إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال مهدد بخلاف بين شركتي طاقة
سلمى محمود
تكتسب مشروعات إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال أهمية كبيرة؛ لدورها في إمداد بريطانيا باحتياجاتها اللازمة من الطاقة، بجانب توفير الكثير من فرص العمل للمواطنين، وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ونشب خلاف جراء مقترح تقدّمت به شركة توتال إنرجي الفرنسية لإيقاف تشغيل محطة غريفون للاستيراد في بحر الشمال، وسط ادعاءات من شركة منافسة بإلحاقها الضرر بمشروعات استكشاف النفط والغاز المحلية، حسب تفاصيل طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويُعد استمرار عمل المحطة أمرًا ضروريًا، لا سيما أنها تخدم 4 حقول بحرية لإنتاج النفط والغاز في المنطقة، مما دعّم موقف شركة نوبل أبستريم البريطانية المنافسة الرافض لمقترح توتال.
وتدير "نوبل أبستريم" حقلين من الحقول المعتمدة على محطة غريفون، وتقدمت بشكواها القانونية ضد هيئة تنظيم التنقيب عن الغاز والنفط في بحر الشمال (نستا NSTA) التي وقعت على أمر إغلاق المحطة، بدلًا من مقاضاتها شركة توتال إنرجي.
جدل واسع
ادّعت شركة نوبل أبستريم أن خطوة إغلاق محطة غريفون الحيوية لقطاع النفط والغاز في بحر الشمال اتُّخذت بصورة مبكرة، وتنتهك قواعد الهيئة البريطانية بشأن بقاء المحطة مفتوحة لعمليات الاستكشاف، وفق تفاصيل نشرتها صحيفة "ذا تيليغراف" البريطانية.
وأوضحت نوبل أبستريم في شكواها أنه إذا سُمح لشركة توتال إنرجي بإغلاق المحطة، فإنها لن تضطر إلى الانسحاب من حقليها اللذين تطورهما فقط، بل ستوقف مشروعاتها في بحر الشمال بالكامل.
وأضافت أن إغلاق المحطة سيتسبّب في عدم استغلال الكثير من مشروعات التنقيب عن النفط والغاز للحقول البحرية بالمنطقة، التي تُقدّر بمئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية.
وطعنت شركة نوبل أبستريم ضد قرار هيئة التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال، واصفةً إياه بغير القانوني؛ لكونه يقلل إنتاج النفط بالبلاد.
واتهمت الشركة البريطانية الهيئة بمخالفة القانون الذي يدعوها إلى تحقيق أقصى قدر من معدلات الانتعاش الاقتصادي من قطاع النفط والغاز في بحر الشمال وموارد الدولة، في حين ينتظر قرار إيقاف تشغيل المحطة الموافقة النهائية من وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني البريطانية.
بنية مشتركة
يشكّل القرار سابقة لشركات التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال، لاعتماد غالبيتها على البنية التحتية المشتركة لتحفيزها على تنفيذ مشروعاتها.
وأُغلقت شركة إينيوس المالكة لأكبر محطة مشتركة -وهي فورتيس- لإصلاحها منذ عامين؛ ما أدى إلى إغلاق ما يقارب 80 حقلًا تعتمد عليها وتراجع إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال، إلى جانب تراجعه محليًا.
وتقع محطة غريفون على بعد 200 ميل شمال شرق مدينة أبردين الإسكتلندية، وتهدف إلى مساعدة أنشطة استكشاف النفط والغاز في بحر الشمال.
وتستقبل المحطة إنتاجًا من 3 حقول استشكافية تتمثّل في توليش وماكلور وباليندالوش، بجانب حقل غريفون، وينقل الغاز مباشرة إلى الأراضي البريطانية لدعم محطات توليد الكهرباء وتدفئة ملايين المنازل.
وتستأثر محطة غريفون بما يقارب 1% من إمدادات الغاز لدى البلاد.
اضطرار إلى الاستيراد!
قالت المحللة الأولى في بنك الاستثمار بانمور ليبرم، أشلي كيلتي، إن هيئة التنقيب عن النفط والغاز في بحر الشمال أُنشئت بهدف تنظيم الإنتاج في البحار المحيطة ببريطانيا، مع الالتزام بتحقيق أقصى قدر من الانتعاش الاقتصادي.
وأضافت أن الهيئة استهدفت وقت إنشائها ضمان كفاءة الإنتاج، غير أن هذا الهدف بات يتعارض مع مستهدفات الحياد الكربوني في بريطانيا.
ولفتت إلى أن الخطر الحقيقي يكمن في إمكان فقدان البنية التحتية الضرورية الخاصة بالمحطة؛ ما سيتسبب في إغلاق عدد من الحقول البحرية الأخرى.
وتخوّفت من أن يؤدي الإغلاق إلى إهدار الكثير من موارد النفط والغاز في بحر الشمال، ولجوء الحكومة إلى الاستيراد لتعويض النقص.
وتستهلك بريطانيا ما يقارب 60 مليون طن من النفط لصالح إمدادات البنزين والديزل للسيارات، كما تستهلك ما يقارب 75 مليار متر مكعب من الغاز تُستعمل غالبيته في تدفئة 25 مليون منزل بالبلاد.
رؤية الشركتين
حددت شركة توتال إنرجي الفرنسية خططها لوقف تشغيل محطة غريفون في تقريرها المرسل إلى هيئة تنظيم التنقيب عن الغاز والنفط في بحر الشمال.
وقال رئيس شركة نوبل أبستريم لاري بيتس، إن شركته انخرطت في مشاورات مع هيئة تنظيم النفط والغاز، والشركة المشغلة للحقول البحرية التي تستثمر فيها.
وأضاف أن اتجاه الشركة لسلك الجانب القضائي كان هو الخيار الأخير لها، بعد مناقشات لم تُجدِ نفعًا على مدار عام ونصف العام.
وأكد اتحاد شركات الاستكشاف البريطانية "بريندكس" دعمه لشركة نوبل أبستريم، محذرًا من أن الضرائب غير المتوقعة العقابية التي فرضتها الحكومة السابقة، وكذلك الضرائب التي هددت الحكومة القائمة بفرضها، دفعت شركات كبرى -مثل توتال إنرجي- نحو تصفية أنشطتها في بحر الشمال.
وقال رئيس اتحاد بريندكس، روبن ألان، إن زيادة معدلات الانتعاش الاقتصادي من مشروعات النفط والغاز تصب في صالح المنفعة الوطنية، وتُعد واجبًا قانونيًا على هيئة "نستا".
وأكد أن مشروعات التنقيب توفر المزيد من فرص العمل والإيرادات الضريبية وتحقق أمن الطاقة، مضيفًا أن التغييرات المقترحة من الحكومة للمنظومة الضريبية تُعرِّض القطاع للخطر.
موضوعات متعلقة..
- احتياطيات النفط والغاز في بريطانيا.. الكشف عن رقم ضخم
- إنتاج النفط والغاز في بريطانيا يتراجع.. وتحذير من فجوة طاقة
- عمال النفط والغاز في بريطانيا مهددون بمستقبل كارثي
اقرأ أيضًا..
- أول دولة عربية تنتج الصلب باستعمال الهيدروجين الأخضر
- وحدة أبحاث الطاقة: صادرات الغاز المسال تتعافى عالميًا.. ومصر تتحول للاستيراد
- أسهم شركات الهيدروجين تنهار في أميركا وأوروبا