وزارة النفط السورية.. تحديات ما بعد الحرب وإستراتيجية التعافي
سامر أبووردة
منذ تأسيسها في ستينيات القرن الماضي، أدت وزارة النفط السورية دورًا محوريًا بإدارة أهم الثروات الباطنية في البلاد، من خلال الإشراف على أنشطة قطاعي النفط والغاز والمعادن.
ومع تحقيق العديد من الإنجازات البارزة في العقود الماضية، شهدت الوزارة اضطرابات هائلة نتيجة الحرب الأهلية، التي نشبت عام 2011، ما عطّل خططها الطموحة للتطوير، وقلّص من قدراتها على استغلال موارد النفط والغاز الطبيعي والفوسفات والمعادن وتطويرها والاستفادة منها.
ووفقًا لبيانات قطاع النفط والغاز السوري لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أُنشِئت وزارة النفط السورية بموجب المرسوم التشريعي رقم 139 لعام 1966، المُعدل بالمرسوم التشريعي رقم 121 لعام 1970، تحت مسمى "وزارة النفط والكهرباء وتنفيذ المشاريع الصناعية" الذي عُدِّل لاحقًا إلى "وزارة النفط والكهرباء والثروة المعدنية"، قبل صدور المرسوم التشريعي رقم 1974، الذي تغيَّر بموجبه إلى المُسمّى الحالي "وزارة النفط والثروة المعدنية".
وفي السابق، كانت الوزارة تشرف على قطاع الهيدروكربونات، الأهم في البلاد بما كان يوفره من إيرادات مالية وإمدادات الطاقة المحلية، إذ مثّل النفط نحو 25% من الناتج المحلي الإجمالي، مع وصوله إلى مستويات قياسية بحلول منتصف التسعينيات وبلوغ ذروته عام 2002، إلّا أنه تراجع إلى أدنى مستوياته منذ عقود، مع نشوب الصراع.
ومنذ تصاعد الصراع، تعاني وزارة النفط السورية من تحديات متزايدة، تتمثل في توقُّف أنشطة الشركات الأجنبية، والعقوبات الاقتصادية الغربية، والدمار الذي لحق بالبُنى التحتية للقطاع، نتيجة القصف المتبادل بين الجهات المتصارعة للسيطرة على حقول ومنشآت النفط والغاز.
وبينما كانت الوزارة تمتلك خططًا طويلة الأجل لتحديث قطاع النفط والغاز السوري وزيادة الإنتاج، أصبحت تلك الأهداف صعبة المنال، وسط صعوبات لوجستية ومالية وأمنية.
وفي هذا السياق، يستعرض تقرير منصة الطاقة أبرز التحديات التي تواجه وزارة النفط السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، ويبرز كيف أثّرت الحرب في تحقيق أهدافها.
الجهات التابعة لوزارة النفط السورية
تشمل الجهات التابعة لوزارة النفط السورية المؤسسة العامة لتكرير النفط وتوزيع المشتقات النفطية، والمؤسسة العامة للنفط، والمؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية، والمركز الوطني للزلازل، والمعهد التقني للنفط والغاز.
وتضم المؤسسة العامة لتكرير النفط وتوزيع المشتقات النفطية، والشركة العامة لمصفاة حمص، وشركة مصفاة بانياس، والشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية "محروقات"، وفقًا للبيانات الواردة بالموقع الرسمي للمؤسسة.
بينما تُصنّف المؤسسة العامة للنفط الشركات التابعة لها بكونها: شركات مرتبطة، وشركات مشتركة، وشركات عاملة، وشركات استكشافية.
وتشمل الشركات المرتبطة، الشركة السورية للنفط، والشركة السورية للغاز، والشركة السورية لنقل النفط، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتدير الشركة السورية لنقل النفط منظومتين لنقل النفط، هما:
- منظومة نقل النفط الثقيل
- منظومة نقل النفط الخفيف
وتمتد منظومة نقل النفط الثقيل من تل عدس في حقول الحسكة إلى بانياس، مرورًا بطرطوس بطول 690 كيلومترًا، بقدرة نقل 265 ألف برميل يوميًا، بالإضافة إلى 7 محطات ضخ.
بينما تمتد منظومة نقل النفط الخفيف من الحدود السورية العراقية إلى بانياس بطول 495 كيلومترًا، بقدرة نقل 750 ألف برميل يوميًا، بالإضافة إلى 3 محطات ضخ.
وتشمل الشركات المشتركة، الشركة السورية المصرية لخدمات الآبار "تدمر"، والشركة السورية المصرية للخدمات البترولية "سيبسكو"، وشركة إيبلا السورية المصرية لخدمات وهندسة سوائل الحفر.
بينما تتضمن الشركات العاملة، شركة الفرات للنفط، وشركة دير الزور للنفط، وشركة حيان للنفط، وشركة كوكب للنفط، وشركة عودة للنفط، وشركة دجلة للنفط، وشركة إيبلا للنفط، شركة الرشيد، وشركة البوكمال.
أمّا الشركات الاستكشافية، التي توقفت أنشطتها، فتشمل شل، وبتروكندا، وموريل وبروم الفرنسية، ولون إنرجي الكندية، وإينا الكرواتية، وتات نفت الروسية، وآي بي آر الأميركية (IPR)، وتملك شركة غلف ساندز البريطانية حصة 50% في المربع 26.
وفي سياق متصل، تتبع الشركة العامة للفوسفات والمناجم المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية.
اختصاصات وزارة النفط والثروة المعدنية السورية
حُددت اختصاصات وزارة النفط والثروة المعدنية السورية، بموجب المرسوم التشريعي رقم 121 لعام 1970، ثم بالقانون رقم 45 الصادر في 30 يونيو/حزيران 2001، على النحو التالي:
- الإشراف على المؤسسات والشركات والجهات التابعة للوزارة.
- الإشراف على أعمال التنقيب والإنتاج والاستثمار المتعلقة بالثروتين النفطية والمعدنية.
- إقرار السياسة العامة لأوجه النشاط المتعلقة بالثروتين النفطية والمعدنية.
- الإشراف على تنفيذ مشروعات التنمية وأوجه النشاط المتعلقة بالثروتين النفطية والمعدنية.
- اعتماد خطط التنمية للمؤسسات والشركات والجهات التابعة للوزارة، ومتابعة تنفيذها.
- إعداد الدراسات والخطط اللازمة، التي تتطلّبها عملية تطوير وتحديث الوزارة والجهات التابعة لها، بهدف مواكبة تطورات صناعة النفط والمعادن عالميًا.
- التنسيق بين المؤسسات والشركات والجهات التابعة للوزارة والعمل على حل ما ينشأ بينها من خلافات.
- العمل على تدبير التمويل اللازم للمشروعات الإنتاجية والاستثمارية، بالتعاون مع الجهات العامة المعنية.
النفط والغاز في سوريا
شهد عام 1956 بدء إنتاج النفط السوري، وفي العام التالي، انطلق التعاون التقني الاقتصادي بين سوريا والاتحاد السوفييتي، الذي تُوِّج برسم الخريطة البيولوجية لسوريا عام 1958، وفي مايو/أيار عام 1968، بدأ إنتاج النفط في سوريا بكميات تجارية.
وفي عام 1974 تأسست الشركة السورية للنفط التي تولّت الإشراف على صناعة النفط والغاز في سوريا، وخلال السبعينيات والثمانينيات، شهد قطاع النفط السوري قفزات مهمة في الإنتاج والتصدير، وتميزت المدة ما بين عامي 1986- 1995، بزيادة أنشطة الاستكشاف، إذ اكتُشِف 15 حقل نفط وغاز.
وفي منتصف التسعينيات، ارتفع إنتاج النفط إلى 596 ألف برميل يوميًا، وفي عام 2000، انخفض إلى 573 ألف برميل يوميًا، ثم عاود الارتفاع بمعدلات كبيرة، مسجلًا أعلى مستوى له تاريخيًا، خلال عام 2002، عندما بلغ 677 ألف برميل يوميًا، وبعد ذلك ظل يحوم بين مستويات 400 ألف و300 ألف برميل يوميًا خلال المدة منذ 2004 حتى 2011.
وفي عام 2003، تأسست الشركة السورية للغاز، وبدأت مزاولة نشاطها باستثمار ومعالجة ونقل الغاز الطبيعي في سوريا.
ومع اندلاع الصراع في عام 2011، تدهورت الأوضاع نتيجة خروج معظم حقول النفط عن سيطرة وزارة النفط السورية، ليتراجع الإنتاج إلى مستويات أواخر ستينيات القرن الماضي، مسجلًا 27 ألف برميل يوميًا، في عام 2015، و24 ألف برميل في عام 2018.
أمّا إنتاج الغاز الطبيعي فقد شهد انخفاضًا كبيرًا، من 30 مليون متر مكعب يوميًا قبل الأزمة إلى 10 ملايين متر مكعب فقط، وهو ما يعادل نصف احتياجات محطات الكهرباء، البالغة 18 مليون متر مكعب يوميًا.
وزراء النفط السوريين
تعاقب على تولّي حقيبة وزارة النفط السورية، منذ عام 1970 إلى ديسمبر/كانون الأول 2024، 18 وزيرًا، وهم:
- مصطفى حداد: 1970-1972
- فايز الناصر: 1972-1973
- جبر الكفري: 1973-1974
- عدنان مصطفى: 1974-1976
- عيسى درويش: 1976-1980
- عبد الجبار الضحاك: 1980-1984
- غازي الدروبي: 1984-1987
- مطانيوس حبيب: 1987-1992
- نادر النابلسي: 1992-1996
- محمد ماهر جمال: 1996-2001
- إبراهيم حداد: 2001-2006
- سفيان العلاو: 2006-2012
- سعيد هنيدي: 2012-2013
- سليمان العباس: 2013-2016
- علي غانم: 2016-2020
- بسام طعمة: أغسطس/آب 2020 - مارس/آذار 2023.
- فراس قدور: 29 مارس/آذار 2023 - 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.
- غياث دياب: تولى وزارة النفط السورية بحكومة تصريف الأعمال بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
إستراتيجية التعافي المستقبلية
رغم ضخامة التحديات، ستسعى وزارة النفط السورية بالإدارة الجديدة إلى تحسين الأداء واستغلال الثروات الباطنية، ولا سيما النفط والغاز والفوسفات.
وفي 30 ديسمبر/كانون الأول 2024، قال وزير النفط بحكومة تصريف الأعمال، غياث دياب، إن قطاع النفط في سوريا يعاني من صعوبات عديدة وتحديات تشكّل عائقًا في تأمين المشتقات النفطية، مضيفًا أن هناك عددًا من الآبار النفطية ما يزال خارج إدارة الدولة، الأمر الذي يمثّل أحد أكبر العوائق وأبرزها.
ويُنتظر أن ترتكز الخطط المستقبلية لوزارة النفط السورية على 5 محاور، تتضمن ما يلي:
- إعادة تأهيل البنى التحتية، بما في ذلك الحقول والمصافي وخطوط النقل، والعمل على معالجة مستويات التلوث المرتفعة بها.
- دعوة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى رفع العقوبات من أجل استيراد التكنولوجيا والمعدّات اللازمة، ما قد يسهم في عودة الشركات الأجنبية إلى سوريا.
- إعداد تشريعات مُحفّزة وجاذبة للاستثمارات.
- بناء علاقات قوية عربيًا وإقليميًا ودوليًا، وعقد شراكات لتطوير قطاعَي النفط والغاز، والمعادن، لتوفير الدعم التقني والتمويل اللازم لعمليات التطوير.
- تشجيع الكوادر البشرية، من مهندسين وفنيين، على العودة، بعد هجرة ونزوح أغلبهم إلى الخارج، فرارًا من الحرب.
وتعكس أزمة وزارة النفط السورية تأثير النزاعات المسلحة بالقطاعات الاقتصادية الحيوية، ورغم التحديات الكبيرة، بدأت الوزارة مساعيها لإعادة بناء القطاع واستعادة السيطرة على الموارد المُهدرة، بالتزامن مع ظهور بوادر دعم دولي، ولا سيما من مجلس التعاون الخليجي وتركيا، ويتطلب تحقيق ذلك استقرارًا سياسيًا وأمنيًا طويل الأمد.
موضوعات متعلقة..
- الاستخلاص المعزز.. تقنية فعالة لزيادة إنتاج حقول النفط في سوريا
- تطور إنتاج النفط السوري.. تاريخ طويل من التحديات والتحولات
- قانون الثروات الباطنية.. 4 إجراءات قد تجذب الاستثمارات لقطاع النفط السوري
اقرأ أيضًا..
- قطاع الطاقة في العراق يشهد خطوات مهمة بمشروعات النفط والكهرباء
- إنتاج النفط العالمي في 2024.. زيادة مقيّدة بتخفيضات أوبك+
- أنس الحجي: الذكاء الاصطناعي يؤثر في أسواق الطاقة.. وهذا مصير الغاز المسال القطري (تقرير)
المصادر..
- إستراتيجية وزارة النفط السورية وبيانات تأسيسها والجهات التابعة لها من موقعها الرسمي.
- الشركات التابعة للمؤسسة العامة للنفط في سوريا من موقع المؤسسة الرسمي.
- أسماء وزراء النفط من الموقع الرسمي لوزارة النفط السورية.