مناهضو الرياح البحرية يقودون دعاية مضادة: لا تخدم سياسات تغير المناخ
أسماء السعداوي
تواجه صناعة طاقة الرياح البحرية انتقادات متزايدة تصل إلى حدّ نفي جدواها البيئية لأزمة تغير المناخ العالمية، وفق مطالعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وعلاوة على تحديات الصناعة القائمة، مثل ارتفاع أسعار المواد الخام واضطراب سلاسل التوريد من بين أخرى، خرج العشرات من النشطاء بعبء جديد على الصناعة الوليدة، داعين الحكومات والشركات المطورة إلى وقف تطوير المشروعات بسبب آثارها السلبية في حياة السكان والبيئة البحرية.
ويبحث أولئك المناهضون لصناعة طاقة الرياح البحرية إقامة تحالف دولي يجمع النشطاء من كل الدول بهدف استقاء الدروس وتبادل المعلومات وشحذ القدرات في حربهم ضد الصناعة.
وحظيت الحركة بدعم سياسي في الولايات المتحدة بخطّة الرئيس جو بايدن، لكن تُناهضها حملة الرئيس السابق والمرشح الجمهوري لولاية جديدة دونالد ترمب.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه الصناعة انتعاشة بعد زيادة القدرات المضافة 7% في عام 2023 المنصرم، مع توقعات بتجاوز 520 غيغاواط في عام 2040.
مناهضو الرياح البحرية
يؤمن كثير من المناهضين لصناعة الرياح البحرية أن الحكومات ومطوري المشروعات يقللون من الأضرار البيئية لمشروعاتهم، بينما يروّجون لها بوصفها حلًا لتغير المناخ.
وتَوصَّل أمين جماعة فرنسية للحفاظ على الهوية البيئية في فرنسا (PIEBIEM) إريك سارتوري لحقيقة نص حكومي أميركي يُقرّ بأن الرياح البحرية "ليس لها فائدة بيئية".
وتفصيليًا، تقول إدارة طاقة المحيطات الأميركية: "إنه من المتوقع ألّا يكون ثمة تأثير جماعي في الاحتباس الحراري العالمي نتيجة لمشروعات الرياح البحرية العالمية"، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، نقلًا عن وكالة رويترز.
وبحسب النص المذكور في أحد تحليلات الإدارة: "ربما تُسهم مشروعات الرياح البحرية على نحو مفيد لمزيج أكبر من الإجراءات الرامية لتقليل الآثار المستقبلية لتغير المناخ".
كان مصدر تلك المعلومة هو جماعة "غرين أوشينز" (Green Oceans) المناهضة للرياح البحرية أيضًا.
أسّس غرين أوشينز بيل تومبسون، الذي بدأ كفاحًا ضد مزارع الرياح البحرية في ولاية رود أيلاند الأميركية، لكنه أصبح الآن جزءًا من حركة عالمية.
وقدّم تومبسون الدعم أيضًا لجماعة "ريسبونسيبل فيوتشر" (Responsible Future) في بحثها عن نصيحة لمكافحة مشروع الرياح البحرية قبالة سواحل جنوب شرق أستراليا.
وكانت غرين أوشنز نفسها قد حظيت بدعم عالم الأحياء البحرية الإسباني جوزيب لوريت، الذي بدوره أثار المخاوف بشأن الأضرار البحرية المحتملة للرياح البحرية في البحر المتوسط.
قوة عالمية
أملًا في التحول إلى شبكة عالمية متطورة، بدأت جماعات تتبنّى التفكير نفسه في الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا، وتتبادل الحديث والمعارف حول أساليب مناهضة مشروعات الرياح البحرية.
وعلى نحو خاص، تجذب الجماعات المناهضة على الساحل الشرقي الأميركي اهتمام الكثير من الجماعات، للاستفادة من نجاحها المستمر على مدار سنوات في إبطاء وتيرة أو خفض حجم مشروعات الرياح البحرية الكبرى، أو تقليص الدعم الشعبي والفوز بمعارض ضد سياسيين تقليديين، مثل الرئيس السابق دونالد ترمب.
وبطريقة ما، أصبح التعاون العالمي لتلك الجماعات والأفراد تحديًا جديدًا لصناعة الرياح البحرية؛ كونها تسمح لجماعات المعارضة الجديدة بالاستفادة سريعًا من سنوات نظرائها السابقين، والذي امتدّ أعوامًا.
كما تساعد -في حالات كثيرة- في الترويج لقضايا جدلية، بعضها خاطئة، مثل أن التوربينات تُعرّض حياة الحيتان للخطر، ولا تُسهم في إبطاء الاحتباس الحراري.
وبحسب سارتوري: "نرغب في الذهاب إلى ما هو أبعد، مثل إصدار البيانات المشتركة والتأثير الإعلامي الأفضل لتحذير الرأي العام".
وبدأت جماعة على الساحل الغربي الأميركي تكوين منظمة وطنية مناهضة للرياح البحرية، كما تبحث جماعات، منها "ريسبونسيبل فيوتشر"، تشكيل تحالف عالمي.
عقبات على طريق الانتشار
لاقت صناعة الرياح البحرية في الولايات المتحدة دعمًا من الرئيس جو بايدن، الذي بدأ عهده بقانون خفض التضخم الذي يقدّم إعانات سخية لتقنيات الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، تحقيقًا لهدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وبدوره، وعد المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب بوقف كل مشروعات الرياح البحرية في حال عودته للبيت الأبيض، بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2024).
يأتي ذلك الموقف على عكس مدّته الأولى التي روّج فيها للرياح البحرية ضد خطة أميركا أولًا، وشهد عام 2018 فوز مشروعات قياسية بأحد العطاءات.
ولاقت خطة بايدن لنشر توربينات الرياح البحرية قبالة كل السواحل الأميركية عقبات بسبب ارتفاع التكاليف واضطرابات سلاسل التوريد، وأُقيمت دعاوى قضائية ضد الكثير من المشروعات، بسبب تأثيرها في السياحة وقيمة الممتلكات وصيد الأسماك والموائل البحرية.
وكشف استطلاع للرأي، أجرته جامعة ستوكتن، تراجُع دعم الرياح البحرية في ولاية نيوجيرسي من 80% إلى 50% في نهاية العام الماضي (2023).
وفي أستراليا أيضًا، تزايدت المعارضة الشعبية لمشروعات الرياح البحرية، لتصل إلى 18% في سبتمبر/أيلول (2024)، من 12% على أساس سوي.
وفي فرنسا، أوصت لجنة بمجلس الشيوخ في يوليو/ تموز (2024) بخفض أهداف الرياح البحرية، بدعوى ارتفاع التكاليف والافتقار للنضج.
دعم الوقود الأحفوري
لاقت الجماعات المناهضة لصناعة الرياح البحرية اتهامات بدعم مصالح صناعة الوقود الأحفوري.
وربطت دراسة، أجراها باحثو جامعة براون الأميركية في 2023، بين الجماعات الأميركية ومراكز الأبحاث المحافظة.
وأشارت الدراسة إلى دعم معهد سيزور رودني -ومقره ديلاور- دعوى قضائية لمنع إقامة مزرعة الرياح البحرية فينيارد (Vineyard)، أول مزرعة رياح بحرية تجارية في أميركا.
ونفت إحدى أعضاء جماعة "إيه سي كيه فو ويلز" (ACK4Whales)، التي أقامت الدعوى، وجود أيّ علاقة مع المركز البحثي الموالي لصناعة الوقود الأحفوري.
ورصدت منصة الطاقة المتخصصة انهيار توربين رياح بالمزرعة الواقعة قبالة سواحل ولاية ماساتشوستس؛ ما أدى إلى إغلاق مؤقت للشواطئ، ووقف تركيب التوربينات، ووقف إنتاج الكهرباء.
وبعدما تناثرت بقايا الشفرة المحطمة قبالة سواحل جزيرة نانتوكيت في الولاية، بحث المواطنون إعادة التفاوض حول اتفاقية حسن الجوار مع مطوري المزرعة، وهم أفانغريد الأميركية (Avangrid) ومجموعة "كوبنهاغن إنفراستركتشر بارتنرز" الدنماركية (Copenhagen Infrastructure Partners).
موضوعات متعلقة..
- حادث تصادم في إحدى مزارع الرياح البحرية يُلحق أضرارًا بتوربين عملاق
- قطاع الرياح البحرية يعزّز الطلب على سفن الدعم.. ما دور النفط والغاز؟
- أسعار الرياح البحرية في المملكة المتحدة ترتفع 58% بأحدث العطاءات
اقرأ أيضًا..
- صناعة الهيدروجين العالمية قابلة للتطور.. ومستهدفات 2030 "غير واقعية"
- واردات السعودية من الألواح الشمسية الصينية تقفز 160% مع المشروعات الضخمة
- مزيج توليد الكهرباء في الإمارات.. تغير لافت تقوده الطاقة النووية (إنفوغرافيك)
- صادرات النفط الليبي تنخفض 58%.. وأوروبا تبحث عن بدائل