مصادر إنتاج الكهرباء في سوريا ونصيب الطاقة المتجددة (تقرير)
سامر أبووردة
تُشكِّل مصادر إنتاج الكهرباء في سوريا نقطة حيوية في فهم واقع الطاقة بالبلاد؛ إذ تواجه تحديات كبيرة في ظل تصاعد الطلب المحلي وقلة الموارد المتاحة.
ويعاني قطاع الكهرباء السوري تحديات مستمرةً تتعلق بتوفير مصادر كافية ومتنوعة لتلبية الطلب المتزايد، ورغم الجهود المبذولة؛ فإن الفجوة بين الإنتاج والطلب تبقى من أبرز العقبات التي تؤثر في استقرار الشبكة الكهربائية.
ووفقًا لبيانات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يتراوح متوسط إنتاج الكهرباء في سوريا بين 2300 و2600 ميغاواط، في حين يصل متوسط الطلب اليومي إلى 9 آلاف ميغاواط؛ ما يعكس عجزًا كبيرًا بنسبة تقارب 75%.
وتشير الإحصاءات إلى أن البنية التحتية للكهرباء في سوريا تعرضت، خلال سنوات الحرب، لضغوط شديدة نتيجة للأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية؛ إذ أدت هذه العوامل إلى تقليص الإنتاج وارتفاع ساعات التقنين.
وفي هذا السياق، يُسلِّط هذا التقرير الضوء على توزيع مصادر إنتاج الكهرباء في سوريا ومدى فاعليتها في تلبية الاحتياجات المحلية الحالية والمستقبلية، ويقدم مقارنة بين نسبة الاعتماد على الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة في البلاد مقارنة بدول عربية أخرى.
توزيع مصادر إنتاج الكهرباء في سوريا
تعتمد سوريا بشكل رئيس على الوقود الأحفوري في إنتاج الكهرباء؛ إذ يُستعمل الغاز الطبيعي والوقود السائل في تشغيل المحطات الحرارية.
وتمتلك سوريا 14 محطة كهرباء؛ 3 منها كهرومائية، و11 محطة تعتمد على الغاز الطبيعي والوقود السائل (فيول- مازوت) بصفتهما حاملين رئيسين للطاقة، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ويزيد تزويد تلك المحطات بالوقود من تعقيد الوضع؛ إذ يُوفر يوميًا ما بين 6 و6.5 مليون متر مكعب من الغاز، مقارنة بحجم الطلب البالغ 23 مليون متر مكعب، وما بين 5 و5.5 ألف طن يوميًا من الوقود، من 8 آلاف طن يوميًا تشكل حجم الطلب الكلي اللازم للتشغيل.
ويُظهر الرسم التوضيحي التالي توزيع قدرات محطات الكهرباء في سوريا حسب نوع العنفات لعام 2020:
- محطة حلب.
- محطة محردة.
- محطة بانياس.
- محطة الزارة.
- محطة زيزون.
- محطة جندر.
- محطة ديرعلي.
- منشأة السويدية.
- محطة الناصرية.
- منشأة التيم.
- محطة تشرين.
وضمن مصادر إنتاج الكهرباء في سوريا، تمتلك دمشق 3 محطات للطاقة الكهرومائية، هي:
- محطة سد الطبقة (880 ميغاواط).
- محطة سد تشرين (630 ميغاواط).
- محطة سد البعث (81 ميغاواط).
في المقابل، هناك استثمارات محدودة في مجال الطاقة المتجددة، منها:
- محطة الطاقة الشمسية في مدينة حسياء الصناعية.
- محطة الطاقة الشمسية في محافظة حماة بقدرة 1 ميغاواط.
- العنفة الرِّيحية الثانية لتوليد الكهرباء المقامة في منطقة الذهبية على أوتوستراد "حمص – طرطوس" باستطاعة 2.5 ميغاواط.
- التشغيل الجزئي لمشروع الطاقة الكهروضوئية في مدينة عدرا الصناعية بقدرة 10 ميغاواط.
- تشغيل جزئي لمشروع الطاقة الكهروضوئية في مدينة حسياء الصناعية بقدرة 20 ميغاواط من إجمالي قدرة 60 ميغاواط.
ورغم هذه الجهود؛ فإن نسب الاعتماد على الطاقة المتجددة تبقى منخفضة مقارنة بدول عربية أخرى، مثل مصر والمغرب اللذين سجّلا معدلات أعلى في استغلال مصادر الطاقة المتجددة.
تنويع مصادر الطاقة الكهربائية في سوريا
تتطلّب مواجهة تحديات تنويع مصادر الطاقة الكهربائية في سوريا التركيز على تعزيز استثمارات الطاقة المتجددة، إلى جانب تحسين كفاءة المحطات العاملة بالوقود الأحفوري.
وتُظهر المحطات الحالية تفاوتًا في الكفاءة حسب نوع الوقود المستعمل؛ إذ تُعد تكلفة إنتاج الكهرباء في المحطات العاملة بالغاز أقل، مقارنةً بالمحطات التي تعتمد على الفيول.
وتتراوح تكلفة إنتاج كل كيلوواط من مجموعات التوليد البخارية بين 2000 و2200 ليرة سورية، أما تكلفة إنتاج الكيلوواط من مجموعات التوليد الغازية؛ فتبلغ نحو 1700 ليرة.
ورغم الجهود المحدودة في مشروعات الطاقة الشمسية والريحية، يبقى الاستثمار في الطاقة المتجددة خيارًا إستراتيجيًا من شأنه خفض تكاليف الإنتاج، وخفض الانبعاثات الضارة نتيجة تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتحقيق توازن أفضل بين العرض والطلب.
مقارنة مع دول عربية
بالمقارنة مع دول عربية أخرى، تبدو سوريا متأخرة في مجال الطاقة المتجددة؛ فعلى سبيل المثال، يعتمد المغرب على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتغطية أكثر من 30% من احتياجاتها الكهربائية، في حين تعمل مصر على مشروعات ضخمة مثل مجمع بنبان للطاقة الشمسية بقدرة تصل إلى 1.8 غيغاواط.
وفي سياق متصل، تسعى الإمارات لرفع نسبة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني إلى 50%، من بحلول عام 2050.
في سوريا، تُشكِّل مشروعات الطاقة الكهرومائية جزءًا مهمًا من مصادر الكهرباء، مثل سد الفرات وسد تشرين، ومع ذلك، فإن الحصة الإجمالية للطاقة المتجددة ما زالت منخفضة ولا تلبي سوى جزء ضئيل من الاحتياجات المحلية.
تقييم فعالية المصادر في تلبية الطلب
تظهر أوضاع قطاع الكهرباء في سوريا أن الاعتماد الأساسي على الوقود الأحفوري يُصعّب تلبية الطلب المحلي المتزايد، ورغم كفاءة المحطات الغازية مقارنة بالبخارية؛ فإن نقص إمدادات الغاز يُضعف من فعالية هذا المصدر.
في المقابل، يُمكن للطاقة المتجددة أن تُحدث نقلة نوعية إذا ما استُثمرت بشكل إستراتيجي لتغطية جزء من الفجوة الإنتاجية؛ إذ يشير خبراء إلى أن سوريا تمتلك إمكانات واعدة في مجال الطاقة المتجددة، ولا سيما الطاقة الشمسية؛ نظرًا إلى وفرة أشعة الشمس على مدار العام.
وتؤكد تجربة دول مثل المغرب ومصر والإمارات أهمية تنويع مصادر الطاقة الكهربائية في سوريا، ولا سيما تطوير مشروعات طاقة متجددة واسعة النطاق لخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري.
إلا أن ضعف الاستثمارات ونقص البنية التحتية المتخصصة في هذا القطاع يُشكّلان عائقًا أمام تحقيق تقدم ملموس؛ لذا فإن تحقيق تقدم في تنويع مصادر الطاقة الكهربائية في سوريا يتطلّب من الحكومة الجديدة وضع خطة شاملة تتضمن تحسين إدارة الموارد المتاحة، وجذب استثمارات محلية ودولية في قطاعات الطاقة البديلة.
الخلاصة
يمثل تطوير مصادر إنتاج الكهرباء في سوريا وتنويعها تحديًا كبيرًا يتطلب تكاتف الجهود بين القطاعين العام والخاص.
ومع استمرار العجز الإنتاجي؛ تبقى صيانة وتطوير المحطات العاملة بالوقود الأحفوري بالتوازي مع التركيز على مشروعات الطاقة المتجددة خطوة أساسية باتجاه حل الأزمة.
وعلى ذلك، يُمكن القول إن مستقبل مصادر إنتاج الكهرباء في سوريا يتطلب إعادة صياغة سياسات الطاقة لتلبية احتياجات السكان، مع ضمان الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة.
موضوعات متعلقة..
- شبكة الكهرباء في سوريا.. حلول عاجلة لحل الأزمة (مقال)
- أكبر 5 محطات كهرباء في سوريا.. تفاصيل القدرات وتحديات التطوير
اقرأ أيضًا..
- طراز جديد لتوربينات الرياح.. أكثر كفاءة واستدامة لإنتاج الكهرباء
- أسعار ألواح الطاقة الشمسية في فلسطين 2025
- الحفر في المياه العميقة قد يعوّض تراجع إنتاج النفط الصخري.. ودولة أفريقية تظهر بالصورة
- حصة الطاقة الشمسية في مزيج الكهرباء الأفريقي تتزايد.. وهؤلاء الـ10 الكبار (تقرير)
المصدر..