إعادة تدوير المعادن الحرجة مفتاح تعزيز أمن الطاقة وخفض الانبعاثات (تقرير)
المبادرات الداعمة لإعادة التدوير تكتسب زخمًا في السنوات الأخيرة
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي
- إعادة تدوير المعادن الحرجة ضرورية لتعزيز تقنيات الطاقة النظيفة
- الافتقار إلى لوائح واضحة يسبّب حواجز أمام الاستثمار في إعادة التدوير
- سوء إدارة ممارسات إعادة التدوير قد يخلق تأثيرات بيئية
- إعادة تدوير المعادن الحرجة لا تلغي الحاجة إلى الاستثمار في مشروعات التعدين الجديدة
باتت إعادة تدوير المعادن الحرجة عنصرًا جوهريًا في الجهود العالمية للتصدي إلى الاضطرابات المحتملة في سلاسل التوريد والحدّ من التأثيرات البيئية والاجتماعية المرتبطة بممارسات التعدين التقليدية.
وتتضمن عمليات إعادة تدوير المعادن الحيوية، والمعروفة -أيضًا- بـ"التعدين الحضري"، استعادة المعادن القيمة من المنتجات التي انتهى عمرها الافتراضي، مثل البطاريات والمركبات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية.
وسلّط تقرير حديث، حصلت وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن) على نسخة منه، الضوء على الإمكانات الهائلة لعمليات إعادة تدوير المعادن الحرجة، ودورها في الحدّ من مشروعات التعدين الجديدة بنحو 25-40% بحلول عام 2050.
وينبع ذلك من تزايد إدراك صنّاع السياسات بأهمية عمليات إعادة التدوير، وتقديم العديد من المبادرات لتشجيع تبنّيها خلال السنوات الأخيرة.
ومع ذلك، أكد التقرير أن إعادة تدوير المعادن الحرجة لا تلغي الحاجة إلى الاستثمار في التعدين، لكنها توفّر مصدرًا ثانويًا قيمًا للإمدادات، يقلل من الاعتماد على تطوير المناجم الجديدة، ويوفر الإمدادات للدول المستوردة.
دور إعادة تدوير المعادن الحرجة في تلبية الطلب
من المقرر أن يرتفع الطلب العالمي على المعادن الحيوية اللازمة لتقنيات الطاقة النظيفة، مثل النحاس والكوبالت والليثيوم والنيكل، ما يشير إلى ضرورة إعادة تدوير المعادن الحرجة.
وكشف تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الدولية دورَ إعادة التدوير في الحدّ من الحاجة إلى تطوير مشروعات التعدين الجديدة بنسبة 40% للنحاس والكوبالت، ونحو 25% لليثيوم والنيكل بحلول عام 2050، وفقًا لسيناريو التعهدات المعلنة، الذي يستند إلى التعهدات المناخية الوطنية.
وعلى الرغم من إمكانات إعادة تدوير المعادن الحرجة، سيظل الاستثمار في مشروعات التعدين الجديدة ضروريًا لتلبية الطلب، مع الحاجة إلى استثمار 600 مليار دولار حتى عام 2040.
ودون إحراز تقدُّم كبير في عمليات إعادة التدوير، فإن الاستثمارات اللازمة ستكون أعلى بنسبة 30%، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
إطلاق العنان لإمكانات إعادة تدوير المعادن الحرجة
رغم أن جهود إعادة تدوير المعادن الحرجة تكتسب زخمًا، فإن استعمال المواد المعاد تدويرها لم يواكب بعد زيادة الاستهلاك، وبات النحاس والنيكل المعاد تدويرهما يشكّلان حصة أصغر من السوق.
وأشارت وكالة الطاقة الدولية إلى الإمكانات الهائلة لإعادة التدوير بشرط تقديم تدابير سياسية مناسبة، وخاصة مع وصول السيارات الكهربائية إلى نهاية عمرها الافتراضي وتوافر المزيد من المواد الخام بعد عام 2030.
ومع نمو سوق معادن البطاريات المعاد تدويرها بمقدار 11 ضعفًا في أقل من عقد، ثمة فرصة واضحة للحدّ من الاعتماد على مشروعات التعدين الجديدة.
ومن هذا المنطلق، بدأت سياسات إعادة التدوير تكتسب زخمًا، مع تقديم أكثر من 30 مبادرة سياسية جديدة تركّز على إعادة تدوير المعادن الحرجة في السنوات الـ3 الماضية.
ومن خلال تنفيذ هذه السياسات، قد تصل القيمة السوقية للمعادن الحرجة المعاد تدويرها إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2050.
وإلى جانب تأمين إمدادات ثابتة للمعادن، فإن توسيع نطاق إعادة التدوير له فائدة إضافية تتمثل في تعزيز أمن الطاقة، ويمكن أن يسهم في الحدّ من الواردات وبناء احتياطيات لتخفيف المخاطر التي تفرضها الاضطرابات في الإمدادات وتقلبات الأسعار.
فضلًا عن ذلك، تنتج المعادن الحرجة المعاد تدويرها انبعاثات أقل بنسبة 80% مقارنة بالمواد الأولية المستخرجة من الأرض.
مستقبل إعادة تدوير المعادن الحرجة
أكد المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول ضرورة كل من الاستثمار في المناجم والمشروعات الجديدة والاستفادة من الموارد المتاحة.
ومع دخول العالم "عصر الكهربة"، فإن التركيز على إعادة تدوير البطاريات والأجهزة الكهربائية البالية يوفر فرصة لتحقيق أقصى استفادة من المواد الحالية.
ويؤكد تقرير وكالة الطاقة الدولية أن قدرة إعادة تدوير البطاريات تنمو بوتيرة سريعة، مع زيادة ملحوظة بنسبة 50% على أساس سنوي في عام 2023.
وتتصدر الصين في كل من المعالجة وتدوير المواد، حيث تحتفظ بحصّة سوقية تزيد على 70% في هذه المجالات.
وبينما تتجاوز قدرة إعادة التدوير -حاليًا- المواد الخام المتاحة، فمن المتوقع أن يتغير الوضع بعد عام 2030، مع وصول تقنيات الطاقة النظيفة والمركبات الكهربائية إلى مرحلة نهاية عمرها الافتراضي.
وثمة تباينات إقليمية ملحوظة، حيث من المرجّح أن تستمر الصين في التفوق على المناطق الأخرى في قدرة إعادة التدوير مقارنة بالمواد الخام المحلية.
وفي أوروبا والولايات المتحدة، من المتوقع أن تغطي القدرة المعلنة لإعادة التدوير 30% فقط من المواد الخام بحلول عام 2040، بينما لن تتجاوز هذه النسبة في الهند 10%، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
تعزيز سياسات إعادة تدوير المعادن الحرجة
أشار تقرير وكالة الطاقة الدولية إلى تنفيذ الحكومات سياسات تدعم إعادة تدوير المعادن الحرجة، مثل الحوافز المالية، لكنها غالبًا ما تكون مجزّأة، وتتطلب التوسع في مجالات حاسمة أخرى.
ودون لوائح واضحة وطويلة الأجل، بما في ذلك اللوائح الخاصة بتصدير البطاريات المستعملة والمركبات الكهربائية، سيواجه الاستثمار في قطاع إعادة التدوير عقبات كبيرة.
وتحذّر وكالة الطاقة الدولية من أن سوء إدارة عمليات إعادة التدوير، وخاصة معالجة البطاريات، يمكن أن يؤدي إلى تلوث المياه وغيرها من المخاطر البيئية.
ولتخفيف هذه المخاطر، يدعو التقرير إلى تعزيز معايير إعادة التدوير ووضع سياسات شاملة بأهداف واضحة، ما يوفر قدرًا أكبر من اليقين للمستثمرين في القطاع.
موضوعات متعلقة..
- المعادن الحرجة في أوروبا تواجه عجزًا بحلول 2030.. ما حجم التحديات المنتظرة؟
- الأمين العام لأوابك يحذّر من سيطرة 7 دول على المعادن الحرجة
- تلبية الطلب على المعادن الحيوية تحتاج إلى 400 مليار دولار بحلول 2030 (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- الهيئة العربية للطاقة المتجددة: 5 دول تعاني من فقر الكهرباء.. و3 تجارب ناجحة بتحول الطاقة (حوار)
- صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في أوروبا.. 5 تحديات تؤخّرها عن الصين وأميركا
- توقعات الطلب على النفط في 2025.. نظرة سلبية من المؤسسات الكبرى (تقرير)