صناعة الصلب في الهند تواجه مخاطر الأصول العالقة (تقرير)
الاعتماد على الفحم يهدد خطط إزالة الكربون
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي
- الطلب على الصلب في الهند قد يتضاعف خلال المدة من 2024 و2034
- استمرار الاعتماد على الفحم في المشروعات الجديدة يعزّز خطر الأصول العالقة
- الهند تمتلك فرصة لتبني تقنيات صناعة الصلب الأخضر
- الهند تهدف إلى خفض انبعاثات القطاع بنسبة 45% بحلول عام 2030
تقف صناعة الصلب في الهند عند مفترق طرق حرج، حيث تتعارض خطط النمو مع الحاجة الملحة لإزالة الكربون، خصوصًا مع استمرار اعتماد تقنيات إنتاج قائمة على الفحم.
وبصفتها ثاني أكبر منتج للصلب في العالم بعد الصين، تستعد الهند لمضاعفة قدرتها الإنتاجية بحلول عام 2030، لكن هذا النمو يأتي مع سلسلة من التحديات البيئية، وفقًا لتقرير حديث، حصلت وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن) على نسخة منه.
خلال سبتمبر/أيلول الماضي، نشرت وزارة الصلب الهندية خريطة طريق تهدف إلى خفض الانبعاثات بنسبة 45% عن مستويات عام 2005 بحلول عام 2030، مع التركيز على تبني صناعة الصلب الأخضر.
ومع ذلك، تفتقر الخطة إلى رؤى واضحة للحد من الاعتماد على أفران الصهر القائمة على الفحم أو أفران الأكسجين القاعدي، أو التخلص منها.
ويزيد النهج الذي يُعطي الأولوية "لتوسيع القدرة الإنتاجية حاليًا وإزالة الكربون لاحقًا" من مخاطر الأصول العالقة، خاصة بالنسبة إلى مشروعات الصلب الجديدة، مع وجود ما بين 124 و187 مليار دولار مرتبطة بتطوير مرافق أفران الأكسجين القاعدي الجديدة، وستمتد إلى المرافق الحالية.
وأفران الأكسجين القاعدي هي طريقة أولية لصناعة الصلب عبر تحويل الحديد الزهر المنصهر الغني بالكربون إلى صلب، وهي طريقة كثيفة الانبعاثات نظرًا إلى اعتمادها على الفحم.
القدرة الحالية لصناعة الصلب في الهند
تتبع مؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور قرابة 123 مليون طن سنويًا من القدرة الإنتاجية للصلب الخام، التي تديرها الهند -حاليًا-، ومن هذا الإجمالي تهيمن أفران الأكسجين القاعدي ذات كثافة الانبعاثات العالية 59%.
على النقيض من ذلك، تمثل التقنيات القائمة على الكهرباء، مثل أفران القوس الكهربائي وأفران الحث مجتمعة 39% فقط من القدرة التشغيلية.
بينما تبلغ قدرة إنتاج الصلب قيد التطوير 258 مليون طن سنويًا، تهيمن أفران الأكسجين القاعدي بنسبة 69%، في حين تمثّل أفران القوس الكهربائية 13% فقط.
وقد يؤدي الاعتماد على تقنية أفران الأكسجين القاعدي المشروعات الجديدة إلى تفاقم الانبعاثات، وقد تُسهم القدرة الإضافية لهذه الأفران في إطلاق 680 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
الطلب على الصلب
من المتوقع أن تصبح الهند ثالث أكبر اقتصاد عالمي بحلول عام 2032، ونتيجة لذلك، من المقرر أن يرتفع الطلب على الصلب داخل البلاد من 136 مليون طن عام 2024 إلى ما بين 221 و275 مليون طن بحلول 2034، إلى جانب نمو الطلب العالمي بنسبة 1.2% عام 2025.
وإدراكًا للتحديات التي يفرضها هذا النمو، قدمت الهند سياساتها الوطنية للصلب عام 2017، التي تهدف إلى زيادة قدرة إنتاج الصلب من 125 مليون طن سنويًا إلى 300 مليونًا بحلول عام 2030.
وبحلول السنة المالية 2023، وصلت الهند إلى 161 مليون طن سنويًا، وتشير التوقعات إلى أن القدرة الإنتاجية قد تتضاعف 3 مرات بحلول عام 2040 من مستويات 2017.
وبحسب تقرير غلوبال إنرجي مونيتور، يعتمد أكثر من 87% من القدرة التشغيلية لصناعة الحديد في الهند، و90% من القدرة قيد التطوير على الفحم، ما يجعل صناعة الصلب في الهند واحدة من أكثر القطاعات كثافة في الانبعاثات، إذ تمثل 12% من إجمالي انبعاثات الكربون.
وحاليًا، يمثّل القطاع أكثر من 240 مليون طن من انبعاثات الكربون سنويًا، وسط توقعات أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2030، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وأشار التقرير إلى أن كثافة انبعاثات إنتاج الصلب الخام في الهند هي الأعلى عالميًا، حيث تبلغ 2.55 طنًا من ثاني أكسيد الكربون لكل طن من الصلب، وهو أعلى بنسبة 38% من المتوسط العالمي البالغ 1.85 طنًا من الكربون.
خطوات حاسمة لتطوير صناعة الصلب في الهند
أوضح تقرير مؤسسة غلوبال إنرجي مونيتور أن أكثر من 86% من قدرة أفران الأكسجين القاعدي المخطط لها لم تدخل مرحلة البناء بعد، وهذا يمنح صناعة الصلب في الهند فرصة لتبني تقنيات إنتاج خضراء، ويمكن أن يساعد ذلك في تحقيق الآتي:
- تجنّب مخاطر الأصول العالقة الناجمة عن سياسات إزالة الكربون المستقبلية.
- مواءمة الهند مع أهداف الاستدامة العالمية.
- تقديم ميزة تنافسية للهند في سوق الصلب الأخضر.
على صعيد آخر، من المتوقع أن ينمو إجمالي الطلب على الكهرباء في القطاع بنسبة 8.7% سنويًا، من 94.3 تيراواط/ساعة خلال المدة 2021-2022 إلى 183.8 تيراواط/ساعة (2030-2031).
وحاليًا، تعتمد صناعة الصلب في الهند على الفحم، إذ يوفر 85% من مدخلات الطاقة للقطاع، بحسب بيانات اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
لذا، تهدف وزارة الصلب إلى زيادة انتشار الطاقة المتجددة بنسبة 43% بحلول عام 2030، ارتفاعًا من 7.2% حاليًا، وسيُسهم ذلك في تقليل كثافة الانبعاثات بنسبة 8%.
ووفقًا للتقرير يمكن أن يؤدي تحول القطاع إلى الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين وأفران القوس الكهربائي إلى تقليل الانبعاثات بنسبة تصل إلى 88%، مقارنة بالاعتماد على الكهرباء من الشبكة.
بالإضافة إلى ذلك، تمثل الطاقة جزءًا كبيرًا من تكاليف صناعة الصلب في الهند، تتراوح بين 20% و40%، لذا أعطت البلاد الأولوية لتحسين كفاءة الطاقة داخل القطاع لتقليل التكاليف التشغيلية وانبعاثات الكربون.
وفي عام 2021، قدّمت الحكومة مخطط الأداء والإنجاز والتجارة (PAT)، لتحفيز منتجي الصلب على تقليل استهلاك الطاقة.
وبحسب البيانات، انخفض متوسط كثافة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الصناعة إلى قرابة 2.55 طنًا من الكربون لكل طن من الصلب الخام بحلول عام 2022، من 3.1 طنًا عام 2005.
ومع ذلك، من المتوقع أن تكون التخفيضات الإضافية هامشية، وسيتطلب مسار إزالة الكربون من صناعة الصلب في الهند بالكامل التحول إلى تقنيات صناعة الصلب الأخضر.
الخلاصة..
تواجه صناعة الصلب في الهند تحديات كبيرة بسبب الاعتماد المستمر على الفحم، حيث تمثل الانبعاثات من القطاع أكثر من 12% من إجمالي انبعاثات الكربون في البلاد، ولتحقيق أهداف الاستدامة، يجب على الهند تبني تقنيات صناعة الصلب الأخضر.
موضوعات متعلقة..
- أول مشروع لإنتاج الصلب الأخضر في الهند
- لماذا تستحوذ صناعة الصلب الأخضر في الشرق الأوسط على اهتمام عالمي؟ (تقرير)
- تحوّل صناعة الصلب من الفحم إلى الغاز يخفض الانبعاثات 75% (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أسعار الألواح الشمسية 2025.. قفزة كبيرة منتظرة
- صادرات أفريقيا من النفط والغاز المسال.. ما أبرز الدول المستوردة؟
- تمديد تخفيضات أوبك+ الطوعية وتوقعات أسعار النفط.. 6 خبراء يتحدثون
المصادر: