التقاريرتقارير الكهرباءتقارير دوريةرئيسيةكهرباءوحدة أبحاث الطاقة

تعرفة الكهرباء في الكويت.. دعم مستمر منذ 58 عامًا و3 سيناريوهات للإصلاح

وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

اقرأ في هذا المقال

  • تعرفة الكهرباء في الكويت ثابتة منذ 58 عامًا وتحتاج إلى تغيير.
  • تكاليف الوقود لتوليد الكهرباء في الكويت تجاوزت 110 مليارات دولار خلال 25 عامًا.
  • مزيج الكهرباء في الكويت يعتمد بصورة شبه كلية على الوقود الأحفوري.
  • السعة المركبة لإنتاج الكهرباء في الكويت وصلت إلى 20.2 غيغاواط.
  • 3 سيناريوهات مطروحة لإصلاح تعرفة الكهرباء في الكويت.

منذ أكثر من نصف قرن، كانت تعرفة الكهرباء في الكويت تمثل أحد أبرز أوجه التميز التي تنفرد بها الدولة في منطقة الخليج.

فبداية من عام 1966، يحصل المواطنون على الكهرباء بتكلفة 0.7 سنتًا لكل كيلوواط/ساعة، وهي سياسة تهدف إلى ضمان رفاهية المواطنين، خلال وقت كانت فيه الثروات النفطية تفيض على خزائن الدولة.

ومع مرور السنين، أصبح واضحًا أن هذه السياسة قد تحوّلت إلى عبء اقتصادي على الدولة، فكلما زاد الاستهلاك، زادت الفاتورة الحكومية المترتبة على دعم الكهرباء.

وعلى مدار 25 عامًا، تجاوزت تكاليف الوقود لتوليد الكهرباء في الكويت 110 مليارات دولار، بحسب دراسة حديثة، اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

وفي ظل تنامي الطلب وأزمة الكهرباء غير المسبوقة، تجد الحكومة نفسها أمام حقيقة لا مفر منها، تكمن في أن تعرفة الكهرباء في الكويت تحتاج إلى إصلاح جذري.

ووفقًا للدراسة، لن يكون الأمر سهلًا؛ إذ إن أي محاولة لرفع الأسعار ستواجه معارضة شديدة من بعض المواطنين، الذين اعتادوا على التعرفة المنخفضة.

لذلك، فإن الإصلاح يتطلب حلولًا مبتكرة، توازن بين الضرورة الاقتصادية والحفاظ على العدالة الاجتماعية، وقد تكون الخطوة التالية لإصلاح تعرفة الكهرباء في الكويت هي إيجاد طرق لرفع الأسعار تدريجيًا، أو تحويل الدعم إلى مكافآت نقدية تضمن استدامة النظام دون التأثير في الفئات الأقل دخلًا.

قطاع توليد الكهرباء في الكويت

منذ عام 1934، بدأت الكويت رحلتها في توليد الكهرباء مع إنشاء أول محطة توليد بالديزل بوساطة شركة "الكهرباء الأهلية" الخاصة.

ومع نمو الطلب على الكهرباء، استحوذت الحكومة الكويتية على الشركة في 1951، وأسست المديرية العامة للكهرباء، قبل أن تتحوّل عام 1961 إلى وزارة الكهرباء والماء بعد استقلال البلاد.

وهذه أبرز تطورات القطاع خلال السنوات الماضية:

  • في 2014، سمح البرلمان بتشكيل منتجي الماء والكهرباء المستقلين ومزود الكهرباء المستقل.
  • في 2016، كانت محطة الزور الشمالية الأولى أول مشروع خاص لتوليد الكهرباء وتحلية المياه في الكويت.
  • في 2021، غيرت البلاد اسم وزارة الكهرباء والماء إلى وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة.

وفيما يتعلق بمزيج الكهرباء في الكويت:

  • إنتاج الكهرباء بالوقود الأحفوري يصل إلى 99.7%.
  • توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة بلغ 70 ميغاواط فقط، وهو ما يمثل 0.3% من إجمالي الكهرباء المولدة في الكويت عام 2022.
  • استهلك قطاع الكهرباء والمياه في الكويت 125 مليون برميل من مكافئ النفط في عام 2021، منه 70% من لتوليد الكهرباء، و30% لتحلية المياه.

ويستعرض الرسم البياني التالي -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- مزيج توليد الكهرباء في الكويت:

مزيج توليد الكهرباء في الكويت

ماذا عن تعرفة الكهرباء في الكويت؟

بحسب الدراسة التي أعدها الباحث العلمي في مركز أبحاث الطاقة والبناء بمعهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور أسامة الصايغ، فقد انخفضت تعرفة الكهرباء في الكويت بنسبة 800% على مدار 58 عامًا.

وبذلك، أصبحت التعرفة الكويتية سادس أدنى تعرفة في العالم، إلى جانب قطر وإيران وإثيوبيا وكوبا والسودان وسوريا، إذ تغطي 5% فقط من التكلفة الفعلية التي تتحملها الحكومة.

وفي عام 2022، تكبّدت الكويت أكثر من 10 مليارات دولار لتوفير الوقود اللازم لتوليد الكهرباء المدعومة، أي ما يعادل 3 آلاف و200 دولار لكل مواطن كويتي.

وذكرت الدراسة أن تعرفة الكهرباء في الكويت بقيت دون تغيير لأكثر من 50 عامًا حتى عام 2017، وهذه أبرز الإصلاحات:

  • تعديل الأسعار لمختلف القطاعات باستثناء القطاع السكني للمواطنين.
  • زادت التعرفة للقطاع السكني لغير المواطنين (المقيمين) إلى 1.75 سنتًا لكل كيلوواط/ساعة.
  • ارتفعت تعرفة الكهرباء في القطاع الصناعي والزراعي 200%.
  • زادت تعرفة القطاع التجاري والحكومي 150% و1150% على التوالي.
  • القطاعات الأخرى شهدت ارتفاعًا بنسبة 500%.

وبناءً على ذلك، أدى انخفاض أسعار الكهرباء إلى تضخم الاستهلاك في القطاع السكني ليصبح أكبر القطاعات في البلاد، متفوقًا على القطاعين التجاري والصناعي، حيث أصبح معدل الاستهلاك المنزلي من بين الأعلى في العالم.

في الوقت نفسه، تجد الكويت نفسها في مفترق طرق صعب؛ حيث يتجاوز الطلب على الكهرباء قدرة إمداداتها المحلية من الغاز الطبيعي، ما دفعها لاستيراد الغاز المسال بأسعار عالمية، وباتت مستوردًا صافيًا للغاز منذ 2008.

وبحسب تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في 2024"، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة، ارتفعت واردات الكويت من الغاز المسال في 2024 بنسبة 12.2%، لتصل إلى 6.89 مليون طن، مقابل 6.14 مليون طن في عام 2023، مع استيراد معظم الشحنات من قطر.

ورغم التزام الكويت بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060؛ فإن التحدي الأكبر يكمن في استمرار الدعم الحكومي الهائل لقطاع الكهرباء، الذي يعتمد على حرق الوقود الأحفوري لتلبية أكثر من 99% من احتياجاته.

وذكرت الدراسة أن قرار أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، بحل البرلمان في مايو/أيار (2024)، وتعليق العمل بعدد من مواد الدستور لمدة 4 سنوات، أتاح فرصة لتسهيل عملية صنع السياسات، بما في ذلك إصلاحات تسعير الكهرباء.

ويوضّح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- الطلب على الكهرباء في الكويت بين عامي 2010 و2023:

الطلب على الكهرباء في الكويت

الأزمات تلاحق قطاع الكهرباء في الكويت

أشارت الدراسة إلى أزمة الكهرباء في الكويت، وكيف تسبّبت درجات الحرارة المرتفعة خلال 2024 في انقطاعات استمرت من ساعة إلى 3 ساعات، خاصة مع الطلب المرتفع على الكهرباء، الذي زاد 32% بين عامي 2010 و2023، كما ارتفع إنتاج المياه 18%.

ورغم أن وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة نجحت في موازنة العرض والطلب لعقود؛ فإن البنية التحتية الحالية باتت عاجزة عن مواكبة الارتفاع الحاد في استهلاك الكهرباء؛ ما دفع الحكومة إلى إعادة النظر في مستقبل القطاع.

وفي عام 2024، كانت الوزارة بانتظار الموافقة النهائية لتحويلها إلى مؤسسة تُشرف على 4 كيانات مستقلة متخصصة في الإنتاج والنقل والتوزيع، إلى جانب هيئة تنظيمية لضبط السوق.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه البلاد أزمة في تحصيل إيرادات قطاع الكهرباء، حيث تجاوزت المستحقات غير المحصلة 130% من إجمالي الإيرادات المستحقة خلال السنوات الـ5 الماضية.

ومع ذلك، ارتفعت إيرادات التحصيل بنسبة 5% سنويًا منذ 2017، عندما سمح المرسوم الوزاري بقطع الخدمة عن المتخلفين عن السداد.

وبينما يُنظر إلى دعم الكهرباء في الكويت أداة لتحقيق الرفاهية الاجتماعية، تكشف الأرقام عن تكلفة باهظة تتجاوز الفوائد المتوقعة.

وكشفت الدراسة عن أن دعم الكهرباء يؤدي إلى تأثيرات سلبية، مثل تهريب الوقود عبر الحدود، والحد من الإيرادات الحكومية، إلى جانب استفادة الشرائح الأعلى دخلًا أكثر من غيرها، وزيادة الانبعاثات.

ففي عام 2023، شكلت الكويت 0.29% من انبعاثات الكربون العالمية، وهي ضعف حصتها من إجمالي الناتج المحلي العالمي (0.15%).

خطوط تحدد الكهرباء في الكويت
خطوط كهرباء - الصورة من شركة الكليب وراما سامي

مستقبل قطاع الكهرباء في الكويت

بينما تتسارع وتيرة الطلب على الكهرباء في الكويت، تتجه تكلفة الدعم إلى مستويات غير مسبوقة؛ فبحلول 2040 من المتوقع أن تتجاوز تكاليف إنتاج الكهرباء وتوزيعها للقطاع السكني 11 مليار دولار.

ومع بقاء تعرفة الكهرباء في الكويت عند 0.7 سنتًا لكل كيلوواط/ساعة، سيظل العبء المالي على الدولة هائلًا، متجاوزًا حتى الإنفاق على الصحة أو التعليم، والمقدر بنحو 8.8 مليار دولار سنويًا، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

وترى الدراسة أن ارتفاع الطلب يستلزم رفع القدرة المركبة من 20.2 غيغاواط إلى 40 غيغاواط، ما يعني توسعًا ضخمًا في محطات التوليد التقليدية (31 غيغاواط) والطاقة المتجددة (9 غيغاواط).

في الوقت نفسه، أكدت الدراسة أن أي خطوة نحو إصلاح تعرفة الكهرباء في الكويت ستواجه معارضة من قطاعات واسعة؛ نظرًا إلى حساسية المواطنين تجاه أي تغيير.

لذلك، فإن النجاح في تنفيذ الإصلاحات يعتمد على 3 عوامل رئيسة:

  • التنفيذ التدريجي للإصلاحات على مدى 3 أو 5 سنوات، وإعلانها مسبقًا.
  • توفير الحماية للفئات ذات الدخل المحدود والمتوسط.
  • السيطرة على معدلات التضخم.

في ضوء هذه التحديات، تعرض الدراسة 3 سيناريوهات محتملة لإصلاح تعرفة الكهرباء في الكويت:

  1. السيناريو الأول: يتمثل في الدعم المحدود، الذي يضمن للمواطنين استهلاك الكهرباء ضمن حد معين دون تجاوز حصة الدعم، وفي حالة ارتفاع الاستهلاك سيخضع للأسعار الكاملة دون دعم.
  2. السيناريو الثاني: يعتمد على شرائح الكهرباء مع انخفاض الدعم، بتقسيم أسعار الكهرباء إلى 3-4 شرائح حسب مستويات الاستهلاك، حيث يحصل الاستهلاك الأدنى على أعلى دعم، وتزداد الأسعار تدريجيًا مع زيادة الاستهلاك.
  3. السيناريو الثالث: إلغاء دعم الكهرباء بالكامل وتحويله إلى دفعات نقدية شهرية تعادل متوسط استهلاك الكهرباء لكل أسرة، وتُودع المدفوعات في الحسابات البنكية أو تُوزع نقاطًا ائتمانية لسداد الفواتير، فالأسر التي تستهلك أقل من المتوسط ستوفر المال، أما الأسر التي تستهلك أكثر فستدفع الفرق.

الخلاصة..

تعرفة الكهرباء في الكويت شهدت دعمًا مستمرًا لمدة 58 عامًا، ما شكّل عبئًا ماليًا كبيرًا على الدولة، ومع تزايد الطلب على الكهرباء، تطرح دراسة سيناريوهات إصلاحية تدريجية لضمان استدامة القطاع دون أن تتأثر الفئات ذات الدخل المحدود.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق