبية المتزايد للتقنيات الصينية.
يأتي ذلك في إطار حملة "تدقيق" أوسع نطاقًا في العلاقات الصينية البريطانية التي تشارك بها -أيضًا- وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث والتنمية، ومن المقرر إعلان نتائجها في وقت لاحق من العام الجاري (2025).
ويخشى خبراء الأمن من قدرة تجسّس أجهزة الاستشعار على البحار، وبرامج الغواصات الدفاعية وخريطة بنية الطاقة الأساسية في بريطانيا.
وتتزايد المخاوف بشأن أنظمة التحكم الرئيسة التي تُستعمل في ضبط زوايا شفرات توربينات الرياح، وجعلها في مواجهة الرياح.
وأمام أعضاء البرلمان، قالت وزيرة المناخ البريطانية كيري ماكارثي، يوم الأربعاء (19 فبراير/شباط 2025)، إن الحملة الصارمة تبحث في دور الصين في سلسلة توريد استثمارات البنية الأساسية الحاسمة مع الأخذ في الحسبان اعتبارات الأمن القومي.
ورغم الاختلافات السياسية، اتفق معها وزير الطاقة بحكومة الظل المعارضة أندرو باوي، بقوله إنه من غير المعقول تجاهل التداعيات الأمنية لتركيب توربينات رياح صينية داخل مزارع الرياح البريطانية.
الرياح البحرية العائمة
رصدت منصة الطاقة المتخصصة خلافًا داخل مجلس العموم حول مقترحات شركة "مينغ يانغ" الصينية الخاصة (Mingyang) لتوريد توربينات رياح لبناء مزرعة الرياح البحرية العائمة قبالة سواحل إسكتلندا "غرين فولت".
ويخشى مراقبون من خطر تدخل الحكومة في بكين بعملية صنع القرار في الشركات حتى لو كانت خاصة مثل "مينغ يانغ"، وهي أكبر شركات تصنيع توربينات الرياح البحرية العائمة في الصين.
ووصلت المخاوف إلى داخل وزارة الدفاع التي تخشى -بدورها- من إمكان استعمال مزرعة "غرين فولت" في التجسس.
وردًا على المخاوف، أصدرت مطورتا المزرعة بقدرة 560 ميغاواط، وهما شركتا "فلوتيشن إنرجي" اليابانية (Flotation Energy) و"فارغورن" النرويجية الإيطالية (Vargronn)، بيانًا تنفيان فيه اختيار مورد توربينات رياح بعينه.
كما تعهدتا بالانصياع للوائح والتوجيهات الحكومية البريطانية في هذا الصدد، بما يضمن أمن مرافق البنية الأساسية الوطنية "خلال عملية اختيار الموردين".

لكن الشركة الصينية قالت إنها ستفتح مصنع توربينات في إسكتلندا إذا اختارها المطوران للتوريد إلى المشروع الذي يحظى بدعم وزيرة الخزانة راشيل ريفز التي عادت حديثًا من زيارة إلى الصين.
بدوره، انتقد الوزير أندرو باوي الاتجاه المثير للقلق داخل وزارة الخزانة، لمنح الضوء الأخضر إلى شركة مينغ يانغ، لتوريد توربينات الرياح إلى المزرعة المثيرة للجدل.
وأضاف: "هذه الثورة الخضراء ستأتي بشعار (صُنع في الصين).. إن التقنية التي تهيمن عليها الصين مترسخة في بنيتنا الأساسية للطاقة، وهو تهديد واضح لأمننا"، وفق التصريح الذي نقلته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
هل يمكن التخلي عن الصين؟
الشكوك التي تحوم حول الصين لم تكن الأولى في قطاع الطاقة ببريطانيا، فقد لجأ وزراء خلال الخريف الماضي إلى قانون الأمن القومي والاستثمار، لإجبار مستثمر صيني على بيع حصة الأغلبية التي يملكها في شركة بريطانية لتصنيع الرقائق الإلكترونية.
وتسعى الحكومة، بقيادة حزب العمال، إلى إحداث توازن دقيق بين علاقة التعاون الاقتصادي مع الصين، وحماية الأمن القومي من التهديدات.
كما زاد التواصل الدبلوماسي بدعم من زيارة وزراء للصين خلال الأشهر الأخيرة، كما يتطلّع رئيس الوزراء إلى زيارة بكين خلال هذا العام.
ومن شأن أي محاولة لخفض الاستثمارات الصينية في سلاسل توريد الطاقة المتجددة في بريطانيا أن تُثير مشكلات بسبب هيمنة الصين على واردات البطاريات والألواح الشمسية، لكن دورها في مزارع الرياح البريطانية ما زال "ضئيلًا نسبيًا".
في المقابل، لفت مسؤول بريطاني إلى اعتماد سوق الطاقة المتجددة بصورة شبه كاملة على الواردات من الصين، محذّرًا من تكرار أزمة طرد هواتف شركة هواوي الصينية من شبكة اتصالات الجيل الخامس.
موضوعات متعلقة..
- مصنعو توربينات الرياح الغربيون يتنافسون على السوق رغم التحديات (تقرير)
- أول مبادرة لإعادة تدوير شفرات توربينات الرياح في أستراليا
- إعادة تدوير شفرات توربينات الرياح.. 4 أسئلة وأجوبة تشرح التحديات البيئية
اقرأ أيضًا..
- 8 أسباب قد تُحبط خطة ترمب للاستحواذ على المعادن في أوكرانيا
- فيرتيغلوب الإماراتية: دولة عربية يمكنها تصدير الهيدروجين في أنابيب الغاز
- واردات مصر من الغاز الإسرائيلي في 2024 ترتفع لمستوى قياسي
المصادر: