حقل البرصاية.. قصة أول إنتاج نفطي في السودان بعد انفصال الجنوب
أحمد بدر
لم يكتسب حقل البرصاية السوداني أهميته من كونه منتجًا للنفط الذي تحتاج إليه الدولة الأفريقية بشدة حاليًا فحسب، بل جاءت أهمية منذ إطلاقه الأول في عام 2012، بوصفه الحقل الأول الذي يُدَشَّن في البلاد منذ تسعينيات القرن الماضي.
ودشّن السودان الحقل النفطي في شهر ديسمبر/كانون الأول من عام 2012، إذ علّقت الدولة آمالًا كبيرة عليه في زيادة إنتاجها من النفط الخام إلى نحو 180 ألف برميل يوميًا، جنبًا إلى جنب مع الحقول التي كانت قائمة قبل ذلك بسنوات، وفق قاعدة بيانات حقول النفط والغاز في السودان لدى منصة الطاقة المتخصصة، ومقرها واشنطن.
ومثله مثل بقية الحقول النفطية الأخرى في دولة السودان، واجه حقل البرصاية كثيرًا من الأحداث السياسية والعسكرية، والاحتجاجات الفئوية، بالإضافة إلى الصراعات المسلحة، إذ سبق أن استولى عليه مسلحون أكثر من مرة.
ويواجه السودان معارك أهلية طاحنة، تدور رحاها بين قوات الجيش الوطني، بقيادة الرئيس عبدالفتاح برهان من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، وهو الصراع الذي يدفع قطاع النفط السوداني ثمنه غاليًا.
معلومات عن حقل البرصاية
في ديسمبر/كانون الأول من عام 2012، خرج الإنتاج الأول من حقل البرصاية إلى النور، بمقدار 6 آلاف برميل من النفط الخام يوميًا، وذلك على يد شركة "ستار أويل" (Star Oil) التي حصلت على حق امتيازه قبلها بعام واحد.
ويبعد الحقل بنحو 240 كيلومترًا شمال غربي كادوجلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، وتوقعت الحكومة السودانية أن يرتفع إنتاجه ليصل إلى 10 آلاف برميل يوميًا بحلول عام 2017، وهو ما تعذَّر تحقيقه مع تواتر الأحداث السياسية في البلاد.
وجاء بدء الإنتاج من حقل البرصاية الواقع في مربع 17، ضمن برنامج وضعته وزارة الطاقة والنفط، قبل 15 عامًا، يستهدف تعزيز إنتاج البلاد، ونجح البرنامج في دخول حقلين جديدين، هما البرصاية وحديدة أبو زرقة بمربع 6، التابع لعمليات شركة "بتروإنرجي"، الذي بدأ في يناير/كانون الثاني 2013.
واستطاعت شركة ستار أويل، التي تملك شركة "سودابت" الحكومية في السودان نحو 34% من أسهمها، توسيع إنتاج حقل البرصاية، ليصبح أول حقل ينتج النفط الخام، بعد الانفصال عن دولة جنوب السودان، ما جعله يحظى بأهمية كبيرة.
وبلغ حجم الاستثمارات الأولية في حقل البرصاية، خاصة في بناء منشآته وحفر الآبار الإنتاجية الأولى، نحو 70 مليار دولار، وفق ما صرّح به مدير مشروع الحقل محمد صالح عثمان، في مقطع فيديو بثّته قناة الجزيرة الإخبارية القطرية حينها.
وشملت أعمال تأسيس الحقل، إنشاء خط أنابيب لنقل النفط الخام من الحقل إلى المصافي النفطية والمستودعات في المدن القريبة، التي تبلغ سعتها الإجمالية نحو 60 ألف برميل، بما يعادل 10 أضعاف إنتاج الحقل في بدايته، بينما بلغت الطاقة الاستيعابية للمنشآت السطحية بالحقل نحو 22 ألف برميل يوميًا.
وبينما لا توجد معلومات رسمية معلنة بشأن حجم احتياطيات حقل البرصاية من النفط الخام، فإن بعض التقديرات غير الرسمية، رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، ذهبت إلى أنها تتجاوز 6 ملايين برميل من النفط الخام.
أحداث شهدها حقل البرصاية
في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، شهد حقل البرصاية النفطي الواقع في ولاية جنوب كردفان السودانية اعتصامًا من جانب عدد من المحتجّين، الذين عطلوا الإنتاج بعدما أوقفوا تشغيل محطة الكهرباء التي تشغّل الحقل.
واستمر الاعتصام لأيام قبل أن يعلن وزير الطاقة والتعدين المهندس خيري عبدالرحمن -حينها- أن المعتصمين وافقوا على تشغيل محطة الكهرباء واستئناف العمل في الحقل النفطي، بعدما وعدت الحكومة بتحقيق مطالبهم، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ولكن، بعد 3 أشهر، وتحديدًا في فبراير/شباط 2021، عاود المعتصمون مهاجمة الحقل في محاولة للسيطرة عليه، بعدما تأخرت استجابة الحكومة للمطالب، التي كانت وزارة الطاقة قد وعدت بتحقيقها، إلّا أن هذه المحاولات باءت بالفشل.
واستقرت الأوضاع في الحقل، الذي سار إنتاجه على وتيرة واحدة، قبل أن تهاجمه قوات الدعم السريع في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ضمن مساعيها للسيطرة على عدد من الحقول النفطية، للضغط على الحكومة في الخرطوم ومحاصرتها اقتصاديًا.
وفرضت قوات الدعم السريع سيطرتها على حقول بليلة والبرصاية، ونيم، وكنار، وموقا، وزرقة حديد، وأبيي، وهو ما فرض ضغوطًا اقتصادية على حكومة الدولة التي كانت قد فقدت نحو ثلثي إنتاجها النفطي، مع انفصال جنوب السودان في عام 2011.
إلّا أنه سرعان ما تمكنت وزارة الطاقة والنفط، بالتعاون مع "تجمع شباب حقول النفط"، وقوات الجيش الوطني، وأهالي كردفان، من السيطرة على حقل البرصاية، وإعادة عمليات الإنتاج فيه مرة أخرى.
نرشح لكم..
- وزير الطاقة السوداني: فقدنا 7 ملايين برميل نفط بسبب الحرب.. وهذا موقفنا من صفقة أرامكو (حوار)
- حصاد وحدة أبحاث الطاقة لعام 2024 وتوقعات 2025
- تغطيات حصرية لتقارير وحدة أبحاث الطاقة