التقاريرتقارير الغازتقارير النفطرئيسيةغازنفط

النفط والغاز في سوريا.. 3 عوامل تحدد مستقبل القطاع

سامر أبووردة

شهد النفط والغاز في سوريا تحولات كبيرة على مدى العقود الماضية، إذ أدى القطاع دورًا محوريًا في الاقتصاد الوطني منذ بدء الإنتاج في ستينيات القرن الماضي.

ومع مرور السنوات، تنوعت التحديات التي واجهت هذه الصناعة، بدءًا من تقلبات الإنتاج والتصدير، وصولًا إلى التحديات السياسية والاقتصادية التي أثّرت مباشرةً في أداء القطاع.

ورغم الصعوبات، ظل النفط والغاز في سوريا موردًا إستراتيجيًا، إذ أسهمت الاكتشافات النفطية في تعزيز الإنتاج خلال العقود الماضية، غير أن التراجع الذي شهده القطاع في السنوات الأخيرة، ولا سيما بعد عام 2011، فرض تحديات معقّدة تتطلب حلولًا طويلة الأمد.

ووفقًا لدراسة بحثية حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تشير التقديرات إلى أن الاحتياطيات النفطية في سوريا ما تزال كبيرة، مما يجعل إمكان إعادة النهوض بالقطاع أمرًا ممكنًا حال توفير الظروف المناسبة.

ومع ذلك، فإن البنية التحتية القديمة والقيود الاستثمارية والعقوبات الاقتصادية تشكّل عوائق رئيسة أمام تحقيق انتعاش سريع ومستدام، حسب الدراسة التي أعدّها وزير النفط العراقي الأسبق ثامر الغضبان.

قطاع النفط والغاز في سوريا

أدى قطاع النفط والغاز في سوريا دورًا أساسيًا في التنمية الاقتصادية منذ اكتشاف النفط عام 1956.

وبدأ إنتاج النفط في سوريا رسميًا عام 1968، وكان أغلب الإنتاج الأولي من النفط الثقيل في شمال شرق البلاد، وارتفع تدريجيًا حتى بلغ ذروته عام 1995، عند 590 ألف برميل يوميًا، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة في الدراسة.

وخلال الثمانينيات، أدى توقيع عقود مشاركة مع شركات غربية إلى اكتشافات كبيرة للنفط الخفيف في دير الزور، ما رفع الاحتياطيات الأصلية إلى 4.8 مليار برميل، بينما بلغت الاحتياطيات المتبقية عام 1998 نحو 2.5 مليار برميل.

إحدى منشآت حقل السويدية في محافظة الحسكة
إحدى منشآت حقل السويدية في محافظة الحسكة

ومع بداية الألفية الجديدة، بدأ الإنتاج يشهد انخفاضًا طفيفًا بمعدل 1.5% سنويًا حتى عام 2011، حين دخل القطاع في مرحلة تراجع حادّ بسبب تداعيات النزاع السياسي والحرب، ما أدى إلى فقدان السيطرة على العديد من الحقول الرئيسة.

وبحلول عام 2015، انخفض الإنتاج إلى ما بين 250-300 ألف برميل يوميًا، مما أثّر بشكل كبير في قدرة البلاد على تلبية احتياجاتها النفطية محليًا.

وفيما يتعلق بالغاز الطبيعي، بلغ الإنتاج 1063 مليون قدم مكعبة يوميًا في عام 2011، لكن الأحداث السياسية أثّرت في عمليات الإنتاج والنقل، ما أدى إلى انخفاض تدريجي في الكميات المستخرجة.

ورغم امتلاك سوريا احتياطيات تُقدَّر بـ 10.95 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، فإن البنية التحتية المتقادمة تعوق استغلال هذه الثروات بفعالية.

التصدير والبنى التحتية للنفط السوري

في ثمانينيات القرن الماضي، تحولت سوريا إلى دولة مصدّرة للنفط، ووصل حجم صادراتها إلى 300 ألف برميل يوميًا عام 1996.

غير أن الإنتاج بدأ في التراجع التدريجي خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، حتى توقفت الصادرات بالكامل بحلول عام 2012 بسبب تداعيات الحرب والعقوبات الدولية.

وتعتمد سوريا على مصفاتين رئيستين لتكرير النفط في حمص وبانياس، بقدرة إجمالية تصل إلى 240 ألف برميل يوميًا.

وزير النفط السوري يتحدث عن مصفاة بانياس
مصفاة بانياس السورية - أرشيفية

ورغم ذلك، فإن الطاقة التشغيلية الفعلية أقل من ذلك بكثير، نتيجة التقادم ونقص الصيانة، ويتطلب تحديث هذه المنشآت استثمارات ضخمة لتحسين كفاءتها وزيادة الإنتاج المحلي للمشتقات النفطية.

صناعة النفط والغاز في سوريا

تواجه صناعة النفط والغاز في سوريا مجموعة من التحديات التي تعوق قدرتها على التعافي السريع، وتشمل:

  1. فقدان السيطرة على الحقول الرئيسية: أثّرت الأحداث السياسية بقدرة الدولة على إدارة الموارد النفطية، حيث خرجت بعض الحقول المهمة عن سيطرة الحكومة، ما أدى إلى تراجع الإنتاج بشكل حادّ.
  1. تقادم البنية التحتية: تعاني المصافي وخطوط النقل من الإهمال ونقص الصيانة، ما يتطلب استثمارات كبيرة لإعادة تشغيلها بكامل طاقتها.
  1. القيود الاقتصادية والاستثمارية: تؤدي العقوبات المفروضة على البلاد إلى تقليل فرص جذب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما يعوق أيّ محاولات لتحديث القطاع.

تعافي قطاع النفط والغاز في سوريا

رغم التحديات، ما تزال هناك فرص متاحة لتعزيز قطاع النفط والغاز في سوريا، إذ يمكن اتخاذ عدّة إجراءات لرفع كفاءة الإنتاج وزيادة الاحتياطيات القابلة للاستخراج، ومن بين هذه الفرص:

  • إعادة تأهيل الحقول النفطية والغازية: يتطلب ذلك تنفيذ خطط صيانة وتطوير للمنشآت المتضررة، بهدف استعادة معدلات الإنتاج السابقة.
  • جذب الاستثمارات الأجنبية: قد يسهم تقديم حوافز للشركات الأجنبية في إعادة ضخ الاستثمارات بعمليات الاستكشاف والإنتاج، خاصة إذا أُعيدَت هيكلة عقود المشاركة الإنتاجية.
  • استكشاف الحقول البحرية: تشير التقديرات إلى وجود كميات واعدة من الغاز الطبيعي في الساحل السوري، ما يجعل عمليات التنقيب البحرية أحد الحلول لتعزيز الإنتاج المستقبلي.
  • تحديث المصافي والبنية التحتية: تحتاج مصافي حمص وبانياس إلى استثمارات ضخمة لتحديث التكنولوجيا المستعمَلة، ما قد يسهم في تحسين كفاءة التكرير وتقليل الاعتماد على استيراد المشتقات النفطية.

مستقبل قطاع النفط والغاز في سوريا

يظل مستقبل قطاع النفط والغاز في سوريا مرتبطًا بعدّة عوامل، أبرزها القدرة على تحقيق استقرار سياسي يتيح إعادة تشغيل الحقول المتوقفة، بالإضافة إلى تطوير السياسات الاقتصادية لجذب الاستثمارات.

ومع استمرار الطلب المحلي على الطاقة، فإن الحاجة إلى إصلاح شامل للقطاع تزداد أهمية، ولا سيما أن البنية التحتية الحالية لم تعد قادرة على تلبية احتياجات السوق بكفاءة.

إنتاج النفط والغاز في سوريا

ويُتوقع أن تؤدي مشروعات إعادة التأهيل دورًا أساسيًا في استعادة مستويات الإنتاج السابقة، مع إمكان تحقيق تقدُّم تدريجي إذا توفرت الظروف المناسبة.

الخلاصة..

رغم الأزمات التي شهدها قطاع النفط والغاز في سوريا خلال العقد الماضي، ما يزال هذا القطاع يمثّل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني.

وبينما تواجه الصناعة تحديات كبيرة، فإن استغلال الاحتياطيات المتاحة وتحسين البيئة الاستثمارية يمكن أن يسهما في تحقيق انتعاش مستدام، مما يعزز قدرة البلاد على استعادة دورها بصفتها منتجة رئيسة للنفط والغاز في المنطقة.

وزير النفط العراقي الأسبق ثامر الغضبان
مُعدّ الدراسة وزير النفط العراقي الأسبق ثامر الغضبان - أرشيفية

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

  1. دراسة بحثية لوزير النفط العراقي السابق ثامر غضبان بعنوان "تقييم أولي لصناعة النفط والغاز في سوريا"
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق