ما الفرق بين الذكاء الاصطناعي وبرامج "تقنية المعلومات"؟ خبير يجيب
أحمد بدر
يختلف الذكاء الاصطناعي بشكل كبير عن تقنية المعلومات، المعروفة تقنيًا لدى جمهور المتخصصين وغير المتخصصين باسم "آي تي" (IT)، وهو اختلاف يبحث عنه كثير من المهتمين والمتابعين لاستعمالات الذكاء الرقمي بمجال الطاقة.
وفي هذا الإطار، يوضّح الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مجال الطاقة الدكتور زياد الشباني، أن التوضيح هنا مهم جدًا، ويُعَد من الأسئلة المهمة؛ إذ هناك حاجة ملحّة إلى التفريق بينهما.
وأضاف: "الذكاء الاصطناعي ببساطة هو برنامج يبنى بلغة برمجية معينة، ولكن ما يميزه هو أنه سيطلع على معلومات لم يشاهدها من قبل، ليتخذ قرارات ويعالج سيناريوهات ومشكلات -أيضًا- لم يطلع عليها من قبل".
أما ما يعرف بـ"أوتوميشن"؛ فهو برنامج يستعمله أصحاب "تقنية المعلومات" الآن في كل مجال، في التطبيقات الهندسية وتطبيقات الهواتف؛ إذ يكتبون برنامجًا ويكون مؤتمتًا؛ أي يعمل بشكل تلقائي، ومُغذَى بكل التفاصيل.
ولكن، وفق الخبير، لكن لا يمكن لهذا البرنامج أن يحاكي الذكاء الاصطناعي من حيث اتخاذ قرار لم يسبق له رؤيته، أو معالجة بيانات لم يسبق له الاطلاع عليها.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور زياد الشباني في حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) الدكتور أنس الحجي على مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا) بعنوان "الذكاء الاصطناعي وآثاره في أسواق النفط والغاز والكهرباء".
تدريب الذكاء الاصطناعي
قال الدكتور زياد الشباني إن من الأمور المهمة جدًا، فكرة تدريب الذكاء الاصطناعي على بيانات سابقة، ولكنه لا يُدَرَّب من أجل تعلم الماضي أو ما حدث، وإنما يتدرب مثل الطفل أو الخبير أو اللاعب، لكي يصل إلى مستوى من الخبرة.
وأضاف: "مثلًا، حضرتك الدكتور أنس الآن بكل هذه الخبرة الكبيرة التي تملكها قد يصادفك سيناريو غدًا لم يسبق لك الاطلاع عليه، وآنت الآن بصفتك إنسانًا ذكيًا تستعمل ذكاءك البشري وكل ما تعلمته سابقًا وكل خبراتك للتعامل مع هذا السيناريو الجديد".
وما يميز الذكاء الاصطناعي عن باقي البرمجيات المنتشرة، هو أنه برنامج مصمم ومدرب، والغرض الرئيس من تصميمه وتدريبه هو الاطلاع على بيانات وسيناريوهات جديدة، واتخاذ قرارات ووضع توصيات وتحسينات جديدة لم يسبق له الاطلاع عليها، وهذا هو الفرق الجوهري بينهما.
ولفت إلى أن أولى محاولات تطبيق الذكاء الاصطناعي كانت في بريطانيا، بالتحديد في كامبريدج من قِبل عالم الرياضيات البريطاني الشهير آلان تورين، وكانت هذه المحاولات في أربعينيات القرن العشرين.
ولكن، وفق الدكتور زياد الشباني، لم تكن تسمى ذكاءً اصطناعيًا بهذا المفهوم؛ إذ إن المصطلح المتداول حاليًا أُطلِقَ من جانب "جون ماكارثي" في عام 1956، خلال مؤتمر انعقد في الولايات المتحدة.
وبسبب هذه التسمية، يدور الجدل بين الأميركيين والبريطانيين حول من أول من أطلق اسم الذكاء الاصطناعي، ولكن الحقيقة أن بدايته كانت في كامبريدج من جانب آلان تورين، ومحاولات فهم طريقة التقكير.
وتساءل الشباني: إذا كان الأمر بهذا القدم.. فلماذا هذه الثورة الأن؟ ليضيف: "حقيقة الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى أمرين مهمين؛ الأول هو البيانات الكثيرة، والثاني هو القدرة الحسابية الضخمة، وهذان الأمران لم يتوفرا إلا الآن".
وتابع: "ما حدث في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي أُطلق عليه اسم (شتاء الذكاء الاصطناعي) والسبب أنه لم تكن تتوافر الحوسبة الكافية والمساحة الكافية للتخزين، لكن بعد ظهور البيانات الضخمة، بدأ الأمر يختلف".
وشدد على ضرورة التدقيق في مصطلح "البيانات الضخمة" من الناحية الفنية، فهو ليس الملف الذي يبلغ حجمه غيغابايت؛ إذ إن البيانات الضخمة هي كل بيانات لا يمكن معالجتها بوساطة الحواسيب الشخصية العادية، وعادةً ما تكون مختلفة وكبيرة جدًا، وتحتاج للتخزين في مراكز بيانات.
متى بدأت ثورة الذكاء الاصطناعي؟
أجاب الدكتور زياد الشباني عن سؤال: متى بدأت ثورة الذكاء الاصطناعي؟ بالقول إنه بقى منذ التفكير فيه خلال أربعينيات القرن الماضي، حتى بداية الألفينيات، عندما بدأت الحواسيب الشخصية تدخل، وبدأت سعة تخزين البيانات.
ولهذا، من عام 2000 حتى ظهور "شات جي بي تي" (ChatGPT)، أي ما يصل إلى 20 عامًا، كان موجودًا ومطبقًا في الجامعات العربية كلها، خاصة في كليات الهندسة، التي كانت تستعمله في بحوث الماجستير والدكتوراه، كما يدرس في صفوف الهندسة من المراحل الأولى.
لكن الذكاء الاصطناعي، وفق الخبير، كان يقتصر على تطبيقات هندسية محددة جدًا، والسبب أنه كانت هناك محدودية في التخزين والبيانات، وكذلك محدودية السعات، لكنه لاحقًا أصبح معروفًا للجميع، بعدما أصبحت هناك حوسبة سحابية، وتخزين سحابي.
ولفت إلى أن التخزين السحابي والمعالجة السحابية أصبحتا الآن متاحتين، فيمكن لأي شخص أن يستأجر مساحة عند شركات مثل أمازون أو غوغل أو شركة أخرى لتخزين بياناته، ولهذا لم تعد مساحة تخزين البيانات مشكلة، كما يمكن استئجار قدرة حسابية لجمع بيانات ضخمة وتخزينها.
وفي هذه الحالة، بحسب الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي، يمكن تصميم برامج ذكاء اصطناعية عملاقة، قادرة على أن تدخل في تطبيقات وقطاعات مختلفة، من بينها قطاعات الطاقة والصناعة، والطب أيضًا على وجه التحديد.
من هو الدكتور زياد الشباني؟
قدّم الدكتور أنس الحجي، في مستهل الحلقة، تعريفًا بالدكتور زياد الشباني، وهو من أكبر الخبراء في العالم العربي بمجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مجال الطاقة، وهو أستاذ مشارك ومهندس متخصص في التصنيع الرقمي للذكاء الاصطناعي وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
وحصل الشباني على شهادة البكالوريوس في تخصص هندسة السيطرة والنظم في الجامعة التكنولوجية في بغداد، ثم الماجستير والدكتوراه في تخصص هندسة الميكاترونكس من جامعة نيوكاسل في المملكة المتحدة.
ويحمل الشباني شهادة مهنية في الذكاء الاصطناعي من جامعة أكسفورد، وشهادة مهنية في تحليل البيانات من "إمبريال كوليدج"، وهي من أشهر الكليات والجامعات في بريطانيا، كما أنه مهندس قانوني معتمد من المجلس الهندسي البريطاني، وزميل بمعهد الإدارة المعتمد البريطاني.
ويرتكز عمل الشباني على تطبيق الأنظمة الرقمية الذكية في الهندسة ذات القيمة العالية لتعزيز التطور في التصنيع المستدام والصناعات المرنة، وله خبرات متعددة؛ إذ قدم إشارات لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مبادرات وسياسات الصناعات الرقمية والطاقة المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة خلال 2025 (تقرير)
- أنس الحجي: الذكاء الاصطناعي يؤثر في أسواق الطاقة.. وهذا مصير الغاز المسال القطري (تقرير)
- دور الذكاء الاصطناعي في الحد من الكوارث وحفظ الإنسان وممتلكاته (مقال)
اقرأ أيضًا..
- الألومنيوم المصنوع بالطاقة الشمسية في الإمارات يصل إلى الفضاء
- توقعات الطلب على النفط.. ماذا يقول تقرير كابسارك السعودي؟
- مشروع خط أنابيب الغاز القطري عبر سوريا لن يتحقق.. وهذه أولويات دمشق (خاص)
المصدر..
حلقة "أنسيات الطاقة" المذاعة عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)