ما علاقة ترمب برفض المصافي الأميركية للنفط المكسيكي؟ أنس الحجي يجيب
أحمد بدر

في الوقت الذي يواصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التفاوض مع كندا والمكسيك؛ توقّفت المصافي الأميركية عن استقبال النفط المكسيكي، وهو الأمر الذي أثار كثيرًا من الجدل، في وقت حسّاس من المفاوضات بين البلدين.
وأوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن الرئيس الأميركي فرض رسومًا جمركية إضافية على المنتجات القادمة إلى بلاده من كندا والمكسيك؛ بما في ذلك 10% على واردات النفط.
وأضاف: "كان ذلك صباح الأحد 2 فبراير/شباط 2025، ليُفاجَأ في اليوم التالي بكارثة، بعدما انهارت الأسواق بشكل مريع، وارتفع الدولار بقوة، وارتفعت أسعار النفط؛ فبدأ الرئيس الأميركي يتراجع عن هذه الخطوة، وعقد اتفاقًا في اليوم التالي، يُنفق الكنديون بموجبه 1.1 مليار دولار ويضعون جنودًا على الحدود".
ولكن الإشكالية هنا، أن ما اتُّفِقَ عليه يوم الإثنين 3 فبراير/شباط، كان متفقًا عليه من عقد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن؛ فلم يحقق الرئيس الجديد ما كان يريده، وهناك أمور أخرى عديدة يطلبها توقفت".
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها الدكتور أنس الحجي على مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا)، تحت عنوان "النفط بين قرارات ترمب وتصريحات نتنياهو".
الاتفاق مع المكسيك
تطرّق الحجي إلى الاتفاق مع المكسيك، قائلًا إنه جرى التوصل إليه في يوم الإثنين نفسه، وتوقّفت بسببه الرسوم الجمركية لمدة شهر، بعدما تعهّدت الحكومة المكسيكية بنشر 10 آلاف جندي على الحدود، ليخرج الإعلامي الموالي لترمب ويروّج له بصفته بطلًا قوميًا، وأنه حقّق ما يريده.
إلا أن الحقيقة أن الاتفاق السابق كان يقضي بوجود 20 ألف جندي على الحدود وليس 10 آلاف فقط، ومن ثم يتّضح أن الرئيس الأميركي تراجع عن تهديداته، ومن المعتقد أن السبب هنا كان ردة الفعل في الأسواق.

وأضاف مستشار تحرير منصة الطاقة: "الآن يعلن ترمب ضرائب جمركية جديدة بنسبة 25% على واردات بلاده من الفولاذ والألومنيوم، ولكن مَن هي أكبر مصدر للفولاذ والألومنيوم إلى الولايات المتحدة؟ إنها كندا، ومن هي ثاني أكبر مصدري الفولاذ لأميركا؟ إنها المكسيك".
لذلك؛ من الواضح تمامًا أن هذه الضرائب -رغم أنها تشمل كل دول العالم- تُعَد تهديدًا لكل من كندا والمكسيك، وهناك إشارة غير رسمية إلى أنه بنهاية الشهر الجاري لن تكون هناك ضرائب على النفط؛ لأنه من الواضح تمامًا أن أسعار النفط سترتفع، وهذا ليس في صالح ترمب.
ولكن، بشكل مفاجئ، تتوقّف مصافي النفط الأميركية عن استيراد الخام من المكسيك، وذلك لسبب تقني، وهو أن ناقلات النفط التي وصلت إلى المواني الأميركية تحمل براميل مخلوطة بالماء؛ ما يعني أنهم يدفعون 70 دولارًا لبرميل النفط، و70 لبرميل الماء، وهو ما يتطلّب عملية فصل مكلفة أيضًا.

وعن أسباب ذلك، قال الدكتور أنس الحجي إن هناك من يقول بوجود مشكلات تقنية لدى شركة النفط الوطنية المكسيكية "بيمكس"، بعدما انخفضت ميزانيتها، في حين أن الآلات التي تقوم بالفصل لدى الشركة قديمة، ولكن هذا مجرد كلام.
وتابع: "إذا كان هذا صحيحًا؛ فإن المكسيك تصدر لدول أخرى؛ بما فيها إسبانيا والصين وإيطاليا؛ فلماذا لم يذهب النفط الملوث إلى هذه الدول وذهب إلى أميركا فقط؟ ولماذا لم يظهر إلا في السفن الذاهبة إلى الولايات المتحدة؟".
وأكد الحجي أن توقف المصافي الأميركية عن تكرير النفط المكسيكي سببه المياه، ولكن من غير المعروف ما إذا كان السبب هو الألعاب التجارية بين البلدين أم أن هناك أمورًا أخرى تتعلق بالفساد الإداري الذي ينتشر في المكسيك بشكل مخيف.
ترمب في مأزق نفطي
قال خبير اقتصادات الطاقة إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في مأزق نفطي كبير؛ فهو لا يستطيع زيادة إنتاج النفط الأميركي، وكان يأمل في أن يعيد الزيادة التي حدثت بين عامي 2017 و2020، والتي كانت بحدود 3 ملايين برميل يوميًا.
وأضاف: "لكن زيادة هذه الكمية لن تحدث، ولا حتى نصفها؛ لأن هناك إشكاليات كبيرة في النفط الأميركي؛ الأولى أن أسعار الفائدة مرتفعة جدًا مقارنة بالماضي، كما تغيّرت تركيبة صناعة النفط هناك من صغار المنتجين والشركات متوسطة الحجم إلى سيطرة الشركات الكبيرة".
ولفت الحجي إلى إعلان شركة شيفرون -تحديدًا- خفض استثماراتها في النفط الصخري، وهذا ضد ترمب بشكل واضح، والبعض يقول إنها فعلت ذلك تهديدًا له حتى لا يمنعها من البقاء في فنزويلا، ولكن لا أحد يعرف مدى صحة ذلك.
وتابع: "أعتقد أن موضوع فنزويلا يختلف تمامًا عما حصل داخل أميركا، وشيفرون لها مشروعان في فنزويلا، وتنتج -بالشراكة مع شركة نفط فنزويلية- نحو 300 ألف برميل يوميًا، رغم فرض العقوبات في عام 2018، والتي لا تزال موجودة حتى الآن".
وأوضح أن شيفرون تحصل -في ظل العقوبات الأميركية على فنزويلا- على استثناءات، ولا أحد يعرف ما إن كان ترمب سيجدد هذه الاستثناءات أم لا وما مصيرها، وما إذا كانت الشركة الأميركية ستواجه ضغوطًا أم لا.
إلا أن موضوع فنزويلا يختلف تمامًا عن الاستثمارات داخل أميركا؛ فهذه شركات عالمية تنتج في أكثر من 120 دولة، والأمر المرتبط بذلك أن نوعية النفط الأميركي تختلف تمامًا عما تريده المصافي، ومن ثم فإن أي زيادة سيتم تصديرها.
موضوعات متعلقة..
- تداعيات إلغاء ترمب إعفاء العراق من استيراد الكهرباء والغاز الإيراني (مقال)
- النفط الكندي إلى أميركا.. أنس الحجي يكشف البدائل الصعبة أمام "ترمب"
- رسوم ترمب الجمركية على النفط.. خسائر مكسيكية وكندية وفرص للشرق الأوسط
اقرأ أيضًا..
- صفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق قد تفشل.. وأزمة وشيكة في الصيف (مقال)
- هل تحصل تيسلا على دعم البيت الأبيض بسبب إيلون ماسك؟
- إدارة معلومات الطاقة ترفع توقعات الطلب على النفط والمعروض
المصدر..