سوق الغاز الأوروبية تواجه مثلث مخاطر قاعدته ترمب.. هل تتفادى أزمة إمدادات؟
محمد عبد السند
- تواجه سوق الغاز الأوروبية 3 معضلات تهدد بأزمة إمدادات.
- الأسعار في سوق الغاز الأوروبية تشهد ارتفاعًا حادًا.
- استنفدت أوروبا نصف مخزونها من الغاز هذا الشتاء.
- تبدي سوق الغاز ثقة بشأن سد الطلب المتنامي خلال الشتاء.
- لامست مستويات التخزين المجمعة في الاتحاد الأوروبي 58% في يناير.
تواجه سوق الغاز الأوروبية بوادر أزمة في الإمدادات اللازمة لإعادة ملء مرافق التخزين خلال موسم الصيف المقبل، على خلفية تناقص مخزونات الغاز خلال الشتاء الحالي، تزامنًا مع وقف نقل الغاز الروسي إلى القارة عبر الأراضي الأوكرانية.
وتأتي أزمة الإمدادات المحتملة في سوق الغاز في أوروبا على الرغم من تعهدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مؤخرًا بأن بلاده ستضمن إتاحة إمدادات غاز طبيعي مسال إلى القارة العجوز، حتى في ظل مخاوف من أن ينتج عن قطاع الصادرات المزدهر ارتفاع في أسعار الغاز للمستهلكين الأميركيين.
وتشهد الأسعار في سوق الغاز الأوروبية ارتفاعًا حادًا مع انخفاض المخزونات بوتيرة أسرع من المتوقع، بسبب الطقس البارد، وانخفاض إنتاج الطاقة المتجددة، وتوقف نقل الغاز الروسي إلى القارة عبر أوكرانيا؛ إذ لامست 46 يورو (47.36 دولارًا)/ميغاواط/ساعة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بارتفاع 16% عن الشهر السابق.
* (اليورو = 1.05 دولارًا أميركيًا).
ويُتوقع أن تصعد أسعار الغاز الأوروبية بنسبة 7% هذا العام، قبل أن تهبط 9% في عام 2026، وسط ركود الطلب؛ ومع تراجع المخزونات حاليًا إلى ما دون متوسطها الموسمي قبل الحرب الأوكرانية، تواجه أوروبا ضغوطًا متزايدة لتأمين الإمدادات قبل شتاء 2025-2026.
ووفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، استنفدت أوروبا نصف مخزونها من الغاز هذا الشتاء، وهبط إجمالي مستوى مخزونات الغاز في القارة بنسبة 25% من ذروتها، ليمثل أكبر انخفاض منذ عام 2018.
ثقة وحذر
تبدي سوق الغاز الأوروبية ثقة كافية بشأن سد الطلب المتنامي خلال فصل الشتاء، بينما تظهر عليها علامات التوتر بخصوص تخزين الغاز في فصل الصيف، مع الالتزام الحذر من الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ومن المتوقع أن تجذب سوق الغاز الأوروبية أحجامًا كافيةً من الغاز الطبيعي المسال خلال الأسابيع المقبلة لتعويض مخزونات الغاز المتناقصة تحت الأرض، حتى لو انتعش الطلب في السوق الفورية الآسيوية.
وفي الوقت نفسه يتطلّع السياسيون الأوروبيون واللاعبون في السوق على حد سواء إلى إيجاد أرضية مشتركة بشأن زيادة محتملة في مشتريات الغاز المسال الأميركية مع الرئيس دونالد ترمب الذي كثيرًا ما هدّد أوروبا بفرض تعرفات جمركية ما لم يوافق المشترون على شراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال من أميركا.
ترمب في دافوس
قال دونالد ترمب إن الولايات المتحدة ستضمن إمدادات الغاز المسال إلى أوروبا، خلال كلمته التي ألقاها عن بُعْد أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في 23 يناير/كانون الثاني الجاري.
وأضاف ترمب: "سأضمن أنكم ستحصلون على تلك الإمدادات، وإذا ما أبرمنا صفقة، ستحصلون عليها"، في معرض رده على سؤال طرحه الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الفرنسية توتال إنرجي باتريك بويانيه، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
ولا يتّضح الكيفية التي سيقدر من خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على ضمان إتاحة إمدادات غاز مسال إلى أوروبا عند التعاقد مع إمدادات الغاز المسال الأميركية بوساطة الشركات الخاصة غالبًا، التي لا تعاني قيودًا فيما يتعلق بواجهات الصادرات.
وقال تاجر غاز طبيعي مسال في أحد المصانع الأوروبية: "الحديث السياسي المعتاد هو أفضل تخمين لديّ"، في معرض تعليقه على تهديدات ترمب بفرض تعرفات جمركية على القارة العجوز، مشيرًا إلى أن أوروبا كانت ستتعاقد بأي حالٍ على شراء مزيد من الغاز المسال الأميركي على مدى السنوات القليلة المقبلة.
وقد تكرر النهج نفسه في ولاية ترامب الأولى وكذلك خلال عهد الرئيس السابق جو بايدن؛ إذ حرّكت قوى السوق شحنات الإمدادات دون مراعاة التصريحات الرئاسية.
مخاطر الشتاء
دفعت مستويات تخزين الغاز المنخفضة نتيجة تزايد الاستهلاك بسبب درجات الحرارة الأشد بردًا من الطبيعي في أوروبا، القارة إلى تبوؤ وضع جيد من حيث معدلات الشراء في سوق الغاز الطبيعي المسال الفورية، متفوقة على أسيا؛ ما نتج عنه تحول العديد من شحنات الغاز المسال الأميركية من آسيا إلى أوروبا.
واستقر سعر الغاز الطبيعي المسال في جنوب شرق أوروبا عند 14.20 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في تعاملات يوم 21 من يناير/كانون الثاني؛ ما يزيد بواقع 45 سنتًا عن سعر السوق الفورية في شمال شرق آسيا، وفقًا لتقييمات الأسعار التي أجرتها منصة إنرجي إنتليجنس.
وتحوّل ما لا يقل عن 7 سفن محمّلة بشحنات الغاز المسال الأميركي من آسيا إلى أوروبا في أثناء عبورها المحيط الأطلسي منذ 8 يناير/كانون الثاني الجاري، وفق أرقام صادرة عن شركة تحليل البيانات كبلر، حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وعلى الرغم من أن آسيا تشهد حاليًا ركودًا في الطلب؛ وهو ما يُعزى جزئيًا إلى مدة عطلة رأس السنة الصينية؛ فإن الاهتمام بالشراء وفق الأسعار الفورية من المنطقة قد يتنامى خلال الأسابيع المقبلة؛ ما من شأنه أن يزيد المنافسة على شحنات الغاز الطبيعي المسال المرنة ويرفع الأسعار.
وقال تاجر غاز طبيعي مسال في مصنع أوروبي إن استغلال سعة إعادة التغويز في أوروبا لا تزال مرتفعة كما هي في العام السابق؛ ما يعني أن هناك مزيدًا من السعة المتاحة التي يمكن استغلالها، في حين تجذب القارة أيضًا حاليًا شحنات غاز مسال من غرب أفريقيا، والتي كانت تُباع في العام الماضي إلى آسيا.
مخاطر الصيف
على الرغم من أن شحنات الغاز الطبيعي المسال الإضافية في السوق الفورية ستحافظ على إتاحة إمدادات جيدة إلى أوروبا خلال المدة المتبقية من فصل الشتاء؛ فمن المتوقع أن تنهي القارة أشهر الشتاء بمستويات منخفضة من مخزونات تلك السلعة منخفضة الانبعاثات؛ ما يفرض مخاطر على عملية إعادة ملء مخزونات الصيف.
وفي 22 يناير/كانون الثاني الجاري لامست مستويات التخزين المجمعة في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي 58%، وفقًا لبيانات صادرة عن مؤسسة "غاز إنفراستراكشر يوروب"، تراجعًا من 74% في اليوم نفسه من العام الماضي.
وقال تاجر غاز إسباني إن الأساس في قياس مدى القيود المفروضة على سوق الغاز الأوروبية يعتمد على المستوى الذي تريده أوروبا لملء مرافق التخزين الخاصة بها بحلول بداية نوفمبر/تشرين الثاني.
وأضاف: "لا يبدو أن هناك خطرًا ناجمًا عن نقص في الإمدادات حاليًا، غير أنه إذا شرعت آسيا في جذب الشحنات؛ فإن خطر إعادة ملء المخزونات يتنامى؛ ما ينعكس سلبًا في سوق الغاز الأوروبية مع وجود فرق أسعار بين الصيف والشتاء يتجاوز 5 يورو (5.25 دولارًا أميركيًا) لكل ميغاواط/ساعة".
وأوضح أن هذا الفرق في الأسعار من شأنه أن يجعل عمليات حقن التخزين أكثر تكلفة، وأن اللاعبين في السوق غير الملزمين بإعادة ملء المخزون لن يفعلوا ذلك.
وبناءً على ذلك اقترحت "تريدنغ هب يوروب"، وهي الجهة المنوط بها إدارة سوق الغاز في ألمانيا، خطة تستهدف دعم عمليات حقن التخزين خلال الصيف الحالي لضمان وصول البلاد إلى مستهدفها الخاص بالتخزين.
موضوعات متعلقة..
- إطلاق أكبر سفينة للتزود بالغاز المسال في أوروبا.. تعمل بتقنيات البطاريات
- تباطؤ صادرات الغاز المسال الأميركية يضع أوروبا في ورطة قبل الشتاء
- واردات أوروبا من الغاز المسال تتجاوز خطوط الأنابيب لأول مرة على الإطلاق (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- مبيعات الوقود البحري البديل تتجاوز مليون طن في 2024.. للمرة الأولى عالميًا
- خريطة توقعات مصادر توليد الكهرباء في أميركا حتى 2026 (تقرير)
- إنتاج النفط في الكونغو يترقب زيادة في 2025 بفضل مشروعات واعدة
المصادر: