- يُعوَّل على صناعة النفط السوري في إنعاش الاقتصاد المحلي
- تُسهم عائدات صادرات النفط في تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين
- يعيش 90% من سكان سوريا في فقر
- هبط إنتاج قطاع النفط السوري 5.5% على أساس سنوي في 2023
- سيخفف نمو إنتاج النفط السوري من أزمة الكهرباء المستفحلة
تتزايد الرهانات على قطاع النفط في سوريا في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي للبلد العربي الذي مزّقته الحرب على مدار 14 عامًا، وانعكاسات ذلك على تحسين المستوى المعيشي للسكان.
فمن الممكن أن تؤدي صناعة النفط السورية دورًا حاسمًا في إنعاش النمو الاقتصادي عبر دعم ميزانية الدولة بإيرادات قدرت بـ15 مليار دولار سنويًا بسعر 70 دولارًا لبرميل النفط، تُوجَّه لتحسين البنية التحتية وخلق مناخ استثماري جذاب في البلاد.
ودون شك، سيسهم تعافي قطاع النفط في سوريا في تحسين جزء من الأوضاع الحياتية اليومية للمواطنين عبر ضخ أموال في شرايين الاقتصاد المحلي؛ ما سيدعم بدوره العملة المحلية "الليرة" التي هوى سعرها 141% أمام الدولار الأميركي في عام 2023.
كما سيسهم التعافي المأمول في قطاع الطاقة السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد في تخفيف آثار التضخم الحادّ الذي يلتهم القوة الشرائية للمواطنين، لا سيما مع خفض الدعم الحكومي الذي يُتوقع أن يرفع أسعار المستهلك بنسبة 93% هذا العام.
ووفق تقديرات البنك الدولي، التي تنشرها دوريًا منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يغرق 90% من سكان سوريا في مستنقع الفقر.
إنتاج النفط السوري.. لمحة تاريخية
نظرًا لأن قطاع النفط في سوريا كان مسؤولًا عن ثلثي عائدات البلاد من النقد الأجنبي قبل اندلاع الحرب، تبرز أهمية إعادة بناء تلك الصناعة وإعادة دوران عجلة الإنتاج بها، كي تصل إلى مستويات ما قبل الصراع.
ووفق أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية، لامس إنتاج النفط السوري قرابة 20 ألف برميل يوميًا في عام 1968، ثم بلغ ذروته مسجلًا 58 ألف برميل يوميًا في عام 1996.
وخلال المدة من عام 1996، تراجع إنتاج النفط حتى وصل إلى 407 آلاف برميل يوميًا في عام 2005، و387 ألف برميل يوميًا في عام 2010.
وانخفض إنتاج النفط السوري إلى ما دون 25 ألف برميل يوميًا بحلول مايو/أيار (2015)، مقارنة بمستوياته خلال المدة بين عامي 2008 و 2010، حينما لامس 400 ألف برميل يوميًا، وفق أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
وفي عام 2023، وضعت تقديرات إدارة معلومات الطاقة إنتاج قطاع النفط في سوريا عند 91 ألف برميل يوميًا، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة.
كما هبط إنتاج قطاع النفط في سوريا بنسبة 5.5% على أساس سنوي في عام 2023، وهو ما يُعزى جزئيًا إلى الزلزال، وتدمير البنية التحتية بسبب الحرب، وفق تقديرات البنك الدولي.
صادرات النفط السوري قبل الحرب وبعدها
كان قطاع النفط في سوريا يمثّل ثُلثي صادرات البلاد قبل اندلاع الحرب في مارس/آذار (2011) التي أجهزت على الصناعة، لتضطر الحكومة إلى خفض صادرات الخام والتحول إلى الاستيراد لتأمين 95% من احتياجاتها النفطية.
ووفق تقديرات رسمية، تصل واردات سوريا من النفط حاليًا إلى قرابة 5 ملايين برميل شهريًا، أو أكثر من 160 ألف برميل يوميًا، بعد أن كانت صادراتها من الخام تبلغ 150 ألف برميل يوميًا قبل عام 2011.
وأثّر هذا التحول من الصادرات إلى الواردات بشدة في الاقتصاد السوري، نتيجة تراجع وتيرة الاستثمارات، وتزايد عجز الميزان التجاري، وسيطرة المسلحين على العديد من آبار النفط.
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- إنتاج سوريا من النفط الخام والمكثفات والسوائل الغازية منذ عام 1968 حتى 2023:
الآثار الاقتصادية للنفط السوري
يمكن الوقوف على تأثير نمو قطاع النفط في سوريا في الاقتصاد المحلي عبر الاستشهاد بنتائج دراسة بحثية أجريت خلال المدة من عام 1975 إلى عام 2010، التي ربما تساعد صانعي القرار في سوريا على وضع الخطط الاقتصادية، مع الأخذ في الحسبان الصادرات النفطية.
ووجدت الدراسة أن الناتج المحلي الإجمالي يرتبط ارتباطًا إيجابيًا بالصادرات النفطية، موضحةً أن مقابل كل زيادة 1% في الصادرات النفطية، يرتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 0.20%.
وهذا يعني أن صادرات النفط السوري -إذا تعافى القطاع مجددًا إلى مستوياته قبل الحرب- ستدعم النمو الاقتصادي المحلي؛ ما سينعكس إيجابًا على معيشة المواطنين وتحسين نمط حياتهم اليومية.
وتوفر زيادة الصادرات النفطية الإيرادات والعملات الأجنبية لاستيراد مستلزمات التنمية، بالإضافة إلى توفير الأموال التي يمكن توجيهها لتحسين البنية التحتية، وخلق مناخ استثماري جاذب، مما يساعد في دعم الاقتصاد السوري.
كما يمكن أن يؤدي نمو الصادرات إلى زيادة إنتاج الشركات وخفض تكاليف إنتاجها؛ ما يسهم في رفع إنتاج تلك الشركات والوصول إلى ما يُطلق عليه اقتصادات الحجم.
أزمة كهرباء عميقة
سيخفّف نمو إنتاج النفط السوري من أزمة الكهرباء المستفحلة التي تعانيها البلاد طيلة السنوات الماضية نتيجة تدمير البنية التحتية للطاقة خلال الحرب.
فزيادة إنتاجية النفط والغاز من شأنها أن تتيح الوقود اللازم لتشغيل المحطات وتوليد الكهرباء، لا سيما أن البلد العربي يعتمد على مصادر الوقود الأحفوري في إنتاج الطاقة.
وتصل انقطاعات الكهرباء إلى ما يزيد على 20 ساعة يوميًا؛ ما يدفع غالبية السكان إلى الاعتماد على مصادر بديلة أخرى لتوليد الطاقة الكهربائية، مثل الطاقة الشمسية والمولدات.
يُشار إلى أن إنتاج الكهرباء في سوريا قد انخفض 57% عام 2010، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأنهكت الحرب السورية قطاع الطاقة المحلي الذي تعرض لخسائر جسيمة طالت آبار النفط والغاز وشبكات الكهرباء، ناهيك عن تأثر البنية التحتية التي تُعدّ العصب الرئيس للاقتصاد السوري.
يُشار إلى أن إنتاج سوريا من الغاز لامس 30 مليون متر مكعب يوميًا قبل عام 2011، لكن هبط الإنتاج إلى 10 ملايين متر مكعب يوميًا، وهو ما يقلّ كثيرًا عمّا تحتاج إليه البلاد - 18 مليون متر مكعب يوميًا- لتوليد الكهرباء في محطات الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- إنتاج النفط السوري قبل وبعد سقوط بشار.. من يسيطر على ثروة الشعب؟ (مقال)
- حقول النفط في سوريا.. واقع مأزوم واحتياطيات هائلة تنتظر حلولًا
- أنس الحجي: النفط في سوريا لا يكفي استهلاكها.. وتحذير من "خطر نووي"
اقرأ أيضًا..
- 37 مشروع هيدروجين أخضر يتعثر عالميًا خلال 2024.. أحدها في دولة عربية
- الألواح الشمسية المنتجة للهيدروجين الأخضر.. تقنية جديدة تستغني عن المحلل الكهربائي
- إنتاج النفط الإيراني.. خبراء يرسمون حدود سياسة "الضغط الأقصى" لترمب
المصادر:
1.يسهم قطاع النفط السوري في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من دراسة منشورة في منصة ريسرش جيت.
2.يسهم تعافي قطاع النفط السوري بتخفيف التضخم الحاد في البلاد من موقع البنك الدولي.
3- لأمريكا دور لا يُستهان به في توفير الظروف لنمو قطاع النفط السوري من نيويورك تايمز.