الطاقة الشمسية في المملكة المتحدة تكشف عن "وجه قبيح"
آثار سلبية تدفع السكان لمقاومة المشروعات الجديدة
حياة حسين
يومًا بعد يوم، تكشف الطاقة الشمسية في المملكة المتحدة عن "وجه قبيح" يدفع المجتمعات المحلية إلى مقاومة المشروعات الجديدة التي وعدت بها حكومة حزب العمال ضمن مشروعات الطاقة المتجددة التي تستهدف نشرها في أرجاء البلاد.
وتظهر قصة المواطن البريطاني كريس وأسرته مثالًا واضحًا لمعاناة العديد من الأسر جراء نشر مزارع الطاقة الشمسية، فقد انتقل كريس وزوجته جنا هومفري مع طفليهما قبل عامين إلى منطقة ريفية؛ ناشدَين الهدوء والاستمتاع بمناظر الطبيعة الخلابة، وهو الحلم الذي راودهما منذ سنوات طويلة.
وكان هذا الحلم أكثر سحرًا مما تَخيّلا في السابق؛ ففي اليوم الأول في منزلهما في ريف نورفولك شرق بريطانيا، كان الظلام حالكًا، لكن في الصباح الباكر، وبمجرد استيقاظ الأطفال، وفتح النوافذ، شاهدوا 3 من الغزلان تتقافز على مساحات واسعة من المروج الخضراء، وهو ما وصفاه في تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) بأنه كان "أمرًا ساحرًا".
وقال الزوج، وهو يشير إلى المساحات الخضراء المحيطة: "لقد أردنا أن يحصل أطفالنا على هذا". وتتّسم المنطقة التي انتقل إليها الزوجان بأنها تضم منازل قديمة وتاريخية، لم يُجرِ أصحابها أيّ تعديلات عليها، ومحاطة بحدائق، وما تزال تحتفظ بطابعها الريفي خلافًا لمعظم مناطق المملكة المتحدة.
الطاقة الشمسية في المملكة المتحدة تضيع الوظائف
سمعت أسرة البريطاني كريس، وآخرون، مثل المواطنة "بيري"، عن مشروع شركة "إيست باي" لإقامة محطة طاقة شمسية في المنطقة التي انتقلت إليها قبل عامين، والأدهى أنها علمت عن مخططات لإقامة 3 مشروعات أخرى.
وقالت بيري: "قبل 3 أشهر فقط كنا نعيش في سلام وفي مجتمع ريفي غير ملوث، والآن نحن نشعر بأننا في مواجهة هجوم، فكل شيء تخيّلته سابقًا ينقلب الآن رأسًا على عقب".
وتعتزم شركة إيست باي ترك مسافة 50 مترًا بين محطة الطاقة الشمسية ومنازل السكان، لكن ألواح المحطة سترتفع على أعمدة تصل إلى 4.5 مترًا، ولا وجود لخطّة تُعوِّض الأشخاص الذين سيفقدون أعمالهم أو وظائفهم بسبب هذه المشروعات.
وعلى سبيل المثال، قضى روي وزوجته هيدي مارتن السنوات الثلاث الماضية في تحويل حظيرتهما المهجورة إلى منزلين لقضاء العطلات، حيث يطلان على الحقول التي ستمتلئ بألواح الطاقة الشمسية، وأكدا أن أعمالهما مع هذا الوضع لن تكون قابلة للاستمرار، وقال روي: "وضعتُ كل مدخرات وكل أموال كسبتها خلال العامين الماضيين في هذا المشروع.. والآن سأفقد كل شيء".
إضافة إلى ذلك، تؤدي محطات الطاقة الشمسية في المملكة المتحدة إلى خفض القيمة السوقية للمنازل المجاورة، وترى إحدى الوكالات المحلية أن قيمة المنازل في هذه المنطقة ستنخفض بنسبة 30%، وإذا تحولت تلك التوقعات إلى حقيقة، فهذا يعني أن منزل كريس وزوجته سيصل إلى قيمة أقل من أقساط الرهن العقاري.
ووجدت دراسة صادرة العام الماضي أن قيمة المنازل التي تقع على بعد أقل من 750 مترًا من محطات الطاقة الشمسية المركبة في الجنوب، التي تزيد قدرتها عن 10 ميغاواط، هبطت بنسبة 10.2%.
وقالت زوجة كريس جنا، إن قيمة المنزل قد لا تنخفض بالنسبة نفسها التي قالت عنها الوكالة المحلية: "لكننا لا يمكننا المقامرة، فالخسائر ستكون كبيرة في كل الأحوال، ونحن مضطرون لبيع منزلنا، وسنسعى للحصول على تعويضات بصورة قانونية".
وأشارت إلى أن آثار محطات الطاقة الشمسية في المملكة المتحدة أسوأ من محطات الفحم، التي وفرت وظائف محلية للمجتمعات المحيطة، في حين لا توفر الأولى أيّ مزايا لهم.
الانزعاج من حزب العمال
بسبب محطات الطاقة الشمسية في المملكة المتحدة، عبّر سكان المنطقة الريفية نورفولك عن انزعاجهم من ساسة بريطانيا، ففي حين عبّرت بيري عن ندمها على انتخاب حزب العمال لحكم البلاد، أكدت جنا أن المؤلم في الأمر أن هؤلاء الساسة يرغبون في حرمانهم من السيطرة على المكان الجميل الذي ستملؤه ألواح الطاقة الشمسية.
وفي عام 2021، أعلن حزب العمال خطة إنفاق بقيمة 28 مليار جنيه إسترليني (35.30 مليار دولار) على خطط التحول الأخضر في بريطانيا، قبل خفضها في شهر فبراير/شباط (2024).
وخلال فعاليات مؤتمر المناخ كوب 29، أعلن كير ستارمر رفع مستهدف خفض الانبعاثات في المملكة المتحدة إلى 81% من 78% سابقًا بحلول عام 2035، مقارنة بمستويات عام 1990.
وقال خلال مؤتمر صحفي ضمن فعاليات القمة المناخية، إنه ليس هناك حاجة لإخبار مواطنيه كيف ينبغي أن يعيشوا لتحقيق الهدف البيئي الطموح.
وكان ستارمر قد وعد بإزالة الكربون من قطاع الكهرباء بحلول عام 2030؛ ما سيخفّض فواتير المستهلكين، وسيمنحهم الاستقلال الطاقي.
موضوعات متعلقة..
- الحياد الكربوني في المملكة المتحدة قنبلة موقوتة في وجه ستارمر
-
حزب العمال يخفض الاستثمارات الخضراء في بريطانيا ويُغضب نشطاء المناخ
اقرأ أيضًا..
- بنود صفقة الغاز التركمانستاني إلى العراق.. وردود رسمية لأول مرة (مقال)
-
اكتشافات النفط والغاز في 2024.. رواج كبير بـ3 قارات وحضور لدول عربية
المصادر:
الطاقة الشمسية في مواجهة الناس: السكان المحليون يقاتلون من أجل مقاطعتهم من صحيفة الغارديان.