قطاع الهيدروجين الأخضر يتلقى 16 ضربة في 7 دول.. بلد عربي بالقائمة
محمد عبد السند
- يُعوَّل على الهيدروجين الأخضر في تسريع جهود تحول الطاقة
- قطاع الهيدروجين الأخضر يواجه تحديات مالية ولوجستية
- واجه العديد من مشروعات الهيدروجين الأخضر تأخيرات أو إلغاءات في أكتوبر
- الصين استأثرت وحدها بـ6 مشروعات لم تكتمل في قطاع الهيدروجين الأخضر العالمي
- شهدت كندا إرجاء مشروعين في قطاع الهيدروجين الأخضر
ما يزال قطاع الهيدروجين الأخضر العالمي عاجزًا عن مواجهة التحديات التي تعصف به خلال المدة الأخيرة، التي أدت إلى إرجاء -أو حتى إلغاء- العديد من المشروعات خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي فقط، بعد أن كان يُعوَّل عليه لإنعاش تلك الصناعة الناشئة.
وبلغ عدد المشروعات التي لم تُنجَز في صناعة الهيدروجين النظيف 12 مشروعًا، بعد أن واجهت تأخيرات أو إلغاءات بوساطة مطوريها نتيجة عوامل مختلفة، بما في ذلك اللوائح التنظيمية الصارمة المنظمة للقطاع وظروف السوق المتقلبة.
كما قد يُعزى عدم قدرة المطورين على بدء تنفيذ تلك المشروعات خلال المدد الزمنية المقررة إلى تحديات مالية أو لوجستية.
وحسب تحديثات قطاع الهيدروجين عالميًا لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، استأثرت الصين وحدها بـ6 مشروعات لم تكتمل، تلتها كندا (مشروعان) وإسبانيا (4 مشروعات) ثم الولايات المتحدة وفنلندا وأستراليا بواقع مشروع واحد لكل منها.
انتكاسة أكتوبر
شهد أكتوبر/تشرين الأول (2024) إرجاء العديد من المشروعات في قطاع الهيدروجين الأخضر العالمي أو إلغاءها؛ ما يسلّط الضوء على التحديات المعقّدة التي تواجه الصناعة الوليدة التي يُعول عليها في تسريع جهود الحياد الكربوني وتعزيز أمن الطاقة.
ويأتي تراجع وتيرة تنفيذ مشروعات الهيدروجين النظيف على الرغم من نموٍ بواقع 7 أضعاف في أعداد تلك المشروعات التي وصلت إلى مرحلة قرار الاستثمار النهائي.
وارتفعت قيمة تلك المشروعات من قرابة 10 مليارات دولار عبر 102 مشروعًا في عام 2020 إلى نحو 75 مليار دولار أميركي عبر 434 مشروعًا حتى الآن خلال عام 2024، وفق تقرير مجلس الهيدروجين (Hydrogen Council)، وهو منظّمة عالمية يقودها عدد من شركات الطاقة والنقل والصناعة والاستثمار لتطوير اقتصاد الهيدروجين.
وتُمثّل مشروعات الهيدروجين الأخضر المُرجأة أو الملغاة انتكاسةً للجهود العالمية الرامية إلى الحدّ من الانبعاثات الكربونية ومساعدة العالم على التحول إلى مصادر طاقة أكثر استدامة.
وفيما يلي قائمة البلدان التي شهدت مشروعات مؤجلة أو ملغاة في قطاع الهيدروجين الأخضر العالمي خلال أكتوبر/تشرين (2024) -دون أيّ ترتيب- وفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة:
الإمارات
أصبحت الإمارات أحدث الدول المنضمة إلى إرجاء أهداف الهيدروجين الأخضر بحلول 2030، بعد أن كشفت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" عن هدفها لإنتاج مليون طن من الهيدروجين الأخضر أو مشتقاته سنويًا خلال عقد من الزمن.
ويعدّ تأجيل شركة الطاقة المتجددة الرئيسة في أبو ظبي هدفها المتعلق بطاقة إنتاج الهيدروجين الأخضر إلى ما بعد عام 2030، أحدث علامة على التحديات التي تواجه إنتاج مصدر الطاقة النظيفة.
وتخطط وحدة الهيدروجين التابعة لشركة مصدر الوصول إلى طاقة إنتاجية تبلغ مليون طن سنويًا خلال عقد من مشروعات داخل الإمارات أو خارجها، مقارنة مع خططها السابقة التي كانت وضعت الهدف بحلول 2030.
وتسهم شركة "مصدر" -تأسست في عام 2006- بدور رئيس بترسيخ المكانة الرائدة عالميًا لدولة الإمارات في مجالَي الاستدامة والعمل المناخي، إذ تطور مشروعات، ولديها شراكات استثمارية في أكثر من 40 دولة حول العالم، مع تطلعات لتعزيز القدرة الإنتاجية لمحفظة مشروعاتها في قطاع الطاقة المتجددة، لتصل إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2030.
وأعلنت "مصدر"، ومجموعة "إمستيل" -أكبر شركة مُدرجة لتصنيع الحديد ومواد البناء في الإمارات يوم الإثنين 28 أكتوبر/تشرين الأول (2024)- النجاح في استكمال تطوير المشروع التجريبي لإنتاج الصلب المستدام باستعمال الهيدروجين الأخضر.
ويعدّ المشروع التجريبي في أبوظبي الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي يستعمل الهيدروجين الأخضر لاختزال خام الحديد، وهي خطوة أساسية في عملية إنتاج الصلب، إذ دخل المشروع التجريبي حاليًا مرحلة التشغيل الكامل، وبدأ في إنتاج الصلب المستدام بنجاح.
ولم يصل سوى عدد قليل من مشروعات الهيدروجين الأخضر واسعة النطاق إلى مرحلة البناء، ومن بين هذه المشروعات مشروع في نيوم في شمال غرب المملكة العربية السعودية، ومن المقرر الإنتاج في عام 2026، حسبما ذكرت بلومبرغ.
فنلندا
انضمت فنلندا، مؤخرًا، إلى قائمة الدول التي تتعثر فيها مشروعات بقطاع الهيدروجين الأخضر العالمي، إذ ألغت شركة نستي (Neste) الفنلندية لتكرير النفط خططًا لضخّ استثمارات في بناء مشروع محلل كهربائي سعة 120 ميغاواط مُخصص لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصفاة بورفو (Porvoo)، وفق بيان رسمي منشور بالموقع الرسمي للشركة في 24 أكتوبر/تشرين الأول.
وقالت نستي، إنها بحاجة إلى إعادة تقييم أيّ استثمارات جديدة نتيجة ظروف السوق المتغيرة وتعثّر أدائها المالي، مضيفةً أنها تسعى إلى البحث عن طرق بديلة لاستغلال الهيدروجين النظيف في مصفاة بورفو.
وكانت نستي قد شرعت بتنفيذ أعمال الهندسة الأساسية لمشروع هيدروجين أخضر في مصفاة بورفو الواقعة على الساحل الجنوبي لفنلندا خلال فصل الربيع من عام 2023، مع تخطيطها لاتخاذ قرار الاستثمار النهائي هذا العام، على أن يبدأ الإنتاج في عام 2026، إذا مضت الأمور على ما يُرام.
كندا
في أوائل أكتوبر/تشرين الأول (2024)، أُعلِن إرجاء مشروع لشحن الهيدروجين النظيف من الساحل الشرقي لكندا إلى ألمانيا لمدة عام على الأقل، وربما لمدةٍ أطول، نتيجة عدم توازن العرض والطلب، وما يُوصَف بأنه أطول موجة ركود عالمية في عقود، وفق موقع إنرجي ميكس (ENERGY MIX).
وكان من المفترض أن يبدأ شحن الهيدروجين الأخضر العام المقبل (2025)، لكن لم يُتخذ قرار الاستثمار النهائي في المشروع بَعْد، مع وجود مستهدفات لنقل أولى تلك الشحنات في أعوام 2026 أو 2027 أو 2028.
وقبل مضي أقل من أسبوع من إعلان إرجاء المشروع المذكور، أعلنت شركة فورتيسكو الأسترالية سحبها مشروع هيدروجين أخضر في مدينة برنس جورج بمقاطعة بريتيش كولومبيا غرب كندا، من مرحلة المراجعة البيئية.
وقال المؤسس والرئيس والتنفيذي لشركة فورتيسكو أندرو فوريست، إن الأخيرة قد واجهت تحديات عالمية في مساعيها لتنويع أعمال الشركة التي تشتمل على تعدين خام الحديد، وتحويلها إلى مستودع للطاقة النظيفة.
من جهته، أوضح رئيس قطاع أميركا الشمالية في فورتسكيو، أندرو فيسي: "بشأن مشروع الهيدروجين الأخضر في برنس جورج، فإننا قررنا إرجاءه حتى يتسنى لنا تأمين أسعار طاقة ملائمة وتحسين جدواه الاقتصادية".
أميركا
من بين المشروعات التي لم يحالفها الحظ في الاكتمال بقطاع الهيدروجين الأخضر العالمي خلال أكتوبر/تشرين الأول، الصفقة التي ألغتها شركة إتش واي ستور إنرجي الأميركية (Hy Stor Energy) بشأن سعة محلل كهربائي واسع النطاق مُخصص لإنتاج الوقود منخفض الكربون.
وتأثَّر قرار الشركة بالرياح المعاكسة التي هبَّت على السوق، بما في ذلك تأخير إطلاق مركز هيدروجين أخضر في ولاية مسيسيبي، وفق التفاصيل لدى منصة الطاقة المتخصصة.
وأصبحت الجدوى الاقتصادية لذلك المشروع مثار شكوك نتيجة عدم التوازن بمعادلة العرض والطلب في قطاع الهيدروجين الأخضر، وهو ما فاقمته موجة تضخّم عالمية هي الأطول في عقود.
وحالت تلك العوامل دون التزام "إتش واي ستور إنرجي" بسداد مدفوعات تتعلق بحجز السعة الإنتاجية المقبلة؛ ما أدى في النهاية إلى تعليق المشروع.
إسبانيا
حجزت شركة النفط الإسبانية سيبسا (Cepsa) لنفسها مكانًا في قائمة المشروعات التي لم تنفَّذ في قطاع الهيدروجين الأخضر العالمي، حينما قررت في 25 أكتوبر/تشرين الأول إرجاء مشروع بقيمة 3 مليارات يورو (3.25 مليار دولار)، عازيةً قرارها إلى ضريبة الأرباح المؤقتة المفروضة على شركات الطاقة، وفق ما أوردته منصة هيدروجين إنسايت.
*( اليورو =1.08 دولارًا أميركيًا).
وأوضحت الشركة أن أولوياتها في الوقت الحالي ستركّز على توسيع محفظة مشروعاتها العالمية، المُخطط لها في المرحلة الثانية من إستراتيجية تحول الطاقة.
وعلى خُطى سيبسا سارت مواطنتها ريبسول (Repsol) التي قررت تجميد مشروعين في هذا القطاع، باستثمارات تزيد قيمتها على 200 مليون يورو (217 مليون دولار) في مواقع مختلفة، بما في ذلك قرطاجنة، وتاراغونا، وإقليم الباسك شمال إسبانيا.
وبالمثل كان التحدي الرئيس الذي عرقل خُطط ريبسول في قطاع الهيدروجين الأخضر هو القواعد التنظيمية غير المواتية، لا سيما احتمال استمرار ضريبة الأرباح المفروضة على شركات الطاقة؛ ما يخلق حالةً من عدم اليقين بشأن الاستثمارات طويلة الأجل.
ومن بين المشروعات المُعلَّقة بوساطة ريبسول محطة سعتها 12 غيغاواط من الهيدروجين الأخضر، كان من المفترض أن تبدأ الإنتاج في نهاية العقد الحالي (2030).
كما تضم القائمة مشروعًا آخر ضخمًا سعة 100 ميغاواط في منطقة قرطاجنة، بقيمة استثمارية تتخطى 200 مليون يورو (217 مليون دولار).
وتلامس سعة مشروعات الهيدروجين في إسبانيا، التي قررت ريبسول تعليقها، 350 ميغاواط، وفق وكالة رويترز، في 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ومؤخرًا أعلنت شركة النفط البريطانية بي بي أنها بصدد إلغاء مشروع تركيب محلل كهربائي سعة 2 غيغاواط، وبقيمة تلامس ملياري يورو (أكثر من ملياري دولار) في مصفاة كاستيلون (Castellón) الواقعة في منطقة فالنسيا شرق إسبانيا.
وكان من المقرر أن يدخل المشروع -الذي تصنّفه بي بي الأكبر من نوعه في إسبانيا- حيز التشغيل التجاري خلال النصف الأول من عام 2026.
ويُفترَض أن يدعم المشروع إزالة الكربون من عمليات مصفاة كاستيلون، ويسهم وفي تحويل المصفاة إلى مركز طاقة متكامل.
الصين
انضمت الصين إلى قائمة البلدان التي لم تكتمل فيها المشروعات بقطاع الهيدروجين الأخضر العالمي، بعدما سحب مكتب الطاقة في منغوليا الداخلية -وهي منطقة تتمتع بحكم ذاتي شمال البلاد- تراخيص 6 مشروعات ضخمة، بسعة مجمّعة قوامها 2.16 غيغاواط.، وفق ما أورده موقع هيدروجين فيول نيوز (Hydrogen Fuel News).
وعلى الرغم من حصولها على الموافقة الأولية، لم تلتزم تلك المشروعات بالجداول الزمنية للبناء؛ ما أدى إلى إلغائها، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وتبرز البيئات التنظيمية القاسم المشترك في إلغاء الشركات تلك المشروعات؛ ما يجعل من الصعب على تلك الشركات تأمين استثماراتها والالتزام بمشروعات طويلة الأجل.
أستراليا
كان لأستراليا نصيب من المشروعات المؤجلة في قطاع الهيدروجين الأخضر العالمي خلال أكتوبر/تشرين الأول، بسبب القرار الذي اتخذته شركة بي بي مؤخرًا بشأن تحديد عام 2029 موعدًا جديدًا محتملًا لبدء توليد الكهرباء من مركز الطاقة المتجددة الأسترالي إيه آر إي إتش (AREH)، بكلفة استثمارية لامست 55 مليار دولار، بالقرب من منطقة بيلبارا بولاية أستراليا الغربية.
وتلامس سعة المشروع العملاق 26 غيغاواط، ليتفوّق على مشروع صن كابل (Sun Cable) في الإقليم الشمالي من أستراليا، ومن المرجّح أن يكون الأكبر في البلاد.
وليست تلك هي المرة الأولى التي يواجه فيها المشروع الضخم الذي يستهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر تأخيرًا في التنفيذ، في أعقاب سلسلة من التغييرات بالمواعيد النهائية المقترحة، وفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
فقد تحدّد لمركز الطاقة المتجددة الأسترالي سلسلة من المواعيد النهائية المقترحة منذ طرحه للمرة الأولى في عام 2017 بوساطة مطوري مشروعات الطاقة العالميين إنتركونتيننتال إنرجي (InterContinental Energy) وسي دبليو بي غلوبال (CWP Global).
وما إن اشترت بي بي المشروع في عام 2022، حتى حددت جدولًا زمنيًا لتحقيق الإغلاق المالي للمشروع، وكان في عام 2024، على أن يبدأ توليد للكهرباء للمرة الأولى في عام 2026، ثم مدّدت الشركة، لاحقًا، الموعد النهائي لتنفيذ المشروع إلى عام 2028، إمّا لتوليد الكهرباء الأولي، أو لتصدير الهيدروجين الأخضر.
موضوعات متعلقة..
- هل تفضل إسبانيا هيدروجين المغرب على حساب الجزائر؟ (خاص)
-
تكلفة تطوير خط أنابيب لنقل الهيدروجين بين إسبانيا وفرنسا قد تصل ملياري دولار
-
إسبانيا توافق على إستراتيجية الهيدروجين لتحفيز الاقتصاد منخفض الكربون
اقرأ أيضًا..
- شركات النفط والغاز في أميركا تخشى كامالا هاريس.. هل ينصفها ترمب؟
- بعد مغادرتها مصر.. سفينة حفر عملاقة تصل إلى موقع اكتشاف نفطي ضخم
- هل تستطيع أوروبا الاستغناء عن الغاز الروسي بحلول 2027؟.. أوابك تجيب