بايدن يحظر التنقيب عن النفط والغاز في 625 مليون فدان (تحديث)
حُدِّثَ في 6 يناير 2025
أسماء السعداوي
قبل نحو أسبوعين من مغادرة البيت الأبيض، أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن قرارًا بحظر منح تراخيص جديدة للتنقيب عن النفط في أكثر من 625 مليون فدان من المياه الساحلية الأميركية.
وحذّر الرئيس الأميركي، وفق بيان طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) يوم الإثنين 6 يناير/كانون الثاني (2025) من أن الحفر في هذه المناطق "لا يستحق المخاطرة"، و"غير ضروري" لتلبية احتياجات البلاد من الطاقة.
يعزّز تحرُّك بايدن وفق ما جاء في مذكرتين رئاسيتين يوم الإثنين 6 يناير، من إرثه في الحفاظ على البيئة ومكافحة تغير المناخ قبل أسبوعين فقط من تولّي الرئيس المنتخب دونالد ترمب منصبه.
وعلى عكس الإجراءات الأخرى التي اتخذها بايدن لتقييد تطوير الوقود الأحفوري، بما في ذلك التنقيب عن النفط والغاز، فإن التحرك قد يكون من الصعب على ترمب التراجع عنه، لأنه متجذّر في بند عمره 72 عامًا من القانون الفيدرالي يخوّل إلى الرؤساء حظر منح تراخيص للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الأميركية دون تفويض صريح للإلغاء.
وفي 20 يناير/كانون الثاني (2025)، سيعود الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى مدة ولاية جديدة، تعهّد فيها بزيادة أعمال التنقيب عن النفط والغاز وحظر الرياح البحرية، ومن بين إجراءات أخرى، على رأسها الانسحاب للمرة الثانية من اتفاق باريس للمناخ.
وبحسب تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، حلّت الولايات المتحدة في المركز الثالث على قائمة أكبر مصدري النفط الخام في العالم خلال العام الماضي (2024)، كما حطمت الرقم القياسي المحلي والعالمي في 2023 لتصبح أكبر المنتجين عالميًا في 2023.
التنقيب عن النفط والغاز
تشمل المناطق الخاضعة لحظر التنقيب عن النفط والغاز سواحل المحيط الأطلنطي والهادي وشرق خليج المكسيك على مساحة 625 مليون فدان، بما يعادل 250 مليون هكتار.
وبموجب القرار منع بايدن تأجير الأراضي الفيدرالية على طول السواحل الشرقية والغربية للولايات المتحدة، وخليج المكسيك الشرقي، وجزء صغير من بحر بيرنغ الشمالي، وهي منطقة تزخر بالطيور البحرية والثدييات البحرية والأسماك وغيرها من الحيوانات البرية التي يعتمد عليها السكان الأصليون منذ آلاف السنين.
لكن ما زالت الفرصة سانحة أمام الشركات للحصول على تراخيص للتنقيب في مناطق وسط وشمال غرب خليج المكسيك الذي يمثّل قرابة 14% من الإنتاج الأميركي.
ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن هذه الخطوة بأنها تهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على الطاقة وأمنها.
وقال بايدن: "من الواضح لي أن الإمكانات الضئيلة نسبيًا للوقود الأحفوري في المناطق التي أسحبها لا تبرر المخاطر البيئية والصحية العامة والاقتصادية التي قد تنشأ عن التأجير والحفر الجديدين".
وأضاف: "لسنا بحاجة إلى الاختيار بين حماية البيئة وتنمية اقتصادنا، أو بين الحفاظ على صحة محيطنا، ومرونة سواحلنا وأمن الغذاء الذي تنتجه - والحفاظ على انخفاض أسعار الطاقة".
ويرمي الحظر إلى حماية السواحل الأميركية وسكانها من الأخطار البيئية المصاحبة لتطوير مشروعات النفط والغاز، وما قد ينتج عنها من تسرّب للنفط.
كما يوطّد الإجراء سجلّ جو بايدن الحافل بدعم الأهداف المناخية خلال مدّته الرئاسية الوحيدة التي كلّلها بقانون خفض التضخم الذي يقدّم إعانات سخية لنشر مصادر الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية ودعم التنوع البيولوجي.
لكن الغموض ما زال يحيط بمستقبل القانون الذي يُوصف بكونه أكبر حزمة مناخية في التاريخ الأميركي؛ إذ تجاوز الميزانية المقررة إلى 800 مليار دولار، وتعهّد ترمب بإلغائه.
التنقيب عن النفط في أميركا
المَلمَح الأبرز للاختلافات الفكرية في سياسة الطاقة في أميركا بين بايدن وترمب هو أن الأول يرى ظاهرة تغير المناخ تهديدًا وجوديًا، في حين يُنكر الآخر وجودها من الأساس.
ويستند الحظر إلى نص قانون فيدرالي عمره 72 عامًا، يمنح رؤساء البلاد صلاحيات تقديرية واسعة، لاستثناء السواحل الأميركية من تراخيص النفط دون أن يرخّص صراحةً لحظرها.
ولجأ الرؤساء السابقون -من بينهم ترمب خلال مدّته الأولى- إلى القانون نفسه لحماية الشعاب المرجانية وحيوان الفظ والسواحل الممتدة من فلوريدا إلى ألاسكا.
كانت بعض المناطق التي يحميها بايدن قد مُنعت من التأجير لشركات النفط والغاز من قبل ترمب خلال الأسابيع الأخيرة من الحملة الرئاسية لعام 2020، لكن الحماية التي منحها الرئيس القادم للمياه المحيطة بالساحل الغربي لولاية فلوريدا وجنوب شرق الولايات المتحدة كان من المقرر أن تنتهي في عام 2032، في حين إن بايدن يجعلها دائمة.
وحاول ترمب في 2017 التراجع عن قرار سابقه باراك أوباما بحظر التنقيب عن النفط في القطب الشمالي والمحيط الأطلنطي، لكن المحكمة الفيدرالية قضت في 2019 بأن القانون لا يمنح الرؤساء سلطة إلغاء الحظر الذي أقرّه سابقوهم.
وانتقد فريق انتقال ترمب الخطة، ووصفتها المتحدثة باسمه كارولين ليفات بأنها "قرار مشين يهدف إلى الانتقام السياسي من الشعب الأميركي الذي أعطى الرئيس ترمب تفويضًا لزيادة الحفر وخفض أسعار النفط والغاز".
وقالت في بيان: "من الواضح أن جو بايدن يريد أن تكون أسعار الوقود المرتفعة هي إرثه، اطمئنوا، جو بايدن سيفشل، وسنواصل الحفر".
وانتقد قادة صناعة النفط الخطوة، قائلين، إن القيود واسعة النطاق، حتى على الأراضي التي لا تثير اهتمامًا كبيرًا للحفر الآن، تقوّض إمكانات الطاقة المحلية.
وقال رئيس رابطة الصناعات البحرية الوطنية إريك ميليتو، إن مثل هذه الحظر الشامل "يهدد أمننا الاقتصادي والوطني من خلال خلق حواجز سياسية أمام مواردنا الخاصة".
وأضاف: "حتى لو لم يكن هناك اهتمام فوري في بعض المناطق، فمن الأهمية أن تحافظ الحكومة الفيدرالية على المرونة اللازمة لتكييف سياستها في مجال الطاقة، وخاصة في الاستجابة للتغيرات العالمية غير المتوقعة مثل الغزو الروسي لأوكرانيا".
تغير المناخ
رفعت غرفة التجارة وجماعة بارزة لدى قطاع التنقيب عن النفط والغاز في أميركا دعوى قضائية ضد قانون أقرته ولاية فيرمونت في مايو/أيار (2024).
ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، يفرض القانون المثير للجدل على شركات الوقود الأحفوري الدفع مقابل الأضرار الناجمة عن تغير المناخ على مدار 3 عقود، وتحديدًا بدءًا من يناير/كانون الثاني عام 1995.
وجاء القانون بعدما شهدت الولاية الواقعة في شمال شرق البلاد فيضانات مدمرة وأضرارًا كارثية ناتجة عن أحوال الطقس المتطرفة.
وجاء في تفاصيل الدعوى أن القانون يخالف الدستور وقواعد التجارة المحلية والأجنبية وقانون الهواء النظيف الفيدرالي.
لكن القانون يرتكز على فكرة "المُلوِّث يدفع"، بعدما أطلقت شركات الطاقة الكبرى ما يزيد على ملياري طن متري من الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري منذ عام 1995.
موضوعات متعلقة..
- إدارة بايدن تدعم الهيدروجين المنتج من محطات الطاقة النووية
- بايدن ينهي قيود بيع عقود النفط والغاز في ألاسكا.. ويتحدّى جماعات البيئة
- تغيُّرات سياسة الطاقة الأميركية من إدارة بايدن لرئاسة ترمب الثانية (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- الطاقة الشمسية الحرارية تدفئ ثاني أكبر مدن صربيا
- حقل نيم.. أمل السودان لزيادة إنتاج النفط الخام
- الطلب العالمي على النفط.. أنس الحجي يكشف عن أبرز التطورات في 2024
- انبعاثات الكهرباء في الاتحاد الأوروبي تنخفض 13% بدعم من الطاقة المتجددة
المصادر:
- بايدن حظر تراخيص التنقيب عن النفط الجديدة من وكالة بلومبرغ.
- دعوى ضد ولاية فيرمونت بشأن قانون مدفوعات تغير المناخ من وكالة أسوشيتد برس.
- بايدن يحظر التنقيب عن النفط البحري في المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ من بلومبرغ